الدين والعرق والقبلية، فرنسا خلقت صراعا طويل الأمد في القارة السمراء.. وسيطرت بالكراهية على موارد أفريقيا لعشرات السنين
عانت القارة الإفريقية منذ فترات طويلة، من الصراعات القبلية والإثنية التي قضت على الأخضر واليابس في القارة السمراء، والتي استغلتها القوى الاستعمارية من أجل تحقيق مصالحها والسيطرة على موارد القارة الغنية.
الاستعمار حقق أهدافه باستغلال ورقة الصراعات القبلية
ومن جانبه قال الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية، إن أي استعمار لا يمكن أن يحقق أهدافه الا إذا أحدث نوعا من الفرقة في المجتمعات التي يتواجد بها سواء كانت تفرقة على أسس دينية أو عرقية.
وصرح سعد الزنط لـ “فيتو”، أن أفريقيا كانت مؤهة للصراعات العرقية والتي استغلتها فرنسا من خلال مساندة بعض القبائل على حساب قبائل أخرى لخلق صراع طويل الأمد بينهم.
واضاف مدير مركز الدراسات الاستراتيجية، أن بريطانيا هي أول دولة قامت بأعمال زرع الفتن وتقسيم المجتمعات على أسس عرقية ودينية في المستعمرات التي كانت تسيطر عليها والهند كانت لها تجربة مريرة.
الاستعمار استغل الصراعات الإثنية والقبلية في أفريقيا
وأكد الزنط أن فرنسا دعمت القبائل الأكثر انتشارا على حساب القبائل الضعيفة، مقابل أن تضمن لها تلك الجماعات العرقية مصالحها.
وأشار الزنط إلى أن الوضع خرج عن السيطرة بالنسبة لفرنسا في دول غرب الساحل، مؤكدا أن هناك جماعات تتقاتل بعضها مدعوم من باريس والآخر مدعوم من روسيا وقوات فاجنر.
وفي هذا السياق قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن جميع الدول الاستعمارية لديها أدوات من أجل التفرقة بين الشعوب والدول التي تحتلها من أجل فرض سيطرتها.
الاستعمار يغذي الصراعات الإثنية والقبلية
وأضاف بيومي أن الاستعمار لم يقم بغرس الصراعات الإثنية والقبلية إنما هي موجودة في المجتمعات العرقية، و الاستعمار قام باستغلالها لتنفيذ خططه.
وتابع جمال بيومي:" أن المواطنين في الدول الإفريقية لديهم انتماء أقوى للقبيلة من الانتماء للدولة، وهو ما يجعل المجتمعات هناك مفككة".
وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الاستعمار وجد تلك الخلفات القبلية لكنه قام بتغذيتها لتأجيج الصراع في هذه الدول من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية والسيطرة على هذه الدول.
وأشارت تقارير إعلامية عديدة إلى الصراعات القبلية في إفريقيا، والتي تعتبر إحدى أهم سمات الدولة الإفريقية، وتتعدد مظاهر ذلك التنوع سواء على المستوى القبائلي، الديني، وأيضا اللغوي، فالقارة الإفريقية تحتوي على (33%) من إجمالي لغات العالم، كما تتنوع الأديان بين السماوية والتقليدية، إلا أن فشل النظام السياسي في إدارة وضبط هذا التنوع بما يتوافق مع خدمة المصالح الوطنية، أدى لتحوله إلى مهدد لتماسك واستقرار بنية الدولة.
وتعود الصراعات القبلية في القارة الإفريقية إلى الحقبة الاستعمارية، التي غذت الصراعات القبلية بعد أن شكل دولًا دون مراعاة للتركيبة العرقية، وذلك وفقًا لمخرجات مؤتمر برلين (1884 – 1885) الذي عمل على تشتيت كل قبيلة في دول مختلفة، حرصًا على أن تتألف الدول الأفريقية المحررة من قبائل مختلفة ذات عداء تاريخي ممتد.
وسلم الاستعمار السلطة للقبائل ذات الأقلية، مما ساهم في تأجيج الصراع الداخلي على السلطة؛ اعتراضًا على الإجحاف بحق القبائل الكبرى في المشاركة بالحكم.
وعلى الرغم من الصدامات القبلية فإنها في الغالب تقترن بخلافات سياسية، و الاختلافات الدينية كانت أيضا سببًا في العديد من الصراعات كما حدث في أزمة بيافرا بنيجيريا عام 1960، الأمر الذي يلقي بتداعياته على أمن واستقرار الدول.
وهناك أسباب أخرى وراء الصراعات القبلية، والتي من بينها ديكتاتورية الأنظمة الحاكمة، وتتسم الأنظمة الحاكمة في غالبية الدول الإفريقية بالسلطوية والاستبدادية، وفي الوقت ذاته يقوم الحاكم بخدمة مصالح القبيلة التي ينتمي إليها دون النظر لغيرها.
