الروائي ناصر عراق: الكتابة "خبزي اليومي".. وأتمنى تحويل رواياتي الـ 12 للسينما.. ولم أحزن لخروجى من "البوكر" (حوار)
- أعيش خصامًا مع الحزن وأفكر دائما فى المستقبل
- العدالة الاجتماعية والحريات السياسية محور المشروع الفكرى لنجيب محفوظ
- 95% من الجوائز العربية تتسم بالشفافية والعدالة
المشهد الثقافي المصري يحتاج إلى تطوير لنواجه الأفكار الظلامية - روايتى الأولى (أزمنة من غبار) لفتت انتباه الناس لاسمى
- (العاطل) حجزت لي صفحة مؤثرة في كتاب الرواية المصرية والعربية
- انتهيت قبل أشهر من رواية (أنا وعمي والإيموبيليا)
"ناصر عراق" أديب وروائي من طراز مصري أصيل، شغل عددا كبيرا من المواقع الثقافية المهمة في مصر ودول عربية، وقدم عددا من الأعمال الأدبية التي استطاعت أن تحفر اسمه، وتجذب عددا كبيرا من القراء نحوه.
"عراق" بدأ بالصحافة الثقافية كمحرر ثم انتقل إلى دبي عام 1999، وشارك فى تأسيس الكثير من الصُحف والمجلات الأدبية، كما شارك في تأسيس جائزة البحرين لحرية الصحافة بالمنامة، وتولي منصب المنسق الثقافي والإعلامي في مؤسسة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، ونال عراق جائزة أفضل كتاب التي تنظمها جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين عام 2000 عن كتابه تاريخ الرسم الصحفي في مصر، وجائزة أفضل مقال في الصحافة الإماراتية عام 2004 التي تنظمها مؤسسة تريم عمران للصحافة بالإمارات.
أما عن رواياته فقدم 12 رواية قابلها القراء بقبول وحب كبير، بعضها استحوذ على أرقى الجوائز الأدبية بالعالم العربي، مثل أزمنة من غبار، العاطل العام، تاج الهدهد، نساء القاهرة دبي، الأزبكية.
ولمعرفة أكثر عن عالم هذا الأديب "فيتو" التقت به لمعرفة كيف بدأ المشوار الثقافى وكيف يجد المشهد الثقافى العربي الآن من الخريطة العالمية وإلى نص الحوار:
*ما أحب رواياتك إلى قلبك والتي أسهمت في تعريف الناس بناصر عراق؟
أصدرت 12 رواية حتى الآن، وجميعهم أحبهم لأنني احتشد لها بكل طاقاتي الفكرية والفنية والإبداعية واللغوية، وقد حصدت أربع روايات منها جوائز مرموقة، فرواية (العاطل) وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية/ البوكر/ الدورة الخامسة 2012، و(الأزبكية) حصدت جائزة كتارا للرواية العربية/ الدورة الثانية 2016، كما قطفت جائزة أفضل رواية عربية قابلة للتحويل الدرامي في الدورة نفسها.
وكذلك وصلت (نساء القاهرة - دبي) إلى القائمة القصيرة لجائزة (أرى روايتي) التي تنظمها مؤسسة أبوظبي للإعلام/ الدورة الأولى 2018، أما (الأنتكخانة) فقد وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية/ البوكر/ الدورة 16 لهذا العام 2023.
ومع ذلك، يصح القول إن أحدث رواية لي تحظى دومًا بمنزلة خاصة، ربما تشبه الابن الأصغر عند أبيه، وعموما أنا لا ألتفت إلى الوراء، بمعنى أنني أنسى الرواية بعد الانتهاء منها وصدورها، لأنني أفكر دومًا فيما سأكتب مستقبلا، وبالتالي على المبدع أن ينظر إلى الأمام باستمرار، وكما قال الموسيقار الأعظم محمد عبدالوهاب (على الفنان أن يكون بلا ذاكرة) بمعنى أن ينسى ما أبدعه سابقا.
أما الرواية التي لفتت انتباه الناس إلى اسم ناصر عراق، فأظن أن هذا حدث مع الرواية الأولى (أزمنة من غبار) التي صدرت عن دار الهلال عام 2006، فقد تلقاها الناس بحفاوة لا بأس بها، لكني أتخيل أن (العاطل) التي صدرت سنة 2011 حجزت لي صفحة مؤثرة في كتاب الرواية المصرية والعربية.
*هل شعرت بالحزن لخروجك من القائمة القصيرة مؤخرا لجائزة البوكر؟
من حسن الحظ أنني والحزن في خصام تاريخي، بمعنى أنني مفطور على مغادرة الحزن سريعًا إذا تمكن من التسلل إلى قلبي، فأنا رجل متصالح مع الحياة والزمن، وأدرك جيدًا أنه من المحال أن يحصد المرء كل ما يريد، وأظن أن الجينات الوراثية لها دور رئيس في ذلك، فالإنسان ابن جيناته، كما أنه ابن ظروفه المجتمعية، علاوة على أنني عكفت على تدريب نفسي عقليًا ونفسيًا على التعامل الإيجابي مع أي عثرة تعترض طريقي، بمعنى كيفية تجاوزها والوثوب إلى الأمام، وهكذا، يمكن القول بصدق شديد إن الحزن لخروج (الأنتكخانة) من القائمة القصيرة للبوكر لم يستمر سوى بضع ثوان، وسرعان ما عدت إلى كتاباتي وعملي بالهمة نفسها.
*هل هناك فارق بين الجوائز المحلية والجوائز العربية والعالمية من حيث الشفافية والعدالة؟
من خلال تجاربي المتنوعة مع عدد من الجوائز العربية، يمكن القول بيقين كبير إن أكثر من 95% منها يتسم بالشفافية والعدالة، فقد أسست جائزة (دبي الثقافية للإبداع) وكنت منسقها العام لمدة ست دورات متتالية آخرها كان في 2009، كما أسست في المنامة جائزة البحرين لحرية الصحافة عام 2010، فضلا عن مشاركتي في عضوية لجان تحكيم أكثر من جائزة عربية في الرواية والقصة القصة القصيرة والفن التشكيلي، وأشهد أن جميع هذه الجوائز كانت الشفافية عنوانها الأبرز، وكانت العدالة هدفها الأسمى.
*من هم كُتابك المفضلون محليا وعربيا وعالميا؟
ما أكثر الكُتّاب الذين قرأت لهم وتعلمت منهم طوال خمسين عامًا تقريبًا، هؤلاء الذين أسعدوني بمعارفهم وإبداعاتهم، في الشعر “المتنبي وشوقي وأبا نواس والبحتري وابن الرومي وصلاح عبدالصبور ومحمود درويش” وغيرهم، وفي الرواية والقصة القصيرة أذكر بعرفان كبير كلا من: "تولستوي ودوستويفسكي وفوكنر وألبير كامو وماركيز وتشيكوف ونجيب محفوظ ويحيى حقي وبهاء طاهر ومحمود المسعدي وحنا مينا وزكريا تامر وسعيد الكفراوي ومحمد المخزنجي".
وفي المسرح هناك شكسبير وموليير وراسين وتوفيق الحكيم ونعمان عاشور ويوسف إدريس وميخائيل رومان وبيتر فايس وبيتر بروك وسعدالله ونوس، وفي الفكر والسياسة والثقافة بشكل عام أذكر بكل توقير طه حسين وماركس وداروين وفرويد ولينين وتروتسكي وسارتر ومحمود أمين العالم والقائمة طويلة وممتدة، أجل، لقد تعلمت واستمتعت واستفدت الكثير من كل هؤلاء ومن غيرهم.
*متى تتحول أحد أعمالك إلى السينما؟ ألا تحلم بذلك؟
بكل تأكيد، يسعدني أن تتحول أعمالي الروائية كلها أو بعضها إلى السينما والدراما التليفزيونية، وقد كتب أكثر من ناقد جاد وقارئ حصيف حاضًا صناع الدراما على ضرورة تحويل رواياتي إلى أعمال درامية.
لكن لا تنسي أن روايتي (الأزبكية) قد فازت بجائزة أفضل رواية عربية قابلة للتحويل الدرامي قبل سبعة أعوام، وأتمنى أن يشرعوا في تحويلها قريبًا، كما أن هناك بعض كُتّاب السيناريو الموهوبين جدًا بدأوا يلتفتون إلى رواياتي، بل شرع بعضهم بالفعل في إعداد بعض تلك الروايات إلى مسلسلات، وكلي أمل أن تكتمل تلك المشروعات لترى النور هذا العام.
*ما هو مشروعك الأدبي الجديد؟
انتهيت قبل أشهر من رواية (أنا وعمي والإيموبيليا) ومن المتوقع أن تصدر قريبًا عن دار الشروق بالقاهرة، فقد راجعت البروفة النهائية قبل أيام، كما أنني عاكف حاليًا على كتابة رواية جديدة، إذ لا يمر يوم دون أن أمارس الكتابة، فهي الخبز اليومي بالنسبة لي، على الرغم من أنني توقفت عن تناول الخبز منذ عامين تقريبًا.
*باعتبارك من محبيه.. متى تتكرر أسطورة نجيب محفوظ ويفوز أديب مصري بجائزة نوبل؟
نجيب محفوظ عبقرية أظنها ستغدو عابرة للقرون مع مرور الزمن، فإذا كنا مازلنا نقرأ وننفعل ونسعد بما كتبه المتنبي قبل ألف عام، فإنني أزعم أن روايات محفوظ ستظل تمتع القارئ المصري والعربي من قرن إلى آخر، نظرًا لما تحتشد به من متعة عظيمة وفكر ثاقب.
وعبقرية محفوظ الروائية تتجلى في عدة أمور أبرزها: إنه صاحب مشروع فكري يتكئ على ضرورة أن يعزف المجتمع موسيقى العدالة الاجتماعية من جهة، وأن ينعم الإنسان الفرد بالحريات السياسية من جهة أخرى، وهو مشروع نبيل يتحتم التبشير به والدفاع عنه، ومنها أن محفوظ امتلك براعة خارقة في ابتكار رواية محبوكة متينة البناء مثيرة للخيال جذابة للقارئ، كما تتجلى عبقريته كذلك في مقدرته العجيبة في تطوير النثر العربي، فالرجل امتلك براعة لغوية لا مثيل لها، من حيث قدرته المذهلة على إنشاء عبارة سلسة يتزاوج فيها الفكر بالحلاوة بالإثارة في سبيكة رائعة لم يكتب مثلها في فرادتها وقوتها أي مبدع مصري أو عربي حتى الآن.
باختصار، نجيب محفوظ عبقرية باذخة مثل عباقرة مصر العظام شوقي وطه حسين ونجيب الريحاني وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، وفي تخيلي أنه من الصعب تكرار هؤلاء العباقرة في المستقبل القريب، لكن كلي أمل أن نتطور حتى يمكن لنا أن ننجب محفوظا آخر.
*ما رأيك في موقع الثقافة من الصحافة والإعلام في مصر؟
أعمل في الصحافة الثقافية منذ عام 1981 وتنقلت بين عدة صحف حتى يناير 1999، في ذلك الشهر غادرت القاهرة لأهبط دبي للمرة الأولى لأشارك في تأسيس دار الصدى للصحافة، لقد عملت قديمًا في صحف (مصر الفتاة وصوت الشعب والأحرار والشعب والعربي وأخبار الأدب)، وأستطيع القول إن مصر محظوظة بوجود عدد كبير من المحررين الثقافيين الموهوبين جدًا، وأن كثيرًا منهم قادر على رئاسة تحرير مطبوعة ثقافية متخصصة، ولكن المشكلة وقتها أن الصفحة الثقافية في الجريدة هي الأكثر ضعفا وهشاشة، فإذا تحصلت الصحيفة على إعلان مدفوع الأجر يتم فورًا التضحية بالصفحة الثقافية وتأجيلها أو إلغائها من أجل نشر الإعلان.
وأذكر كثيرًا كم قرر العديد من رؤساء التحرير الذين عملت معهم إلغاء الصفحة الثقافية من أجل نشر إعلان، وبالمناسبة، رئيس التحرير معذور، وأنا هنا لا أدينه، وإنما أرصد حال الصحافة الورقية التي كانت محرومة من الدعم المالي المناسب.
وأظن أننا في حاجة ماسة إلى تطوير العمل الصحفي والإعلامي في مصر، بحيث تحتل الثقافة المساحة التي تليق بها وبدورها، وفي اعتقادي أن الثقافة بمعناها الشامل من معارف وآداب وفنون، هي التي تسهم بنصيب وافر في تطوير المجتمع وحمايته من الأفكار المتشددة التي راجت وتغلغلت، بكل أسف.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدا مستمرا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبارالرياضة ، أخبارمصر، أخباراقتصاد، أخبارالمحافظات، أخبارالسياسة، أخبارالحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجيةوالداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.