عمر عبد العزيز: أحاول إضحاك الناس لا الضحك عليهم.. والمخرجون الكبار "على الرف".. ومضمون الأفلام الحالية مظلم (حوار)
>> الأزمة لم تعد في الفنانين أو المخرجين ولدينا أزمة ورق وسيناريو
>> نعيش الآن عصر الترفيه فقط وهناك فرق كبير بين الكوميديا والضحك
>> قضيت عمرى لصالح أهداف فنية حقيقية والقليل من التسلية فقط
>> أفلام الستينيات والسبعينيات عاشت لأنها تناقش قضايا حقيقية بشكل كوميدي
>> عُمر الأفلام الحالية قصير حتى وإن نجحت بشباك التذاكر
>> مروان حامد ومحمد ياسين وعلى إدريس يمتلكون رؤية إخراجية قوية جدا
>> اشتغلت على الكوميديا فترة كبيرة من حياتي
>> هناك جيل كامل من المخرجين يتم تهميشه لعدم الاستماع لكلام المنتجين
>> مواعيد نجوم الزمن الحالي غير منضبطة وغير جادين في رسائلهم
>> هناك فنانين يدخلون لتمثيل الأداء بربع سيناريو، فكيف أقف أمامهم
>> فريد شوقى صاحب فضل كبير علىَّ ولولاه لعملت بأي مجال غير الإخراج
>> تكريم يسرى نصر الله عن جدارة واستحقاق
>> لا نجد فيلما مصريا جيدا ليشارك فى مهرجان القاهرة السينمائي
>> خسائر غلق دار سينما واحد كبيرة فما بالنا بغلق العشرات فى كل المناطق
عمر عبد العزيز، مخرج من روائح الزمن الجميل، وفنان من أصحاب الرؤية الفنية النقدية، ضمت أعماله الزعيم عادل إمام والساحر محمود عبد العزيز، وبالطبع ملك الترسو فريد شوقي وصلاح السعدنى.. كما قدم للوسط الفنى موهبتين، وهما الفنان الكبير يحيى الفخرانى والفنان كريم عبد العزيز.
عُرف «عمر عبد العزيز» فى بداياته من خلال مشاركته فى تقديم أعمال حملت رسائل مهمة جدا مع شقيقه المخرج محمد عبد العزيز والد الفنان كريم عبد العزيز، ومن أبرز أعماله فى البدايات مع شقيقه «البعض يذهب للمأذون مرتين» و«خلى بالك من جيرانك» وغيرها.
ثم انفصل التعاون ليغرد عمر عبد العزيز منفردًا ليقدم أعمالا أصبحت اليوم علامات فى تاريخ السينما والتليفزيون المصرى.
وعلى الرغم من كون الكوميديا كانت لصيقة بجميع إسهاماته الفنية، إلا أنها كانت كوميديا ذات معنى، مثل فيلم “الشقة من حق الزوجة” و“يا رب ولد”، “هنا القاهرة”، “الكلام فى الممنوع”، “فرحان ملازم آدم” و"تجيبها كده تجيلها كده هى كده".
تلك الأفلام التي ناقشت سيلا من الأفكار والقضايا الاجتماعية بمنظور فني راق استطاع من خلالها عمر عبد العزيز أن يغير قوانين الأسرة ونظرات المجتمع، واستطاع من خلال أعمال التليفزيونية أن يُضيف جانبا إنسانيًا لم يضاهيه أحد، فقدم مسلسلات منها: "بين شطين وميه"، "أحزان مريم"، "الشارد"، "كلام نسوان"، “امرأة فى ورطة” و“أهل الهوى”.
وللتعمق أكثر داخل هذا الفنان الذي قضى قرابة الخمسين عاما وما زال قادرًا على إطلاق إصدارات فنية جديدة بنفس القيمة والأهمية.. حاورته "فيتو" لمعرفة كواليس أكثر عن أعماله وكيف يرى المشهد الفنى والثقافى الآن.. كما نلقى الضوء على العديد من إرشاداته الذى يضعها لأبناء الجيل الجديد وبالأخص الكوميدينات منهم.. وإلى نص الحوار:
*سنوات من الثراء الفني.. ما أبرز الإسهامات التى تفتخر بها فى أرشيفك؟
اشتغلت على الكوميديا فترة كبيرة جدا من حياتى، فكان هدفى دائمًا وأبدًا أن أقدر أضحك بشكل هادف، ربنا أعطاني الموهبة والقدرة على إضحاك الجماهير فحاولت أن استغلها لصالحهم وليس للضحك عليهم، وهو ما ظهر فى أغلب الأعمال الفنية الخاصة به، وبشكل خاص طبعا أفلامى الكوميدية التى حملت قضايا وأفكارا لو قدمت فى عمل صلب واجتماعى ما كانت ستصل أبدًا للجمهور المصرى أو العربى.
ومن هذه الأفلام “الشقة من حق الزوجة” الذى وصل للقلوب بشكل قوى وساعد فى رسم الضحكات على أوجه المشاهدين، ولكن فى الوقت ذاته ساعد وبقوة فى تغيير قوانين الأسرة والأحوال الشخصية، وكذلك أفلام أحبها كـ«كراكيب، ويا رب ولد، وهنا القاهرة..» جميعها وبلا شك حملت رسائل قوية وذات أهمية كبيرة.
*عُرِفت أعمالك بمناقشة القضايا الاجتماعية الحساسة، ماذا عن الأعمال الفنية الحالية، وكيف تراها؟
للأسف أصبح الترفيه والتسلية المسيطران بلا شك، هناك أعمال جيدة وتجارب تُقدم يجب احترامها، ولكن الأزمة هنا ليست من جانب الفنانين أو المخرجين، وإنما هى بالأساس أزمة ورق وسيناريو، فنحن الآن نعيش فى عصر الترفيه وفقط، وهذا غير صحي.
والكوميديا أكثر الأعمال التى يجب أن تحمل فى مضمونها فكرا وهدفا، ولا بد أن تكون قيمتها وهدفها جادة جدًا، لأن هناك فرقا كبيرا بين الكوميديا والضحك، أنا والكثير من المخرجين قضينا أعمارنا لصالح أهداف فنية حقيقية وأيضًا القليل من التسلية فقط، وهذا ما يجعل الناس تشاهد أفلام الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، لأنهم يرون مناقشة حقيقة لقضاياهم بشكل كوميديا، أما الآن فالتسلية هى الأساس مع القليل جدا من المضمون، لذلك عُمر تلك الأفلام قصير، حتى وإن نجحت بشباك التذاكر.
*قدمت فنانين وعملت مع أساطير الفن المصرى، كيف كانت الكواليس والذكريات؟
تقريبا قضيت عمرى كله داخل الوسط الفنى، بدأت كمساعد مخرج مع أخى محمد عبد العزيز وكذلك مساعدًا لصلاح أبو سيف وشاركتهم فى أعمالهم ببدايات، وحقيقة اتربيت داخل هذا الوسط وجميعهم إخوتى وأصدقائي.
ومن أقربهم لى الفنان محمود عبد العزيز فهو صديق عمري ومشواري، والفنان سمير غانم والفنان محمد صبحي والفنان صلاح السعدنى وعزت أبو عوف، وكذلك الفنان عادل إمام، جميعهم أصدقاء وإخوتى شرفت بعملى معهم لأنهم نجوم وفنانين من طراز رفيع جدًا.
والرجل الذي له فضل كبير علي هو الفنان القدير فريد شوقى، هو من جعلنى مخرجا بالأساس وأخرجت له 4 من أهم أعمالى، منهم أول ثلاثة أفلام فى حياتى، ووقف بجانبى وتطوع وساعدنى بشكل كبير، وفعلا لولا وقوفه إلى جوارى وإيمانه بي كنت عملت أي شيء آخر غير مخرج.
كذلك أزعم أننى قدمت ياسمين عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب بأشكال مختلفة فى بداياتهم وكذلك قدمت النجم يحيى الفخرانى للوسط الفنى، وقدمته كبطل أمام فريد شوقي للمرة الأولى فى حياته.
وبصراحة لا أستطيع العمل مع أي فنان إلا ولابد أن أحبه، أما الفنان كريم عبد العزيز ابن أخى فهو راق فى أدائه ولديه أكثر مما يقدمه بكثير، وهو أيضًا درس الإخراج، فهو يعرف فى الورق جيدا وفى طبيعة الشغلانة.
*برأيك ما الفارق الحقيقي بين من ذكرتهم من نجوم الزمن الجميل وبين الفنانين اليوم؟
زمان كان المضمون أهم من أي اعتبارات أخرى، الآن أصبح الشكل الخارجى براقا والداخل فارغ بعض الشيء، نجوم زمان كانوا يكتفون بمساعد واحد ويصلون فى مواعيدهم ويحترمون المخرج والمؤلف وما إلى آخره، اليوم أصبح للفنان الواحد الكثير من المساعدين بلا داعى، مواعيدهم غير منضبطة.. وغير جادين فيما يحملون من رسائل.
كذلك فى السابق كان المخرجون والفنانون يدخلون العمل وفى خيالهم وأيديهم القصة والسيناريو كاملين تماما، حتى يستطيع الفنان أن يهيئ نفسه ويستطيع المخرج أن يضع رؤية حقيقية للعمل، أما الآن فأجد فنانين يدخلون لتمثيل الأداء بربع سيناريو، أقف أمامهم كيف، وكيف لذلك أن يحدث، وكيف سيكون الإحساس صادقا.. أنا شايف أن هناك أزمة كبيرة فى الورق ذاته، وهى كارثة حقيقية.
*من يعجبك رؤيته الإخراجية الآن؟
هناك مخرجون شباب جيدون كثيرون، وطبعا من الجيل الأقدم، فمثلا نجد المخرج مروان حامد فهو بلا شك يمتلك رؤية إخراجية قوية جدا، ومحمد ياسين وعلى إدريس، ومن قبلهم نجد المبدع شريف عرفة، فمصر مليئة بالمخرجين الكُثر، لكن بعضهم يتم تهميشه لأنه أصبح لا يستمع إلى كلام المنتجين ويستمع لرؤيته الخاصة، وهذا ما يجعله على الرف، فهناك جيل كامل على الرف لأنه لديه رؤية حقيقية.
*هل جوائز «القاهرة السينمائي» تذهب لمستحقيها، وبرأيك من أغفل المهرجان تكريمه حتى الآن؟
تكريم يسرى نصر الله مستحق بدون ذرة شك، لأنه منح المكتبة السينمائية المصرية عددا كبيرا من الأعمال المهمة، وتشرفت بأنى زاملته بالمعهد فى سنوات عمره الأولى، ثم غادر هو إلى فرنسا، فيسرى مخرج متميز ولديه رؤى قوية، من القلائل الذين ندخل أعمالهم ونحن واثقون به تمام الثقة، فهو لا ينزل من بيته، فهو مخرج عظيم عندما ينزل لا بد أن يقدم إضافات ذات معنى.
أما عن تكريم الفنان أحمد عز بجائزة الراحلة فاتن حمامة للتميز، فطبعا عز مميز جدًا ومن قبلها كرم القاهرة السينمائى بالجائزة ذاتها الفنان كريم عبد العزيز والفنان أحمد السقا ومنة شلبي ومنى زكي وجميعهم متميزون فعلا، وسيستمر السلسال لأن الفنانين المصريين المتميزين ولاد وبنات مستمرون وهم كُثر جدًا.. ويجب بعد سنوات تميز أن نأتى بهم ونقول لهم شكرًا، فالتكريم شيء مهم فى حياة الفنان سواء أكان كبيرًا أو صغيرًا، فمن يفلح يجب أن نقول له شكرًا.
*أزمة هدم الاستديوهات التراثية ودور السينما بشكل متواصل.. برأيك كيف يمكن إيقافها؟
الحمد لله، الآن أصبح الوضع يسير نحو النمو والتحسين، فتم تسليم الكثير من الاستديوهات إلى وزارة الثقافة المصرية وهناك شركة تأسست فى هذا الشأن، لأن غلقها كان أزمة كبيرة جدًا، فمن جديد يتم الآن إعادة ترميمها لتصلح للاستعمال، كما دور السينمات التراثية التي تغلق يوما بعد يوم هي الكارثة.
لأن بصراحة دار العرض التى تُغلق لا يُفتح غيرها، وإن فُـتح ستفتقد الطابع التراثى العريق، فاليوم أصبح المتاح سينمات المول، صحيح نحن لا نحتاج لدور زمان المكونة من ألف و500 كرسى، ولكن هناك دور تغلق وسعتها ما بين 100 و200 كرسى، وهذا عدد ملائم، بل مفيد للاقتصاد المصرى، لأنه كلما زاد عدد الدور زادت نسبة مبيعات الإيرادات.. وفيلم كريم عبد العزيز خير مثال وصل لأكثر من 100 مليون جنيه إيرادات فى أقل من شهر.
وأنا بصفتي رئيس النقابات الفنية أعمل على هذا الملف بشكل كبير لأن الخسائر فيه تكون أدبية ومعنوية ومادية.. خسائر غلق دار سينما واحد كبيرة، فما بالك بغلق العشرات فى كل المناطق تقريبا.
*أخيرا.. هل لدى عمر عبد العزيز مشروعات فنية يجرى تحضيرها الآن؟
لا مشروعات جديدة، وطالما لا يوجد مضمون لا يوجد جيل كامل.. فنحن مخرجون لدينا رؤية حقيقية ونظرة خاصة، لا نستطيع أن نساير أو نستمع لكلام المنتجين إحنا تركيبة فنية اتعودنا على الصح وعلى الأسس السليمة جدًا، وأصبح دمنا ثقيلا على منتجي اليوم، ولذلك يتم استبعادنا عن المشهد دائمًا، والكثير من أمثالى ليس لديهم أعمال ومشروعات جديدة لا بد أن يكون هناك مضمون وورق مكتوب وأجواء إنتاجية مساعدة وليست متجبرة.
وبصفتى أحد المشاركين فى الأسماء المكرمة بمهرجانات مصرية كثيرة أبرزها القاهرة السينمائى أستطيع أن أقول إننا نواجه أزمة كبيرة وحقيقية لاختيار فيلم واحد لكي يشارك فى المهرجان، فمعظم الأفلام خالية من أشياء كثيرة بسبب رغبة المنتج فى صُنع فيلم براق فقط.. فيلم بيلمع بس فكرته ومضمونه مظلم.
أنا لا أحب التشاؤم وأعلم جيدا أننا فى فترة انتقالية تأتي عقب كل ثورة، إنما أنا متفائل بالقادم، لأنه ما زال هناك جيل جيد من المنتجين كل ما نحتاج له “الورق”، فيجب أن نعمل على تطويره، لأنه طوق النجاة وحجر الأساس فى العمل الفني.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبارالرياضة ، أخبارمصر، أخباراقتصاد، أخبارالمحافظات، أخبارالسياسة، أخبارالحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجيةوالداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.