واجب المعلم تجاه طلابه
مما لا شك فيه أن التعليم قاطرة التنمية للمجتمعات، والمعلم هو قائد هذه القاطرة وموجهها، بوصفه جسر العبور الحقيقى والمدخل الطبيعى إلى عصر التقدم والرقى، وإذا كان المتعلم هو محور العملية التعليمية، فإن المعلم يظل المكون الأساسى لها، لذلك وجب إعداده وتدريبه على الوجه الأمثل لتمكينه من القيادة بوعى لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
إن المجتمع المصرى بحاجة إلى معلم من نوعية جديدة، معلمًا قادرًا على تلبية متطلبات المجتمع، معلمًا متسلحًا بالعلم والمعرفة، ومتمسكًا بالأخلاق والقيم والمبادئ الحميدة، ومحافظًا على تراث وثقافة مجتمعه ومجددًا فيها، ومتمكنًا من تخصصه الأكاديمى، ومهارات وكفاءات مهنته التدريسية، متصلًا بالعالم من حوله عبر وسائل الاتصال الحديثة.
فدور المعلم لا يقتصر على تقديم المعلومات المقررة فى الكتب والمناهج للمتعلمين، والمطالبة بحفظها وفهمها وكتابتها فى الاختبارات، بل إن دوره يمتد إلى بناء شخصية المتعلمين من كل جوانب بناء الشخصية، وأهمها كيف يكون المتعلم مواطنا صالحا، متحليا بالقيم الإنسانية يسهم فى تنمية وطنه.
واجبات المعلم
ومن أهم واجبات المعلم تجاه طلابه أن يكون مطلعًا دائمًا على كل ماهو جديد فى مجال تخصصه وأساليب التدريس الحديثة، حتى يستطيع تشجيع المتعلمين على التعلم، وأن يغرس قيمة العلم النافع وحبه فيهم، كما يجب أن يكون قدوة لهم فى المدرسة وخارجها، فالمتعلمون يرون أن معلمهم مثل أعلى يجب أن يحتذى به..
لذلك يجب أن يكون المعلم نموذجًا ممتازًا فى جميع المواقف، كما عليه أن يهتم ويكون ملم بالمنهج الخفى غير الرسمى، وأن يكون أول من يطبق ما يطلبه من المتعلمين من التزام وانضباط وسلوك، ويبتعد عما ينهاهم عنه، وبذلك يكون صادقًا مع طلابه فى أقواله وأفعاله.
وعلى المعلم أن يراعى ويطبق ويدعم العلاقات الإنسانية بينه وبين طلابه وبين طلابه بعضهم البعض، كما عليه احترام شخصية وإنسانية الطالب فى الصف والمدرسة وكافة المواقف الاجتماعية، وينبغى أن يعرف المعلمون طلابهم جيدًا وأُسَرهم، من خلال تحقيق الاتصال المستمر بهم، وأن يكونوا قادرين على الربط بين التعليم وسياقاته الخاصة..
كما ينبغى أن يكونوا قادرين على اختيار المضامين التعليمية الملائمة، وعلى استخدامها استخدامًا منتجًا فى تنمية الكفاءات، وينبغى أن يتمكنوا من استخدام التكنولوجيا كوسائط وأدوات للتعليم والتعلم.
كما يجب على المعلم إتاحة الفرص اللازمة والمناسبة لتدريب الطلاب على طرح الأسئلة والحوار والمناقشة والتأمل، والبحث عن المعرفة والمداومة على اكتسابها مدى الحياة، من خلال مساعدتهم وتدريبهم على أساليب الوصول إلى الإجابات الصحيحة لهذه الأسئلة من خلال المصادر الأصلية للمعرفة، وباستخدام أحدث الأدوات والوسائل التعليمية والتكنولوجية، وبالتواصل مع الشبكات المحلية والعالمية، بالإضافة إلى تدريبهم على انتقاء المعرفة المناسبة والمطلوبة من بين المعارف التى يصلون إليها، ثم معالجتها واستثمارها وتوظيفها فى حل المشكلات، والتعامل مع المواقف الجديدة والمعقدة.
