خبير اقتصادي يكشف تأثير استمرار رفع الفائدة الأمريكية على أدوات الدين في مصر
رفع الفائدة ، قال الدكتور علاء رزق، الخبير الاقتصادى ومدير المركز الاستراتيجي للتنمية أن محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لشهر يوليو الماضي أشار إلى أن الزيادة التي أقرها في اجتماعه الأخير، جاءت ضمن جهوده لترويض التضخم الذي رغم تباطئه لا يزال بعيدًا عن مستهدف المركزي الأمريكي عند 2 بالمئة، في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي اعتدالًا وان هناك إمكانية لرفع الفائدة مرة أخرى، بعد أن قام الفيدرالي برفع أسعار الفائدة في يوليو ربع نقطة مئوية إلى نطاق بين 5.25% و5.5% وهو الأعلى منذ 22 عامًا، وذلك بعد أن توقف مؤقتًا في يونيو الماضي للمرة الأولى منذ 15 شهرًا، ليمثل قرار يوليو الزيادة الحادية عشرة منذ مارس 2022.
الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الأمريكية تهديدًا كبيرًا لاقتصادات الأسواق الصاعدة
رفع الفائدة، وأضاف فى تصريح خاص لفيتو: أظهرت التوقعات الفصلية التي تم تحديثها مؤخرًا في يونيو أن معظم المسؤولين في ذلك الوقت فضلوا زيادتين إضافيتين في عام 2023، في حين قال رئيس الفيدرالي جيروم باول: نعتزم مرة أخرى إبقاء السياسة مقيدة حتى نتأكد من أن التضخم ينخفض بشكل مستدام إلى هدفنا البالغ 2 بالمئة، ونحن مستعدون لمزيد من التشديد إذا كان ذلك مناسبا وبالتالي فقد يشكل الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الأمريكية تهديدًا كبيرًا لاقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ومنها مصر، حيث أن تأثير تشديد السياسة النقدية الأمريكية على الأوضاع المالية والنواتج الاقتصادية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية من المرجح أن يكون أشد حدة، بالنظر إلى العوامل التي تقود دورة التشديد.
رفع سعر الفائدة يؤثر على أدوات الدين
وأكد أن رفع سعر الفائدة يؤثر على أدوات الدين، بفعل التأثير على مؤشر الدولار والفارق بين الجنيه المصري والعملة العالمية الخضراء، إضافة لصعوبة الموقف من ناحية التصريف الائتماني، لكن فيما يخص فكرة ربط حتمية رفع الفائدة في مصر بناءً على رفعها عالميًا ليس بتوقع صحيح فالأمر مرتبط بعوامل مختلفة بحسب الشأن الداخلي للدولة، وبالتالي فإن الزيادة الجديدة في أسعار الفائدة ستجعل اقتراض الأموال أكثر تكلفة للعديد من الدول والمؤسسات، كما أنها قد تجذب أيضا الأموال نحو الولايات المتحدة من البلدان ذات معدلات الفائدة المنخفضة، بجانب أنها يمكن أن تجعل الدولار الأمريكي أكثر قيمة، وهذا يمكن أن يتسبب في تراجع الاستثمار والإنفاق في الولايات المتحدة.
تأثير قرار رفع الفائدة في الولايات المتحدة على إحداث ركود اقتصادي واسع
وتابع: تصاعدت المخاوف من تأثير قرار رفع الفائدة في الولايات المتحدة على إحداث ركود اقتصادي واسع، بعد تقارير أشارت إلى تباطؤ مبيعات سوق العقارات، وانخفاض ثقة المستهلكين، وارتفاع مطالبات إعانات البطالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أقرّ بأن قطاعات من الاقتصاد تتباطأ، لكنه قال إنه من المرجح أن يواصل البنك رفع أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة على الرغم من المخاطر ومع التأكيد على أن معدل البطالة يبدو منخفضا في الولايات المتحدة، ولكن مع زيادة معدل الفائدة، قد يفقد الكثير من الناس وظائفهم وقد تفقد العديد من الشركات استثماراتها، وخاصة أولئك الذين يعملون في أسواق العقارات وغيرها من الأسواق الحساسة مهددون بالفعل لفقد الكثير من الوظائف.