أشكال الصراع القبلي في إفريقيا
وتسبب ذلك في إشعال مشاعر الغضب إزاء السلطة الحاكمة، من ثم تبدأ المواجهات الدامية بين الأنصار والمعارضين، فكل منهما يسعى إما للحفاظ على مكتسبات قبيلته، أو السعي لتحقيق المساواة والحصول على حقوق مناظرة لما اكتسبته القبيلة الحاكمة، وتصبح الدولة حينذاك أمام سيناريوهين: فإما إراقة دماء الكثير من المعارضين بجانب عدد كبير من الاعتقالات السياسية، أو إزاحة النظام الحاكم سواء بتمرد أو انقلاب أو اغتيال سياسي، وفي كلتا الحالتين تمضي الدولة في دائرة مغلقة من الصراع القبلي؛ نتيجة عدم وجود إطار قانوني ودستوري يحقق المساواة بين كافة مكونات الدولة.
ويعتبر تهميش الأقاليم الحدودية أهم أسباب الصراعات القبلية في إفريقيا، حيث تحظى العاصمة والأقاليم المركزية باهتمام كبير من حيث تفعيل الخطط التنموية، والاهتمام بالقطاعات التعليمية، والصحية، وكذلك توافر فرص العمل، وفي المقابل تعاني الأقاليم الحدودية من تهميش بالغ في مختلف القطاعات، الأمر الذي أدى لاتساع الفجوة بين أقاليم المركز والحدود، لذا أصبح هناك حالة من الاستياء العام، والغضب الشعبي إزاء النظام الحاكم والقبائل المنوط بها الممارسة السياسية، وبرغم اتجاه بعض الدول الأفريقية لاستيراد تجارب تنموية تستهدف إحداث الدمج المجتمعي.
ويأخذ الصراع القبلي في إفريقيا عدة أشكال من بينها الصراع الإثني التقليدي، وتنتهج القبائل هذا النمط من الصراع باعتباره صورة من صور التمرد على النظام الحاكم في محاولة منهم لإحداث تغيير، والضغط على السلطات لتحقيق المساواة العادلة فيما يتعلق بحق المشاركة السياسية في الحكم، وعدم اقتصارها على قبيلة دون أخرى.
ويحدث هذا النوع خاصة إذا كانت القبيلة الحاكمة تشكل أقلية، وتختزل موارد الدولة لصالحها دون غيرها كما حدث في رواندا وكوت ديفوار وأنجولا وبوروندي، ومع ذلك فإن هذا النمط من الصراع لم يحقق المرجو منه في كثير من الأحيان، بل ساهم في مزيد العنف وازدياد حدة المواجهات الدموية.
والنوع الأخر للصراعات القبلية هو الصراع الإثني الخاضع للمصلحة، والذي ظهر بسبب انتشار العولمة، ويتم خلاله تأجيج الخلافات وتعزيز الصدامات بين القبائل المختلفة بواسطة نخب محلية وإقليمية، مقابل الحصول على مكتسبات مادية وجني أرباح خيالية على خلفية أعمال النهب والسرقة للموارد، كالماس والعاج، نتيجة للانفلات الأمني الذي تشهده البلاد، وانشغال الأجهزة الأمنية في مواجهة المحتجين، كما يحدث في إقليم شرق الكونغو الديمقراطية.
وتراجع النفوذ الفرنسي في السنوات الأخيرة في القارة الإفريقية وبدأت الأمور في دول غرب إفريقيا عن سيطرة باريس، خاصة بعد الانقلاب الأخير في النيجر.
وفي السنوات الماضية كانت فرنسا تمتلك قرابة 100 قاعدة عسكرية منتشرة في الدول الإفريقية لكنها تقلصت ل7 قواعد فقط، أغلبها متركز في دول غرب القارة.
وظهرت روسيا كمنافس قوي للنفوذ الفرنسي في القارة السمراء، واستطاعت موسكو من خلال قوات فاجنر في التواجد في العديد من دول إفريقيا أخرها مالي، كبديل للقوات الفرنسية.
وأبرمت عدد كبير من دول إفريقيا أبرزها دول الساحل الإفريقي وغرب القارة اتفاقيات اقتصادية وأمنية مع روسيا في الفترة الأخيرة، واستبدلت القوات الفرنسية بقوات فاجنر.
وتعتبر أزمة النيجر هي أخر وأقوى ضربة تلقتها فرنسا في إفريقيا، لأن ذلك يهدد الوجود الفرنسي في القارة بشكل كامل، لأن النيجر تربطها شراكة استراتيجية كبيرة مع باريس.
كما تعتبر النيجر المورد الرئيسي لليورانيوم إلى فرنسا والذي تستخدمه في تشغيل مفاعلاتها النووية، الأمر الذي يجعل الانقلاب في هذا البلد الإفريقي كارثة تهدد الاقتصاد الفرنسي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.