رئيس التحرير
عصام كامل

المحاصيل المعدلة وراثيا، حلول الدول لمواجهة أزمات المناخ والغذاء، وإفريقيا تواجه معوقات التطبيق بسبب مخاوف السلامة والأنظمة الصارمة

المحاصيل الزراعية،
المحاصيل الزراعية، فيتو

المحاصيل المعدلة وراثيا، مع التغيرات المناخية المستمرة التي ضربت العالم على مدار السنوات الأخيرة، تعرض المحاصيل الزراعية لأزمات متتالية تسببت في تهديد حياة مئات الملايين من المواطنين حول العالم، مما ساهم في انتشار نقص التغذية والجوع في أغلب الدول النامية، وبالتحديد دول إفريقيا الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية. 

 

جهود البشر لتحسين جودة المحاصيل الزراعية

لم تكن أفكار البشر لعملية التحسين في جودة المحاصيل الزراعية وليدة اللحظة أو على مدار عدة سنوات، ولكنها بدأت منذ آلاف السنين، وتوارثت على مدار الأجيال حتى وصلت لعصرنا الحالي، الذي يعاني الكثير من الأزمات المناخية التي أثرت على جودة المحاصيل، وفي عام 2003 ركز حوالي 7 ملايين مزارع حول العالم على استخدام محاصيل التكنولوجيا الحيوية، أغلبهم في الدول النامية.

الذرة المعدلة وراثيا، فيتو

التغيرات المناخية وتراجع معدلات إنتاج الحاصلات الزراعية

وتسببت التغيرات المناخية في تراجع معدلات إنتاج الحاصلات الزراعية في مختلف دول العالم، وهذا ما جعل الكثير من العلماء يبحثون عن الطرق البديلة التي تساعدهم في خلق أنواع من الحاصلات الزراعية تكون قادرة على تحمل التغيرات المستمرة في المناخ، وتحقيق الأمن الغذائي الذي تأثرت به مئات الملايين من المواطنين حول العالم، وهذا ما جعل التكنولوجيا المعدلة وراثيا للمحاصيل، تعمل على زيادة إنتاج الغلة، بالإضافة إلى توفير العديد من الأنواع المقاومة للأمراض، وتتحمل الجفاف وموجات المناخ المتغيرة.

 

منظمة الصحة العالمية، كشف في تقرير حديث لها، أن حوالي 340 مليون إفريقي عانوا بشكل كبير من إنعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية اللازمة خلال الفترة من 2014 إلى عام 2020، موضحة أن أكثر العوامل التي تسببت في هذا النقص هو الجفاف وندرة المياه، مع تراجع معدلات الإنتاج الخاصة بالمحاصيل الزراعية، وهذا ما جعل فكرة المحاصيل المعدلة وراثيا واحدة من أبرز الحلول التي تعالج أزمات الغذاء ومواجهة أزمات المناخ في إفريقيا خلال الفترة المقبلة.

المحاصيل المعدلة وراثيا، فيتو

بالرغم من انتشار فكرة المحاصيل المعدلة وراثيا في العديد من الدول النامية، إلا أن هناك الكثير من أنصار البيئة يرفضونها، بينما تدعمها شركات التكنولوجيا الحيوية بشكل كبير، وهذا لأن العلماء يعتبرونها طريق الأمل والنجاة لمعالجة أزمتي المناخ والغذاء.

المحاصيل المعدلة وراثيا وزيادة معدلات الإنتاج

وكان بحث للدكتور كريستوفر ج. م. ويتي، تم نشره في مجلة nature، تحدث عن معدلات الزيادة التي ساهمت فيها المحاصيل المحسنة على مدار الخمسين عاما الماضية، والتي وصلت إلى نسبة زيادة 1% سنويا في المحاصيل الزراعية، مؤكدا أن هذه الأصناف الجديدة للمحاصيل سوف تساعد الدول النامية في مواجهة التحديات الصعبة لأزمات الغذاء، بالإضافة إلى مواجهة التحديات المناخية المستمرة، بفضل دورها في تحسين إدارة التربة، وتحسين البنية التحتية للنقل والتخزين.

الأغذية المعدلة وراثيا، فيتو

ومن المعروف أن التكاثر التقليدي للمحاصيل الزراعية يستغرق مدة من 10 إلى 15 عاما، وفي بعض الأحيان يكون التحول في مجال الهندسة الوراثية أقل من خمس سنوات، ومع وجود اللوائح الصارمة الخاصة بالتسويق خاصة في الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لأفريقيا، كانت معظم المحاصيل المعدلة وراثيا في طور الإعداد منذ عقود.

 

تجارب أفريقية على المحاصيل المعدلة وراثيا

لجأت العديد من الدول الإفريقية للمعادلة الصعبة، حتى تتمكن من الخروج من عنق الزجاجة، وإيجاد الحلول المناسبة للمجاعة التي تتعرض لها الشعوب الإفريقية بسبب نقص الغذاء، وتراجع معدلات الانتاج الزراعي، ومع التوجهات المستمرة لهذا النوع من المحاصيل، فإن 7 دول إفريقية فقط التي تسمح بالإنتاج التجاري وإستيراد المنتجات الزراعية المعدلة وراثيا، والتي تتمثل في جنوب إفريقيا، وملاوي، والسودان، وكينيا، ونيجيريا وإسواتيني، وإثيوبيا، أما باقي الدول تعارض هذه الفكرة لأنهم متخوفين منها، وهذا بسبب موقف الإتحاد الأوروبي بشأن المنتجات المعدلة وراثيا، والقدرة الإفريقية المحدودة في التعامل معها، بالإضافة إلى تكلفتها المرتفعة.

الأرز المعدل وراثيا، فيتو

تجربة مصر مع المحاصيل الزراعية المعدلة وراثيا

وعن التجربة المصرية في هذا المجال، فإن مصر تدرس الحبوب المعدلة وراثيا لزيادة إنتاجية الحبوب وتقليل الواردات، بالتزامن مع الأزمة الكبيرة التي تعاني منها الدولة بسبب أزمة إمدادات القمح نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا لأنه تعد أكبر دولة مستوردة للقمح في إفريقيا والعالم، وبالرغم من ذلك فإن الحكومة تقوم بتنفيذ العديد من التجارب على المحاصيل المعدلة وراثيا، مثل الأرز والقمح على نطاق محدود، للحصول من خلالها على سلالات أكثر إنتاجية ومحسنة.

 

ويأتي هذا الأمر في الوقت الذي تحظر مصر استيراد وزراعة بذور الحاصلات الزراعية المعدلة وراثيا، بينما تسمح باستيراد فول الصويا والذرة المعدلة وراثيا، وهذا لأنه تمت الموافقة عليها من بلد المنشأ، وخاصة من الولايات المتحدة.

 

ومن المعروف أن مصر وبوركينا فاسو، اللتين قامتا بتسويق الذرة والقطن المعدلين وراثيا في عام 2008، تراجعا عن المعدل وراثيا نتيجة علاقتهما التجارية مع الاتحاد الأوروبي.

الذرة المعدلة وراثيا، فيتو

أما في كينيا فقد تم في أكتوبر الماضي، رفع الحظر عن زراعة واستيراد المحاصيل المعدلة وراثيا وسط أسوأ جفاف منذ 40 عامًا وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهذا يشمل الذرة البيضاء، السلعة الرئيسية في البلاد.

 

وكشفت دراسة قام بها الدكتور Ademola Adenle، أستاذ زائر لعلوم الاستدامة، بجامعة الدنمارك التقنية، في عام 2013، تتعلق بالزراعات المعدلة وراثيا في إفريقيا، والتي تم خلال تقديم العديد من المنظورات الجديدة بشأن هذا النوع من الزراعات وتطويرها وتنظيمها، حيث تم خلال الدراسة تطوير إطار عمل لتبني المحاصيل المعدلة وراثيا والتي أطلقوا عليه اسم "الألياف الغذائية"، والذي يعتمد على القطن المعدل وراثيا، ويليه الأعلاف المعدلة وراثيا للماشية، ثم الأغذية المعدلة وراثيا.

 

تجارب ميدانية في 30 دولة أفريقية

ساعد إطار العمل أكثر من 30 دولة أفريقية على إجراء تجارب ميدانية على المحاصيل المعدلة وراثيا، تشمل المنتجات المعدلة وراثيا التي تخضع للبحث والتطوير الكسافا والبطاطا المدعمة بفيتامين أ، والموز البكتيري المقاوم للذبول والذرة الموفرة للمياه، من بين منتجات أخرى.

 

وقررت كل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، في نوفمبر 2022، إرسال بذورا إلى الفضاء لتطوير محاصيل جديدة قادرة على التكيف مع ويلات تغير المناخ، وهذا لأن ملايين المزارعين في العالم يحتاجون إلى بذور قادرة على الصمود وعالية الجودة تتكيف مع ظروف الزراعة الصعبة بشكل متزايد.

 

ومع التطور المستمر والأبحاث التي قام بها العلماء على مدار السنوات الأخيرة، تم إطلاق أكثر من 3400 نوع متحور من أكثر من 210 أنواع من النباتات للاستخدام التجاري في 70 دولة حول العالم، وهي نباتات تم تطويرها باستخدام التباين الجيني المستحث والتكاثر الفطري، بما في ذلك العديد من المحاصيل الغذائية ونباتات الزينة والأشجار. 

معوقات المحاصيل المعدلة وراثيا في أفريقيا

وبالرغم من الفوائد المختلفة التي يمكن الحصول عليها من خلال المحاصيل المعدلة وراثيا، إلا أنه لم يتم تبنيها على نطاق واسع في إفريقيا، مما جعل هناك العديد من الجهود المبذولة لإنشاء وتسويق المنتجات المعدلة وراثيا تواجه معارضة مستمرة في الدول الإفريقية، بفعل الأنظمة الصارمة، والقدرة البحثية المحدودة بالإضافة إلى المخاوف التي تتعلق بالسلامة.

 

ويأتي هذا في الوقت الذي يواجه الموقف القانوني العالمي لهذه التقنيات الحديثة انقساما كبيرا بين متبنيين مبدأ التكافؤ كنقطة انطلاق عند تقييم السلامة، أو زراعة الكائنات المحورة وراثيا على أساس دراسة كل حالة على حدة. 

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية