البوركيني في الغرب، صراع ساخن كل صيف بين حقوق الإنسان وحرية العبادات
يبدو أن الجدل في فرنسا بخصوص "البوركيني" لن ينتهي قريبا، فقد أصدرت المحكمة الإدارية في جنوب فرنسا مؤخرا، حكما يلغي قرار بلدية فريجوس بحظر ارتداء البوركيني في الشواطئ العامة بالبلدية.
وقررت المحكمة الإدارية تعليق قرار الحظر الذي اتخذه رئيس البلدية بمبادرة شخصية منه، مشيرة إلى أن قرار الحظر الذي أصدرته البلدية، يتنافى مع قيم العلمانية.
حظر ارتداء البوركيني يتنافى مع قيم العلمانية
يشار إلى أن الدعوى أقامتها منظمة حقوق الإنسان الفرنسية، ضد حظر البلدية التي يترأسها حزب يتبع لليمين المتطرف، وبعد صدور قرار المحكمة، قال ديفيد راشلين رئيس بلدية فريجوس، في تغريدة له على تويتر، إن قرار المحكمة الإدارية يتعارض مع قواعد الصحة العامة وأمن المواطنين.
حالة من الجدل في فرنسا بخصوص البوركيني
وبين الحين والآخر، تثار حالة من الجدل في فرنسا بخصوص "البوركيني"، ففي يونيو 2022 انتقد وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، قرار السماح بارتداء البوركيني في إحدى البلديات، ووصفه بأنه غير مقبول واستفزازي"، ويتعارض مع قيم العلمانية التي تتبناها فرنسا، وأكد أنه سيلجأ إلى القضاء سعيا لإلغائه.
كما وصل الأمر إلى اتهام رئيس إحدى البلديات التي سمحت بارتداء "البوركيني" بـ"عقد صفقات مع الإسلام السياسي لشراء الأصوات" خصوصا أن القرار جاء قبل بضعة أسابيع من موعد الانتخابات التشريعية.
الجدير بالذكر أن فرنسا تطبق إجراءات مشددة في حمامات السباحة، وتطلب من الذكور ارتداء سراويل السباحة الضيقة، وتحظر ارتداء السراويل الفضفاضة والبلوزات القطنية، وكذلك البوركيني، لأسباب تتعلق بالصحة والنظافة.
لكن في حالة البوركيني، يتعدى الأمر الجانب الصحي، إلى اعتباره رمزا للإسلام المتشدد حسب رأي البعض وإدراجه ضمن الرموز الدينية الممنوعة في الأماكن العامة في فرنسا حفاظا على علمانية الجمهورية.
احتجاجات على منع ارتداء البوركيني في فرنسا
وكانت مدينة جرونوبل الواقعة في منطقة الألب الفرنسية شهدت احتجاجات على منع "لباس السباحة الإسلامي" نظمتها جمعية Alliance Citoyenne "تحالف المواطنة"، وفي عام 2019 نزلت مجموعة من الناشطات النسويات مع محجبات يرتدين البوركيني إلى بركة السباحة في أحد مسابح المدينة تحديا لهذا المنع، وتكرر الأمر عامي 2020 و2021.
إلا أن عمدة مدينة جرونوبل إيريك بيول، وهو أحد أبرز السياسيين في حزب الخضر، قرر السماح بارتداء البوركيني، وفي تبريره للقرار قال إن الغاية هي أن يكون بمقدور الناس ارتداء ملابس سباحة "كما يحلو لهم"، مضيفا "لا يتعلق الأمر باتخاذ موقف مع البوركيني أو ضده على وجه التحديد".
وليست هذه المرة الأولى التي تنشغل فيها فرنسا بلباس السباحة الخاص بالمحجبات، فقد اندلع جدل حاد واعتراضات كثيرة عام 2016 عقب منع العديد من المدن والبلدات الفرنسية ارتداء البوركيني على شواطئها العامة، بعد هجوم نيس الدموي الذي أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسئوليته عنه، وراح ضحيته 84 شخصا.
