أفريقيا في عين العاصفة.. “إيكواس” تتوعد بالتدخل العسكري لإفشال انقلاب النيجر وتهدد بوضع القارة السمراء على برميل بارود
أفريقيا في عين العاصفة
“إيكواس” تتوعد بالتدخل العسكرى لإفشال انقلاب النيجر وتهدد بوضع القارة السمراء على برميل بارود
خبراء: صراع روسى فرنسى كبير فى الساحل الأفريقى.. وهذه سيناريوهات الخروج من الأزمة
حالة من الضبابية تسيطر على المشهد داخل النيجر بعد انقلاب الجنرال عبد الرحمن تشيانى رئيس المجلس العسكرى على الرئيس المنتخب محمد بازوم وسيطرته على السلطة.
وارتفعت أصوات الدول والمنظمات المطالبة بالعودة عن هذه الخطوة، إلا أن هناك منظمة بالتحديد يطلق عليها الـ"إيكواس" وتضم 15 دولة أفريقية ويقع مقرها الرئيسى فى نيجيريا برز اسمها خصوصا بعد تهديدها بالتدخل عسكريا فى حالة عدم عودة النظام الدستورى فى نيامى.
وللصراع الدائر فى النيجر تداعيات وأبعاد دولية وجيوسياسية أيضًا، إذ يبدو أن النفوذ الفرنسى فى أفريقيا يمر بأوقات صعبة للغاية على عكس روسيا التى استطاعت وضع قدمها فى العديد من الدول التى كانت تهيمن أوروبا وأمريكا وفرنسا عليها.
لماذا حدث الانقلاب؟
من جانبه، يوضح السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن ما يحدث فى النيجر يمكن إرجاعه إلى ثلاثة أسباب، أولها الصراعات الداخلية، فمن يتولى السلطة فى العديد من الدول الأفريقية هو من يتحكم فى الثروة، لذلك تصبح السلطة مطمع للكثير من القادة سواء السياسيين أوالعسكرين.
كما أن الرئيس المنتخب محمد بازوم ينتمى إلى أقلية لا تتجاوز نسبتها الـ1.5% من إجمالى تعداد سكان النيجر، فبالتالى لا يمتلك بازوم دعما أو "عزوة كبيرة"، لافتا إلى أن الدعم أو العزوة التى كان يكتسبها رئيس النيجر قبل الانقلاب عليه ترجع إلى المبادئ والبرنامج الانتخابى الذى قدمهم للشعب قبل الوصول إلى السلطة.. مستشهدا بأن بازوم لم يجد من يسانده بعد الانقلاب عليه، كما أشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أنه فى حالة انتماء أحد القادة بأفريقيا لقبيلة كبيرة، يتم أخذ ذلك فى الاعتبار، إضافة إلى المستوى الدولى، والذى يتلخص فى الصراع الروسى الفرنسى على النفوذ فى منطقة الفرانكوفونية خاصة على موارد مثل «اليورانيوم» الذى تستورده باريس.
وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق أن موقف الدول الأفريقية تمثل فى محورين، الأول: كان موقف منظمة الاتحاد الأفريقى والتى أدانت الانقلاب العسكرى وأمهلت جيش النيجر 15 يوما لإعادة السلطة الدستورية وهددت بإجراءات عقابية، فالمادة الرابعة من قانون المنظمة يرفض أي تغيير غير دستورى للحكومات وتشترط عودة النظام المنتخب أو إجراء انتخابات ديمقراطية لاختيار رئيس منتخب جديد يتوافق عليه المواطنين.
فيما تمثل المحور الثانى فى موقف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والتى يطلق عليها "إيكواس"، وهددت للمرة الأولى، وفى مشهد فريد من نوعه بالتدخل عسكريا لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم.
موقف الـ"إيكواس"
وأوضح رخا حسن أن موقف مجموعة الـ "إيكواس" يمثل تحدى صعب للقوات العسكرية التى استولت على النظام فى النيجر، مشددا على أن هذا التحدى يعتبر سابقة فى تاريخ أفريقيا وبسبب هذا الموقف علقت سلطات النيجر عمل 4 سفراء وهم فرنسا والولايات المتحدة وتوجو والدولة الرابعة هى نيجيريا التى تعد من أقوى دول مجموعة الـ "إيكواس" وأكبر الدول الأفريقية من حيث الكثاقة السكانية إذ يبلغ تعداد سكانها نحو 222 مليون نسمة.
وتصور مساعد وزير الخارجية الأسبق أنه سيكون من الصعب أن تتدخل مجموعة الـ"إيكواس" عسكريا فى النيجر، لافتا إلى أن هناك أطرافا ستنصحهم بعدم استخدام القوة، لأن هذه الخطوة ستمثل حينها تدخلا عسكريا خارجيا فى شأن داخلى، كما أن هذا سيعد تجاوز لمنظمة الاتحاد الأفريقى.
واستطرد رخا: "إيكواس هى مجموعة اقتصادية قوية ومنظمة إقليمية أيضًا وتعد من أكبر 3 منظمات إقليمية تتواجد فى قارة أفريقيا"، مشيرا إلى أن هناك 8 دول فى المجموعة قامت بتوحيد عملتهم لـ"الفرانك الأفريقي" كما يتم التبادل التجارى بينهم بعملة موحدة، بالإضافة إلى أنها تضم العديد من الدول التى لديها موارد طبيعية هائلة مثل البترول والماس واليورانيوم، و"كون دول مجموعة الإيكواس تمتلك علاقات قوية مع الولايات المتحدة أو تعاونا مشتركا معها لا يعنى تبعية المجموعة لواشنطن"، مشيرا إلى أنها منظمة إقليمية تتكون من مجوعة دول أفريقية.
الموقف الفرنسى
وعن الأصوات المنددة بفرنسا داخل شارع النيجر، قال رخا إن فرنسا تُتهم بأنها دولة احتلال وتستغل الموارد الطبيعية فى النيجر وتستورد اليورانيوم بأسعار زهيدة، وباعتبارها أيضًا دولة استعمارية قديمة فينظر لها على أنها تفرض نفسها فى الشئون الداخلية للدولة وتساعد النظام الذى يخدم مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية سواء صادرتها التجارية إلى النيجر أو وارداتها من الموارد الطبيعية خاصة اليورانيوم.
وبالتالى لن يكون هناك دعم من داخل النيجر إلى باريس، ومن يدعمها سيتهم آنذاك بالتعاون من الاحتلال، مشيرا إلى أن كل هذه الأسباب هى ما يجعل الكفة تميل إلى صالح روسيا التى يؤيدها العديد من قادة وعناصر الجيش فى النيجر، وفى مثل تلك الحالات وأقصد الانقلابات، يتم التوافق على التصالح والخروج الآمن من خلال تقديم ضمانات للرئيس محمد بازوم وخروجه إلى دولة ثانية أو ابتعاده عن السلطة والسياسة أو تحديد موعد لانتخابات جديدة فى البلاد.
نتائج الحرب الروسية الأوكرانية
وشدد مساعد وزير الخارجية الأسبق على أن ما نشهده من حالة احتدام الصراع فى منطقة الساحل يعتبر أحد نتائج الحرب الروسية الأوكرانية، لافتا إلى أن العالم دخل فى حالة من الصراع الدولى بسبب الأزمة الأوكرانية.
وأكد أن حرب روسيا وأوكرانيا ساعدت فى احتدام الصراع فى مناطق النفوذ من ناحية والموارد الطبيعية من ناحية أخرى، بالإضافة إلى مفهوم الحرب الباردة من ناحية ثالثة والذى يعد هذا الصراع من أحد مشاهدها، كما أن هناك حالة كبيرة من الاستقطاب بين القوى العظمى فى العالم.
واختتم مساعد وزير الخارجية الأسبق حديثه قائلا: "ما نشهده حاليا هو مرحلة فى تعدد مراكز القوى فى العالم وصراع على مناطق النفوذ"، مشددا على أن روسيا استطاعت وضع قدم لها فى العديد من الدول بالمنطقة التى كانت تهيمن عليها أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية.
أبعاد أحداث النيجر
من جانبه، قال الدكتور أحمد سيد أحمد خبير العلاقات الدولية فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، إن الأحداث التى شهدتها النيجر ستمثل أهمية كبيرة ربما لخلاف الانقلابات أو الأحداث العسكرية والسياسية التى شهدتها دول مثل بوركينا فاسو ومالى وأفريقيا الوسطى وغيرها.
وأوضح “سيد”، أن انقلاب النيجر يكتسب أبعاد داخلية وخارجية وإقليمية فى ظل ما تعكسه حالة الاحتدام والتنافس والاستقطاب بين القوى الكبرى خاصة بين روسيا وفرنسا، بالإضافة إلى التنافس على المستوى الإقليمى، فهناك دول أفريقية أعلنت تأييد القوات العسكرية فى النيجر مثل بوركينا فاسو ومالى وأفريقيا الوسطى وغينيا بيساو، وهناك أخرى رفضت مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس» والتى أمهلت المجلس العسكرى أسبوع لإعادة السلطة لمحمد بازوم مرة أخرى، بالإضافة إلى مجلس السلم الأفريقى الذى أعطى المجلس العسكرى مهلة أسبوعين لإعادة الأمور إلى طبيعتها.
وأضاف الخبير فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: "هناك اتجاهان متناقضان، واحد يدعم عودة بازوم ويتمثل فى الاتحاد الأفريقى والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "الإيكواس" وفرنسا وأوروبا والولايات المتحدة، واتجاه آخر يدعم المجلس العسكرى فى النيجر أبرز ممثليه هم روسيا التى أعلنت عن رفض أي تدخل خارجى فى شئون النيجر بالإضافة إلى عدد من الدول الأفريقية التى شهدت حالات مماثلة".
وأكد أن موازين القوى بين الجانبين هى ما سيحسم مصير الأحداث فى النيجر، لكن حتى الآن هناك مخاطر وتداعيات كبيرة لأى تدخل عسكرى خارجى فى النيجر قد يفجر حربا إقليمية في المنطقة، مشيرا إلى أن الحل العسكرى لن يكون الخيار الأمثل، خاصة أن إيكواس تدخلت من قبل فى دول بغرب أفريقيا، وكانت لاعتبارات خاصة، لكن فى هذه الحالة هناك حالة كبيرة من الاستقطاب فى النيجر، بالإضافة إلى وجود رفض دولى وإقليمى للتدخل العسكري.
وأوضح أحمد سيد أحمد أن هناك صراعا أوروبيا أمريكيا وروسيا كبيرا على النفوذ فى منطقة الساحل والصحراء، مشيرا إلى أن دول الساحل تسمى بالحديقة الخلفية لفرنسا نظرا إلى فترة استعمارها لها، وكانت الأخيرة تمتلك نفوذا كبيرا فى هذه المنطقة، وتعتمد بقوة على مصادرها الطبيعية، إلا أن النيجر أصبحت تمثل آخر معاقل باريس فى تلك المنطقة، فقد خسرت بوركينا فاسو ومالى وأفريقيا الوسطى، وبالتالى لم يعد لها وجود بالمنطقة، وذلك فى مقابل تمدد النفوذ الروسى وزيادة تواجده العسكرى.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.