تقويض جاذبية أدوات الدين المحلي
وأشار إلى إمكانية أن تؤثر الخطوة الأمريكية برفع معدل الفائدة على الاقتصادات الناشئة التي لا تعد بمعزل عن جملة الأحداث التي تشهدها الساحة العالمية، والتي يأتي على رأسها تقويض جاذبية أدوات الدين المحلي، حيث يمثل قرار البنوك المركزية الكبرى برفع أسعار الفائدة مخاطرة بالنسبة للأسواق الناشئة بسبب احتمالية تقويض جاذبية أدوات الدين المحلية التي تطرحها الدول، إذ يهرع المستثمرون إلى الاقتصادات المتقدمة مع بدء رفعها لأسعار الفائدة، مما يؤدي إلى نزوح استثمارات الأجانب من الأسواق الناشئة.
كما تتضمن التداعيات تزايد احتمالية رفع الفائدة في باقي اقتصادات العالم، فغالبا ما تقرر الكثير من الدول رفع أسعار الفائدة بالتبعية عقب اتخاذ الفيدرالي الأمريكي لتلك الخطوة.
سعر الفائدة عالميًا مؤثرا بصورة سلبية على الاقتراض الداخلي للحكومات
وواصل حديثه قائلا: من الممكن أن يكون رفع سعر الفائدة عالميًا مؤثرا بصورة سلبية على الاقتراض الداخلي للحكومات بهدف سد عجز الموازنة، الأمر الذي سيؤدى إلى زيادة أعباء الدين الداخلي نتيجة ارتفاع تكلفة الاقتراض الحكومي، وكذلك تحجيم التوسعات الصناعية والاستثمارية والشركات نتيجة رفع سعر الفائدة على الاقتراض،وما نؤكد عليه أن البنك الفيدرالي الأمريكي يواجه مشكلات بعد الأزمات المالية التي تسببت في انهيار 3 بنوك أمريكية، حيث كان السبب الرئيسي في هذه الانهيارات هو رفع سعر الفائدة، كما أنه قد يتم رفع الفائدة في حدود 25 نقطة؛ من أجل كبح التضخم، وهو الأمر الذي سيكون له انعكاسات على الأسواق المالية حول العالم.
نزوح مبالغ كبيرة من استثمارات الأجانب من الأسواق الناشئة إلى السوق الأمريكي
ومن المتوقع أن يؤدي رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى نزوح مبالغ كبيرة من استثمارات الأجانب من الأسواق الناشئة إلى السوق الأمريكي مع ارتفاع أسعار العائد المتوقع على السندات الأمريكية. مع توقع أن تتأثر استثمارات الأجانب في أدوات الدين بالأسواق الناشئة سلبا بتداعيات الرفع المرتقب لأسعار الفائدة الأمريكية واقتراب إنهاء برنامج شراء الأصول.كما أنه من المتوقع أيضًا أن يبدأ ظهور هذه التداعيات على نهاية العام الحالي أو مع أول العام الجديد 2024. مع احتمالية أن تنخفض الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية بنسبة 30% من القيمة الحالية لها، ولكن ذلك لن يؤثر بشكل ملحوظ على سعر صرف العملة. ونرى استعداد مصر لمثل هذه التداعيات في الوقت الحالي من خلال امتلاك احتياطي ثانوي من النقد الأجنبي ووجود فائض من الأصول الأجنبية لدى البنوك، كما أن مصر مرت بمثل هذه التجربة مرتين في عامي 2018 و2020 بسلام ودون تأثير ملحوظ.