الشيخة سميعة.. ثلاث سنوات على رحيل سيدة الإقراء.. وماذا فعلت النساء بدولة التلاوة؟!
مهلًا مهلًا، لا تندهش ولا تتعجب؛ فلا خطأ في العنوان، ولا لبس في الفهم، ولا ارتباك في الصياغة، كل شيء على ما يُرام، العنوان صحيح، وفهمك صائب، ولكن الغائب دائمًا وأبدًا هو إنصاف أهل القرآن الكريم الحقيقيين إعلاميًا، والاحتفاء بهم رسميًا.
منذ أيام قليلة.. حلت الذكرى الثالثة للشيخة سميعة البناسي، التي ينظر إليها من أهل العلم والاختصاص باعتبارها أبرز محفظات ومقرئات القرآن الكريم في زمنها؛ حيث حفظ على يديها عشرات الرجال والنساء بالقراءات المختلفة، وكانت –كما تقول العرب- علمًا في رأسه نار؛ فقد نعاها يوم رحيلها الأزهر الشريف ونقابة محفظي وقراء القرآن الكريم ببيانات اعترفت بأستاذيتها وعلو كعبها في تحفيظ وإقراء القرآن الكريم.
قصة إنسانية يجب أن تُروى
قصة الشيخ "سميعة" قصة إنسانية بامتياز، تضافرت فيها جميع مقومات الإرادة والتحدي والقدرة على اجتياز الصعاب في صمت عجيب وقوة فولاذية لا تلين ولا تضعف.
اقرأ أيضا:
المدرسة الشعبية.. اللهو الخفي الذي أسقط دولة التلاوة المصرية بالضربة القاضية.. وما علاقة نكسة 1967؟
وُلدت "سميعة بإحدى قرى محافظة المنوفية في الثامن عشر من شهر مايو العام 1930 كفيفة لم تر بعينيها شعاع نور في هذه الدنيا، ولكنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
نزع الله من "سميعة" نعمة البصر، ولكنه أفاض عليها بنعم أخرى لا تُعد ولا تُحصى، حيث اختصَّها بمواهب متدفقة، تجسَّدت في قدرتها الفائقة على الحفظ والفهم والاستيعاب بسهولة ويسر. وهب أبو الطفلة الكفيفة صغيرته لحفظ القرآن الكريم، فأتمت حفظه وهي ابنة أحد عشر عامًا.
اقرأ أيضا:
جنون المشايخ.. قراء القرآن الكريم على خُطى الفنانين لتحقيق الشهرة بأقصر الطرق وركوب الترند
لم تكتفِ "سميعة" بحفظ مُحكم التنزيل، بل ظلت نفسها الطيبة توَّاقة لأبعد من ذلك، فتعلمت القراءات المختلفة وأتقنتها على يد معلمها وشيخها محمد العنوسي الذي كان يتباهى بها وبموهبتها الاستثنائية والأخَّاذة، ويتوقع لها مستقبلًا مبهرًا.
اقرأ أيضا:
شيخ الأزهر ينعى أقدم محفظة للقرآن: نموذجا لامرأة أخلصت النية
عندما أتمت "سميعة" عامها السابع والعشرين، وبعدما اكتسبت خبرة هائلة في تحفيظ القرآن الكريم للأطفال، تفرغت لتعليم فئات عمرية أكبر القرآن الكريم بثلاث قراءات هي: "حفص"و"رش" و"حمزة".
اقرأ أيضا:
مشيخة المقارئ ونقابة القراء تنعيان الشيخة سميعة بكر البناسى
قِبلة للحفاظ والمتعلمين من داخل مصر وخارجها
خلال فترة قصيرة جدًا.. كان يفد على السيدة الكفيفة من داخل مصر وخارجها المئات من الراغبين في الحصول على الإجازة في القراءات الثلاثة المذكورة آنفًا، وظل دارها مقصدًا لأهل القرآن عامًا وراء عام، حتى بلغت من العمر تسعين عامًا، لتنتقل إلى الرفيق الأعلى راضية مرضية بإذن ربها.
كما وهبها أبوها للقرآن الكريم، فإن "سميعة" وهبت نفسها للقرآن الكريم أيضًا، وتفرغت تمامًا لإتمام رسالتها النبيلة، فلم تنشغل عنها بزواج ولا أبناء، وظلت على العهد، حتى جاءها أجلها، بعدما بلغت في حُب القرآن الكريم وحفظه وتحفيظه وإقرائه ما لم يبلغه صناديد الرجال.
و نعاها المجلس القومي للمرأة أيضًا، حيث عبرت رئيسه الدكتورة مايا مرسي عن حزنها يوم رحيلها، مؤكدة أنها "نموذج مشرف للمرأة المصرية المخلصة القادرة على التغلب على كافة الظروف الصعبة وتحويلها إلى نجاح".
وقالت "مرسي" في نعيها للشيخة "سميعة": "على الرغم من أنها وُلدت بإعاقة بصرية إلا أن ذلك لم يمنعها من حفظ القرآن ، كما كرست حياتها لتحفيظه، وأصبحت رمزاً يأتي إليه طلاب العلم من الرجال والنساء والحفظة من داخل مصر وخارجها ليتعلموا منها".
