الحرب الأهلية تأكل الأخضر واليابس في السودان.. مجاعة وشيكة ومخاوف من تفشي الكوليرا.. تحويل المدارس إلى ملاجئ وإلغاء امتحانات نهاية العام
أكثر من 4 ملايين شخص نزحوا داخل وخارج السودان، بسبب الحرب الأهلية المتواصلة منذ أبريل الماضي، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين.
وأكدت المفوضية تدهور الأوضاع الصحية في السودان وبعض الدول المجاورة التي استقبلت لاجئين، مشيرة إلى أن نقص التمويل يعيق تقديم المساعدات الصحية الأساسية لهؤلاء اللاجئين، ما أدى إلى تفشي الأمراض والوفيات بينهم.
كما أجبر أكثر من 4 ملايين شخص على الفرار جراء الحرب في السودان، وأعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في بيان، عن قلقها العميق إزاء تدهور الأوضاع الصحية في جميع أنحاء البلاد.
وبات الوضع في السودان لا يمكن تحمله، لا سيما وأن الاحتياجات تفوق بكثير ما هو ممكن بشريا لتوفير الموارد المتاحة.
ولاية النيل الأبيض
في ولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد، يؤدي نقص الأدوية الأساسية والموظفين والإمدادات إلى تهديد خطير للخدمات الصحية، مع عدم إمكانية توزيع المواد الغذائية في جميع مخيمات اللاجئين الـ10، حيث وصل أكثر من 144 ألف شخص من الخرطوم منذ بداية الصراع، والذين أضيفوا إلى عشرات الآلاف من اللاجئين من جنوب السودان والمجتمعات المحلية، الذين يستخدمون أيضا الخدمات الصحية نفسها. أما بالنسبة لخدمات الصحة النفسية، فهي غير موجودة من الأساس.
وتسافر الكثير من الأسر في الوقت الحالي، على مدار أسابيع، ومعها القليل جدا من الطعام والأدوية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة معدلات سوء التغذية، وتفشي الأمراض والوفيات ذات الصلة.
اقرأ أيضا: إصابات بالحصبة واعتداءات جنسية على النساء مع استمرار الاشتباكات في السودان
وفي الفترة ما بين 15 مايو و17 يوليو الماضيين، مات أكثر من 300 شخص، خاصة من الأطفال دون سن الخامسة، بسبب سوء التغذية والحصبة.
وحذرت مفوضية شؤون اللاجئين من أنه في حال استمرار تأخر تمويل البرامج الصحية المنقذة للحياة، فمن المرجح أن يرتفع هذا الرقم. بينما قالت منظمة الصحة العالمية، إن جودة المساعدة الصحية في جميع أنحاء السودان قد تعرضت لأضرار شديدة، نتيجة الهجمات على الفرق الصحية، التي تعاني هي الأخرى من نقص مزمن.
وكشف تحليل أجراه فريق ولاية النيل الأبيض التابع لمفوضية اللاجئين، أن كل طبيب ينبغي أن يعتني بما لا يقل عن 70 مريضا يوميا، وهو ما يتجاوز الحد اليومي الموصى به.
مجاعة وشيكة
مخاوف من حدوث مجاعة، فقد أدت الانقطاعات في سلاسل التوريد، إلى نقص الأدوية والإمدادات الأخرى لمئات الآلاف من الأشخاص، الذين هم في أمس الحاجة إليها.
ومن المنتظر حدوث حالات كوليرا أخرى خلال الشهور المقبلة، جراء الفيضانات الناجمة عن استمرار هطول الأمطار، وعدم كفاية الخدمات الصحية.
طالع للمزيد: أفرغوا رفوف الصيدليات، وضع صحي وغذائي كارثي بالسودان
وتعد العملية التعليمية والدراسة والطلبة وكذلك المعلمون، أحدث ضحايا الحرب الأهلية في السودان، كشفت عن ذلك أرقام مرعبة للتسرب من العملية التعليمية.
العملية التعليمية
وعلى سبيل المثال، عندما أجبرت الحرب في العاصمة السودانية، وما حولها، طالبة تدعى سارة الشريف (19 سنة) وأسرتها على الفرار، تركت الطالبة التي تدرس تكنولوجيا المعلومات كتبها وجهاز الكمبيوتر الخاص بها.
وحاليا، تعيش سارة في سنار الواقعة على بعد 30 كيلومترًا جنوب شرقي الخرطوم، وتعاني ضعف الإنترنت، ولا تملك جواز سفر لترك السودان، ولا تجد شأنها شأن كثيرين سبيلًا إلى مواصلة دراستها في وقت يحتدم فيه القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
المدارس تحولت إلى ملاجئ
وتسبب الصراع الذي بدأ منتصف أبريل الماضي مع نظام التعليم المتعثر في السودان، في حالة مذرية من الانهيار مع إغلاق كثير من المدارس أو تحويلها إلى ملاجئ للنازحين، وإلغاء معظم امتحانات نهاية العام.
من جانبها، تقول الطالبة سارة: إن هذه الحرب تؤدي إلى نهاية التعليم في السودان وتحول الأمور من سيئ إلى مستحيل، فقد أشعل الصراع معارك يومية في شوارع الخرطوم وعادت معه الهجمات العرقية في دارفور وتسببت بتشريد 4 ملايين داخل السودان وعبر حدوده.
فيما ترى المسؤولة بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في السودان سيمون فيس أن هناك "عددًا مقلقًا من التقارير التي تفيد بتجنيد جماعات مسلحة للفتيان والفتيات".
وتكشف الأمم المتحدة إلى أن 89 مدرسة في الأقل داخل سبع ولايات تستخدم كملاجئ للنازحين، مما يثير مخاوف من عدم تمكن كثير من الأطفال من دخول المدارس خلال العام الدراسي الجديد، مما يتركهم عرضة لعمالة الأطفال وسوء المعاملة.
إلغاء الامتحانات
وقد قررت وزارة التربية والتعليم السودانية أمس الأول الأربعاء إلغاء معظم امتحانات نهاية العام في المناطق المتضررة من الحرب.
بدورها، أكدت سحر عبدالله، وهي معلمة نازحة من الخرطوم لجأت إلى سنار، أنه "في ظل هذا الواضع الراهن فمن المستحيل أن يكون هناك عام دراسي جديد".
وقبل اندلاع الصراع صنفت منظمة "أنقذوا الأطفال" السودان كواحد من البلدان الأربعة الأولى على مستوى العالم التي يواجه فيها التعليم خطرًا شديدًا، وتشير المنظمة الخيرية إلى أن عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس ارتفع حاليًا إلى 9 ملايين من 6.9 مليون، فيما نزح أكثر من مليون طفل في سن الدراسة، وأغلقت 10400 مدرسة في الأقل منذ بدء القتال.
اقرأ للمزيد: أكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ بسبب الحرب في السودان
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الخرطوم أن لديها تراثا فكريا تعتز به، إلا أن نظام التعليم ينهار بسبب قلة الاستثمار والتدخل السياسي والأزمة الاقتصادية الطاحنة.
وقد سبق أن تعطلت الدراسة بسبب احتجاجات الشوارع قبل وبعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، فضلًا عن فيضانات عارمة غير معتادة عام 2020 وجائحة كورونا.
وحول مشكلة اكتظاظ الفصول الدراسية تقول المعلمة النازحة سحر عبدالله إن "بعض الطلاب يواجهون مشكلة في المقاعد، فمن الممكن أن يحمل الطالب مقعده معه، وكذلك توفير الكتاب المدرسي بالصورة الكافية المرضية للمعلم لإيصال المعلومة".
إضراب المعلمين
وقبل اندلاع الحرب، نظم المعلمون العاملون في الدولة إضرابًا لثلاثة أشهر احتجاجًا على الأجور وظروف العمل، وقال عضو بارز في لجنة المعلمين السودانيين إن ما يصل إلى 300 ألف معلم لم يتقاضوا رواتبهم منذ مارس الماضي.
وأشارت فاطمة محمد، وهي معلمة نازحة فرت من الخرطوم إلى ولاية القضارف بعد أن استولت قوات الدعم السريع على المدرسة التي تعمل فيها، إلى أنه "بسبب الحرب توقفت الدراسة وكنا نستعد لامتحانات نهاية العام الدراسي، ولكن مستقبل ومصير التلاميذ مجهول الآن ولا نعرف متى سنعود للعمل، ومنذ شهر مارس لم نتسلم رواتبنا والمدرسة حاليًا في منطقة حرب".
طالع كذلك: سرقات وضرب وانتهاكات مروعة.. رحلة عذاب للفارين من السودان
ورغم الاضطرابات التي شهدتها الدراسة خلال الأعوام القليلة الماضية، إلا أن رباب نصر الدين تمكنت من بلوغ السنة الثالثة في كلية القانون بجامعة الخرطوم حتى اندلاع الحرب، لكنها اضطرت هي الأخرى إلى الفرار وتخلت عن الشهادات والمواد التعليمية التي قد تساعدها في مواصلة الدراسة في مكان آخر، وقالت إن الخيار الوحيد أمامها هو الانتظار والأمل في حدوث الأفضل.
ويسعى عمال الإغاثة للمساعدة في التخفيف من حدة الأزمة بإنشاء مساحات آمنة للتعليم وتزويد الأطفال بالدعم النفسي والاجتماعي، وقد جمع صندوق "التعليم لا ينتظر" التابع للأمم المتحدة والمخصص لتمويل جهود التعليم في حالات الطوارئ 12.5 مليون دولار، ويهدف إلى توفير الخدمات التعليمية لنحو 120 ألف طفل في السودان والدول المجاورة.
وأوضحت المديرة التنفيذية للصندوق ياسمين شريف أنه خلال جائحة "كوفيد-19" لم يرغب الآباء في الدول الغنية "في أن ينتظر الأطفال لعام أو شهر لمواصلة الدراسة، فلماذا نتوقع منهم في السودان الانتظار حتى ينتهي الصراع؟".
ويتطلع بعض النازحين من السودان إلى الالتحاق بمدارس وجامعات في الدول التي فروا إليها مثل مصر، لكن لا توجد مثل هذه الخيارات في تشاد التي وصل إليها أكثر من 377 ألف لاجئ.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.