رئيس التحرير
عصام كامل

الإفتاء توضح حكم المصافحة بعد السلام بين المأمومين

ما حكم المصافحة بعد
ما حكم المصافحة بعد الصلاة، فيتو

 حكم المصافحة بعد السلام بين المأمومين، ورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول ما حكم المصافحة بعد السلام بين المأمومين؟ حيث إن المسألة تثير خلافًا بين المصلين.

حكم المصافحة بعد السلام بين المأمومين

وأجابت دار الإفتاء قائلة إن المصافحة عقب الصلاة مشروعة، وهي دائرة بين الإباحة والاستحباب؛ لأنها داخلة في عموم استحباب التصافح بين المسلمين، وهو ما يكون سببًا لرضا الله تعالى عنهم، وزوال ما في صدورهم مِن ضيقٍ وغِلٍّ، وتساقط ذنوبهم مِن بين أَكُفِّهِم مع التصافح؛ ففي الحديث: «إذا التقَى المُسْلِمان، فتصافحا، وحَمِدا الله عزَّ وجلَّ واستَغْفَرَاه، غُفر لهما» رواه أبو داود وغيره عن البَراء بن عازِب رضي الله تعالى عنه.

واختار الإمام النووي [ت676هـ] في "المجموع" أن مصافحة مَن كان مع المُصَلِّي قبل الصلاة مباحة، ومصافحة مَن لم يكن معه قبل الصلاة سُنَّة، وقال في "الأذكار": [واعلم أن هذه المصافحة مستحبة عند كل لقاء، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتَي الصبحِ والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه، ولكن لا بأس به؛ فإن أصل المصافحة سُنَّة، وكونُهم حافظوا عليها في بعض الأحوال وفَرَّطُوا فيها في كثير من الأحوال أو أكثرها لا يُخرِجُ ذلك البعضَ عن كونه مِن المصافحة التي ورد الشرع بأصلها] اهـ. ثم نقل عن الإمام العز بن عبد السلام [ت660هـ] أن المصافحة عقِيبَ الصبح والعصر مِن البدع المباحة.

حكم المصافحة بعد الصلاة، فيتو

 

وقد شُرِع لنا السلامُ بعد انتهاء الصلاة عن اليمين والشمال، يقول العلماء: [يَنوِي السلام على مَن التفت إليه مِن ملائكة ومؤمنِي إنسٍ وجِنٍّ إلى مُنقَطَع الدنيا، ويَنوِي الرَّدَّ أيضًا على مَن سَلَّمَ عليه مِن إمامٍ ومَأمُومٍ] اهـ. "حاشية البيجوري على شرح ابن قاسم على متن أبي شجاع".

وقال السَّفارِينِي في "غذاء الألباب شرح منظومة الآداب": [ظاهر كلام العز بن عبد السلام من الشافعية أنها بدعة مباحة، وظاهر كلام الإمام النووي أنها سنة] اهـ.

قال الحافظ ابن حجر في "شرح البخاري": [قال النووي: وأصل المصافحة سنة، وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال لا يخرج ذلك عن أصل السنة] اهـ.

وفي "فتاوى الرملي الشافعي": [(سُئِلَ) عمَّا يَفعَلُه النَّاسُ مِن المُصافَحةِ بعدَ الصَّلاةِ هل هو سُنَّةٌ أو لا؟ (فأَجابَ) بأَنَّ ما يَفعَلُه النَّاسُ مِن المُصافَحةِ بعدَ الصَّلاةِ لا أَصلَ لها، ولكن لا بَأسَ بها] اهـ.

وأما ما ذهب إليه بعض العلماء من القول بكراهة المصافحة عقب الصلاة فإنهم نظروا فيه إلى أن المواظبة عليها قد تُؤَدِّي بالجاهل إلى اعتقاد أنها من تمام الصلاة أو سننها المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقالوا بالكراهة؛ سدًّا لذريعة هذا الاعتقاد، ومنهم مَن استدل بترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهذا الفعل على عدم مشروعيته، ومع قول هؤلاء بكراهتها فإنهم نَصُّوا -كما ذكر القاري في "مرقاة المفاتيح"- على أنه إذا مَدَّ مسلمٌ يدَه إليه ليصافحه فلا ينبغي الإعراض عنه بجذب اليد؛ لِما يترتب عليه مِن أذًى بكسر خواطر المسلمين وجرح مشاعرهم، وذلك على سبيل المُجابرة، ودفعُ ذلك بجبر الخواطر مقدَّمٌ على مراعاة الأدب بتجنب الشيء المكروه عندهم؛ إذ مِن المقرر شرعًا أن "دَرء المفاسدِ مُقَدَّمٌ على جَلب المصالح".

على أن جمهور العلماء ومحققيهم على ترك التوسع في باب سد الذرائع؛ لِما يجرُّ إليه مِن التضييق على الخَلق وإيقاعهم في الحرج، والاستدلال بالترك على عدم المشروعية موضعُ نظرٍ عند الأصوليين؛ بل الأصل في الأفعال الإباحة، هذا مع أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مصافحةُ الصحابة الكرام له وأخذهم بيدَيه الشريفتين بعد الصلاة في بعض الوقائع؛ ففي صحيح الإمام البخاري عن أَبي جُحَيفةَ رضي الله عنه قال: "خَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بالهاجِرةِ إلى البَطحاءِ، فتَوَضَّأَ، ثُم صلَّى الظُّهرَ رَكعَتَينِ والعَصرَ رَكعَتَينِ وبينَ يَدَيهِ عَنَزةٌ، وقامَ النَّاسُ فجَعَلُوا يَأخُذُونَ يَدَيه فيَمسَحُونَ بها وُجُوهَهم". قَالَ أبو جُحَيفةَ: "فأَخَذتُ بيَدِه فوَضَعتُها على وَجهِي فإذا هي أَبرَدُ مِن الثَّلجِ وأَطيَبُ رائِحةً مِن المِسكِ".

 

المصافحة بعد الصلاة

قال المحب الطبري [ت694هـ] في "غاية الإحكام في أحاديث الأحكام" (2/ 224. ط. دار الكتب العلمية): [ويُستَأنَسُ بذلك لما تطابق عليه الناس مِن المصافحة بعد الصلوات في الجماعات، لا سِيَّما في العصر والمغرب، إذا اقترن به قصدٌ صالحٌ مِن تبركٍ أو تودُّدٍ أو نحوه] اهـ.

وعموم مشروعية المصافحة في مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا التَقى المُسلِمانِ فتَصافَحا وحَمِدا اللهَ عَزَّ وجَلَّ واستَغفَراه غُفِرَ لَهما»، لا يجوز تخصيصه بوقت دون وقت إلا بدليل؛ و"إذا" ظرفٌ لكل ما يُستقبَل مِن الزمان، فدعوى أنها مخصوصة بغير أدبار الصلوات المكتوبات دعوى لا دليل عليها، بل ورد في السنة النبوية الصحيحة ما يرُدُّها.

وعلى ذلك: فإن المصافحة مشروعة بأصلها في الشرع الشريف، وإيقاعُها عقب الصلاة لا يُخرِجُها مِن هذه المشروعية؛ فهي مباحة أو مندوب إليها -على أحد قولَي العلماء، أو على التفصيل الوارد عن الإمام النووي في ذلك- مع ملاحظة أنها ليست مِن تمام الصلاة ولا مِن السُّنَنِ التي نُقِل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومةُ عليها بعد الصلاة. وعلى مَن قلَّد القول بالكراهة أن يُراعيَ أدب الخلاف في هذه المسألة ويتجنب إثارة الفتنة وبَثَّ الفُرقة والشحناء بين المسلمين بامتناعه مِن مصافحة مَن مَدَّ إليه يده مِن المصلين عقب الصلاة، وليَعلَم أن جَبر الخواطر وبَثَّ الألفة وجَمعَ الشمل أحبُّ إلى الله تعالى مِن مراعاة تجنب فِعلٍ نُقِلَت كراهتُه عن بعض العلماء، في حين أن جمهورهم والمحققين منهم قالوا بإباحته أو استحبابه.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية