كل الطرق البديلة تؤدي لقناة السويس
عجبا لتلك الضجة التي صاحبت إعلان قمة العشرين في نيودلهي مؤخرا بشأن الممر البحري البري للسكك الحديدية والشحن الذي يربط بين فلسطين المحتلة والهند والسعودية والإمارات والأردن والاتحاد الأوروبي، بهدف زيادة التجارة والتعاون السياسي. ذلك لأنه يمر بالبحر ثم يفرغ الحمولة ويسير على سكة حديد ثم عربات نقل بري ويفرغ على البر وهذه عملية مكلفة للغاية..
ولا يوجد مقارنة مع قناة السويس، الممر المقترح هو مشروع متعدد الوسائط ومكلف للغاية ولا يقارن بقناة السويس، وليس له تأثير في حركة العبور في القناة خاصة بعد التفريعة الجديدة أصبحت القناة أسرع طريق ملاحي في العالم لإنها تربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط في 11 ساعة فقط، وتتصل بجميع الموانئ في العالم وأي مستثمر في العالم يبحث عن الطريق الأقصر في المسافة والأقل كلفة..
إضافة إلى تمتعها بالأمان وهذا المشروع ليس الاول ولن يكون الأخير فهناك أكثر من مسار تفكر بعض الدول في المنطقة وخارجها في إنشائها لتكون بديلا عن قناة السويس. كمسار الأرز الروسي في سيبيريا بين أوروبا والصين ومسار محور إيلات - أشدود، في الصحراء الإسرائيلية، والممر الإيراني "شمال – جنوب" المسار يبدأ من الهند وصولا إلى ميناء جابهار الواقع جنوبي إيران على المحيط الهندي..
والمسار الرابع وهو القطبي، الممر الشمالي الشرقي، المار عبر المحيط المتجمد الشمالي في روسيا، والمسار الخامس هو المركز اللوجستي التركي الليبي، وهو ما أعلنت عنه تركيا سابقا بإنشائه في ليبيا، والمسار السادس هو مشروع قناة نيكاراجوا، التي عملت الصين على حفرها بين المحيطين الهادي والأطلسي عبر أراضي نيكاراجوا بطول 278 كلم..
أهمية قناة السويس
أما الصين فهى الأخرى لديها طموحات لتصبح نقطة رئيسية لممرات الشحن للسلع من شرق آسيا إلى أوروبا والعكس أيضا، إذ تشمل مبادرة الحزام والطريق أو طريق الحرير الجديد عددا من مشاريع البنية التحتية الخاصة بالنقل، وكل خبراء الملاحة في العالم يؤكدون أن موقع مصر الاستراتيجي يفرض نفسه على أى مشروعات شبيهة أو مثيلة، وهو موقع له أهميته وتفرده من بين كل المواقع الموجودة في المنطقة.
بالتالي موقع قناة السويس لا غنى عنه، حيث أن 12% من حركة التجارة العالمية تمر عبر قناة السويس، خاصة وأن السفن المارة بقناة السويس لا تحتاج إلى أعمال شحن وتفريغ للمنتجات التي تحملها السفن، حيث تمر السفن كما هي بالشحنة التي تحملها، وبالتالي لا يوجد أي تلفيات في الشحنة الموجودة، فضلا عن تسهيل عملية الانتقال من خلال عمل ازدواجية للمرور بقناة السويس..
كما أن توسيع قناة السويس قلل من ساعات الانتظار التي كانت تصل إلى 11 ساعة، وهو أمر إنعكس إيجابيا على حركة التجارة العالمية. وحقائق الواقع تقول إن قناة السويس الممر الملاحي الأهم في العالم وللعالم، ولو أن هناك طرقا أو ممرات بديلة لما حققت القناة هذا الدخل الأكبر في تاريخها للعام 2022-2023 وهو 9.4 مليار دولار، وعبرت 107 سفن بحمولات قياسية بلغت 1.5 مليون طن بضائع..
وقد ارتبك العالم ووقف على أطراف أصابعه مع حادثة جنوح السفينة إيفر جرين العام الماضى، وتعرضت حركة التجارة البحرية في العالم إلى هزة كبرى بعد أن توقفت الملاحة في القناة لمدة 6 أيام، لتعويم السفينة، وساعتها خرجت عناوين وتصريحات عالمية بأن مصر لن تستطيع فتح القناة للملاحة إلا بعد شهور، وفاجأت مصر العالم بالمعجزة في أقل من أسبوع وعودة فتح المجرى الملاحي أمام حركة التجارة وأمام 422 سفينة انتظرت إلى حين فتح القناة..
ولهذا فإن الطريق الذي يزمع اقامته من الهند عبر الاراضي الاماراتية والسعودية والاردنية وصولا لاسرائيل ومنها لأوروبا فكرة كفوء وليس بديل أفضل من الطريق البحري عبر قناة السويس وصولا لأوروبا، أولا لآن وصول التجارة بريا من الهند لأوروبا من الافضل له أن يكون في النهاية عبر الأراضي التركية لإنها الدولة الوحيدة التي بها جزء في أسيا وجزء في أوروبا..
ومن ثم من الأفضل أن يكون الطريق بداية من الهند لباكستان ثم ايران والعراق ثم تركيا، وثانيا في كل الأحوال فأن الطريق البحري عبر قناة السويس سوف يكون أرخص وبدون عوائق جغرافية، ثم أن عربة السكة الحديد يمكن أن تحمل ما بين حاويتين إلى خمس حاويات، وعلى أقصى تقدير قد يسحب القطار 100 عربة، بإجمالي 500 حاوية، في حين أن هناك سفينة واحدة يمكن أن تحمل في رحلة عبورها ٣٠ ألف حاوية.