رئيس التحرير
عصام كامل

لعنة مصر تطارد أوباما.. مشكلة البطالة في الولايات المتحدة تثير استياء الأمريكان.. خبراء: معدلات التوظيف تعكس تدهور الأوضاع.. ومبادرات الرئيس سيئة وتؤدي لهروب المستثمرين


يواصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما ارتباكه في أدائه الرئاسي، بعد أن راهن على جماعة الإخوان الإرهابية الحصان الخاسر في مصر، ومنحهم مليارا ونصف المليار دولار واستجواب الكونجرس الأمريكي له، وكانت آخر السقطات لأوباما ما كشفه مكتب إحصائيات العمل الأمريكي في تقريره الشهري الخاص حول البطالة والتوظيف في الولايات المتحدة.

أفاد المكتب بأن معدل البطالة انخفض ليسجل نسبة 7.4% بنهاية الشهر الماضي، مقابل 7.6% سجلت في نهاية شهر يونيو، وذلك بعد أن تم إضافة 162 ألف وظيفة جديدة خلال شهر يوليو على الرغم من توقع الاقتصاديين الأمريكيين سابقًا إضافة 180 ألف وظيفة.لتظل مشكلة البطالة كابوس يطارد اوباما

وأشار التقرير الصادر الليلة الماضية إلى أن إجمالي عدد العاطلين عن العمل يبلغ حاليا 11.5 مليون فرد بعد أن تم إضافة أكثر من 300 ألف وظيفة خلال الشهرين الماضيين، أخذا في الاعتبار أن قياس نسبة البطالة على المدى الطويل لم تشتمل على أولئك الذين لم يجدوا فرصة عمل لمدة 27 أسبوعا أو أكثر، والذين لم يطرأ تغيير في أعدادهم التي تقدر بـ 4.2 مليون فرد.

ورغم أن وتيرة إيجاد فرص عمل تسير بشكل أسرع خلال الأشهر الأخيرة ؛ فإن العديد من الاقتصاديين الأمريكيين يرون أن هذه الأرقام تكشف القناع عن العديد من السلبيات الخطيرة التي لا يزال يعاني منها الاقتصاد الأمريكي.

حيث يقول الخبير الاقتصادي والأستاذ في كلية سميث لإدارة الأعمال بجامعة ميرلاند، بيتر موريسي، إن "الظاهرة المصاحبة لارتفاع التوظيف هي استبدال العاملين بدوام كامل إلى الدوام الجزئي منذ شهر يناير الماضي، فالوظائف التي أضيفت منذ هذا الشهر توضح أن هناك أكثر من 833 ألف أمريكي يعملون بدوام جزئي، مقابل أقل من 97 ألفا فقط يعملون وفق نظام الدوام الكامل".

ووفقا لمكتب إحصائيات العمل، فثمة 8.2 مليون فرد تم تصنيفهم كعاملين بنظام الدوام الجزئي رغما عن إرادتهم نظرا لأسباب اقتصادية مختلفة، علاوة على وجود 2.4 مليونا يعتبرون ملحقين هامشيا إلى قوة العمل، ويتضمن هذا الرقم الأخير 988 ألفا يعتقدون أنهم لم يجدوا وظيفة مناسبة، و1.4 مليونا تركوا العمل إما بسبب الدراسة أو الالتزامات العائلية، وهو رقم لم يتغير تقريبا طوال 12 شهرا.

وبناء على ذلك يشير المدير التنفيذي لمشروع قانون التوظيف الوطني، كريستين أوينز، إلى أنه على الرغم من الإشارات الإيجابية الواردة في تقرير مكتب العمل، إلا أن نوعية ووتيرة الإسراع في تنامي فرص العمل لا تزال تثير القلق، لأنه ولمدة 4 سنوات من محاولات الانتعاش الاقتصادي لا يزال يوجد ما يقرب من 20 مليون أمريكي يعانون من البطالة أو عدم القدرة على الحصول على عمل بدوام كامل، وذلك في ظل انخفاض نسبي للأجور لأصحاب العمل الجديد.

ويشير الخبير الاقتصادي والأستاذ في كلية سميث لإدارة الأعمال بجامعة ميرلاند "بتير موريسي" إلى أن إضافة العمالة بنظام الدوام الجزئي لا الكامل ليس أمرا مستغربا، فهذه الوظائف المضافة تتمثل أساسًا في قطاعات تجارة التجزئة وقطاعات الضيافة (الفندقية والسياحية) وقليل من الشركات التي تفضل الدوام الجزئي، نظرا لارتفاع تكاليف التأمين الصحي المقررة للعاملين الدائمين فقط وفق قانون أوباما للرعاية الصحية.

ويتطابق ذلك مع إحصائيات مكتب العمل التي تشير إلى أن الوظائف المضافة في شهر يوليو شملت: 47 ألف وظيفة في قطاع تجارة التجزئة الذي استوعب 352 ألف وظيفة خلال الـ 12 شهرا، و38 ألفا في قطاع الضيافة الذي استوعب هو الآخر 381 ألف وظيفة خلال نفس الفترة، فضلا عن 15 ألفا في الشركات المالية، و14 ألفا في قطاعات تجارة الجملة، بينما لم يطرأ تغيير يذكر على قطاع التصنيع والقطاعات الأخرى التي تؤدي لزيادة النمو.

ومن جانب آخر فإن هذا يتنافى مع وجود سوق عمل حيوي وصحي يوفر فرص العمل الدائم، لأنه، كما يقول موريسي، في ظل ظروف طبيعية يتوجب على سوق العمل الأمريكي أن يوفر 360 ألف فرصة عمل شهريا حتى ينخفض معدل البطالة إلى 6 %.

لكن ما يحدث هو العكس، حيث إذا ما تم إضافة البالغين المحبطين الذين لا يجدون وظيفة والعاملين بدوام جزئي ويريدون الدوام الكامل، فإن نسبة البطالة الأمريكية الفعلية تصبح 14.3% وليس 7.4% كما يقول مكتب إحصائيات العمل.

ويرجع العديد من الخبراء الاقتصاديين الوضع الراهن في سوق العمل الأمريكي، متمثلا في عدم انخفاض البطالة بشكل مقنع وحقيقي، وانخفاض الأجور، وتفاوت دخول الأفراد، وتزايد ظاهرة العمل بالدوام الجزئي، إلى سبب مركزي يتمثل في تباطؤ معدل النمو الذي يعد العامل النهائي الذي يأتي وراء العديد من هذه الظواهر ؛ ففي الربع الثاني من العام الجاري ارتفع معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.8% فقط، ليتحسن بذلك نسبيا مقارنة بنسبة 1 % التي تتحقق منذ إعادة انتخاب باراك أوباما لفترة رئاسية ثانية في نوفمبر الماضي.

ويقول "موريسي" إن ضعف النمو له العديد من الأسباب أبرزها يتعلق بعدم ضخ استثمارات جديدة، إذ على الرغم من التفاؤل الذي يعبر عنه المستهلكون، وهو ما قد يرفع مؤشر الإنفاق الاستهلاكي، إلا أن الزيادة الضريبية المفروضة من قبل إدارة أوباما، والتي بلغت حصيلتها 200 مليار دولار منذ مطلع العام الجاري، إلى جوار خفض الإنفاق الحكومي، قد أديا إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي على السلع والخدمات غير الأساسية؛ وهو ما يقود إلى أن تفاؤل المستهلكين يقابله تشاؤم لدى الشركات والمصانع، بما يؤدي إلى ضعف الاستثمار، وبالتالي انخفاض معدل النمو.

ويوضح الخبير الاقتصادي والأستاذ في كلية سميث لإدارة الأعمال بجامعة ميرلاند "بتير موريسي" - إنه على الرغم من اقتراح أوباما بتشديد ورفع الضرائب على الشركات، وإن كان يسهم جزئيا في جلب إيرادات فيدرالية، إلا أنه لا يعزز من برامج التوظيف، هذا إضافة إلى سجل مبادراته السئ في مجال الطاقة المتجددة وصناعة المركبات النظيفة، والذي لا يضيف للمستثمرين إلا المزيد من التشكيك المستمر.

ويكاد ينطبق الأمر ذاته مع الشركات التي تعمل عبر البحار، أي خارج الولايات المتحدة، حيث أدى اقتراح أوباما إلى زيادة ضريبة أرباح هذه الشركات إلى نقل البعض منها مقارها ووظائفها إلى دول أخرى مثل إيرلندا، والتي تفرض نسب ضريبية منخفضة، إذ قامت بعض الشركات مثل إينون وسارا لي وبعض الشركات الصغرى بنقل مقراتها بالفعل.

ومن بين العوامل التي تسهم في انخفاض معدل النمو وصعوبة الانتعاش الاقتصادي هو العجز التجاري الهائل مع الصين واليابان وبعض الدول الآسيوية الأخرى، حيث يقل الطلب على السلع والخدمات الأمريكية في ظل غياب سياسات أمريكية فاعلة تواجه تخفيض بعض الحكومات الآسيوية لأسعار عملاتها.
ولفت موريسي إلى أنه على سبيل المثال فإن خفض الين الياباني بشكل مصطنع يؤدي إلى تقويض فرصة إنعاش سوق السيارات الأمريكية، ويرفع بالمقابل سعر السيارات اليابانية 200 دولار على الأقل، وهو مبلغ يتحول تلقائيًا إلى عائدات للشركات اليابانية بما يساعدها في تطوير المنتج، بينما تفقد مدينة ديترويت، معقل صناعة السيارات الأمريكية، والتي أعلنت إفلاسها مؤخرًا القدرة على المنافسة، خاصةً في ظل تنامي صناعة السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية أو الكيماويات والمواد الحيوية المختلطة.

ويلاحظ في هذا الصدد أن ارتفاع إنتاج الغاز، بالتزامن مع انخفاض سعره، يحسن القدرة التنافسية للصناعات التي تعتمد على طاقة البتروكيماويات والأسمدة والبلاستيكيات والمعادن الأساسية، لكن رغما عن ذلك، كما يقول بيتر موريسي، لا تزال وزارة الطاقة الأمريكية تبذل جهودا مضنية في سبيل زيادة صادرات الولايات المتحدة من الغاز المسال على أمل خفض العجز التجاري وربما توفير بعض فرص العمل التي تكون بالطبع قليلة، أكثر مما تركز على الاحتفاظ بالغاز الأمريكي لاستخدامه في الصناعات كثيفة الاستعمال للغاز.

وأخيرا تبدو وتيرة مراجعة التنظيمات والإجراءات الخاصة بمعايير السوق، والتي تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد الأمريكي تسير بتباطؤ في مجالات التجارة والطاقة والتأمين الصحي والضرائب وغيرها، وهو ما يزيد من شكوى المستثمرين؛ الأمر الذي يكبح ارتفاع الإنفاق الاستثماري الذي يحقق بدوره فرص عمل جيدة، لأنه بدون نمو حقيقي يأتي نتيجة استثمارات كبيرة، ولا سيما في مجال الصناعة، فإن النتيجة هي استمرار تباطؤ الانتعاش الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة.
الجريدة الرسمية