ذكرى أحمد رجب، صنع ابتسامة المصريين وسبق تويتر وقصة خلافه مع الشيخ عبد الباسط.. و1/2 كلمة تغني عن ألف مقال
أحمد رجب كاتب ساخر رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 2014، عن عمر 86 عاما بعد صراع مع المرض، رحل صاحب البهجة التي كانت تطل على قراء "الأخبار" كل صباح، الغريب أن وفاته جاءت بعد أيام من رحيل رفيق دربه في الحياة الأدبية الرسام مصطفى حسين.
ووصف المثقفون أحمد رجب بالكاتب الذي ابتكر فنا جديدًا في عالم الصحافة، وهو اختصار الكلمات التي حملت في طياتها الرسائل المطلوبة، التي تعجز عن إيصالها آلاف الكلمات فعرف بأنه صاحب التغريدات اليومية الساخرة قبل نصف قرن من اختراع تويتر.
صنع الابتسامة على وجوه المصريين
وصفه الكاتب مصطفى أمين بالعبقرية وقال: أنني معجب جدا بالكاتب أحمد رجب، لأنه يجعلني أضحك كل يوم، والشخص الذي لديه الكفاءة حينما يكون الإنسان منا مهموما، ثم يجعله يضحك فهو بلا شك شخصية عبقرية.. أنه يضع الابتسامة على شفتى الشعب المصرى من خلال سخريته اللاذعة في الكاريكاتير اليومى، ومن خلال نص كلمة التي اخترعها على أمين، لا يضحك طبقة دون الأخرى، ولكنه يصنع الابتسامة على شفاه كل الطبقات.
كاتب صحفي مصري ساخر ولد عام 1928 بالإسكندرية، حصل أحمد رجب على ليسانس الحقوق، وأثناء دراسته في الكلية أصدر مع آخرين مجلة (أخبار الجامعة)، كانت طريقه للتعرف على مصطفى وعلي أمين، عمل في بدايته محررا بمكتب أخبار اليوم في الإسكندرية، ثم انتقل إلى القاهرة، تولى سكرتارية التحرير، وكان أول مقال كتبه أحمد رجب عن قارئ القرآن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ولاقى المقال قبولًا وانتشارًا واسعًا حتى نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية، وتسبب في زيادة شهرة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.
فلاح كفر الهناودة وعبده مشتاق
وكان للكاتب الصحفى أحمد رجب مقالة ثابتة يوميًا في صورة رسالة ساخرة مختصرة في جريدة الأخبار بعنوان (نصف كلمة)، وشارك مع رسام الكاريكاتير مصطفى حسين في كاريكاتير الأخبار وأخبار اليوم يوميًا من أفكاره، وأَلف شخصيات كاريكاتيرية منها فلاح كفر الهنادوه ومطرب الأخبار وعبده مشتاق وكمبورة وغيرها الكثير.
قصة نص كلمة أحمد رجب
شغل الكاتب والصحفي أحمد رجب عدة مناصب في مجال الصحافة، فكان نائبًا لرئيس تحرير مجلة الجيل عام 1954، ثم مديرًا لتحرير مجلة هي، ثم بدأ مسيرته الطويلة التي استمرت على مدى 45 عامًا مع عموده اليومي الشهير على صفحات جريدة أخبار اليوم بعنوان "نص كلمة" والتي كان ميلادها عام 1969 حين كان علي أمين يعطيه مقالًا يوميا من 40 صفحة ويطلب منه تلخيصه في عشرة أسطر فقط دون أن يغفل معلومة أو يخل بضمون المقال.
حصل على وسام العلوم والفنون عام 1992، جائزة نقابة الصحفيين التقديرية.
حكايات أحمد رجب مع الحكام
أحمد رجب واحدًا من الكتاب الذين عايشوا فترة حكم كافة رؤساء مصر، بدءًا من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وحتى الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، وخلال هذا المشوار الصحفي الطويل، تباينت مواقفه وآراؤه في حكام مصر.
رحب أحب رجب بثورة يوليو وعشق استراتيجة الجيش المصري ومجّد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في كتاباته باعتباره المنقذ الذي أعاد مصر إلى أبنائها، حتى أنه عندما تنحى الرئيس بعد النكسة ذهب مع الأبنودى وعبد الحليم حافظ ومفيد فوزى إليه وقال له ابقى ولا تتركنا.
تميزت علاقت الكاتب أحمد رجب بالتناقض مع السادات فجاءت كتاباته معارضة له في كثير من الأحيان، كالعمود الذي نشره يهاجم فيه سياسة السادات في سيناء، ومعاملة أهلها بخصومة وجفاء ولو كان الرئيس السادات قد عمرها بالبشر والحجر، لما كانت سيناء الآن مصدر قلق حقيقي عند كل المصريين.
إلا أنه أنصف السادات في مواقف كثيرة فعندما تطاول الرئيس القذافى على السادات ووصفه السادات بالمخبول رسم مع مصطفى حسين رسما يهين فيه القذافى المخبول وتلقى تهديدا بالقتل من أنصار القذافي، ولكنه لم يعبأ بتلك التهديدات، وواصل سخريته.
وفي عهد مبارك خرجت شخصيات كاريكاتيرية تنقل هموم المصريين للمسئولين وتندد بالفساد والانتهازية، فابتكر شخصية فلاح كفر الهنادوة الذي يخاطب رئيس الوزراء عاطف عبيد الذي كان يناديه بالبيه عاطف، وشخصية كمبورة مما أغضب مبارك منه.
وصف الإخوان بالكابوس الرهيب
تعتبر علاقة الراحل أحمد رجب بالمعزول محمد مرسي من أكثر العلاقات وضوحًا، حيث إنه عارض نظام مرسي منذ نشأته بكافة الطرق ولم يخش بطش الإخوان بأي حال من الأحوال، بل كتب يقول:إنه أصيب بالقهر النفسي في عهد الإخوان، حتى أنه فقد 20 كيلو جراما؛ بسبب تصرفاتهم والأفعال الإجرامية تجاه الشعب، وقال: يجب على الشعب أن يتفاءل لخلاصه من هذه الجماعة الإرهابية، إن المجتمع مر ببعض الأمور العارضة بسبب وجود الإخوان التي تمثل كابوسا رهيبا أدى إلى شلل التفكير المصري مؤكدا إن عودة الأمن في الشارع أهم من رغيف العيش".
وعندما قامت ثورة 30 يونيو واختار الشعب الرئيس عبد الفتاح السيسى فكتب أحمد رجب يقول: “عزيزي الرئيس السيسي نحن لا نهنئك بنا ولكننا نهنئ أنفسنا بك.. نحن نعرف أننا سوف نتعبك.. ونعذبك.. ونسبب لك كثيرا من الحيرة.. فنحن نبدو كأسئلة بلا أجوبة.. وقد نكف بجوارك عن الأنين عن أصوات الاستغاثة وقد يكون عزاؤنا أن أخيرا أصبح لنا ابتسامة.. فأنت ابتسامتنا”.
رفض شيكولاتة الببلاوى
من مواقف الكاتب أحمد رجب التي تحسب له أنه رفض هدية من مجلس الوزراء، أرسلها له رئيس الحكومة الدكتور حازم الببلاوي، دون إبداء أسباب، وكان محمد حسن، مدير المراسم بالمجلس طلب من الدكتور حازم الببلاوي ـ رئيس الحكومة وقتئذ ـ إرسال علبة شيكولاتة إلى الكاتب الصحفي أحمد رجب الذي أصيب بوعكة صحية، دخل على إثرها المستشفى، إذ أن الإجراء المتبع من قبل في المجلس أن يرسل رئيس الحكومة هدية رمزية إليه، تعبيرًا عن امتنان الحكومة له وتقديرًا لعطائه، زوافق الببلاوي على إرسال شيكولاتة إليه، لكن المفاجأة كانت حينما ذهب مندوب المراسم في مجلس الوزراء إلى الكاتب الكبير، طلب منه رجب إعادتها، ورفض تسلُّمها بغضب شديد.
أصدر الكاتب أحمد رجب مؤلفات عديدة ومتنوعة منها: الحب وسنينه، صور مقلوبة، توتة توتة 1971، نهارك سعيد، الأغانى للأرجبانى، نصف كلمة، الفهامة التي تضم مجموعة مقالاته، كلام فارغ، أى كلام، يخرب بيت الحب.
وكتب أحمد رجب مجموعة سيناريوهات أفلام ومسلسلات منها فيلم " نص ساعة جواز عام 1969، شيء من العذاب اخراج صلاح أبو سيف، صاحب العمارة، شنبو في المصيدة، الفيلم التليفزيونى محاكمة على بابا، المجنون، الوزير جاى وآخر اعماله مسلسل ناس وناس عرض عام 1989.
وصايته الأخيرة
أوصى الكاتب الراحل أحمد رجب، قبل وفاته المصريين شعبًا ومسئولين بمصر في أواخر كتاباته " نص كلمة" بالأخبار جاء فيها: الآن يا مصر أموت مطمئنًا عليك، وعلى أهلي المصريين، إني لا أوصي حاكمًا صالحًا بأهلي، ولكن أوصيكم بحاكم ندر وجوده على الزمان، وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.
من آخر ما كتب احمد رجب وهو على سرير المرض: شكرا كثيرا لأهلى وناسى الذين أحاطونى بالحب والاهتمام اثناء الوعكة العارضة داعيا الله ان يجنبهم شر المستشفيات في مصر.
خرجت جنازة الكاتب أحمد رجب بحضور شعبي كبير حيث ضمت تلامذته وزملائه في أخبار اليوم وقرائه أيضا من مبنى أخبار اليوم واقيم سرادق كبير لتلقى العزاء، ثم خرجت الجموع للصلاة عليه في جامع عمر مكرم ومنه الى الإسكندرية حيث دفن هناك.
نعى رئاسة الجمهورية
ونعته رئاسة الجمهورية في بيان صحفى جاء نصه:
تنعى رئاسة الجمهورية ببالغ الحزن والأسى الكاتب الصحفي الكبير أحمد رجب، الذي وافته المنية، إن مصر والعالم العربي فقدا كاتبا عظيما وقلما أمينا ومواطنا غيورا على وطنه وأمته العربية، أثرى الأدب الساخر من خلال كتاباته النقدية ورؤيته الثاقبة. وسيظل الفقيد وعطاؤه الممتد، الذي أضفى السعادة بإطلالته الصحفية اليومية على قلوب جموع المصريين، رمزا للصحافة الوطنية وللالتزام بآداب المهنة وأخلاقياتها.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار ، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
