مدير "الصحة العالمية" الإقليمي: وباء كورونا مازال يهدد العالم.. واحتمالات ظهور أوبئة جديدة قائمة ولكن لا نعرف موعدها أو مكانها ( حوار )
>> 3 مليارات شخص معرضون لخطر الإصابة بالحمى النزفية ولا يوجد لقاح مضاد له
>> لا يمكننا تحديد موعد لإعلان خلو مصر من فيروسات الكبد
>> مبادرة 100 مليون صحة نموذج شامل ومتكامل لاكتشاف الأمراض المزمنة فى مصر
>> الوضع الأمني فى السودان يعرقل مساعينا لتوفير الاحتياجات الطبية
>> نسعى للقضاء على 3 أمراض بحلول 2030 منها الإيدز ونحتاج إدارة طويلة الأجل لكوفيد 19
>> دول العالم تحتاج إدماج أنشطة لرصد والتصدى لكوفيد-19 فى برامجها الصحية الروتينية
>> مصر نجحت فى القضاء على شلل الأطفال منذ عام 2006
أوبئة كثيرة وفيروسات يروح ضحيتها عشرات الآلاف، هذا زمن بات البشر فيه غير آمنين على أنفسهم، ومؤخرًا مع التغيرات المناخية يزداد الأمر سوءا،حيث تتزايد معدلات انتشار الأمراض، وهنا يأتى دور منظمة الصحة العالمية التى تضع السياسات الصحية للدول المنكوبة كما تعمل على تأسيس أنظمة طبية فى دول أخرى لتكون قادرة على مواجهة أي خطر.
الدكتور أحمد المنظرى، المدير الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية لدول شرق المتوسط، يكشف فى حوار لـ "فيتو" الكثير عن المبادرات الصحية التى أطلقتها وزارة الصحة المصرية والتى تشكل نموذجا للتحرك الشامل لمواجهة عوامل الخطر المرتبطة بالأمراض المزمنة، وتساعد فى الاكتشاف المبكر للأمراض، وإلى نص الحوار:
*بداية، هل إعلان الصحة العالمية أن كورونا لم يعد يمثل طارئا صحيا يعنى عدم وجود تحورات جديدة له؟
إعلان منظمة الصحة العالمية أن كوفيد-19 لم يعد يمثل طارئة صحية عامة تسبب قلقًا دوليًا لا يعنى أن الجائحة انتهت تمامًا، بل يعنى انتهاء حالة الطوارئ فقط، وهو أمر إيجابى، لكن ما زال يمثل تهديدا صحيا قائما للصحة العامة.
وكلنا نرى ذلك يوميًا ونلاحظه من حيث التطور المستمر لهذا الفيروس، وحضوره العالمى، ومواطن الضعف المستمرة فى مجتمعاتنا، ونتوقع بشكل جازم استمرار انتقال هذا الفيروس لفترة طويلة، وهذا ما نعرفه من تاريخ الجوائح التى مرت بها البشرية فى السابق، كوفيد-19 صار الآن مشكلة صحية مستمرة قائمة، وعليه فقد حان الوقت للانتقال إلى إدارة طويلة الأجل للجائحة، وتحتاج البلدان إلى إدماج أنشطة ترصُّد كوفيد-19 والتصدى له فى البرامج الصحية الروتينية.
*وماذا عن مرض الحمى النزفية الذى انتشر فى العراق، ما هى مدى خطورته وهل ينتشر لدول أخرى؟
الحمى النزفية الفيروسية الشديدة هو مرض يسببه فيروس يسمى "فيروس الحمى النزفية فى القرم والكونغو"، وينتقل إلى البشر من خلال ملامسة القراد المصابة أو الدم الحيوانى من خلال الأنسجة (الانتقال الأولى)، ويمكن أيضًا أن ينتقل المرض من شخص مصاب إلى آخر عن طريق ملامسة الدم الملوث بالعدوى أو سوائل الجسم، ويمكن أن تحدث العدوى المكتسبة من المستشفيات أيضًا بسبب سوء التعقيم للمعدات الطبية وإعادة استخدام الإبر وتلوث الإمدادات الطبية.
ويبلغ معدل الوفيات بين المصابين 40٪، وعلى الصعيد العالمى، هناك 3 مليارات شخص معرضون لخطر الإصابة بهذا المرض، أما على صعيد الإقليم، تتوطن الحمى النزفية فى أفغانستان وإيران والعراق وباكستان.
كما تم الإبلاغ عن حالات بشرية متفرقة وتفشيات للمرض من 9 بلدان، وهى أفغانستان والعراق وإيران والكويت وعمان وباكستان والسودان والإمارات العربية المتحدة.
ومع ذلك، فإن عبء المرض الحقيقى فى الإقليم غير واضح حتى الآن بسبب محدودية الوعى به وانخفاض الإبلاغ عن الحالات المشتبه بها، ونظم المراقبة المختلفة، وتمثل التحديات الرئيسية الأخرى فى تأخير التشخيص ونقص الوعى بهذا المرض بين مقدمى الرعاية الصحية.
كما أن تغير المناخ هو عامل خطر رئيسى قد يزيد من خطر انتقال عدوى الحمى النزفية لكن الخطر المباشر للانتشار من العراق إلى بلد جديد ضئيل، وبالنسبة للمصل فلا يوجد لقاح مضاد للحمى النزفية، لذلك، فإن الطريقة الوحيدة للحد من العدوى بين البشر هى من خلال زيادة الوعى بعوامل الخطر وتثقيف الناس حول التدابير التى يمكنهم اتخاذها لتقليل التعرض للفيروس.
*هل من المتوقع ظهور أوبئة جديدة؟
الاحتمالات قائمة، لكننا لا نعرف متى على وجه التحديد ولا أين تظهر جائحة جديدة، لذلك يتعين علينا مواصلة التأهب والاستعداد وبناء القدرات وتدشين نظم أكثر مرونة وقوة وقدرة على مواجهة التحديات، لقد استوعب العالم الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19، وأصبحنا أكثر قدرة وتأهب لمواجهة الأوبئة التى لا نعرف متى تقع ولا أين ولكننا نعرف أن علينا كمنظمات وحكومات ومجتمعات ونظم صحية وقطاعات معنية أن نكون على أهبة الاستعداد للتعامل معها.
*ماذا يجب على الحكومات أن تفعل للاستعداد لأى طارئ صحي جديد؟
هناك خارطة طريق للاستعداد للطوارئ الصحية تشمل ما يلى:
التخطيط والتأهب واستكمال الموارد وتقوية النظم الصحية، بحيث تكون قادرة على الاستجابة بسرعة وكفاءة لأى من الأوبئة التى قد تقع.
الاستثمار فى تقوية النظم الصحية أمر جوهرى لتمكينها من الاستجابة للطوارئ الصحية دون الإخلال بقدرتها على تقديم الخدمات الصحية الأساسية الأخرى مثل التطعيم.
الاهتمام بالكوادر الصحية جزء أساسى من بنية النظم الصحية، وقد أثبتت جائحة كوفيد-19 مدى محورية دور الكوادر الصحية كخط دفاع أمامى للمجتمع ككل.
تطبيق اللوائح الصحية الدولية وخاصة ما يتعلق بتعزيز الدعائم الأساسية مثل بناء القدرات وتقييم المخاطر ونظم الترصد والاكتشاف والتأهب والاستجابة وإشراك المجتمع والتوعية المجتمعية، وغيرها من الدعائم الرامية لتقوية النظم الصحية واستكمال قدراتها.
*فى يوليو الماضى احتفل العالم بمرض الالتهاب الكبدى متى ستعلن المنظمة خلو مصر من الفيروسات الكبدية؟
لا يمكننا تحديد أو إعلان موعد بدقة لإعلان خلو مصر من فيروسات الكبد، ولكن نستطيع أن نقول إن مصر تسير فى طريقها نحو القضاء على مرض الالتهاب الكبدى الوبائى من النمط سى، لقد قدمت مصر ملفها الخاص بالقضاء على التهاب الكبد الوبائى سى للتحقق من قبل منظمة الصحة العالمية وسوف يتحقق المكتب الإقليمى من ذلك أولًا يليه المقر الرئيسى للمنظمة.
وتعمل منظمة الصحة العالمية مع وزارة الصحة المصرية على الوفاء بجميع معايير ومتطلبات التحقق والمصادقة على الملف المصرى، ومن المتوقع أن يحدث ذلك قريبًا، وستكون مصر من أوائل الدول التى أعلنت أنها قضت على المرض، وهذا إنجاز كبير يحسب لها.
*ما تعليق المنظمة على المبادرات الصحية التى أطلقتها وزارة الصحة المصرية وما جدواها، وهل ساهمت فى خفض معدل الإصابة بالأمراض؟
المبادرات الصحية التى أعلنتها مصر مثل 100 مليون صحة، و100 يوم صحة تعد نموذجا للتحرك الشامل والمتكامل لاكتشاف الأمراض غير السارية ومواجهة عوامل الخطر المرتبطة بها والتصدى لها، ومن ثم الحد من العبء الهائل الذى تضعه الأمراض غير السارية على كاهل المواطنين والنظام الصحى على حد سواء.
وكذلك تمثل مبادرة صحة الأم والطفل استثمارًا رائعًا فى المجال الصحى والاجتماعى والاقتصادى، ويمثل النجاح فى مجال مكافحة فيروس سى الذى أشرنا إليه مثالًا للنتائج التى يمكن أن تتحقق عند تطبيق المبادرات الصحية الطموحة وتوفير الإمكانات اللازمة لتطبيقها واستمراريتها.
فقد رأينا كيف تمكنت مصر بحمد الله من الانتقال من وضع الدولة الأكثر إصابة فى العالم بفيروس سى إلى الدولة الأكثر نجاحًا فى القضاء عليه وتوفير العلاج الخاص به لجميع سكانها والمقيمين فيها بأسعار معقولة وفى المتناول، بل والامتداد بهذه المعالجة خارج حدودها.
*ما أهم الأمراض التى نجح إقليم شرق المتوسط فى القضاء عليها خلال السنوات الماضية؟
تمكن العديد من بلدان الإقليم من التخلص من عدد من الأمراض من بينها البحرين ومصر وعمان وإيران من مرض الحصبة، وتخلص المملكة العربية السعودية والعراق وعمان وإيران والمغرب من مرض التراخوما وتخلص عدد من البلدان من الملاريا، وتم الإشهاد على نجاح عمان فى التخلص من انتقال فيروس المناعى البشرى المسبب للإيدز من الأم إلى الجنين، ورغم التحديات والأزمات طويلة الأمد نجحت بعض البلدان مثل اليمن فى القضاء على مرض الفيلاريا أي داء الفيل.
وتبذل منظمة الصحة العالمية أيضًا جهودا ضخمة للقضاء على شلل الأطفال، ومنذ يناير 2023 وحتى 30 يونيو 2023، تم الإبلاغ عن 6 حالات إصابة بفيروس شلل الأطفال البرى من النوع 1 منهم 5 حالات من أفغانستان وحالة واحدة من باكستان.
كما نبذل مع بلدان الإقليم جهودًا للعودة إلى المسار الصحيح لتحقيق أهداف القضاء على بعض الأمراض فى مختلف أنحاء العالم بين عامى 2020 و2030 مثل فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد الفيروسى والأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسى.
*ما جهود المنظمة فى المساعدة فى حملات التطعيم فى مصر سواء شلل الأطفال أو برنامج التطعيمات الإجبارى؟
مصر من البلدان التى نجحت فى القضاء على شلل الأطفال منذ عام 2006، ولا تزال تحافظ على وضعية الخلو من شلل الأطفال من خلال حملات التطعيم والاستمرار فى جهود الترصد لمنع عودة الفيروس أو وفادته من بلدان أخرى، وتدعم المنظمة جميع الدول الأعضاء لتعزيز نظام التطعيمات والمراقبة للكشف المبكر واحتواء أية احتمالات لظهور الفيروس فى البيئة.
*ما تقييم الوضع الصحى فى السودان والمخاطر الصحية التى تحيط به وأهم المساعدات التى قدمتها المنظمة للسودان؟
بينما نتجاوز المائة يوم الأولى من الصراع فى السودان، لا يزال انعدام الأمن ومحدودية الوصول إلى الأدوية والإمدادات الطبية والكهرباء والمياه يشكلان تحديًا فى تقديم الرعاية الصحية فى الدول المتضررة مباشرة من الصراع، وتتأثر الخدمات الصحية فى الولايات التى لا تشهد قتالا نشطا أيضًا بنقص الإمدادات فى سياق تدفق المشردين داخليًا الفارين من ولايات النزاع النشطة.
فمنذ اندلاع الصراع فى السودان فى 15 أبريل الماضى، شرد ما يقرب من 3.4 ملايين شخص، وفر أكثر من 2,6 مليون شخص من المهجّرين وأكثر من 757 ألف شخص إلى البلدان المجاورة، وتعمل المكاتب القطرية لمنظمة الصحة العالمية فى البلدان المضيفة للاجئين والمهاجرين والعائدين من السودان بالتعاون مع النظم الصحية الحكومية والشركاء لضمان تقديم الرعاية الصحية الطارئة والخدمات الصحية الأساسية وخدمات التحصين لآلاف الأشخاص الضعفاء الذين فروا من العنف فى السودان.
وبشكل عام، تظل أكبر المخاطر على الصحة فى السودان هى العنف المستمر، والاضطرابات الكبيرة فى الرعاية الصحية، والهجمات المتكررة على النظام الصحى، وضعف الوصول إلى المياه النظيفة والغذاء، وخطر تفشى الأمراض كما بدأنا نشاهد ذلك بالفعل فى انتشار حمى الضنك وغيرها من الأمراض المعدية.
ونجحت المنظمة فى نقل العديد من الشحنات المحملة باللوازم والإمدادات المختلفة لمساعدة النظام الصحى والمنشآت الطبية على مواصلة العمل، ولكن الحاجة ملحة لتوفير التمويل اللازم لمواصلة ما نقوم به وإنقاذ الأرواح.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبارالرياضة ، أخبارمصر، أخباراقتصاد، أخبارالمحافظات، أخبارالسياسة، أخبارالحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجيةوالداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.