في ذكرى دمار هيروشيما.. قصة نهوض المدينة اليابانية من تحت أنقاض القنبلة الذرية
تحيي اليابان اليوم الأحد، ذكرى إلقاء القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية والتي أسفرت عن مقتل 140 ألف شخص وتدمير المدينة بشكل شبه كامل.
إلقاء القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية
ووقع القصف الذري على مدينة هيروشيما في ال6 من أغسطس عام 1945، والذي نفذته الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإمبراطورية اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية.
ومنذ ذلك الحين، وقعت سلسلة من الأحداث البارزة التي خلدت اسم المدينة اليابانية في صفحات التاريخ لأسباب عديدة، قد تكون أبلغ أثرا من قصة تدميرها بتلك القنبلة.
واعتقد كثيرون، وفق ما جاء على لسان هارولد جاكوبسن، وهو أحد العلماء المشاركين في "مشروع منهاتن"، أنها لن تصلح للعيش أو الزراعة لمدة 70 عاما.
مراحل إعادة بناء مدينة هيروشيما اليابانية
إلا أن هناك حدثا بارزا خالف توقعات هارولد جاكوبسن، ففي نهاية عام 1945 خرجت من الأرض الميتة أعشاب برية، ثم أزهرت أشجار الدفلى في الصيف اللاحق، وأنبتت أشجار الكافور، التي يصل عمر بعضها إلى مئات السنوات، فروعا جديدة.
وتسببت هذه الأحداث في تحريك مشاعر اليابانيين، وتحولت زهرة الدفلى، وشجرة الكافور فيما بعد إلى الرمزين الرسميين لصمود المدينة، وحظيا بمكانة كبيرة في قلوب سكانها.
وألهم هذا الحدث الشعب الياباني الإصرار من أجل إعادة بناء المدينة المحروقة، وطفقوا من كل حدب وصوب يغدقون المساعدات على هيروشيما، بداية من السيارات لإعادة مظاهر الحياة إلى المدينة، وحتى الأشجار لزراعتها في الأراضي التي خلت منها النباتات.
روسيا تتهم الناتو برعاية الإرهاب النووي
وفي السياق ذاته قام أحد المعابد في محافظة واكاياما بالتبرع بمعبد برجي "باغودا"، الذي يعود إلى القرن السادس عشر، تعبيرا عن تضامنه مع المدينة. ويمكنك أن ترى الآن هذا المعبد البرجي البرتقالي يعلو شامخا بجانب أشجار القيقب في معبد ميتاكي، الذي يمثل إحدى البقاع الأكثر سكونا وسلاما في هيروشيما.
وبدأت عمليات إعادة البناء في مدينة هيروشيما في ال6 من أغسطس عام 1949، وتمثل في إصدار قانون إنشاء المدينة كرمز دائم للسلام. وكان هذا القانون ثمرة الجهود الحثيثة التي بذلها سكانها، ولا سيما عمدتها شينزو هاماي.
وفي أول احتفال للسلام بهيروشيما في عام 1947، قدم هاماي نموذجا ملهما لجميع عُمد هيروشيما من بعده، حين قال: "لنتكاتف معا من أجل القضاء على أهوال الحروب، وبناء سلام حقيقي".
ولهذا، لم يكن الهدف من قانون إنشاء مدينة هيروشيما لعام 1949 إعادة بناء المدينة فحسب، إنما أريد به بناء مدينة جديدة تماما كرمز للسلام "لتجسد السعي الدؤوب من أجل إحلال سلام دائم وحقيقي".
وتعتبر عملية إعادة إعمار مدينة هيروشيما هي العملية الأولى التي تبذل جهود من أجل تكريس مدينة بأكملها لإحلال السلام. ولا يدخر سكان هيروشيما جهدا حتى الآن من أجل نشر السلام.
هيروشيما مدينة السلام العالمي
وأقام اليابانيون متنزه السلام التذكاري في قلب مدينة هيروشيما على ضفاف نهر موتوياسو، على أنقاض المركز التجاري والسكني السابق بالمدينة، ويمتد هذا المتنزه على مساحة تزيد على 120 ألف متر مربع، ويضم ما يربو على 60 نصبا تذكاريا وبناية، كلها لها علاقة بالسلام، أبرزها متحف السلام التذكاري.
وتم حفظ هيكل معرض التطوير الصناعي على الضفة المقابلة، ليظل رمزا للأمل في القضاء على الأسلحة النووية. واليوم، أصبحت أطلال المبنى، التي ظلت صامدة منذ وقوع الانفجار، هي المركز الروحاني للمدينة.
ويعرف هذا المبنى رسميا باسم النصب التذكاري للسلام بهيروشيما، أو قبة القنبلة الذرية، ولكن معظم السكان يطلقون عليه قبة "غينباكو".
خمسة بلدان يعيش الناس فيها أطول الأعمار
وفي السياق ذاته قالت طالبة يابانية: "يرمز هذا المبنى لأهمية السلام الدائم. ولا يوجد له مثيل في العالم". وأدرج هذا الموقع ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، ويتوافد عليه ما يربو على المليون سائح سنويا.
ولا يخلو مكان في هيروشيما من كلمة "السلام"، فهناك طريق السلام، وهو شارع عريض اصطفت على جانبيه الأشجار والمصابيح الحجرية. وأمام المتنزه التذكاري للسلام، في نفس الشارع، توجد بوابات السلام، وهي مجموعة من الأقواس الزجاجية يبلغ طول الواحد منها تسعة أمتار، ونقشت عليها كلمة "سلام" ب49 لغة.
ومن أهم المعالم البارزة في مدينة هيروشيما معبد السلام البرجي على قمة تل فاتوبا، وهو ضريح فضي يحوي رفات بوذا، تبرع به البوذيون المنغوليون، ويمكنك أن تراه من أماكن عديدة من المدينة.
ومن جانبه ذكر الموظف بمكتب الترويج للسياحة التابع لمحافظة هيروشيما، مايكو أوان: "علينا أن نحافظ على جمال هذه المدينة وعلى سهولة العيش ويسره فيها، تقديرا لجهود كل من ساهم في إعادة تعميرها".
ولهذا ستلاحظ أن هيروشيما لا تضاهيها أي مدينة أخرى في العالم من حيث المساحات الخضراء، إذ تكثر فيها المتنزهات والحدائق الغناء، والطرق الخضراء على جانبي الأنهار.
ولم تقتصر جهود مدينة هيروشيما على إشاعة جو من السلام على أراضيها فحسب، إنما تشارك أيضا في مبادرات لا حصر لها لإحلال السلام في العالم، بداية من إقامة معارض متنقلة للتعريف بتاريخ المدينة، إلى تنظيم معسكرات سلام للأطفال، لتوعية طلاب المدارس الابتدائية والثانوية بأهمية السلام.
وفي سياق متصل وللتعبير عن جهود السلام يقوم متحف هيروشيما للفن المعاصر بمنح جائزة سنوية للأعمال الفنية التي تساعد في نشر التآلف والوئام بين الناس.
ونظمت محافظة هيروشيما، بالتعاون مع غيرها من السلطات المحلية، مشروع "هيروشيما جسر للسلام"، الذي يتضمن حفلات موسيقية تحت عنوان "رسالة السلام" في المدينة لدعم التواصل بين الناس في العالم.
وأكد مسؤولي محافظة هيروشيما: "نحن نبذل كل ما في وسعنا لإيصال رسالة السلام من هيروشيما إلى العالم، وإقامة نظام يدعم أنشطة نشر السلام باستمرار".
ويعتبر مشروع عمد من أجل السلام هو من أبرز المشروعات المعبرة عن السلام العالمي وأبرز معالم مدينة هيروشيما، ودُشن هذا المشروع في ثمانينيات القرن الماضي، بناء على اقتراح عمدة هيروشيما آنذاك تاكيشي أراكي، الذي كان يحلم بأن تتعاون المدن مع بعضها، وتتجاوز الحدود السياسية، من أجل إحلال السلام وإقامة عالم خال من الأسلحة النووية.
ويهتم مشروع عمد من أجل السلام، بتناول قضايا الفقر والجوع وغير ذلك من المشكلات العالمية. وانضمنت إلى المشروع حتى الآن 7.469 مدينة في 162 دولة ومنطقة، بالإضافة إلى 16 مدينة أخرى انضمت مؤخرا في أكتوبر 2017.
وتزرع هيروشيما حب السلام في نفوس أبنائها منذ الصغر، إذ يقام أسبوع سنوي للتعريف بالسلام في المدارس الابتدائية، يتعرف فيه الطلاب على ماضي هيروشيما وأهمية السلام. وفي الإجازة الصيفية، يتطوع الكثير من الطلاب لاصطحاب السياح في جولة حول متنزه السلام التذكاري.
وفي هذا السياق قالت ساكي ناكاياما، طالبة في المرحلة الثانوية: "أود لو أتمكن من نشر قصة هيروشيما بين أكبر عدد ممكن من الناس في العالم".
واليوم أصبحت هيروشيما مكانا مبهجا، يطيب فيه العيش، وتنفرد بموقعها الساحر المطل على سواحل بحر سيتو الداخلي، وجزرها العديدة والعجيبة. وتنتشر الجبال في أجزائها الثلاثة الأخرى، وتمرّ خلالها ستة أنهار، ولهذا أطلق على هيروشيما اسم "مدينة الماء".
ولا يغادر الزوار مدينة هيروشيما إلا وقد غمرتهم مشاعر الإعجاب والتقدير لسكانها العظماء الذين أزمعوا على نفض الغبار والنهوض والبدء من الصفر، واتخذوا من مأساتهم مصدرا لنشر الخير في العالم.
يقول الكثير من الزوار إن قلوبهم تفيض بالأسى والشفقة وحب الخير للأخرين، وقد تسمي هذه المشاعر "تأثير هيروشيما". وكما قالت أوان: "أتمنى أن يزور الكثير من الناس مدينة هيروشيما حتى يدركوا أهمية السلام".
ودائما ما تندد اليابان بمساعي بعض الدول لحيازة أسلحة نووية، مطالبة إلى تفكيك تلك الترسانات وإعلان عالم خالي من هذه الأسلحة المدمرة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.