وعلى المعلم ترسيخ الخصوصية الثقافية لدى الطلاب، والتأكيد على منظومة القيم الثقافية للمجتمع المصرى التى تشكل هذه الخصوصية، وأيضًا التركيز على منظومة القيم والمبادئ الأخلاقية الإنسانية، بهدف تزويد الطلاب بالقدرة على اتخاذ قرارات أخلاقية عند تعرضهم لمختلف المواقف الحياتية.
وينتظر الطلاب من المعلم العون والمساعدة فى كل شيء، حتى مشاركته مشكلاتهم الشخصية، لذا فعليه مسئولية كسب ثقتهم، وحفظ أسرارهم، فلا يبوح بها، وعليه السعى لحل مشكلاتهم، وأن يعاملهم معاملة عادلة، وأن تكون علاقته بهم علاقة أخوية وأبوية ولا يجامل طالب على حساب آخر.
الشروط الواجب توافرها في المعلم
ومن المهم والضرورى أن يكون لدى المعلم الثقافة العامة، والعلم اللازم بقضايا المجتمع وأسبابها ووجهة النظر المناسبة تجاه هذه القضايا لكى يكون مرجعًا لطلابه، وفى حالة إذا سأل أحد الطلاب معلمه سؤالا وكان المعلم على غير علم بالإجابة عنه، فعليه أن يكون دبلوماسيًا بحيث يخبره أنه سوف يجيب عن هذا السؤال لاحقًا..
ولا يخجل من عدم قدرته على الإجابة عن السؤال، أو قوله لا أدرى، فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما سأله رجل قائلًا: "أي البلدان شر؟ فقال: لا أدري، فلما أتاه جبريل عليه السلام قال الرسول صلى الله عليه وسلم: يا جبريل أي البلدان شر؟ قال: لا أدري حتى أسأل ربى عز وجل، فانطلق جبريل فمكث ما شاء الله أن يمكث ثم جاء، فقال: يا محمد، إنك سألتني أي البلدان شر فقلت لا أدري، وإني سألت ربـي أي البلدان شر؟ فقال: أسواقها".
ففي هذه الحالة على المعلم أن يرجع إلى مراجع متخصصة في مجال السؤال، ولا يعطي الطالب إجابة وهو غير متأكد من صحتها.
إن طالب اليوم بحاجة إلى معلم يدرك معنى وأهمية تمكين طلابه من مهارات حياتية كثيرة، أهمها القدرة على التحاور والتفاعل والتفاوض ورؤية المستقبل ووضع الخطط المستقبلية لحياته، لذلك كان على المعلم أن يساعد طلابه على اكتساب المهارات الحسية والعقلية والاجتماعية واليدوية، وأن يعى أن تعليم المهارات لا يكون عن طريق تزويد الطلاب بالمعلومات المتعلقة بتلك المهارات لفظيًا، بل يتعدى ذلك إلى تعليمها فى صورة مواقف وأنشطة مختلفة تتناسب مع كل مهارة.
الخلاصة
على المعلم أن يقوم بأعمال كثيرة لجذب قلوب الطلاب، وكسب عقولهم، وتحسين العلاقة معهم، من خلال توفير الأمن والأمان لهم، ومراجعة سلوكه معهم باستمرار، وتوفير طرق التدريس المناسبة التى تعمل على توفير التفاعل الإيجابى وتفعيل دور الطالب.
ولا يمكن إغفال دور المعلم سواء فى اكتشاف المواهب وتنميتها ورعايتها، أو فى إدماج الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو ذوي القدرات التحصيلية المحدودة في جماعة الصف، وتوفير الإجراءات والترتيبات التي يحتاجها أولئك الطلاب.
وللمعلم الحق في أن يتعرف رأى طلابه فى أدائه، ومعرفة كيف ينظرون إليه، وما هى صورته عندهم، ويمكن له أن يحقق ذلك من خلال إعداده استبيان بسيط للطلاب يقوموا بالإجابة عن أسئلته، على أن تصاغ هذه الأسئلة بطريقة واضحة ومبسطة جدًا، كما يمكن للمعلم أن يتيح الفرصة لطلابه لتقديم اقتراحاتهم وشكاواهم فى صندوق اقتراحات حتى لو بدون ذكر اسم من كتب الاقتراح أو الشكوى.