رئيس التحرير
عصام كامل

الحرب أعادت السودانيين إلى العصور الوسطى، 6 ملايين مهددون بمجاعة، الموت ينتظر 14 مليون طفل، وتحلل الجثث في الشوارع ينذر بتفشي الطاعون

 البيوت الطينية،
البيوت الطينية، فيتو

بمزيد من الحسرة والألم، يمكن القول إن الحرب في السودان، أعادت سكانه إلى العصور الوسطى، حيث السكن في البيوت الطينية، واستخدام الوسائل البدائية للبقاء على قيد الحياة، فيما باتت المجاعة تهدد نحو 6 ملايين سوداني، وانتشرت الجثث في الشوارع، بعد العجز عن دفنها؛ ما ينذر بانتشار الكوليرا والطاعون، ويعاني نحو 14 مليون طفل من سوء التغذية؛ ما يضعهم على حافة الموت.

اقرأ أيضا: الأمم المتحدة: 4 آلاف قتيل من بينهم 435 طفلا في الحرب السودانية حتى الآن

قديما، كانت لبيوت الطين سمعتها الرومانسية ويتعلق بها من عاش فيها ردحًا من الزمن، وفارقها حين انتقل إلى بيوت حضرية مبنية من الأسمنت والخرسانة، سواء أكان في المنطقة ذاتها أو إلى منطقة يغلب عليها البناء المعماري الحديث.

 

 

الأحياء القروية

وتعتبر الأحياء القروية في بعض ولايات السودان مناطق جذب لكثيرين بخاصة في مواسم الأعياد والإجازات، يقصدها سكان المدن الكبيرة الذين يفضلون قضاءها مع عائلاتهم، ولكن ظروف الحرب في السودان فرضت واقعًا آخر وهو أن تكون تلك البيوت هي الملجأ من نار الحرب.

البعض كانت هذه هي المرة الأولى التي يشاهد فيها أطفال وشباب فارين مع ذويهم من الحرب، بيوت الطين التقليدية، حيث حكى عديد منهم عن تجربة فريدة، نشروها موثقة بالصور والفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، أما الصورة الكاملة فهي لأحواش فسيحة تتخللها هذه البيوت التي يحرص بانيها على تخطيط اتجاه أبوابها ونوافذها الضيقة باتجاه الرياح حتى تسمح بتمرير الهواء، وتحيط بها الأشجار وتحوم حولها الحيوانات الأليفة.

 

وربما لا يقتصر الأمر على الأقاليم البعيدة وحدها، ففي العاصمة الوطنية أم درمان تقف بعض بيوت الطين القديمة التي ارتبط وجودها بأشهر المباني التاريخية في السودان شاخصة، وتسمى تلك المباني "الطوابي" وهي مواقع عسكرية مكونة من 17 طابية بُنيت في آواخر القرن التاسع عشر من الطين كحال المباني والمساكن في ذاك الزمان، في عهد الدولة المهدية ولا تزال صامدة حتى الآن.

 

"البقعة المباركة"

ويعود اختيار موقعها إلى أنه عندما جاءت قوات محمد أحمد المهدي من "الجزيرة أبا" التي تقع في المنطقة الغربية من النيل الأبيض، وبدأت حصار الخرطوم في 13 مارس 1884 ثم قتلت الحاكم الإنجليزي العام على السودان تشارلز غردون في 26 يناير 1885، رفض المهدي أن يبني عاصمة دولته في الخرطوم لأنه كان يرى أنها عاصمة المحتل واختار أم درمان على الضفة الغربية من النيل، وأطلق عليها اسم "البقعة المباركة"، ومنذ ذلك الوقت باتت العاصمة الوطنية.

 

طالع للمزيد: منظمة: فرار أكثر من مليون شخص من السودان منذ بدء الصراع

وتعد "الطوابي" هي مواقع حصينة استخدمها قناصة جيش زعيم الثورة المهدي لصد الهجمات التي كان يشنها المستعمر الإنجليزي، حيث شُيدت متراصة ومواجهة للنيل على شكل خندق وبها فتحات عليها أبراج عدة استُخدمت للمدفعية.

 

 

 وبحسب ما جاء في مجلة الاتحاد العام للآثاريين العرب "كانت من ضمن الاستعدادات التي قام بها الخليفة عبدالله التعايشي نائب المهدي للدفاع عن مدينة أم درمان مقر حكمه، وأنشأها في مناطق مختلفة في الخرطوم وأم درمان والمناطق المحيطة بهما، وشيدت الطوابي من التراب والطين على أساسات من الأحجار، واتخذت إما شكلًا مستديرًا أو مستطيلًا ذو جناحين، وفتحت بها فتحات للمراقبة والمدافع وأخرى للبنادق، ولا يزال العديد منها باقيًا".

 

العودة إلى الحياة البدائية، فيتو

وتوجد المنطقة ضمن نطاق الحرب التي قال فيها رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في روايته "حرب النهر" التي تحكي قصة هذه المعركة التاريخية "إن النيل له اليد الطولى وأنه سبب الحرب، ومن خلاله نحارب وهو النهاية التي نرغبها".

 

أرض الطين

يشتهر السودان بأنه أرض الطين، فالتربة السوداء عالية الخصوبة في الزراعة تتكون من مواد تجعلها متماسكة عند خلطها بالماء وتكون صالحة للبناء أيضًا، ويُستخدم مصطلح "الطين" للإشارة إلى "طين التربة"، وهناك العديد من أشكال الطين كمادة للبناء أشهرها طين اللبن، ويتكون من خلط الماء بمزيج من التربة والطمي، وهو المزيج المفضل الذي يستخدم بالضرورة كمواد بناء.

 

 

والطين له شكلان رئيسيان، الطوب والطين أو الطوب المجفف بالشمس، وهي عملية تقوم بها فرق من العمال برفع الطين من الأرض وضغطها في قوالب مستطيلة الشكل ووضعها في الشمس والهواء حتى تجف.

من جانب آخر، قالت المنظمة الدولية للهجرة، الثلاثاء، إن ما يقدر بأكثر من مليون شخص فروا من السودان إلى دول مجاورة منذ اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في منتصف أبريل.

 

وحسب أحداث الإحصائيات الأسبوعية التي نشرتها المنظمة، تسبب الصراع في عبور مليون و17449 شخصا للحدود من السودان إلى الدول المجاورة، بينما تشير التقديرات إلى نزوح ثلاثة ملايين و433025 داخل البلاد.

المجاعة

جاء ذلك بالتزامن مع تحذير أطلقه منتدى التنسيق العالمي الأساسي للأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، من أن أكثر من 6 ملايين شخص في السودان على بعد خطوة واحدة من المجاعة.

وكشف المنتدى عن فرار أكثر من 4 ملايين شخص بسبب الاقتتال المتواصل في السودان منذ منتصف أبريل.

 

ويوجد أكثر من 14 مليون طفل في السودان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وفقا المنتدى.

والآن، وبعد قرابة أربعة أشهر على اندلاع المواجهات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أصبحت الجنازات شبه مستحيلة. وبين الفوضى يقول السكان والجماعات الطبية المحلية إن الجثث ملقاة في الشوارع حيث بدأت بالتحلل محاطة بقتال لا تبدو ملامح انتهائه في الأفق القريب.

 

اقرأ كذلك: لاجئو السودان يتجاوزون المليون والأمم المتحدة تحذر من خروج الوضع عن السيطرة

وتتوافر بيانات محدودة حول عدد الضحايا في النزاع القائم بالسودان، وذكر وزير الصحة، هيثم محمد إبراهيم، في يونيو، إن الاشتباكات خلفت أكثر من ثلاثة آلاف قتيل، لكن هذه الحصيلة لم يتم تحديثها بعد ذلك، ومن المتوقع أن تكون أكبر بكثير، وفق ما ذكره أطباء وناشطون محليون لوكالة أسوشيتد برس.

ولم توفر أي جماعة طبية حصيلة لعدد الجثث غير المدفونة بالأخص مع اكتشاف مقابر جماعية وعمليات قتل لجماعات عرقية في إقليم دارفور جنوبي البلاد. 

 

 ساحة معركة

ولقى معظم المدنيين في العاصمة مصرعهم في تبادل لإطلاق النار لتتحول المدينة الهادئة إلى ساحة معركة، بحسب نقابة الأطباء السودانيين. في حين توفي آخرون لعدم تمكنهم من الحصول على أدوية أساسية، بينما ذكرت تقارير أن بعضهم توفوا من الجوع بسبب إطلاق النار الذي سجنهم من الخروج للحصول على الطعام. 

 

 

وأكد عدد من المتحدثين أن الوصول إلى أي من مقابر العاصمة التي يقدر عددها بحوالي 24 أصبح مستحيلا، عندما أرادوا دفن أفراد عائلاتهم أو أصدقاءهم أو أولئك الذين تمت محاصرتهم.

 

الطلاب عالقون

وبات أكثر من 100 طالب في جامعة الخرطوم عالقين، عندما اندلع النزاع، في 15 أبريل الماضي، وتعرض الطالب خالد حينها لطلقة بصدره تسببت بمقتله في وقت قصير لاحقا، بحسب ما ذكر زميله للوكالة.

وأكد، شريطة عدم الكشف عن اسمه خوفا من أن يتم استهدافه: "جررنا جثته للطوابق السفلى (من المبنى) لمنع تحللها". 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية