الدبلوماسي الذي لا يموت، هنري كسينجر في مهمة رسمية لامتصاص غضب بكين
كسينجر، قالت الدكتورة نادية حلمى، أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف والمتخصصة فى الشأن الصينى إن زيارة هنري كسينجر مستشار الأمن القومي للرئيس الأسبق "ريتشارد نيكسون"، للصين أمر بالغ الأهمية فى تحديد شكل علاقة الدولتين فى المرحلة القادمة وتهدئة العلاقات بين بكين وواشنطن.
كيسنجر زار بكين بشكل متكرر منذ أن ترك منصبه
وأكدت فى تصريح خاص لفيتو أن كيسنجر زار بكين بشكل متكرر منذ أن ترك منصبه وألقى العديد من الخطابات هناك، إلا أن زيارته الحالية حملت مغزى خاصًا كونها تأتى وسط تراجع حاد في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضافت الدكتورة نادية حلمى: كما أتت رمزية اختيار المسؤولون الصينيين لـ (فيلا رقم خمسة من دار ضيافة الدولة الصينية الرسمى "دياويوتاى")، وهو المبنى نفسه الذى إلتقى فيه "هنرى كيسنجر" مع "تشو آن لأى" رئيس الوزراء الصينى حينئذ قبل أكثر من ٥٠ عامًا.
واشارت الى أن حفاوة إستقبال "كيسنجر" نفسها من قبل وزير الدفاع الصينى "الجنرال لى شانجفو"، كانت موضع إهتمام أمريكى وعالمى، بالنظر لحفاوة الإستقبال الصينى به، مقارنةً برفض وزير الدفاع الصينى لقاء نظيره وزير الدفاع الأمريكى "لويد أوستن"، قبل فترة خلال قمة الأمن المعروفة بإسم "حوار شانغريلا" فى دولة سنغافورة، بسبب فرض واشنطن عقوبات عليه تمنعه من زيارة الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة شراء الصين أسلحة من روسيا عام ٢٠١٨، وهنا جاء الإستفزاز الأمريكى للصين عبر وزارة خارجيتها برفض رفع العقوبات عن وزير الدفاع الصينى الجنرال "لى شانغ فو" رغم كونه وزيرًا حاليًا للدفاع.
قضية المنافسة التكنولوجية مع الصين
وتابعت الدكتورة نادية حلمى: ركزت إدارة الرئيس الأمريكى "جو بايدن" فى الوقت الحالى على قضية المنافسة التكنولوجية مع الصين، وهذا ذاته ما أكده المنسق الأمريكى لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ "كورت كامبل"، فى منتدى معهد هدسون فى يونيو ٢٠٢٣، من أن "التكنولوجيا ستكون هي الحلبة المتطورة للمنافسة العالمية في الفترة المقبلة بالطريقة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، مثلما كانت الصواريخ النووية هي السمة المميزة لفترة الحرب الباردة فى السابق".
ووقالت: دخلت الدبلوماسية بين أمريكا والصين في مرحلة مقلقة بسبب تدهور العلاقات بين الجانبين فى السنوات الأخيرة، بسبب زيارة رئيسة الكونغرس "نانسي بيلوسى" لتايوان في أغسطس ٢٠٢٢، مما أدى لرفع الصين وتيرة غضبها خاصةً بعد إقرار مبادرة التجارة للقرن ٢١ بين واشنطن والعاصمة التايوانية "تايبيه" فضلًا عن زيادة المبيعات العسكرية الأمريكية لتايوان. وهو ما أثار حفيظة وغضب بكين الهائل نحو الساسة فى البيت الأبيض فى الولايات المتحدة الأمريكية.
دعوة أمريكية غير مباشرة إلى سياسة الإنفتاح على بكين
وأضافت الدكتورة نادية حلمى: اليوم، فيما تندفع الصين والولايات المتحدة الأمريكية نحو المواجهة، تأتى رمزية زيارة "كيسنجر" للصين، كدعوة أمريكية غير مباشرة إلى سياسة الإنفتاح على بكين، بإعتبارها البداية الحقيقية لما يقرب من خمسون عامًا من الإنخراط الخاطئ والعداء بين أطرافه.
واشارت الى ان سياسة الإنفتاح على الصين فى فترة الرئيس "نيسكون" ومستشاره حينئذ "كيسنغر" كانت بمثابة سياسة ذكية من كلا الطرفين، وساعدت على الفوز بالحرب الباردة وغيرت علاقة الصين مع الولايات المتحدة الأمريكية بل والعالم بأسره خلال تلك الحقبة، بفضل سياسة إعادة التقييم الجوهرية للسياسات الأمريكية حول الصين، وإقرار مبدأ جديد فى السياسة الخارجية الأمريكية، يسمى بـ "زواج المصلحة الجيوسياسية" بين واشنطن وبكين، والذى تم إقراره فى عام ١٩٧١.
وأكدت الدكتورة نادية حلمى انه تم إعطاء "كيسنجر" لقب "ثعلب الدبلوماسية الأمريكية" بفضل نجاحه فى إنهاء فترة الحرب الباردة مع الصين، بفضل سياسته المعروفة بين الأكاديميين والباحثين عالميًا، بنهج "السياسة الواقعية"، من خلال معالجته لتلك الأحداث والتحولات السياسية خلال تلك الفترة من الصراع البارد بين واشنطن وبكين، بتنحية تلك الأسس الأيديولوجية والمثالية فى مقعد خلفي لتحقيق المصلحة الوطنية الأمريكية فى المقام الأول.
زيارة "كيسنغر" للصين، هو لإعادة التذكير بأهمية الحوار
وواصلت حديثها قائلة إن دلالة زيارة "كيسنجر" للصين فى الوقت الحالى، هو لإعادة التذكير بأهمية الحوار بين جميع أطرافه، والذى مهد الطريق للصين قبل أكثر من ٥٠ عامًا على النهوض وكسر عزلتها الدولية، مع إكتساب القدرة على الوصول إلى المؤسسات العالمية والإقتصاد العالمى.
واشارت الدكتورة نادية حلمى الى نجاح سياسة الإنفتاح الإقتصادى للصين وعلى مدار أكثر من ٥٠ عامًا على جعل الصين فى مصاف القوى الرائدة حول العالم، بفضل حصولها على تكنولوجيا متقدمة، وسلعًا عسكرية متقنة الجودة من الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها بعد بدء عصر الإنفتاح مباشرة بعد زيارة الرئيس الأسبق "نيكسون" للصين ومستشاره "كيسنجر" قبل أكثر من ٥٠ عام، فقد نجحت الصين فى إستثمار إنفتاحها على العالم بالحصول على مساعدات، وتجارة، وإستثمارات عديدة ومتنوعة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ثم اليابان حليفة واشنطن الآن. كما كان الإنفتاح الذي بدأه "كيسنغر" سببًا فى خلق الظروف العالمية اللازمة لنهوض الصين.
الصدام يهدد بـ "تدمير الحضارة
وقالت : هنا تأتى زيارة "كيسنجر" للصين، فى إشارة للتأكيد على أن الصراع المحتمل بين الولايات المتحدة والصين، بالنظر إلى الأسلحة الحالية، يمكن أن يهدد بـ "تدمير الحضارة".لذا جاء تأكيد خطاب "كيسنجر" لكلا أطرافه، بأنه: "الأهم لدينا هو الحوار بين الزعيمين، وإتفاقهما على أن لديهما أخطر الوسائل في العالم وأنهما سيديران سياستهما بطريقة تقلل إحتمال إندلاع صراع عسكرى بينهما، أو إستخدام هذه الوسائل".
وقالت الدكتورة نادية حلمى: "كيسنجر" ذاته قالت فى وقت سابق أن الصين تسعى للأمن، وليس للهيمنة العالمية، مع أنها تسعى لتكون القوة العظمى فى المنطقة والعالم، وتأكيد "كيسنجر" بأننا نعيش الآن في عصر جديد تمامًا، لأن الوضع الجيوسياسي على مستوى العالم سيشهد تحولات كبيرة بعد إنتهاء حرب أوكرانيا، وهو ما يجب أن تعيه وتدركه كلًا من الولايات المتحدة الأمريكية والصين إزاء مواجهتهما مع بعضهما البعض. لذا جاء تحذير "هنري كيسنجر" من مغبة الدخول في حرب باردة ثانية، لأنها ستكون أكثر خطورة من الأولى من وجهة نظره. مع إحترام وجهة نظر "كيسنغر"، بأنه: "لا يستحق إنتظار أن تصبح الصين ذات ميول غربية".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.