ووصل الأمر إلى إصدار مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بيانا يدعو إلى إلغاء القرار، الذي اعتبر أنه "يغذي التعصب الديني"، و"ينكر على النساء استقلاليتهن عبر إنكار قدرتهن على اتخاذ قرارات مستقلة حول طريقة ملبسهن".
ولاحقا أفتى مجلس الدولة، السلطة الإدارية القضائية الأعلى في البلاد، بعدم قانونية منع السلطات المحلية البوركيني في شواطئها.
الجدل بخصوص البوركيني يأخذ في فرنسا طابعا رسميا وقانونيا، يصل إلى المس بعلمانية الدولة والموقف من الإسلام السياسي، مقابل اتهامات بالإسلاموفوبيا والتعدي على قيم الديمقراطية وتشجيع الأجواء المعادية للإسلام، لا سيما بعد منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة في عام 2010.
الدول الغربية ومسألة حظر ارتداء البوركيني
وعلى مدار السنوات الماضية، لم تكن فرنسا الوحيدة التي حظرت ارتداء النساء لـ"البوركيني" في بعض الأماكن، حيث أن هناك عدد من الدول الأخري التي منعت ارتداء البوركيني.
إيطاليا
ففي عام 2009، منعت بعض الشواطئ الإيطالية النساء من ارتداء لباس السباحة الشرعي المعروف باسم "البوركيني"، وشددت على ذلك بإقرار غرامة تصل إلى 500 يورو في حالة ظهور امرأة به في المسابح أو الشواطئ.
وفقًا لـ"dw"، قال جان لوكا بونانو عمدة بلدة في في مقاطعة بيمونتي، شمال إيطاليا، إن ارتداء النساء لـ"البوركيني" يزعج الأطفال الصغار وأيضًا يسبب مشاكل صحية.
ألمانيا
وفي 2019، منحت محكمة ألمانية الموافقة إلى امرأة مسلمة بدخول حمامات السباحة في مدينة كوبلنتس الألمانية بـ"البوركيني"، بعد أن رفض مجلس إدارة المدينة في وقت سابق السماح للنساء بالتواجد على الشواطئ أو أحواض السباحة بهذه الملابس.
واعتبرت المحكمة الإدارية الإقليمية لولاية راينلاند أن منع المدينة للنساء من ارتداء "البوركيني" ينتهك المساواة في المعاملة التي ينص عليها الدستور الألماني.
بداية ظهور البوركيني
ظهر البوركيني عام 2007، وقد صممته عاهدة زناتي، وهي أسترالية مسلمة من أصل عربي، وكان دافعها في البداية تصميم لباس يسمح للمحجبات بممارسة الرياضة بشكل مريح، ولا يتنافى مع معتقداتهن.
وجاء اسم البوركيني من الجمع ما بين البرقع والبكيني، وهو مصنوع من قماش مطاطي، ويغطي كامل الجسم ما عدا الوجه والقدمين، ومعه غطاء رأس متصل به، وقد درجت تسميته بـ "لباس السباحة الشرعي".
أما موضوع "شرعية" البوركيني، فهو مثار جدل آخر، وقد اعتبره علماء مخالفا لشروط ستر عورة المرأة في الإسلام، ولا يصلح ارتداؤه إلا في مسابح مخصصة للسيدات.
وقالت لجنة الفتوى في الأزهر إن هناك ضوابط لقبول هذا اللباس شرعيا وإنه "لا يصح أن يوصف بهذا الوصف إلا إذا كانت تنطبق عليه المواصفات الشرعية".
وأوضحت اللجنة "أن سباحة المرأة بلباس ساتر ومحتشم، لا حرج فيها، ولكن إن كان اللباس يلتصق بجسمها بحيث يحدد عورتها، فهذا اللباس يحتاج إلى لباس يستُره"، و"لا يجوز لها الخروج على هذا الحال ولو أمام مثيلاتها من النساء".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.