رئيس التحرير
عصام كامل

حتى يكون المشهد أقل دموية..


بعد بيان مجلس الوزراء، بتكليف وزارة الداخلية بالتعامل مع اعتصامي الإخوان في رابعة العدوية والنهضة، بات وللأسف فض هذين الاعتصامين بمثابة أمر واقع، ومسألة وقت لا أكثر ولا أقل.


أعلم جيدا أن حق الاعتصام مكفول، ولكن حينما يكون هذا الاعتصام سلميا، وما يحدث باعتصامي الإخوان في رابعة العدوية والنهضة لا يمس للسلمية بشيء، وتسبب في احتجاز وتعذيب وقتل العديد من المواطنين الأبرياء، ولكن علي الرغم من كل هذا كنت أتمني أن يكون الحل سياسيا وليس أمنيا.

فإن اختيار الحل السياسي بدلا من الأمني، كان سيجنبنا سيناريوهات كثيرة نحن في غني عنها، وأهمها تقمس الإخوان لدور الضحية، كما أنه سيمنع أيضا وقوع كارثة إنسانية ستؤدي إلي سقوط العديد من الأبرياء، وستؤدي إلي اهتزاز صورة النظام -الذي لم يكمل شهره الأول في السلطة- في نظر جزء من الشعب، وأخيرا فإن الحل السياسي كان سيؤدي إلي حل الأزمة من جذورها، علي العكس من الحل الأمني الذي سيؤدي وبالتأكيد إلي تفاقم الأزمة بصورة أكبر، وتعنت وإصرار الطرف الآخر علي موقفه، ولكن هذه المرة سيكون إصراره هذا بوسائل أكثر عنفا، حيث إن العنف يولد العنف.

ولكن وعلي أي حال، فنحن أصبحنا أمام قرار تم إصداره بالفعل، وبغض النظر عن الأسباب التي دفعتنا إلي الوصول إلي هذا القرار الصعب، فلا أحد يستطيع أن ينكر أن أي محاولة لفض اعتصامات الإخوان ستنتهي بكارثة إنسانية لسبيين أساسيين، أولهما أن الموكل إليه فض هذه الاعتصامات غير مؤهل لذلك، وسبق له أن تسبب في سقوط العديد من الأبرياء في مواقف قد تبدو مشابهة إلي حد ما، بسبب عدم تفريقه بين المتظاهرين السلميين وبين من يستخدمون العنف، أما السبب الثاني فيتمثل في طبيعة هذه الاعتصامات، والتي ثبت علي مدي الأسابيع الماضية، من خلال اشتباكها مع الأهالي أنها مسلحة، هو ما قد يؤدي إلي سقوط أبرياء آخرين من سكان المناطق التي تتواجد بها الاعتصامات، أو حتي من قوات الأمن.

وبالتالي، وللأسف فنحن كما سبق أن أشرت أصبحنا أمام واقع مرير، فقد تحولنا من مرحلة منع دموية المشهد إلي مرحلة التقليل من دمويته، ومن مرحلة منع حدوث الكارثة إلي مرحلة تحجيمها والتقليل من آثارها، ولذلك فإن أي محاولة لجعل المشهد أقل دموية تتطلب اتخاذ عدة خطوات من طرفي الأزمة.

فعلي وزارة الداخلية أن تلتزم ولو لمرة واحدة باتباع المعايير والآليات الدولية التي أقرتها المنظمات الدولية في مثل هذه الحالات، والمتمثلة أهمها في عدم استخدام القوة المفرطة في فض الاعتصامات، والحرص علي التفرقة بين من يستخدم العنف ومن يتظاهر بصورة سلمية، وعلي الطرف الآخر أيضا والمتمثل في قيات الإخوان ومن يديرون هذه الاعتصامات، أن يتخلوا عن أمانيهم وأهدافهم المتمثلة في وقوع مجزرة كبري تكسبهم تعاطف المجتمع الدولي، وأن يكفوا عن الدفع بمزيد من العزل في اشتباكات ومواجهات يعلمون جيدا أن نهايتها ستكون دموية.
nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية