التاريخ البغيض للسوق السوداء في مصر.. جمال عبد الناصر قضى عليها.. وعهد السادات ومبارك الأفضل في المواجهة ..تحجيم القطاع الخاص وسد الفرص أمامه من أقوى أسباب وجودها
عاشت مصر تجربة ضخمة من السوق السوداء، ولاسيما في العصر الحديث، وتعرضت الأنظمة المتتالية للبلاد منذ عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر لضربات مختلفة من غول السوق السوداء، وكل حقبة كان لها استراتيجيتها الخاصة في المواجهة، كما اختلفت الآليات المتبعة والنتائج من الخمسينيات والستينيات وحتى الآن.
تاريخ السوق السوداء
يقول الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن تاريخ السوق السوداء معروف مصر منذ عشرات السنين، مضيفا أن السوق السوداء تظهر بشكل كبير مع الأزمات التي تعاني منها البلاد، لأنها تنعكس على سعر الدولار والسلع في الأسواق.
مضيفا أن هناك نوعين من الاقتصاد معروفان في أي دولة بالعالم، أولهما اقتصاد الوفرة، والذي يضمن توفر كل السلع لهذا تختفي الأزمات، أما النوع الثاني فهو اقتصاد الندرة والذي يوجد فيه نقص بأغلب أنواع السلع الموجودة في الأسواق.
وأضاف عبده في تصريحات خاصة لـ"فيتو"، أن أساس ظهور السوق السوداء في مصر يتمثل في نقص العملات الأجنبية وبالتحديد الدولار، مشيرا إلى أن الدولة تعلم منذ فترة كبيرة أن مواردها من العملة الأجنبية محدودة، ولكن في الماضي كان الاستهلاك قليلا وعدد السكان منخفضا مقارنة بالوقت الحالي.
يوضح رشاد عبده أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اتبع منهجا مميزا لمنع السوق السوداء في مصر وعدم رفع أسعار السلع على الشعب من خلال تحديد سعر رخيص للدولار الجمركي، والذي يتم من خلاله استيراد السلع بأسعار منخفضة، مهما حدث من تقلبات في سعر الدولار سواء بالبنوك أو السوق السوداء، مؤكدا أن هذا القرار ساعد على توافر السلع بشكل كبير وبأسعار منخفضة، وساعد على عمل توازن داخل السوق.
وأكد الخبير الاقتصادي أن جمال عبد الناصر لم يكتفِ بتحديد سعر ثابت للدولار الجمركي في مصر، ولكنه شدد الرقابة على الأسواق حتى لا يقوم أي تاجر باحتكار السلع أو زيادة أسعارها بشكل كبير، مما دعم خطة توفير السلع لجميع المواطنين بأسعار رخيصة تتناسب مع احتياجاتهم، وغلق الباب أمام السوق السوداء.
لا يوجد قرارات لدعم المواطن
وتابع: في وقتنا الحالي نعاني بشكل كبير من السوق السوداء، إذ لا يوجد قرارات حكومية تدعم المواطن والشارع المصري، والحكومة لا ترغب في العمل أو تشجيع الآخرين على العمل، بجانب وضع الكثير من الصعوبات أمام القطاع الخاص لتوفير السلع والاحتياجات التي يوجد فيها نقص بالسوق المصري.
وأكد «عبده» أن الدولة تضطر للاستيراد من الخارج بالدولار وبأسعار مرتفعة، لافتا إلى أن عدم وجود إنتاج يناسب احتياجاتنا ما يساعد في بقاء أزمة في الدولار وبالتبعية السوق السوداء.
من جانبه قال الدكتور عادل عامر الخبير الاقتصادي، ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية، إن السوق السوداء بدأت في مصر مع تطبيق النظام الاشتراكي ستينيات القرن الماضي، لأن النظام الاشتراكي كان قائما على دعم الدولة لجميع السلع والخدمات التي تقدم للمواطنين.
وبالتالي ظهرت السوق الموازية وتوحشت مع الوقت وأصبحت تستحوذ على جميع السلع التي كانت تقوم الدولة بتوزيعها، وأصبحت تباع مرة أخرى بأسعار مرتفعة بعد تعطيش السوق.
وأكد عامر أن هذه السوق لا تظهر إلا في ظل النظام الاشتراكي، أما في الاقتصاد الحر لا يوجد ما يسمى بالسوق الموازية، إذ تعتمد حرية التداول على العرض والطلب التي يتم من خلالها تحديد أسعار السلع في الأسواق، وهو المتحكم الوحيد في الأسعار.
وعن أسباب انتشار السوق السوداء حاليا، أشار «عامر» إلى عدم إتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص لمنافسة القطاع العام، حتى يكون هناك قطاعين متوازيين يتم الاتفاق فيما بينهما لتحديد سعر السلع، ومع عدم إتاحة الفرصة لجأ القطاع الخاص إلى السوق السوداء لمنافسة القطاع العام من خلف القانون والنظام الاقتصادي السائد في تلك الفترة.
وتابع: الحكومة كانت في عهد جمال عبد الناصر تمنع بيع القطاع الخاص للسلع التموينية، وكانت تحتكر أكثر من 28 سلعة تموينية من خلال التموين الذي يقدم مدعما للمواطنين، أما في عهد السادات كانت الدولة تحتكر 20 سلعة فقط، بينما في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وصلت إلى 8 سلع، وفي الوقت الحالي لا تحتكر الدولة إلا 8 سلع فقط، والباقي يتم الاعتماد عليه من القطاع الخاص.
أسباب انتشار السوق السوداء
وعن دور الحكومات المتتالية في مواجهة السوق السوداء للدولار والسلع، أكد الدكتور عادل عامر، أن الحكومات في عهد الرؤساء جمال عبد الناصر، وأنور السادات، ومحمد حسني مبارك، كانت تقوم بدور فعال في مواجهة السوق السوداء عن طريق تطبيق القانون وتكثيف جهود شرطة التموين.
وأضاف: من خلالهم جرى إنشاء قطاع في وزارة الداخلية باسم التموين والتجارة الداخلية لمواجهة السوق الموازية خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى تطبيق عدة قوانين وساعدت الشرطة في محاربة هذه الظاهرة من خلال فرض التسعيرة الجبرية، ومن يخالفها كان يعرض نفسه للمساءلة القانونية.
واستكمل: مع تحول الدولة للاقتصاد الحر دشنت الحكومة القوانين والأجهزة المساعدة لهذا الاقتصاد، وأصبحنا في الوقت الحالي نملك اقتصادًا حرًّا ينافس الشركات التابعة للدولة في ظل ما يمتلكه القطاع الخاص من إمكانات تختلف عن الاقتصاد الاشتراكي.
واختتم مؤكدا ضرورة إنشاء قطاع عام للدولة يمتلك القوة اللازمة لتحقيق التوازن الاقتصادي في السوق، مضيفا أن وجود الدولة متمثلة في شركات قوية تزرع وتنتج وتتاجر في السلع الغذائية وكافة الخدمات الاستراتيجية التي تهم قطاعا كبيرا من الدولة بأسعار أقل، الحل الوحيد القادر على مواجهة السوق السوداء.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبارالرياضة ، أخبارمصر، أخباراقتصاد، أخبارالمحافظات، أخبارالسياسة، أخبارالحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجيةوالداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.