يوم في حياة سيدة الجنة
كان يوم الشيخة "سميعة"، أو "سيدة الجنة"، كما كان يناديها جيرانها ومعارفها وتلاميذها، قرآنيًا بامتياز؛ ففي الصباح تُقريء تلاميذها، وفي المساء تقرآ في العزاءات بصوت جميل رصين، كان يجذب المعزين والمعزيات على السواء، وفي الليل تقرأ وردها القرآني الطويل الذي يشمل بضعة أجزاء؛ ومن أجل ذلك كله وغيره حظيت باللقب الكريم وهو "سيدة أهل الجنة"، فضلًا عن تعبيرات أخرى عظيمة وردت في نعي الأزهر الشريف لها، وكذلك نعي نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم يوم رحيلها.
اقرأ أيضا:
محافظ كفر الشيخ يكرم الفتاة قارئة القرآن أمام الرئيس السيسي | صور
الأزهر الشريف: امرأة أخلصت النية
عند وفاتها قبل ثلاث سنوات بالتمام والكمال، نعى الأزهر الشريف الشيخة "سميعة" التي رحلت عن دنيانا بعدما أتمَّت رسالتها عن عمر ناهز تسعين عامًا، حيث قال شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب يومئذ: "رحم الله الشيخة سميعة بكر البناسي، أقدم محفظة للقرآن، كانت نموذجًا لامرأةٍ أخلصت النية، ولاقتْ ربها بعد أن كرَّست حياتها لخدمة كتاب الله، اللَّهم اجعل القرآن شفيعًا لها، وعاملها بفضلك وكرمك، يا أرحم الراحمين».
النقابة: كانت عابدة زاهدة نقية تقية ورعة
كما نعت نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم من خلال بيان منسوب إلى نقيبها الحالي الشيخ محمد حشاد الشيخة "سميعة"، جاء فيه: «الراحلة عوَّضها الله تعالى بنعمة البصيرة عوضًا عن نعمة البصر، تلك العابدة الزاهدة التقية النقية الورعة التي وهبت نفسها وحياتها كلها لله تعالى، ولخدمة القرآن الكريم، مما جعلها لا تتزوج، حيث فاضت روحها الطاهرة إلى بارئها اليوم بعدما نطقت الشهادة».
اقرأ أيضا:
10 معلومات عن قارئة القرآن بافتتاح مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي بحضور السيسي
وأكمل البيان: "لقد كانت الراحلة الكريمة من أعلم حفاظ القرآن وعلم القراءات في مصر والعالم، ويحسب لها أنها أجازت عشرات من الرجال ومن النساء، في الإجازات الثلاث: حفص وورش وحمزة، وكان يفد ويأتى إليها طلاب العلم من الرجال والنساء والحفظة من داخل مصر وخارجها ومن الدول العربية والأسيوية والأوروبية ليتعلموا على يديها وينالوا من علمها".
مسيرة عظيمة وتجاهل إعلامي مستمر
ولا شك أن هذه المسيرة القرآنية الحافلة التي حظيت بها الشيخة "سميعة" كانت تستحق احتفاءً إعلاميًا وفنيًا من طراز فريد، ولكن هو ما لم يحدث، فلم تهتم أية وسيلة إعلامية إو إنتاجية بتخليد ذكرها وتسجيل مسيرتها؛ لتكون ملهمة للأجيال المقبلة.
نساء في خدمة دولة التلاوة
ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فإن الشيخة "سميعة" لم تكن وحدها من سدنة دولة التلاوة المصرية وأعظم حراسها وأبرز أعلامها، حيث أسهمت سيدات أخريات بنصيب وافر في خدمة دولة التلاوة المصرية حفظًا وتحفيظًا وتعليمًا وإقراءً.
اقرأ أيضا:
وفاة أقدم قارئة ومحفظة قرآن بالغربية عن عمر يناهز 97 عامًا
في ثلاثينيات القرن الماضي..برزت أسماء سيدات فُضليات شاركن الرجال التلاوة في الإذاعات الأهلية، وكُن ندًا لهم، وكانت لكل منهن قصة وحكاية سوف نرويها في الوقت المناسب، حيث ضمت القائمة كلًا من: الشيخة منيرة عبده أول قارئة معتمدة إذاعيًا، وكانت كفيفة أيضًا، وكذلك الشيخة كريمة العدلية التي تزوجت من الشيخ علي محمود، والشيخة سكينة حسن، والشيخة أم محمد، والشيخة نبوية النحاس آخر سيدة معتمدة إذاعيًا، قبل صدور فتوى أزهرية بقراءتهن في الإذاعة، ولكن ذلك لم يمنعن سيدات أخريات ما زلن يسرن على خُطى الشيخة "سميعة" رحمها الله تعالى وأحسن مثواها، ويؤدين رسالتهن في صمت ورضا وحب لكتاب الله العظيم.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.