إذاعة القرآن الكريم من القاهرة.. تراجُع التلاوات وكثافة الفواصل الإعلانية وراء هجرة المستمعين والبحث عن بدائل
لكل شيء إذا ما تم نقصانُ؛ فبعد فترات طويلة من الانتشار والازدهار والتوهج.. بدأت إذاعة القرآن الكريم -التي انطلقت في ستينيات القرن الماضي تحمل إلى العالم الإسلامي مُحكم التنزيل بأصوات عذبة وحناجر ساطعة وتُعلّم الناس دينَهم الحقَّ- تدخل مرحلة مُعقدة من الأفول والتراجع على جميع المستويات؛ تمهيدًا للانسحاب الكامل من مشهد إعلامي وتنويري وتربوي، كانت جزءًا أصيلًا منه، وقاسمًا مشتركًا وصاحبة السبق فيه.
أول إذاعة دينية في العالم الإسلامي
إذاعة القرآن الكريم، أول إذاعة دينية وُضعت للناس في الأرض "انطلقت العام 1964"، تواجه أزمة حقيقية من وجهة نظر البعض، يمكن اختزالها في محورين أساسيين هما: سيطرة الإعلانات على أثيرها، وتراجع المساحة الزمنية المخصصة للتلاوات القرآنية؛ لاسيما لأكابر القراء من الرعيلين الأول والثاني.
اقرأ أيضًا:
المنسيون، إذاعة القرآن الكريم تتجاهل القراء القدامى من أجل التمكين للجدد والفضائيات الدينية على خُطى روتانا سينما
طلب إحاطة ضد تراجع إذاعة القرآن الكريم
في شهر يناير الماضي.. تقدمت النائبة البرلمانية صفاء عيادة بطلب إحاطة مُوجَّه إلى رئيس الوزراء ووزير الأوقاف ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام "بصفاتهم"؛ بشأن إعلانات المؤسسات التجارية والخيرية على إذاعة القرآن الكريم.
النائبة قالت في طلب الإحاطة: "إن إذاعة القرآن الكريم هي أيقونة الإذاعات وغذاء الروح وسكينة النفس، وكانت منذ يومها الأول فى المقدمة بين جميع المحطات والإذاعات في كثافة الاستماع، حيث تحتل مكانة خاصة في نفوس المصريين، لاسيما البسطاء منهم"، مُضيفة: "تسعى إذاعة القرآن الكريم منذ أكثر من نصف قرن، لتحقيق الهدف الأسمى والأساسي، وهو تعريف المستمع بصحيح الدين الإسلامي، وما يحتويه كتاب الله عز وجل والسُنة المشرفة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من تعاليم تسمو بالفرد والمجتمع".
واستطردت النائبة البرلمانية: "حافظت هذه الإذاعة الرائدة منذ انطلاقتها على أن تكون صاحبة بصمة في تقديم تلاوات القرآن الكريم بأصوات لا تزال تُعطر أسماعنا بكلام المولى سبحانه وتعالى"، مُستنكرة في الوقت نفسه ما أسمته "تداخلات إعلانية تمتد لفترة من الوقت على مدار اليوم شوَّهت الإذاعة العريقة، دون تدخل من القائمين على اتحاد الإذاعة والتليفزيون".
وذكرت النائبة أن هناك حالة من الغضب والاستياء بين الجمهور والمتابعين عبر منصات التواصل الاجتماعى؛ نتيجة لما يحدث فى إذاعة القرآن الكريم بعد أن أصبحت الإعلانات تقتطع جزءًا كبيرًا من محتواها الأصلي وهدفها السامي والتنويري وهو تقديم آيات الذكر الحكيم والأحاديث الشريفة والبرامج الدينية على مدار اليوم.
الإعلانات تدفع المستمعين إلى الانصراف عن الإذاعة
وكشفت النائبة عن أن هناك الكثير من المستمعين يقومون لأول مرة بغلق المحطة طوال فترة الإعلانات، التي تثير استياء الغالبية العظمى من مستمعي الإذاعة، لافتة إلى أن هناك الكثير من البدائل لتعزيز موارد الإذاعة ليس من بينها: الإعلانات التجارية.
وفي ختام طلب إحاطتها، شددت النائبة صفاء جابر على ضرورة الحفاظ على إذاعة القرآن الكريم ومكانتها في نفوس مستمعيها، والحفاظ على خصوصيتها لتأدية رسالتها السامية في إبلاغ رسالة ديننا الحنيف ومنهجه الصحيح بعيدًا عمّا أسمته "سُخف الإعلانات".
اقرأ أيضًا:
طلب إحاطة بشأن تراجع تأثير إذاعة القرآن الكريم
وعطفًا على سردية النائبة، فإن الإعلانات توغلت داخل شبكة القرآن الكريم في شهر رمضان الماضي حتى إنها كانت تتوسط قرآن المغرب والأذان، وتفسد روحانيات الحالة الإيمانية التي يكون عليها الصائمون في هذه اللحظات؛ فضلًا عن أن طبيعة الإعلانات نفسها لا تناسب إذاعة متخصصة في القرآن الكريم.
غضب إلكتروني كاسح ضد شبكة القرآن الكريم
ومن داخل قاعات البرلمان إلى الفضاء الألكتروني وفي مفاجأة مدهشة..كتب وزير الإعلام السابق أسامة هيكل منشورًا مختصرًا على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" نصُّه: "إذاعة الإعلانات..القرآن الكريم سابقًا"؛ في إشارة إلى فيضان الإعلانات الذي أصبح يسيطر على أثير الشبكة، وهو المنشور الذي صادف تفاعلًا كبيرًا وتعليقات غاضبة من الحالة التي آلت إليها.
ومؤخرًا..كتب الكاتب الصحفي البارز أنور الهواري منشورًا على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مؤخرًا يُعلن فيه مقاطعته إذاعة القرآن الكريم منذ شهر رمضان الماضي؛ احتجاجًا على ما اعتبره "استيطان الإعلانات الرديئة أثيرها بشكل هيستيري"!
"الهواري" -الذي احتجَّ في مرات سابقة على تراجع الشبكة الدينية الأقدم أكد في منشوره الأخير أنه أصبح يفتقد إلى الاستماع إلى تلاوات أكابر القراء ونوابغهم في منزله؛ معربًا عن حُزنه واستيائه من الحال التي وصلت إليها شبكة القرآن الكريم.
واختتم الكاتب الكبير منشوره -الذي صادف تفاعلًا كبيرًا وتعليقات غاضبة- مؤكدًا أن "تنزيه إذاعة القرآن الكريم عن الإعلانات تعظيم للقرآن الكريم، وتعظيم لشعائر الله".
وعطفًا على منشور "الهواري" فيما يخص "التلاوات القرآنية تحديدًا"، فإن هناك حالة غضب أخرى من الاختفاء التدريجي لقراء الرعيلين الأول والثاني ممن صنعوا مجد دولة التلاوة المصرية في مقابل التمكين لقراء آخرين أدنى موهبة وأقل إبداعًا؛ علمًا بـأن التقارير الرسمية تؤكد أن 95% من متابعي إذاعة القرآن الكريم يتابعونها بهدف الاستماع إلى التلاوات القرآنية فقط!
أقل من 100 ألف جنيه في اليوم
وفي العام الماضي.. قدَّر رئيس الإذاعة محمد نوار حصيلة الفواصل الإعلانية بإذاعة القرآن الكريم بنحو 25-30مليون جنيه سنويًا. وبحسبة بسيطة فإن اليوم الإعلاني الواحد داخل شبكة القرآن الكريم يسجل أقل من 90 ألف جنيه فقط، وهو رقم سهل تعويضه وتدبيره بعيدًا عن إفساد واحد من أهم روافد الوعي للمصريين؛ فلا يصح أن تكون محطات الأغاني مثلًا بدون فواصل إعلانية في الوقت الذي تصبح فيه المادة الإعلانية في شبكة القرآن الكريم رقم واحد!!
حملة لجمع التبرعات للاستغناء عن الإعلانات
وفي وقت سابق.. اقترح أستاذ الإعلام البارز الدكتور حسن على أن يتم إجراء اكتتاب لجمع نحو 30 مليون جنيه سنويًا من المستمعين؛ من أجل إعادة إذاعة القرآن الكريم إلى سيرتها الأولى وتطهير أثيرها من طوفان الإعلانات!
اقرأ أيضًا:
بسبب الإعلانات.. تحذير برلماني من العزوف عن إذاعة القرآن الكريم
ونظرًا لصعوبة تنفيذ طرح الدكتور حسن علي بجمع 30 مليون جنيه من المصريين لوقف الإعلانات؛ في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها المصريون، فإنه لم يعد هناك مفر من المقاطعة التدريجية لشبكة القرآن الكريم، ويومئذ لن تكون جاذبة للإعلانات، كما ذهب جانب من التعليقات إلى طرح بدائل جديدة لشبكة القرآن الكريم بعد دخولها النفق المظلم؛ من خلال تحميل تطبيق عبر الموبايل اسمه "إذاعة القرآن الكريم"، يمكن من خلال متابعة إذاعات القرآن الكريم على مستوى العالم الإسلامي، وجميعها يخلو من فيضان الإعلانات، ومن التلاوات الرديئة أيضًا.
ومؤخرًا، وبعد صمت طويل.. تحدث رئيس شبكة القرآن الكريم رضا عبد السلام، مؤكدًا أن بث هذ الكم الهائل من الإعلانات عبر إذاعة القرآن الكريم أمر خارج عن إرادته!
وأخيرًا..فإن هذا بلاغ إلى كل من يهمه الأمر، لا تفرطوا في شبكة القرآن الكريم ولا تهملوها ولا تتركوها فريسة للإعلانات والتراجع، ولا تتخلوا عن ريادة نحن أصحابها؛ من أجل جنيهات معدودة وأنتم فيها من الزاهدين.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار ، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.