الموت في الصحراء.. المهاجرون غير الشرعيين يفجرون أزمة بين ليبيا وتونس.. مخيمات عشوائية تأوي آلاف الأفارقة المهددين بالموت عطشا
لا تزال الهجرة غير الشرعية تمثل أزمة متصاعدة في تونس، وقد انتقلت آثارها مؤخرا لتؤجج نزاعا بين الجارتين، تونس وليبيا.
فبينما توجه اتهامات إلى تونس بطرد المهاجرين باتجاه الحدود الليبية، فإن الجنود الليبيين على الحدود يرفضون دخول الأفارقة العابرين نحو الشمال.
إلا أن المعاملة من جانب الليبيين تعد إنسانية مقارنة بما تفعله السلطات التونسية معهم.
وفي السادس والعشرين من يوليو الماضي، ذكر وزير الداخلية التونسي، كمال الفقي، أمام البرلمان، أن "الصور التي حاولوا نقلها وحاولوا أن يصطنعوها في بعض الأماكن بما في ذلك الأماكن الحدودية، أقولها وأعيد بأنها مفتعلة ولدينا كل الدليل على ذلك، ولكن نختار الابتعاد عن الدخول في الجدال مع هؤلاء".
الوزير التونسي كان يقصد صورا وتسجيلات لمهاجرين وصلوا بشقّ الأنفس إلى الجانب الليبي من الحدود.
مشهد الموت في الصحراء
وانتشر مشهد وفاة الإيفوارية، فاتي دوسو، وهي تحتضن ابنتها، في قلب الصحراء، كالنار في الهشيم، وصار رمز الأزمة التي اندلعت في تونس، الشهر الماضي.
السلطات التونسية تصر على أن البلاد عرضة لـ"حملة تشويه"، إلا أن صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية كشفت، بالتعاون مع مؤسسة Place Marks، صورا بالأقمار الاصطناعية تظهر مخيمات عشوائيّة وتجمع لأشخاص يصل عددهم إلى 300 على الأقل، تحت أعين قوات عسكرية تونسية وليبية.
وأشارت مؤسسة Place Marks إلى أن تحليل المنطقة يؤكد تحولا جديدا، لأن التجمعات والمخيمات لم تكن موجودة، مضيفة أن انتشار دوريات عسكرية لم يكن مسجّلا بالمنطقة، في الصور المتوفرة ما بين عامي 2006 و2023.
"جريمة مكتملة الأركان"
ويكشف تسجيل للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، عن مهاجرين وقد استقبلتهم قوات ليبية.
أحد الضحايا يروي أن السلطات التونسية دفعت بهم إلى الحدود الليبية وطلبت منهم مغادرة البلاد.
ويظهر التسجيل جرحى جراء المشي على الأقدام، في ظروف قاسية.. وشهدت منطقة شمال أفريقيا، نهاية شهر يوليو، موجة حرّ غير مسبوقة.
اقرأ أيضا: المهاجرون الأفارقة، أزمة بلا حل في تونس.. منظمات حقوقية والاتحاد الأفريقي يهاجمون الرئيس، وأوروبا تواصل "تصدير الحدود"، وتغري سعيد بحفنة أموال لتوطين اللاجئين
وفي تسجيل ثان، يبدو أحد المهاجرين مغمى عليه ويحيط به رفاقه وجنود ليبيون يحاولون إسعافه بالماء.
من جانبه، يقول أحمد حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، إنّ "الجاهل بالقانون يعلم أنّ الدفع بإنسان إلى الصحراء هو حكم مسبق بالموت،" مضيفا أنّ "ما حصل هو عمل إجرامي مكتمل الأركان بسبق الإصرار والترصّد قصد إيقاع الضرر بالمهاجرين".
ويظهر تسجيل ثالث، التقط جوّا، عددا من المهاجرين يبدو عليهم الإنهاك، يصلون إلى دوريّة عسكريّة ليبيّة، فيحاول جنود إغاثتهم بتقديم الماء لهم، بجرعات قليلة حتّى لا يُصابوا بصدمة حراريّة.
وقال حمزة إنّ اللجنة أحصت، إلى حدّ الآن، عشرين قتيلا.. لكنّ المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، يتوقّع أن يكون الرقم أعلى بكثير، "بالنظر إلى الظروف المناخية الصعبة ووجود الكثير من النساء والأطفال ضمن المهاجرين الذين دُفع بهم إلى الجانب الآخر من الحدود"، وهم مهددون بالموت عطشا.
وأكد بن عمر، أنّ هناك حالات وفيات من الصعب التوصّل إليها، "كالعثور على جثّة، في الأيام الماضية، بالقرب من الحدود التونسية الجزائرية".
تفكيك الهواتف لمحو الأدلة
وتراكمت الشهادات بشأن قيام السلطات التونسية بتفكيك هواتف المهاجرين أو كسرها.
وأشار رمضان بن عمر إلى أن السلطات التونسية بدأت بتفكيك هواتف المهاجرين الذين نُقلوا إلى مراكز إيواء، مضيفا أنّ تلك المراكز تحوّلت إلى "مراكز احتجاز"، مع منع المهاجرين من التحرّك أو التواصل مع العالم الخارجي.
وأكد بن عمر أن مهمّة إحصاء المهاجرين صارت أمرا شبه مستحيل لصعوبة التواصل معهم، سواء مع أولئك العالقين في الحدود أو أولئك “المحتجزين”.
ويعترف رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة، بأن الوضع غير آمن في بلاده لاستقبال مئات المهاجرين، مشيرا إلى أن على السلطات التونسية تحمّل مسؤوليتها حتى لا تكبر كرة الثلج.
وتُؤكد أرقام الهيئة الوطنية للاتجار بالأشخاص في تونس أنّ "نصف ضحايا الاتجار بالأشخاص، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، هم من المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء".
من جانبها،عبّرت الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، عن قلقها حيال "طرد مهاجرين ولاجئين وطالبي لجوء من تونس إلى الحدود مع ليبيا والجزائر".
وحذر فرحان حقّ، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، من أنّ هناك مزيدا من المهاجرين الذين ما زالوا محاصرين في ظروف قاسية، بينما تقلّ فرص حصولهم على طعام وماء.
لا "مخطّط إجرامي لتغيير هويّة الشعب التونسي"
وأشار المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، إلى أنّ وزير الداخلية التونسي، كمال الفقي، قد نسف سردية وجود "مخطّط إجرامي لتغيير هويّة الشعب التونسي"، التي أشار إليها الرئيس، قيس سعيد، في فبراير الماضي، حين ذكر، أمام البرلمان، أنّ عدد المهاجرين لا يتجاوز 80 ألفا، وهو رقم ضئيل، مقارنة بالحديث عن مئات الآلاف.
وكان الرئيس سعيد، قد شدد، في مناسبات عدة، على رفض بلاده توطين المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء ولعب دور الحارس لحدود الاتحاد الأوروبي.
طالع أيضا: الهجرة غير الشرعية: لماذا أغلق نادٍ تونسي أبوابه بعد 100 سنة؟
ومع ذلك فإن الرئيس التونسي وقّع، الشهر الماضي، مذكّرة تفاهم مع بروكسل، تنصّ على مكافحة الهجرة غير النظامية، مقابل حزمة مساعدات اقتصاديّة.
وقد تظاهر نحو 150 مهاجرا، الأربعاء الماضي، بقرية رأس الجدير الحدوديّة، من الجانب التونسي، للمطالبة بإيجاد حلّ لمحنتهم.
وقام المتظاهرون برفع لافتات مناهضة للعنصريّة من قبيل "حياة السود مهمّة".. وتشهد تونس تناميا لمشاعر رفض المهاجرين السود، رغم وجود تشريعات تُجرّم كلّ أشكال التمييز، منذ خريف عام 2018.
ويرى مراقبون أنّ بداية الحلّ تكمن في سماح السلطات التونسية لوسائل الإعلام والمنظمّات الحقوقيّة بالوصول إلى مراكز الإيواء والمناطق الحدوديّة للوقوف على الأوضاع الإنسانيّة المزرية للمهاجرين.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.