بعد حمادة سلطان وعزب شو وفيصل خورشيد، هل انتهى زمن المونولوجيست؟
المونولوج.. فن السخرية من الحياة، أحد أبرز الفنون التي عشقها المصريون منذ سنوات طوال واشتهر بأدائها عدد من الفنانين الذين حملوا على عاتقهم تقديم وتطوير فن المونولوج، وكان هذا الفن بمثابة ترويح وترفيه للجمهور، وتعبير عما يدور بداخلهم بصورة ساخرة لذا كان فنا مقربا إلى قلوبهم.
معنى كلمة مونولوج
وكلمة المونولوج هي كلمة يعود أصلها إلى اللاتينية القديمة، وهي مكونة من مقطعين الأولى هي كلمة مونو، والتي تعني الفرد، أما الكلمة الثانية فهي لوج، وهي كلمة لاتينية وتعني الأداء، أي أن الكلمة بأكملها تعني الأداء الفردي.
ويتميز هذا الفن بأنه بعيد عن الأوزان والقوافي المنظمة، تمامًا كالديالوج الذي يعني الأداء الثنائي، والمونولوج الغنائي ليس له علاقة بالمونولوج الفكاهي.
ويتكون المونولوج من عدة أبيات قد تطول أو تقصر، وسمة المونولوج الأساسية هي عدم تقسيم النص إلى مذهب ومقاطع حتى وإن اختلفت القوافي.
وتسترسل أبيات المونولوج في نسيج واحد إلى النهاية، وهو يعني عدم العودة إلى المدخل لا نظما ولا غناء.
والمونولوج هو من أبرز القوالب الحديثة لفن الغناء العربي، وكان أول من قدمه الفنان الراحل سيد درويش، وذلك عام 1920.
وتكمن صعوبة فن المنولوج كفن غنائي أنه يعتمد علي قدرة الفنان على التمثيل وليس على الغناء، فالأداء الحركي والتمثيلي والقبول على المسرح هما المقياس الأساسي، وهذه هي الصعوبة التي تجعل الكثير من نجوم الغناء الكبار يبتعدون عن أداء هذا الفن.
أول مونولوج غنائي
استوحى سيد درويش المونولوج الغنائى من الآريا في الأوبرا الإيطالية، وفي عام 1920 ظهر أول مونولوج والذي حمل عنوان والله تستاهل يا قلبي وكان من لحن سيد درويش، ومن كلمات أمين صدقي، وذلك في أوبريت راحت عليك، وقد سجله سيد درويش بصوته وقدمته المطربة حياة صبري.
وخلال عامي 1924 إلى 1928، كتب أحمد رامي عددا من المونولوجات لأم كلثوم، ومن أشهرها: إن كنت أسامح للقصبجي، وقدم محمد عبد الوهاب مونولوج يشبه إن كنت اسامح يحمل اسم الليل لما خلى لأحمد شوقي وأهون عليك ولقد مثلا نقطة تحول في ألحانه.
وتوقف محمد عبد الوهاب عن تقديم "مونولوجات"، بينما أعاد الأخوان رحباني إحياءه مرة أخرى من خلال عدد من الأعمال الناجحة، وفي عام 1931 لحن زكريا أحمد مونولوج قدمته أم كلثوم، وقدمت كوكب الشرق آخر مونولوج والذي حمل اسم النوم يداعب جفونى عام 1938.
ومع مرور الوقت توارى هذا الفن في هدوء بينما استمرت القوالب الأخرى كالقصيدة والأغنية والموال ربما بسبب صعوبة تلحينه.
المونولوج الفكاهي
حينما انحسرت موجة المونولوج الغنائي فى أواخر الأربعينات من القرن الماضي ظهر نوع جديد من أنواع الغناء الساخر مصحوبًا بالألحان السريعة الخفيفة، والذي أطلق عليه المونولوج الفكاهي.
وارتبطت هذه التسمية بنجوم المسرح والسينما من الممثلين غير المطربين، على رأسهم اسماعيل يس ومحمود شكوكو وكذلك ثريا حلمي وسعاد مكاوي ومنير مراد تم اختزالها مع مرور الوقت إلى كلمة مونولوج فقط دون وصفها بالفكاهي وظلت مستخدمة للتعبير عن هذا النوع من الغناء.
والمونولوج الفكاهي أقرب للطقطوقة من ناحية النظم والبناء اللحني، ولكن أغراض المونولوج الفكاهي لم تخرج عن النقد الاجتماعي الساخر وتميز خفة الكلمة واللحن وجماهيرية موضوعاته، ولقد أصبح المونولوج الفكاهي فقرة أساسية في الحفلات العامة والخاصة وكذلك في السينما والمسرح بفضل النجوم الذين تألقوا في تقديم هذا الفن.
المونولوج المسرحي
وفي الستينات من القرن الماضي، ظهرت مجموعة جديدة من نجوم المونولوج على رأسهم أحمد غانم وسيد الملاح، الذي كان علامة في عالم المونولوج المسرحي، وكان ينتقد بعض العادات السيئة التي تنتشر في المجتمع، وخفت بريق نجوم المونولوج ثم ظهرت أجيال جديدة، وحمادة سلطان الذي لمع نجمه في حقبة السبعينات من القرن الماضي.
وخلال الفترة من عام 1967 إلى عام 1973 استطاع أن يكون قاعدة جماهيرية ويحجز مكانًا مستديمًا فى حفلات أضواء المدينة، وأطلق عليه أيضًا لقب صاروخ النكتة بسبب سرعته في إلقاء النكات، نكاته كان الكثير منها إسقاطًا على واقع الفرد المصري والعربي.
نجوم المونولوج الجدد
في فترة من الفترات ظهر عدد من نجوم المونولوج الجدد أبرزهم عادل الفار الذي بدأ مسيرته الفنية فى الثمانينيات بالعمل بالأفراح والملاهى الليلية ثم اتجه للعمل في السينما والتليفزيون، وفيصل خورشيد المونولوجست المصري، الذي شارك بالتمثيل في عدة مسلسلات وأفلام سينمائية ومحمود عزب الذي اشتهر منذ التسعينيات باسم عزب شو وقدم العديد من المونولوجات التي لا ينساها الجمهور الذي عاصره.
وبالرغم من النجاح الكبير الذي حققه هؤلاء المونولوجستات الجدد إلا أن المونولوج الفكاهى بدأ بالانحسار مع تقاعد نجومه الكبار ثم آل إلى الخفوت تدريجيًا ليطرح سؤالًا “هل انتهى زمن المونولوج؟”.
لماذا اختفى المونولوج؟
لعل اختفاء فن المونولوج الفكاهي يرجع في الأساس إلي اختلاف الزمن، واختلاف طبيعة الجمهور الذي تغيرت عاداته وطرق الترفيه التي يعتمد عليها، فضلًا عن التطور التكنولوجي الذي تغير معه كل شيء، فظهر نوع جديد من الفنون يدعي “ستاند أب كوميدي” وهو يشبه المونولوج في عدد من السمات ولكن لا تزال هناك فروق جوهرية بينه وبين المونولوج، ويمكن القول أن الشباب أصبح يفضل ؛ الـ “ستاند أب كوميدي” ويرونه “تريند” الذي أصبح “مفرخة” لعدد من نجوم الكوميديا على رأسهم طه دسوقي، والذي كان ولا يزال يقدم عروض “ستاند أب كوميدي” وهي تعتمد على وجود ممثل يقف منفردًا على المسرح ليتناول بحديثه مواضيع شتى بأسلوب ساخر ومضحك، وهو أقرب للمونولوج الحديث ولكنه يتحدث بلغة الشباب وأسلوبهم ولا يعتمد على إلقاء النكات بصورتها التقليدية المعتادة ولا يصحبون معهم فرقة موسيقية.
ومع تقدم آخر المونولوجات في العمر وعدم قدرتهم على مواكبة العصر خفت بريق ما يقدمونه، وخفت بريق من تبقى منهم وما زاد من انتهاء زمن المونولوج أن السينما والتليفزيون الذين كانوا يحتضونه أصبحوا لا يهتمون به كثيرًا، وبالتالي فقد المونولوج ومن كان يطلق عليهم مونولوجست عنصر دعم وترويج هام، وأصبح التريند حاليًا هو “الاستاند أب كوميدي”.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.