رئيس التحرير
عصام كامل

التضخم يسيطر على العالم.. مصر الأعلى تاريخيا في ارتفاع الأسعار.. وتركيا تتصدر المشهد.. والبنوك المركزية تلجأ للخيارات الصعبة

التضخم العالمي، فيتو
التضخم العالمي، فيتو

على مدار أكثر من ثلاثة أعوام، تعاني العديد من دول العالم بداية من جائحة كورونا، ووصولا إلى الحرب الروسية الأوكرانية، مما انعكس على ارتفاع معدلات التضخم بشكل جنوني في كافة الدول بلا استثناء، مما جعل العديد من البنوك المركزية العالمية تلجأ للخيارات الصعبة ممثلة في رفع أسعار الفائدة والتشديدات النقدية في الأسواق المصرفية، لمحاولة كبح جماح التضخم في البلاد.

 

لا تقتصر أزمات التضخم على الاقتصادات الناشئة والمبتدئة فقط، ولكنها وصلت إلى الاقتصادات المتقدمة، والتي جاء على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي اتخذت أمامها مسارا طويلا من رفع أسعار الفائدة بداية من العام الماضي، لخفض معدلات التضخم إلى المستويات التي يستهدفها الفيدرالي الأمريكي، مما تسبب في تأثيرات كبيرة على معظم اقتصادات العالم، والتي انعكست على ارتفاعات قياسية في الأسعار ونتج عنها العديد من الضغوطات التضخمية مع زيادة تكاليف المعيشة.

 

التضخم العالمي، فيتو

التضخم في مصر الأعلى تاريخيًا

سجلت معدلات التضخم في مصر، ارتفاعات تاريخية خلال شهر يونيو الماضي، حيث وصل معدل التضخم الأساسي إلى 41% وفقا لبيانات البنك المركزي المصري، بسبب الارتفاعات الكبيرة في أسعار الغذاء والمشروبات، والتي وصل إلى حوالي 65.9% في يونيو.

 

ويأتي ارتفاع معدل التضخم في مصر وسط العديد من الضغوط التي تعاني منها البلاد، بسبب الأزمات العالمية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية ومشاكل سلاسل الإمداد، حيث يأتي هذا الأمر في الوقت الذي تعاني فيه مصر من شح النقد الأجنبي بالسوق المصري، مع الخفض المستمر لقيمة العملة بداية من شهر مارس 2022، مما نتج عنه عدة تحديات يعاني منها الشعب المصري.

التضخم في مصر، فيتو

وتشير بيانات معدلات التضخم، إلى توجه البنك المركزي المصري خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية في يوم 3 أغسطس المقبل، برفع أسعار الفائدة لمحاولة الحد من الارتفاع الكبير للتضخم في البلاد، بعدما قرر خلال الاجتماعين الماضيين بتثبيت سعر الفائدة، بعد زيادات وصلت إلى 1000 نقطة بداية من شهر مارس 2022 وحتى الآن.

 

تركيا أمام تحديات صعبة بسبب التضخم

لم تتوقف الأزمات التي يعاني منها السوق العالمي، على مصر فقط بسبب ارتفاع معدلات التضخم، ولكن تركيا تعتبر من أعلى الدول التي سجلت معدلات تضخم خلال السنوات الأخيرة، وهذا ما جعله من أهم التحديات التي تعاني منها الدولة، مما نتج عنها تراجع القوة الشرائية للمواطنين وخفض مستويات الرفاهية بنسب عالية.

 

وشهد معدل التضخم في تركيا خلال شهر يونيو الماضي ارتفاع بنسبة 3.92%، في الوقت الذي ارتفع فيه خلال شهر ديسمبر 2022 بنسبة 19.77%، مما جعل معدل التضخم السنوي يرتفع إلى 38.21% في يونيو 2023، وسط حالة من التوقعات بارتفاعه بشكل كبير خلال الشهور المقبلة، بسبب تغيير السياسة النقدية التي تتبعها البلاد خلال الفترة الأخيرة.

التضخم في تركيا، فيتو

ولم تتوقف الأزمات على معدلات التضخم فقط في تركيا، ولكن الدولة أمام تحدي كبير بسبب التراجعات الكبيرة في قيمة الليرة التركية، والتي تعتبر الأسوأ منذ عقود، مما كان له دور في دعم زيادة التضخم في البلاد خلال الفترة الماضية، وسط عكس متخذي القرار في تركيا السياسات غير التقليدية المستخدمة لربط العملة.

 

وبالرغم من الضغوط الكبيرة التي تعاني منها الليرة التركية، إلا أنها لم تكسر الزخم الدافع للتضخم في شهر يونيو الماضي، مما جعل الدولة تعمل على عدة إجراءات تأتي من أبرزها زيادة مؤقتة بنسبة 34% في الحد الأدنى للأجور.

