رئيس الوزراء يستعرض حصاد 9 سنوات من إنجازات الدولة المصرية.. إنفاق أكثر من 9.4 تريليون جنيه لتنفيذ مشروعات تُحسن جودة الحياة
استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في كلمة ألقاها اليوم، خلال فعاليات افتتاح مؤتمر "حكاية وطن.. بين الرؤية والإنجاز"، بتشريف الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالعاصمة الإدارية الجديدة، تقريرًا حول حصاد تسع سنوات من إنجازات الدولة المصرية في ستة محاور رئيسية لتنفيذ الرؤية التنموية.
وفي مستهل كلمته، رَحب رئيس الوزراء برئيس الجمهورية والحضور، معربًا عن سعادته بمشاركته في هذا المؤتمر لاستعراض ما قامت به الدولة المصرية على مدار أكثر من تسع سنوات في كل مناحي الحياة لخدمة المواطن المصري، مؤكدًا أنها تعدُ إنجازاتٍ حقيقية غير مسبوقة بكل المقاييس، ولم تحدث منذ عقود طويلة، وقال: "لا أبَالغ إذا قلت إنها لم تحدث منذ عدة قرون في هذه الدولة".
تداعيات الأزمة الاقتصادية
وفي هذا الإطار، اختار رئيس مجلس الوزراء أن يبدأ عرضه بالحديث عن تداعيات الأزمة الاقتصادية التي يمرُ بها العالم حاليًا، والتي خلفت وراءها تحدياتٍ كبيرة من تضخم، وارتفاع في أسعار السلع، وأدت إلى معاناة مُختلف دول العالم، وبالأخص الدول النامية ومنها مصر، من قضايا التضخم وارتفاع الأسعار وقال: "أصبح لسان حال المواطن المصري اليوم رغم كل ما يراه من إنجازات متسائلًا: كيف سنخرج من هذه الأزمة؟ بل يتساءل متى ستصبح مصر مثل دولٍ كثيرة ناجحة على مستوى العالم ونموذجًا يُحتذي به، ومن هذه الدول من كانت تعاني من ظروف مماثلة تمر بها الدولة المصرية وتغير حالها".
وفي السياق نفسه، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أننا نسعى جاهدين للوصول إلى التقدم الذي وصلت إليه دول مثل: اليابان وكوريا والصين والهند وألمانيا وماليزيا، التي لم تصل إلى هذا التقدم والنجاح بين يوم وليلة، ضاربًا مثالًا على ذلك بدولة مثل ماليزيا التي كانت تعاني من عدة تحديات في عام ١٩٨٠، مستعرضًا عده لقطات مصورة توضح الحالة التي كانت عليها في هذا التوقيت، ودولة سنغافورة والتي تعد من أفضل دول العالم المتقدمة التي بدأت تجربتها عام ١٩٥٩، ودولة ثالثة مثل ألمانيا التي بدأت تجربتها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث أصبحت الآن رابع أكبر اقتصاد في العالم وأكبر اقتصاد في أوروبا، مقارنًا الأوضاع في هذه الدول بين الأمس واليوم بلقطات مصورة، متطرقًا في هذا الصدد للتجربة الصينية التي وصفها بأنها نموذج قوي وعملاق، مستعرضًا أحوالها في عام ١٩٧٨ مقارنة بالحاضر.
وقال مدبولي: هذه التجارب الناجحة التي تم استعراضها لم تكن وليدة اللحظة بل كانت نتاجًا لسنوات طويلة من الجهد والتعب، حتى تصل إلي هذا النجاح المُستدام، مضيفًا أن سنغافورة التي يبلغ عدد سكانها ٥ ملايين نسمة لم تصل إلي النجاح إلا من خلال جهود متواصلة استمرت عشرين عامًا، مضيفًا أنه رغم اختلاف هذه التجارب في اتجاهاتها ما بين الشيوعية والاشتراكية والرأسمالية، ولكنها اجتمعت على خمسة ثوابت رئيسة وهي: أن التنمية ركيزة أساسية ولها الأولوية ومفتاح حل المشكلات، وذلك من خلال برنامج وطني طموح يتضمن تنفيذ العديد من المشروعات التنموية، علي أن يصاغ هذا البرنامج بسواعد أبنائها وليس من خلال مكاتب استشارية عالمية، كما تتضمن هذه الثوابت التوسع في الإنفاق حتي تكون دولة جاذبة للاستثمار؛ فهذه الدول قد استثمرت ما بين ٢٠٪ إلى ٤٠٪ للناتج المحلي الإجمالي لها على مدى عقود في البنية التحتية، وكانت الصين تستغل ٤٠٪، وأقل دولة كانت تستغل من ٢٠٪ إلي ٢٥٪ لمدة لا تقل عن عقدين من الزمان حتي تنهض وتحقق التقدم المنشود.
وأضاف مدبولي أن هذه التجارب الناجحة في تلك الدول كانت تديرها قيادة لديها رؤية وإصرار على التنفيذ، وأن هذه القيادات أرست قاعدة باستمرار هذه التجارب على نفس المنوال بعد ترك القيادات مواقعها، ولم تتوقف عن السعي، متطرقًا لما يدور في أذهان بعض المفكرين من استفسارات حول متى تؤتي هذه التجارب ثمارها؟ فنحن نتحدث عن تسع سنوات من التنمية والتطوير ولكن تظل التساؤلات قائمة متي نصل لما وصلت إليه الدول المتقدمة من ازدهار ونجاح رغم اتفاقنا أنها استغرقت أكثر من عقدين من الزمن، فالصين مثلًا انخفضت معدلات الفقر بها بعد عشرين عامًا من الجهد المتواصل بها من برنامج التنمية الشامل لها، ورغم ذلك فنسب الفقر بها تظل قائمة.
وفي هذا الصدد، أشار رئيس الوزراء إلى الكتاب الصادر في عام ٢٠١٢ بعنوان: "Why nations fail"، أي لماذا تفشل الأمم؟ قائلًا: هذا الكتاب يعرض لماذا تنجح الدول ويفشل بعضها، وفي مقدمة الكتاب اختار مؤلفوه مصر نموذجًا للدولة الفاشلة وطرح المؤلفون في هذه المقدمة التي ركزت على مصر ثلاثة أسئلة: لماذا تعد مصر أكثر فقرًا بدرجة كبيرة عن الولايات المتحدة؟ وما القيود التي تمنع المصريين أن يصبحوا أكثر رخاء وغنى؟ وهل ظاهرة الفقر في مصر غير قابلة للتغيير وهل يمكن محوها؟ لافتًا إلى أن الكتاب خرج من واقع استقصاء الأكاديميين المحليين المصريين الذين انتهوا إلى فشل الحكومة في الاستجابة في تقديم الخدمات للمواطنين، وقال: مع اختلافنا مع هذه الرؤي لابد من التأكيد علي أمر مهم يتمثل في أن طبيعة مصر صعبة فأغلب أرضها صحراء ومواردها الطبيعية ليست كافية لعدد سكانها، مشيرًا إلي ما جاء في الكتاب من أنه نتيجة انهيار نظم التعليم وانخفاض مستوى المعيشة تأثرت الشخصية سلبًا بصورة كبيرة للغاية وبالتالي بدأ المصريون يفتقرون لأخلاقيات العمل والسمات الثقافية التي يمكن أن تميز دولًا متقدمة.
وأضاف مدبولي أن الكتاب انتهي إلى أن الدولة المصرية في هذه المرحلة والقائمين عليها لم يكن لديهم إدراك لمتطلبات جعل الدولة مُزدهرة ومتقدمة لافتًا إلى أن أي تجربة تنموية في مصر لم تكتمل بخلاف تجربة “محمد علي” لأنه كتب لها الاستمرار لفترة معينة.
موقف حركة ونمو الاقتصاد المصري في آخر ثلاثين عامًا
كما استعرض رئيس الوزراء موقف حركة ونمو الاقتصاد المصري في آخر ثلاثين عامًا، مشيرا إلى أنه لم تتواجد تجربة حقيقية ترصد الاتجاه المطلوب أن تتبناه الدولة المصرية، وصولا لتحقيق معدلات ونتائج متقدمة في مجال الاقتصاد.
وأوضح رئيس الوزراء أنه مع بداية حكاية بناء وطن كان الوضع الاقتصادي فى مصر في عام 2013 يشهد حالة من الركود وزيادة أعداد المتعطلين وانسحاب الاستثمارات الخاصة من الاقتصاد، حيث سجل معدل النمو 2.2%، ومعدل البطالة 13.2%، فيما وصل عجز الموازنة إلى 12% للناتج، والاحتياطي النقدي تراجع إلى 17 مليار دولار، والاستثمارات الاجنبية انخفضت انخفاضًا حادًا جدًا، وصاحب ذلك تدهور كامل في الخدمات العامة، وكذا قطاعات البنية التحتية.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن استعراضه لمجموعة الصور التي ترصد حجم التدهور في مستوى الخدمات، يأتي لتوضيح المشهد لعدد كبير من الشباب الذين عاصروا ثورة يناير وهم أبناء السنوات العشر، والآن هم في العشرينات من عمرهم، قائلًا:" هذه صورة مصر من عشر سنوات ماضية".
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن آراء الخبراء الاقتصاديين كانت تشير إلى أنه للقيام بتنمية اقتصادية شاملة لابد من رفع معدلات النمو الاقتصادي الموفر لفرص العمل، ومراعاة الابعاد الاجتماعية وحماية الفئات محدودة الدخل، هذا إلى جانب توسيع مشاركة القطاع الخاص وتقليص تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، مضيفًا أنه قيل إنه لا يمكن مع بداية تنفيذ أي تجربة تنموية إلا التعامل مع هدفين فقط من تلك الاهداف المطلوبة لتحقيق التنمية الاقتصادية، وأنه مستحيل لأي دولة التعامل مع الأهداف الثلاثة في وقت واحد.
وأوضح رئيس الوزراء أن مختلف تجارب الدول التي تم استعراضها بدأت برفع معدلات النمو الاقتصادي الموفر لفرص العمل، ومراعاة الابعاد الاجتماعية وحماية الفئات محدودة الدخل، فالدولة تقود من خلال تنفيذ العديد من المشروعات القومية والتنموية، التي تسهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل، وكذا تهيئة البنية الاساسية والمناخ الجاذب لاستثمارات القطاع الخاص للمشاركة والتنفيذ واستكمال المشروعات التنموية مع الدولة.
وأضاف مدبولي: ما تم عرضه هو وصف لما كانت عليه مصر في عام 2014، وبالتالي فإن القطاع الخاص المحلي والاجنبي كان غير مهيأ أن يقود عملية تنموية بمفرده، وهو ما دعا الدولة المصرية لتنفيذ المشروعات التنموية، قائلًا:" ومن هنا كانت الرؤية والطموح.. كيف نصيغ برنامجًا متكاملًا للتنمية".
وتطرق رئيس الوزراء قبل شرحه واستعراضه للبرنامج المتكامل للتنمية، إلى الظروف الاقتصادية غير الطبيعية التي كانت تشهدها البلاد، وما صاحبها من عدم استقرار سياسي وامنى شديدين، قائلًا: "كان يشغل بالنا مع بدء أعمال التنمية.. كيفية إعادة الاستقرار السياسي والمجتمعي بعد سنوات من التخبط وعدم الاستقرار"، مضيفًا أنه كان من الوارد أن يكون التركيز موجهًا لمحاربة الارهاب وضمان عودة الامن والامان، وبعد ذلك بدء عمليات التنمية، لكن الدولة اختارت العمل في الاتجاهين في نفس الوقت، موضحًا أنه كانت هناك جرأة في وضع وتطبيق سياسات وإجراءات تتعلق بالإصلاح والانفتاح، قائلًا:" لم نعمل بمبدأ المسكنات.. بل عملنا بجد وصولا لإصلاح حقيقي، وتنفيذ أمور كانت بالنسبة لنا من المستحيلات تنفيذها خلال تلك الفترة".
وأضاف رئيس الوزراء أن الفترة من 2014 حتى 2023 شهدت تحركات جادة للحد والقضاء على الفقر، لافتا إلى أن مفهوم الفقر ليس فقط ما يتعلق بالدخل، بل يشمل ما يتعلق بالحصول على الخدمات وتوافر البنية الاساسية والمسكن الآمن، مؤكدًا أن الدولة المصرية تعاملت مع مختلف أبعاد الفقر للحد منه.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أننا نعمل منذ عام 2011 وحتى هذه اللحظة في ظل اقتصاد أزمة، مشيرًا إلى أن الفترة من 2011 وحتى 2016 تعاملنا فيها مع مجموعة من الازمات المحلية، قائلًا:" استكملنا تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي عامي 2017 و2018، وبدأنا نتنفس الصعداء عام 2019، وبعدها بدأت أزمة فيروس "كورونا" عامي 2020، 2021، وما صاحب ذلك من ازمة تضخم عالمي، وأعقبه حدوث أزمة الحرب الروسية الاوكرانية.. نعمل كدولة في ظل أزمات متتالية، ليس لدينا رفاهية العمل في ظل أوضاع مستقرة".
وردًا على تساؤل كيف كانت البداية لعمليات التنمية، وهل مصر كانت لديها رؤية للتنمية مثل باقي الدول التي حققت تقدم في هذا الصدد، أكد رئيس الوزراء أنه بالفعل تم وضع مخطط استراتيجي قومي للتنمية العمرانية لمصر حتى عام 2052، قائلًا:" هذا المخطط يُعد دستور التنمية العمرانية لمصر، وشارك في إعداده 34 خبيرًا واستشاريًا مصريًا في مختلف المجالات"، مشيرًا إلى أن اجتماع هؤلاء الخبراء على مدار سنوات لوضع رؤية ومخطط للدولة المصرية، يتضمن خريطة تشتمل على أماكن تواجد المدن الجديدة، والأراضي الزراعية، والمجمعات الصناعية، وكيفية التعظيم من موارد مصر وما تمتلك من امكانات، كيف نبني دولة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى أنه قبل أن يشرُف بالعمل التنفيذي كان يعمل بالمجال الأكاديمي واطلع بنفسه على عشرات المخططات والخطط التي سبق اعدادها للدولة المصرية على مدار عقود، قائلا:" مخطط التنمية العمرانية لمصر 2052 كان من الممكن أن يكون مصيره الارفف والادراج بالمكتبات، ولكن ما جعله يظهر للنور هو وجود رغبة وإرادة في ترجمة هذا المخطط لعمليات ومشروعات يتم تنفيذها على أرض الواقع"، مضيفا: "الموضوع ليس بحلم، الموضوع كيفية تنفيذ هذا المخطط لبناء دولة، وهو ما يفرق بين المخططات وبعضها البعض".
خريطة المخطط القومي للتنمية العمرانية لمصر 2052
ولفت رئيس الوزراء إلى أنه سيتم استعراض خريطة المخطط القومي للتنمية العمرانية لمصر 2052، وما تم تنفيذ على أرض الواقع بالفعل، مشيرًا إلى أنه لتنفيذ هذا المخطط عملت الدولة المصرية على توفير استثمارات، في فترة كانت الدولة خلالها تعاني من تبعات العديد من الازمات، موضحًا أن الدولة المصرية انفقت وتنفق خلال الفترة من 2014 وحتى 2023 ما تجاوز الـ 9.4 تريليون جنيه، لتنفيذ مشروعات لتحسين جودة الحياة على مختلف المستويات.
وأوضح رئيس الوزراء أن أحد أهم أوجه النقد التي كانت توجه للدولة هي الافراط في تنفيذ المشروعات التنموية، وردًا على ذلك أشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى أنه مع تجميع الناتج المحلي الاجمالي لمصر على مدار السنوات التسع، نجد أن نسب الانفاق التي تمثلت في مبلغ (9.4 تريليون جنيه) تسجل حوالي 22% من حجم الناتج المحلي، وهو ما يوازى الحد الأدنى للدول التي قامت بتنفيذ عمليات متكاملة على أرضها، قائلا:" لو أن الدولة المصرية كان لديها القدرة على الانفاق بصورة أكثر على المشروعات التنموية، لكنا انفقنا أكثر خلال هذه الفترة.. لبناء البلد".
وأكد رئيس الوزراء أن ما يميز الاستثمارات الموجهة من خلال الدولة للتنمية أنها لم تكن مركزة في مكان واحد على مستوى الدولة المصرية، بل تم توزيعها على مختلف انحاء الجمهورية، ومختلف الاماكن شهدت تنفيذ عمليات التنمية ولم نترك جزءًا في مصر إلا وشهد تلك العمليات وطالته عمليات التنمية، وعرض صورًا من المشكلات المتراكمة التي تم التعامل معها، من البوتاجاز، إلى المرور، والكهرباء، وكذا العمليات والحوادث الإرهابية، وطوابير الوقوف على محطات البترول، والعشوائيات والمناطق غير الآمنة التي كانت موجودة، والتي كان يُصور فيها أفلام سينمائية قبل الثورة، تمهيدًا لم سنراه مما تحقق على أرض مصر.
وخلال كلمته، استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على نحو مفصل، تحرك الدولة المصرية، من خلال المحاور الستة الرئيسية لتنفيذ الرؤية التنموية الطموحة لها، وهي: تغيير وجه الحياة في مصر، وبنية تحتية متطورة جاذبة للاستثمارات، والاندماج في الاقتصاد العالمي، وتعزيز الأمن الغذائي، وتوفير الاحتياجات الأساسية وتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية، وتنفيذ برنامجٍ طموحٍ لإصلاحِ الهيكل الاقتصادي.
وبدأ الدكتور مصطفى مدبولي بالمحور الأول: " تغيير وجه الحياة في مصر" موضحًا انه يتضمن تنفيذ شرايين لتعزيز التنمية، وكذا المدن الذكية التي يتم إنشاؤها، والتوسع في العمران القائم، والقضاء على العشوائيات، وأيضًا تنمية سيناء "أرض الفيروز".
وأشار إلى أنه يتم العمل على حل الخلل في توزيع السكان على أرض مصر، حيث أن القاهرة الكبرى والإسكندرية يتواجد بهما 56% من سكان الحضر، وبالتالي فإن إقليم القاهرة الكبرى واحد من أكبر المناطق الحضرية في القارة الإفريقية والعالم، بسبب التكدس الكبير، لافتًا إلى أن إجمالي نسبة الأراضي المعمورة والمستغلة من إجمالي مساحة مصر كانت 7% في عام 2013، والآن تمثل 13.8% في عام 2023، مشيرًا إلى أن المخطط يستهدف مضاعفة المعمور عام 2050 ليصبح 14.5%، موضحًا أن ارتفاع تلك النسبة يعزى إلى المشاريع التي يتم تنفيذها، وبالتالي فنحن نقترب من هدف عام 2050، وباكتمال مشروعات الاستصلاح الجاري العمل عليها سنصل إلى الهدف المخطط له.
كما أشار رئيس الوزراء إلى مُحددات البعد المكاني لقطاعات التنمية وفقًا للمخطط، وهي مناطق الساحل الشمالي، وساحل البحر المتوسط، ومنطقة غرب الدلتا، ومناطق الشرق، ومنطقة قناة السويس، ومختلف المناطق الأخرى، التي يعمل المخطط فيها، وكذا إلى محاور الطرق والشرايين الأخرى التي تم تسميتها محاور تعزيز التنمية الشاملة، موضحًا ضرورة وأهمية عمل هذه الشبكات، مثل شبكة الطرق، ومحاور النيل، والسكك الحديدية، ومنظومة النقل الجماعي، التي تضمن تحقيق كل محاور التنمية، مستعرضًا خريطة شبكة الطرق والمحاور القائمة والمقترحة بالمخطط القومي للتنمية العمرانية، مؤكدًا تجاوز المدى الزمني لهذا المخطط ضمن مراحل التنفيذ.
وتطرق رئيس الوزراء إلى حجم الخسائر التي كان يتكبدها الاقتصاد المصري بسبب الازدحام المروري، مشيرًا إلى ما ذكره البنك الدولي عام 2014 بشأن تكلفة الازدحام المروري بالقاهرة، والتي بلغت 8 مليارات دولار سنويًا، وأنه من المتوقع أن يصل إلى 18 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا لم تتخذ مصر خطوات جادة لحل هذه المشكلة، موضحًا حجم العمل المبذول في القاهرة وحدها، لخفض هذه التكلفة وهذا الازدحام، مستعرضًا شكل طريق القاهرة/ السويس الصحراوي في عامي 2014 و2023، مؤكدًا أن الدول لا تتقدم بدون توافر البنية الأساسية وشبكات الطرق المختلفة، قائلًا: "هي ليست رفاهية ولا تَرَفًا".
واستطرد رئيس الوزراء موضحًا تنفيذ 17 ألف كم طرق، سواء إنشاء جديد أو رفع كفاءة وتطوير، مستعرضًا عددًا من الطرق والمحاور المختلفة، التي أدت إلى وجود مصر في الترتيب الـ 18 على مستوى العالم فيما يخص شبكة الطرق والبنية الأساسية، مشيرًا إلى أن أحد أهم مشروعات الطرق، هي محاور النيل، والتي تعد محاور التنمية التي تربط الشرق بالغرب، موضحًا أنه تم وجار تنفيذ 25 محورًا من إجمالي 34 محورًا مخطط تنفيذها على نهر النيل، لتحقيق فكرة الربط بين كل 25 كم موجود على نهر النيل.
التطوير الشامل لمنظومة السكك الحديدية
وتطرق الدكتور مصطفى مدبولي إلى مرفق القطارات، وسبل التطوير الشامل لمنظومة السكك الحديدية، وما عاناه هذا المرفق الهام، مشيرًا كذلك إلى ما تم ضخه من استثمارات، لإتاحة خدمة نقل جماعي للبضائع والركاب، وخدمات أساسية ولوجستية للدولة، مستعرضًا شكل المحطات الجديدة التي تليق بالمواطن، وما تم إدخاله من منظومات جديدة، لافتًا إلى أنه بعد وجود خطين فقط لمترو الأنفاق، أصبح يوجد الخط الثالث الذي غدا على وشك الاكتمال، وكذا استكمال تنفيذ الخط الرابع، بالإضافة إلى إدخال القطار الكهربائي الخفيف، والمونوريل، والقطار الكهربائي السريع الذي يخدم الفكرة الإقليمية، وكذا شبكة الأتوبيسات المتطورة للنقل الجماعي سواء كهرباء أو غاز أو خلافه.
خريطة المدن الجديدة المخطط إنشاؤها
وأشار رئيس الوزراء أيضًا إلى خريطة المدن الجديدة المخطط إنشاؤها، حتى تستوعب الزيادة السكانية الكبيرة التي ستكون موجودة، وبُناء عليها تم إنشاء مدن الجيل الرابع أو ما يطلق عليها المدن الذكية، وكل مدينة لديها هدف داخل المُخطط، وهي سُبل تعمير الساحل الشمالي، والدلتا، والصعيد، والبحر الأحمر، ولكل مدينة رؤية ومُخطط، موضحًا أنه من المخطط أن يكون لدينا 38 مدينة ذكية بحلول عام 2050، تم انشاء 24 مدينة منها حتى الآن، والمتبقي جار البدء في العمل عليه، ومن ضمن تلك المدن التي تم تنفيذها، والتي قام بافتتاحها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، مدينة المنصورة الجديدة، والجلالة، ودرة الصعيد مدينة أسوان الجديدة.
وتطرق رئيس الوزراء إلى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، مشيرًا إلى أن أدبيات الخبراء المصريين كانت تؤكد حتمية نقل العاصمة منذ 40 سنة، مستعرضًا محاولة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، إنشاء عاصمة بمدينة السادات لم يُكتب لها النجاح، مشيرًا إلى ما تم في عام 2007، حيث طُلب من وزارة الإسكان وهيئة التخطيط العمراني بأن يتم ترشيح موقع جديد لحي حكومي جديد في إطار تطوير القاهرة، حينما وصلت القناعة إلى ضرورة تغيير مكان الحي الحكومي.
وأشار رئيس الوزراء في هذا الصدد إلى أنه تم اختيار 5 مواقع، وأنه كان مشاركًا بصفة شخصية كمُنسق مع الخبراء الذين نفّذوا الدراسة، إذ كان مطلوبًا أن تكون الدراسة محايدة بالكامل، وفي هذا الإطار اختار 4 أو 5 خبراء 5 مواقع لإقامة حي حكومي عليها وهي: موقع العاصمة الإدارية الحالي، أو إقامة حي حكومي شرق مدينة نصر بالمنطقة التي يقع فيها مسجد المشير طنطاوي حاليًا، وكانت في حدود 700 فدان، أو جزيرة الوراق أو شمال القرية الذكية على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي، أو مدينة 6 أكتوبر.
معايير لاختيار حي حكومي جديد لمصر
وأضاف رئيس الوزراء: تم وضع معايير لاختيار حي حكومي جديد لمصر، وانتهى عمل الخبراء إلى أن أفضل موقع لإقامة العاصمة الإدارية هو الموقع الحالي؛ لأن القاهرة دائمًا تنمو شرقًا، فبدأ هذا النمو من النيل، وعند إنشاء أحياء جديدة تم إنشاء حي مصر الجديدة ثم مدينة نصر ثم التجمعات الكبيرة، ما يؤكد أن الكتلة السكانية تنمو شرقًا، وكان التصور أنه يمكن استغلال الحي الحكومي الحالي كنواة للتنمية العمرانية شرق القاهرة.
وتابع مدبولي بأن البديل الثاني كان شرق مدينة نصر، وكان التصور أن يتم بناء الحي الحكومي في حدود الـ 700 أو 800 فدان في هذه المنطقة، وقيل آنذاك إن هذا الحل ربما يكون هو الأسهل لأن الحي الحكومي بموقعه الحالي في العاصمة الإدارية الجديدة سيحتاج إلى الإنفاق بصورة كبيرة على البنية التحتية وتوفير وسائل المواصلات الجماعية.
واستكمل رئيس الوزراء حديثه مشيرًا إلى أنه تم اختيار منطقة شرق مدينة نصر لإقامة الحي الحكومي باعتباره مناسبًا لإمكانيات الدولة في هذا الوقت على الرغم من تحذيرات الخبراء من أنه على المدى البعيد ستحدث نفس المشكلة مرة أخرى، وأُصدر قرار لإنشاء الحي الحكومي هناك، وتم إعداد التخطيط لكن لم يُنفذ أي شيء.
وأضاف مدبولي: عندما جاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، واطلع على هذا الموضوع، رأى أن البديل الأول بإقامة الحي الحكومي في العاصمة الإدارية الحالية هو الأنسب لأنه يخدم الرؤية المصرية ومستقبل الدولة المصرية، حتى وإن كان أصعب ويستغرق المزيد من الوقت، حيث أكد أننا نبني دولة ولا ننظر لمكاسب على مدار 4 أو 5 سنوات، لكننا نتطلع لمائة سنة للأمام.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن مصر لم تخترع بناء عاصمة إدارية جديدة، فالكثير من الدول أنشأت عواصم جديدة، فأندونسيا أعلنت أنها تُنشيء عاصمة جديدة، والأردن قالت إنها ستحذو حذو مصر في بناء عاصمة إدارية جديدة بعيدًا عن عمّان.
وأضاف: دعونا لعقد حوار مجتمعي حول إقامة العاصمة الإدارية الجديدة في مكانها الحالي، وكان هناك الكثير من اللغط والرفض للفكرة، ومن هؤلاء الدكتور/ أسامة الغزالي حرب، الذي انتهى في مقال له قائلًا إنه كان من أكبر المعارضين للمشروع لكن هذا المشروع بالفعل من أهم المشروعات التي لابد للدولة المصرية أن تستفيد منها وتستكملها لأن مثل هذه المشروعات هو ما يساعد في تنمية الدول.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن إنشاء الحي الحكومي الجديد ليس الهدف منه فقط أن نترك مقرات الحكومة في وسط البلد لنأتي إلى هنا، "أحنا مش هنعزل"، ولكن الهدف الحقيقي هو تغيير طريقة عمل الحكومة وبناء دولة جديدة وجمهورية جديدة، مشددًا على أنه لابد أن تكون بيئة ومناخ العمل في هذا المكان مُشجعة للموظف والعامل والمواطن المصري على الإبداع والتقدم، ولابد من تغيير الأنماط التقليدية في العمل.
