قهوة عم غزال بوسط القاهرة.. أحبها المصريون واجتمع فيها المفكرون والفرقاء السياسيون (فيديو)
في كتابه "مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان" يقول الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل إنه قبيل انتفاضة 25 يناير بأسابيع قليلة تلقى اتصالًا هاتفيًا من أحد الصحفيين الشبان والذي كان يعرفهم عن قرب للاطمئنان على صحته وقد نصحه ذلك الشاب والكلام هنا لهيكل لمحاولة كسر قشرة عزلته السميكة والانخراط في الواقع المعاش وأن يقبل دعوته إلى مقهي شعبي أشبه بنادي ثقافي وكان المقترح هو اسم لم يسمع به هيكل هو "قهوة غزال"
المقهى الوارد ذكره في الكتاب هو أحد مقاهي وسط البلد ويقع بين شارع شامبليون، وشارع عبد الحميد سعيد القريب من طلعت حرب والباب الخلفي لسينما أوديون..في ممر ضيق مليء بمحلات قطع غيار السيارات، هناك تحديدًا حيث لا زحام يستثير نفورك، ولا باعة جائلين يزعجونك، لا سيارات تمر ولا قطط وكلاب أيضا.
ملتقى الأدباء والسياسيين والفنانيين
مقهى بسيط للغاية مقارنة بالشهرة التي اكتسبها،لا لافتة معلقة أعلى المكان والذي اشبه بصالون حلاقة، ولا يونيفرم موحد لطاقم العمل، ولا مشروبات من ثلاث كلمات تلفظ في مقطع واحد كتلك التي اعتدنا سماعها في ريش والأمريكيين وزهرة البستان وجروبي والحرية، ولكن برغم ذلك تحول المقهي إلى ملاذ لمختلف الطبقات المصرية وفرقاء الرأي، فتجد عليها جميع التوجهات السياسية والثقافية في مصر قوميون وليبراليون ماركسيون واناركيون، وصحافيون نقابيون ومستقلون "فري لانسر".
يدخل الجميع إلي المقهى فيجدون عم "ياسين غزال" رجل ستيني بجلباب صعيدي وعينان ويبدو وكأنهما قد صمتتا خصيصًا لنظرات الترحيب بالقادمين، يشير بيديه إلى الأماكن التي يفضلون الجلوس فيها ويتولي الإشراف علي استقرارهم في المكان المحبب إليهم برغم وجود أكثر من أربع عمال في المقهي إلا أنه يفضل العمل بنفسه تمامًا كأبيه.
فريق عمل متكامل
يقول ل "فيتو": إن سر نجاح أبيه في إدارة المقهي هو أنه كان يتولي العمل بنفسه وأنه يسير على دأب أبيه فهو ليس معلما على خمس عمال بل هو أحد العمال.
الحرية الفكرية وعدم التعصب
وعن سؤاله عن سبب الشهرة الواسعة التي اكتسبها المقهي مقارنة بإمكانياته البسيطة والعادية قال" هنا بيجي ناس من كل شكل ولون صحفين وأدباء شباب وفنانين مشهورين وسياسيين وشباب أولاد وبنات، مبنسالش حد أنت بتؤمن بإية ولا بنضيق عليه ونقوله الكلام ده ميتقلش هنا بنسيبه ياخد راحته وبنسهر علي خدمته هو جاي عشان ينفس عن نفسه وبنديله حقه من احترام لفكرته وخدمة على طلباته",
مستطردا" أبويا الله يرحمه كان ماشي كدا وأنا ماشي على فكرته".
وعن أشهر رواد المقهي يقول" بيجي هنا ناس كتير مشهورين ومعروفين زي الأستاذ خالد علي والاستاذ خالد البلشي والأستاذ عبد الحليم قنديل والمرحوم جورج إسحق وخالد النبوي وعلي قنديل وكان بيجي هنا أيام المرحوم أبويا جمال الغيطاني ويوسف القعيد، وعم أحمد فؤاد نجم جه هنا كتير".
حكايات بداخل المقهى
من أشهر الحكايات المتداولة داخل المقهى هي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيرًا للدفاع التقى بداخل المقهي بخيرت الشاطر وقت اندلاع 30يونيو، وبرغم أن هذه القصة تبدو محل شك إلا أنها تحولت بفعل الأيام وتحت ضغط النقل من رواد المقهي إلي حقيقة تبدو محل تصديق وقد ساعدت في زيادة شهرة المقهى فيهمس الجميع إلى الجميع"هيا بنا إلى المقهي الذي ربما رسم بداخلة لوحة مصر الجديدة ".
أيضا من أغرب الحكايات التي تتناثر بداخل المقهي هي أن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وقت انتفاضة ال25 من يناير حضر بنفسه إلى ذلك المقهي واتخذه لـ4 ساعات مركز عمليات لمتابعة الأحداث عن قرب.
مقتنيات وسط البلد
في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي 'شكل" الدورادو" وهو مقهى ليلي في برلين، واقع النمط المعاش بالنسبة للهومبتينز والكويريين في ألمانيا وأصبح نافذتهم إلي العالم، مرحلة عاشت فيها الأقليات الجنسية والثقافية في برلين حرياتهم الجنسية والفكرية كما لو يعيشوها الآن، قبل أن تفرد أذرع النازية يداها على الواقع المعاش ويصبح الجو كئيبا في كل شي، في كتابة " مقتنيات وسط البلد" يصف الراحل مكاوي سعيد قهوة غزال بأنها “دورادو” مصري حيث أنها استطاعت بحسب قوله لم الشمل الثفافي والسياسي بمصر في بوتقة واحدة فيدخل فرقاء السياسة والرأي المقهي ملقين وراء ظهورهم تناحرهم المستمر وتعصبهم المستبد وقد اتفقوا علي جودة مذاق المعسل وهدوء المكان.
الإخوان وقهاوي وسط البلد
نظرًا لشهرة المقهي وكونه ملجأ لكل القوى والتيارات السياسية في مصر فقد كان هدفا لجماعة الإخوان المسلمين في فترة توليهم السلطة فبات يضيقون الخناق علي رواد المقهي وصاحبه عم غزال" وإلزامه بعدم دخول تيارات سياسية بعينها وطردهم في حال توافدهم.
في هذا الجانب يقول عم " ياسين غزال": كانت فترة صعبة جدا كنا نري بأعيننا أنا وأبي أشخاص لا نعلم من هم، يملون علينا أسماء بعينها لا يصح أن نجلسهم هنا، وهو الأمر الذي كنا نرفضه.
وعن سؤاله من هي أبرز الأسماء التي كان يفترض منعها أجاب"ده زمن وراح لحاله، بلاش نفتش في القديم أحسن".
البساطة والهدوء
يقع المقهي في ممر صغير جدآ مما جعلة بمنائ عن الازدحام أو أصوات السيارات المزعجة، وهو الأمر الذي جعل منة قلعة منعزلة بنفسها وجعل منه أيضا مقصدًا للباحثين عن الهدوء والسكينة.
العم"سامي" 60 عاما يقول: أنه يرتاد هذا المقهي منذ ثلاثين عاما حيث أنه يجد راحته بداخل ذلك المكان الذي تعود الجلوس فيه والتعرف علي أصدقاء جدد كل يوم.
مضيفًا" القهوة دي من ساعة ما اتعملت وانا باجي فيها روحت قهاوي كتير بس ملقتش الراحة إلي موجودة هنا".
“عبد الرحمن” 25 عاما يقول هو الآخر: إنه مواظب علي الإتيان هنا كل خميس من الأسبوع وهو وأصدقاؤه، فوسط البلد بالنسبة إليهم هي قهوة غزال.
مستطردا" أنا باجي وسط البلد من عين شمس عشان أقعد على القهوة دي، انا وصحابي بنحس هنا بهدوء واهتمام بالإضافة أن كل الي بيجي هنا ناس مثقفة،فبنسمع ناس بتقول شعر وناس بتغني على العود وحاجات كتير بنشوفها في أفلام زمان".
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.