 

التضخم الصفري في الصين

وبالرغم من الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها معدلات التضخم في مصر وتركيا، إلا أن الصين عكست المسارات التضخمية، من خلال وصول معدل التضخم إلى صفر في الشهر الماضي، في الوقت الذي تراجعت فيه أسعار الإنتاج أكثر من المتوقع، حيث تراجع مؤشر أسعار المستهلك لشهر يونيو، عن النسبة البالغة 0.2% في مايو، بحسب بيانات  المكتب الوطني للإحصاء، مما جعله أسوأ من المتوقع وسط تباطؤ الطلب المحلي.

 

وتراجع معدل النمو الاقتصادي في الصين بشكل كبير منذ إبريل الماضي، بعد قيام بكين برفع كافة إجراءات الحد من فيروس كورونا الصارمة، التي اتخذتها العام الماضي، في الوقت الذي سجل فيه اليوان الصيني أدنى مستوى له في 7 أشهر أمام الدولار، مع تراجع الصادرات بشكل ملحوظ.

التضخم في الصين، فيتو

وتعاني الحكومة الصينية من عدة ضغوط خلال الفترة الأخيرة لإدخال إجراءات تحفيز النمو الاقتصادي، مع دورها في العمل على تخفيض أسعار الفائدة، مع دورها في تحديد هدفًا للنمو بحوالي 5% هذا العام، الذي يعتبر أحد أدنى معدلاتها خلال عقود. 

 

اندفاع غير مسبوق في معدلات التضخم في مصر

وفي نفس السياق، قال الدكتور علاء رزق الخبير الاقتصادى ومدير المركز الاستراتيجي للتنمية الاقتصادية، إن مصر تشهد  حاليا اندفاع غير مسبوق في معدلات التضخم، حيث أظهرت نتائج التقرير الاخير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع معدل التضخم السنوي، إلى 36.8% بزيادة قدرها 2% عن الشهر الذي سبقه هو شهر مايو مقابل 14.7% من نفس الشهر للعمل الماضي.

 

علاج الآثار السلبية للتضخم في مصر يتطلب معرفة هذا الأمر

وأكد رزق فى تصريحات خاصة لـ "فيتو"، أنه يجب معرفة التشخيص الحقيقي لما وصل إليه حال التضخم في مصر حتى يتسنى لنا محاولة علاج هذه الآثار السلبية منه، مشيرا إلى أن التضخم بصفته اكبر المصطلحات الاقتصادية شيوعا على مستوى العالم لكن حتى الآن لا يوجد اتفاق بين الاقتصاديين بشأن تعريف محدد له، نظرا لانقسام الرأي حول مفهومه، لأن مصطلح التضخم مستخدم لوصف العديد من الحالات، وأهمها الارتفاع المفرط في المستوى العام للاسعار او تضخم الدخل النقدي الناتج من الاجور او الارباح تحديدا أو زيادة مستوى التكاليف نتيجة تقلص سلاسل التوريد أو الإفراط في خلق الأرصدة النقدية، مثل الإفراط في إصدار العملة المحلية.

ارتفاع معدلات التضخم، فيتو

وأشار إلى أن هذه العناصر أو الحالات السابقه تعتبر حالات مستقلة، وبالتالي فإن عدم الاتفاق على تعريف التضخم يأتي من استقلالية هذه الحالات، لكن إذا أجاز لنا محاولة تشخيص الوضع الحالي، فان القرن الـ 19 جاء معه التركيز على جانب واحد من التضخم وهو التضخم النقدي، أي أن ارتفاع عرض النقود يؤدي لانخفاض قيمتها مما يؤدي الى ارتفاع مستوى الأسعار والعكس صحيح، موضحا أنه بالتالي فإن الاقتصاد العالمي قد أكد ان التضخم هو زيادة حجم الطلب الكلي على حجم العرض الحقيقي، وزيادة محسوسة ومستمرة مما يؤدي إلى زيادة ارتفاع الأسعار.

 

العلاقة بين خطط الاستثمار وخطط الادخار

وأضاف أن المدرسة السويدية الحديثة في النصف الثاني من القرن العشرين، ترى أن العلاقة بين الطلب الكلي والعرض الكلي لا تتوقف فقط على خطط الإنفاق القومي، أو خطط الإنتاج القومي، ولكن تتوقف على العلاقة بين خطط الاستثمار وخطط الادخار.

 

وتابع: وبالتالي فإن زيادة معدلات التضخم التي أقرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خلال شهر يونيو الماضي، جاءت لمجموعة من الأسباب، على رأسها زيادة الطلب على السلع الغذائية من الحبوب واللحوم والأسماك والسكر والزيوت وغيرها، بنسب تتراوح من 4% الى 15%،  فضلا على زيادة أسعار الوقود خاصة السولار خلال الفترة الماضية.

وأوضح، أنه ما زالت تداعياته مستمرة حتى الآن، بجانب استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بتوقعات الأسعار، وتتمثل أهمها في اختلال سلاسل التوريد العالمية والتطورات الأخيرة في القطاع المالي بالاقتصادات المتقدمة، خاصة الاقتصاد الاوروبي والامريكي، كما ان التضخم المستورد نتيجة انخفاض قيمة الجنيه امام العملات الاخرى، مع استمرار العجز في الميزان التجاري، لذا ترتفع الأسعار مع انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الاخرى.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية