الموت مرهون بخطوة، حكاية ألغام الجبال في تونس، المتفجرات إرث حركة النهضة والجماعات الإرهابية، الشعانبي وسمامة ممرات لدفن البشر على وجه الأرض
لم يكن الشاب عدنان المعموري هو الضحية الوحيدة للألغام التي زرعها الإرهابيون في تونس، بل سبقه، وسيليه، الكثيرون، وستظل الألغام، وقتا طويلا، تفتك بحياة المزيد من الشباب والأطفال.
هناك في عمق جبال غرب تونس الخضراء التي تحولت من مكان تنتشر فيه أنواع الأعشاب وتفوح منه رائحة الإكليل والزعتر وتتشابك في جوفه أشجار البلوط والفرنان، إلى حاضنة للأشباح الشريرة والجماعات الإرهابية التي جعلت من جبال سمامة وجبل المغيلة والشعانبي جحيمًا مزروعًا بألغام تحصد الأرواح، وتفتك بالأبرياء وتحرمهم من البحث عن قوتهم اليومي.
حادثة الشاب التونسي أعادت إلى الواجهة مأساة العشرات الذين أصيبوا أو فقدوا حياتهم بسبب انفجار الألغام في جبال محافظة القصرين غرب تونس، حيث انفجر لغم تقليدي قبل أيام في وجه الشاب الذي لم يتجاوز 18 سنة من عمره، حين كان بصدد جمع بعض النباتات الغابية لتوفير مستلزمات عودته المدرسية، مما تسبب في فقدانه إحدى عينيه وكف يده اليمنى.. فعدنان ليس أول ضحية لألغام الجبال بمحافظة القصرين، فقبله كان هناك عشرات الضحايا، بعضهم فقد حياته، والبعض الآخر فقد جزءًا من جسده. ولا توجد أرقام دقيقة عن ضحايا الألغام في جبال محافظة القصرين، لكن إحصائيات غير رسمية تقدر عددهم بالعشرات بين مدنيين وعسكرين، وذلك منذ عام 2011.
ضحايا الألغام في جبل المغيلة التونسي
وفي شهر مايو الماضي، فقدت شابة لم يتجاوز عمرها 28 سنة ساقها بسبب انفجار لغم بجبل المغيلة بالقصرين أيضًا، وفي شهر أبريل أدى انفجار لغم آخر إلى إصابة شاب بجبل السلوم في الجهة نفسها.
كذلك فقدت العام الماضي عائلة مكونة من خمسة أبناء، الوالد الذي راح ضحية انفجار لغم قرب المنطقة العسكرية المغلقة بجبل المغيلة.
حادثة مأساوية أخرى شهدتها المنطقة في عام 2021، حيث قتل شقيقان لم يتجاوز عمر أكبرهما 11 سنة، في حين أصيبت الأم بجروح بالغة، بينما كانوا ثلاثتهم يجمعون الحطب بالقرب من المنطقة العسكرية المغلقة، حيث انفجر لغم أرضي.. وفي عام 2021 قتل ما لا يقل عن أربعة جنود تونسيين في انفجار لغم تقليدي الصنع في جبل مغيلة بالقصرين خلال عملية تمشيط.
شبح مصير إخوان مصر يواجه فرع الجماعة في تونس
وقبل نحو 11 عاما، ومنذ 2012، في فترة حكم "حركة النهضة" لتونس، تحصنت جماعات إرهابية بجبال القصرين التي وفرت مأوى لهم، ومنطلقًا للتخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية عاشتها تونس، فاستخدموا الألغام كحصن لهم.. وشهدت المنطقة اشتباكات بين الجيش التونسي وإرهابيين زرعوها بألغام تقليدية الصنع وفق تقارير رسمية تونسية.
أنواع الألغام المزروعة في جبال تونس
وفي السياق، شرح الضابط السابق في الحرس الوطني التونسي علي الزرمديني أن "هناك أنواعًا عدة من الألغام، بعضها يستهدف البشر، وبعضها الآخر يستهدف المركبات والعربات، كما توجد ألغام تقليدية الصنع وأخرى حربية مصنعة".
وأشار الزرمديني إلى أن "تونس وقعت على اتفاقية دولية تقتضي نزع الألغام، فمنذ عهد الاستعمار كانت في تونس منطقة على حدودها الجنوبية مزروعة بالألغام، وضمن إطار الاتفاقية الدولية والتزام تونس بها، قامت السلطات في فترة التسعينيات بإزالة كل الألغام، وأصبحت تونس منذ ذلك الوقت إلى حدود عام 2011 خالية تمامًا من الألغام، لكن بعد ذلك التاريخ أصبح للإرهاب موطئ قدم في تونس وتمركز في الحدود الغربية للبلاد، بخاصة على سلسلة الجبال، حيث حصن الإرهابيون أنفسهم بزرع الالغام وإيجاد مناطق عازلة للدفاع عن أنفسهم".
وأضاف الزرمديني: "كلنا نعرف الوضع الذي عاشته تونس خلال تلك الفترة، من تسيب أمني غير مسبوق، مما مكن الإرهابيين من الحصول على الأسلحة والألغام بسهولة، ولم يكتفوا بذلك، بل صنعوا عبوات ناسفة تقليدية لذات الغاية والهدف. فقبل عام 2011 كانت تونس خالية تمامًا من الألغام، فحتى العمليات الإرهابية التي وقعت قبل الثورة وهي قليلة كانت عمليات مفتوحة أو عبر أحزمة ناسفة، فكان من الصعب في ذلك الوقت وضع الألغام لأن الدولة مسيطرة تمامًا على الميدان"، لكن في 2012، بحسب تقديره، "تمكن الإرهابيون من الميدان، بخاصة في المناطق الجبلية الغربية، حيث تمركز عناصر (جند الخلافة) و(كتيبة عقبة بن نافع)، وهما جماعتان إرهابيتان وجدتا في هذه الجبال ملاذًا للانطلاق في تطبيق مخططها الذي فشل بفضل استرجاع الدولة قوتها".
دور الإرهاب بتفخيخ المناطق الغربية في تونس
ويرى الزرمديني أن "دور الإرهاب تقلص في عملياته وإمداداته، لكن التهديد ما زال قائمًا وآثاره باقية إلى اليوم، ومنها هذه الألغام المزروعة وبعض الأفراد الذين يحاولون تنفيذ بعض العمليات المنعزلة".
عدد الألغام التي زرعها الإرهابيون بالمناطق الغربية بتونس، لا يزال مجهولا، لكن الخبراء يؤكدون أنها منتشرة بشكل واسع، وبسبب تحصن الإرهابيين فيها، أعلنت السلطات التونسية في أبريل 2014 "جبال "سمامة" و"الشعانبي" و"السلوم"، مناطق عسكرية مغلقة يمنع الاقتراب منها ويقوم الجنود بتمشيطها بشكل دوري.
وكانت وزارة الدفاع التونسية استنادًا إلى تقارير أولية، قد كشفت أن معظم الألغام التي انفجرت في مناطق جبلية عدة هي "ألغام بدائية الصنع وضعت بطريقة احترافية من قبل عناصر إرهابية".
وقد انفجرت العديد من الألغام خلال نشوب بعض الحرائق في الجبال خلال السنوات الماضية. وقام الجيش الوطني في مناسبات عدة بتمشيط هذه المناطق من أجل إزالة الألغام.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.