وتابع رئيس الوزراء: لم نكتف بالمدن الجديدة، حيث عملنا على كيفية تطوير السكن، فكان حلم شبابنا هو الحصول على السكن، وجميعنا يعلم مشكلة السكن التي كانت قائمة، وفي هذا الإطار عملت الدولة المصرية على برنامج إسكان سواء إسكان جديد داخل المدن الجديدة أو المدن القائمة بواقع 1.5 مليون وحدة بقيمة 750 مليار جنيه.
وقال: استهدفنا جودة حياة على أعلى مستوى للمواطنين ولكل الشرائح بدءًا من محدودي الدخل حتى فوق المتوسط.
أوضاع السكن والمناطق التي كانت قائمة قبل أعمال التطوير
وفي هذا الإطار، استعرض الدكتور مصطفى مدبولي أوضاع السكن والمناطق التي كانت قائمة قبل أعمال التطوير، مشيرًا إلى أنه تم تطوير 357 منطقة غير آمنة بواقع 300 ألف وحدة وتم تسليم هذه الوحدات لمواطنين كانوا يعيشون في مساكن غير آدمية على الإطلاق.
وأوضح أن الحكومة لا تقتصر جهودها فقط على بناء الإسكان الجديد وإنما تُطور الإسكان المُتهالك والمُعرض للانهيار، وأمثلة ذلك المنطقة التي تقع خلف سور مجرى العيون ومنطقة عين الصيرة وبحيرة الفسطاط التي كانت -بكل أسف- مُجمع قمامة ومخلفات القاهرة، فضلًا عن تطوير ميادين كل مدن مصر.
جهود تنمية شبه جزيرة سيناء
وتطرق رئيس الوزراء إلى جهود تنمية شبه جزيرة سيناء، موضحًا أن أعمال التطوير التي تمت في سيناء خلال السنوات الـ 9 الماضية بالتوازي مع جهود محاربة الإرهاب في شمال سيناء لم نشهد مثلها بكل المقاييس في تاريخ الدولة المصرية، فنحن نتحدث عن تنمية كاملة في كل شبر في سيناء، فأنفقنا 610 مليارات جنيه، ومؤخرًا وجّه فخامة الرئيس بإطلاق خطة أخرى سنُعلن عنها خلال الأسابيع القليلة المُقبلة للتركيز على تنمية شمال ووسط سيناء باستثمارات تتجاوز 300 مليار جنيه.
وأشار مدبولي إلى المحور الخاص بإقامة بنية تحتية متطورة جاذبة للاستثمارات، لافتًا في ه ذا الإطار إلى ما تقوله الأمم المتحدة من أن البنية التحتية هي المقياس لمكانة الدولة على المستوى العالمي وإمكاناتها لجذب أي استثمارات، فلن تكون هناك فرصة لجذب أي استثمارات بدون بنية تحتية قوية.
تطوير المرافق العامة
وأضاف: في هذا الصدد، عملنا على تطوير المرافق العامة بتكاليف وصلت إلى 3.4 تريليون جنيه، وكنا نتحدث عن تغطية لشبكة المياه بواقع 97% ووصلنا اليوم إلى 99% من الجمهورية بها مشروعات مياه، وكان التحدي الأكبر في الصرف الصحي، وكان إجمالي نسبة التغطية 50% في عام 2014 واليوم بلغت نسبة التغطية 67%، وكان الصرف الصحي يغطي 12% فقط من الريف، اليوم يغطي 43%، ومع نهاية مشروع حياة كريمة ستبلغ تغطية الصرف الصحي على مستوى الجمهورية 100% من خلال محطات عملاقة أنفقت فيها الدولة مئات المليارات.
ولفت مدبولي إلى انه تم أيضًا التوسع في ملف تحلية المياه، ففي عام 2014 كان إجمالي الطاقة الإنتاجية يبلغ 80 ألف متر مكعب/ يوم، واليوم تبلغ الطاقة الإنتاجية 1.2 مليون متر مكعب/يوم فقط في غضون 9 سنوات بزيادة حوالي 12 أو 13 ضعفًا.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.