على حد السيف، رحلة 70 عاما للعلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا من الازدهار إلى الفتور على وقع الأزمات السياسية
العلاقات التجارية بين مصر وتركيا، تعرضت على مدار 70 عاما، وبالتحديد منذ بداية خمسينيات القرن الماضي، للعديد من التحديات بسبب الخلافات السياسية بين البلدين، لتسجل علامة بارزة انطوت على مدار عقود من الزمان تتردد صداها بين الحكومات المصرية المتعاقبة.
ولأن أسواق البلدين لديها اهتمامات كبيرة بين المستثمرين في الشرق الأوسط، لم تحول الخلافات السياسية دون استمرار تنامي العلاقات الاقتصادية - وإن كانت ضعيفة بعض الشيء - وارتفاع معدل الاستيراد والتصدير بين القاهرة وأنقرة، بالرغم من استمرار الخلافات والمواقف السياسية بين البلدين.
ومع إعلان وزارة الخارجية المصرية، رفع العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا لمستوى السفراء، عادت إلى الأذهان العلاقات الاقتصادية بين البلدين على مدار العقدين الآخرين، ما بين ازدهار للتبادل بداية من عام 2005، وتراجع معدلات التجارة على أعقاب الأزمة السياسية بين البلدين في عام 2013، حتى تم الإعلان رسميا بعودة العلاقات الدبلوماسية، تستعيد البلدين كافة العلاقات الاقتصادية المزدهرة، والدخول في مستقبل اقتصادي واعد.
تاريخ العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا
تعرضت مصر وتركيا لأزمة سياسية كبيرة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تسببت في قطع العلاقات السياسية والاقتصادية، وكان لها تأثير كبير على اقتصاد الدولتين، واستمرت هذه الأزمة لما يقرب من 50 عاما، كانت تتزايد فيها معدلات التبادل التجاري بشكل ضعيف، حتى عام 2005، والتي تم فيه توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا، مما جعل البلدين ينضمان بصفة "عضوية دائمة" في منظمة الاتحاد من أجل المتوسط.
وتم توقيع اتفاق لأكبر مشروع مشترك بين البلدين، متمثلا في "صفقة الغاز الطبيعي" في عام 2008، مما جعل القاهرة وأنقرة تسيران في طريق اقتصادي إيجابي، بالرغم من الأزمات السياسية والدبلوماسية بينهما، وفي عام 2010 وصل حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا 3.1 مليارات دولار، بينها 900 مليون دولار صادرات مصرية للسوق التركي، فيما تتجاوز الاستثمارات التركية في السوق المصري ملياريْ دولار.
ووقعت مصر وتركيا في عام 2011 مذكرتي تفاهم في مجال الطاقة، تتعلق الأولى بالتعاون مع طرف ثالث، والأخرى خاصة بالكهرباء، في الوقت الذي كانت تعتزم فيه تركيا التنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط بالتعاون مع مصر، واستيراده منها، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2013 إلى 5 مليارات دولار، وتم خلال فترة قصيرة توقيع ما يقرب من 100 اتفاقية للتعاون المشترك في كافة المجالات.
تحديات التجارة بين مصر وتركيا
تعرض التجارة بين مصر وتركيا، للعديد من التحديات الاقتصادية التي تأثر فيها اقتصاد الدولتين، نتيجة الخلافات السياسية التي نتج عنها فتور واضح من ناحية توقيع الاتفاقيات المشتركة، بالإضافة إلى تراجع معدلات الصادرات التركية لمصر، بجانب انتشار جائحة كورونا وتسببها في توقف العديد من الأنشطة التجارية العالمية.
وقال الدكتور علاء رزق أستاذ الاقتصاد ومدير المركز الإستراتيجي للتنمية، إن عودة العلاقات السياسية والدبلوماسية بين مصر وتركيا، أثارت العديد من التطلعات نحو مستقبل العلاقات الاقتصادية بينهما، لا سيما وأن هناك العديد من الملفات الشائكة التي كان من الصعب حلها في الفترة السابقة في ظل حالة الاحتقان السياسي بين البلدين الكبيرين.
وأضاف رزق في تصريحات خاصة لـ"فيتو"، أن مصر وتركيا قوتان إقليميتان لهما اعتبارهما في المنطقة، بينهما العديد من الملفات الشائكة سواء الملف السوري، أو اللبناني، أو الفلسطيني، أو الليبي، بالإضافة إلى ملف غاز المتوسط، مشيرا إلى أنه منذ عام 2013 تأثرت العلاقات السياسية بين الدولتين، ولكن كانت العلاقات التجارية بينهما ثابتة الى حد ما، بعد رفض رجال الأعمال المصريين إلغاء اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين مصر وتركيا.
وأشار إلى أن العلاقات السياسية بين مصر وتركيا تصاعدت في الفترة الماضية بعد أن تقابل الرئيسان عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان في افتتاح كأس العالم في نوفمبر 2022 بدولة قطر، ومن هنا بدأت التكهنات بإمكانية استئناف العلاقات السياسيه والدبلوماسيه بين مصر وتركيا، موضحا أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، فهو أمر مفروغ منه خاصة في ظل الأوضاع العالمية المليئة بحالة من عدم اليقين وتعاقد العلاقات الدولية وتشابك المصالح فلا توجد مصالح اقتصادية ابدا دون علاقات سياسية.
مكاسب استئناف العلاقات السياسية بين مصر وتركيا
وتابع: "وبالتالي فإن استئناف العلاقات السياسية بين مصر وتركيا سوف يزيد من عملية التبادل التجاري بينهما فالتبادل التجاري بين مصر وتركيا في عام 2019 بلغ 5.4 مليار دولار، متمثلة في 4.3 مليار دولار لصالح تركيا، والباقي لمصر، أما في عام 2022 فقد بلغ التبادل التجاري 7.1 مليار دولار، وكان نصيب تركيا منه 5,5 مليار دولار والباقي لمصر.
وأوضح أن إجمالي عملية التبادل التجاري بين مصر وتركيا في عام 2022 تمثل 5% من إجمالي تجارة مصر الخارجية البالغة 130 مليار دولار، ولكنها بالنسبة لتركيا لا تزيد عن 1,1 % من جملة تجارة تركيا الخارجية البالغة 617 مليار دولار في عام 2022، مضيفا أنه إذا كانت مصر تعد من أكبر 20 دولة مستوردة للسلع التركية، الا ان تركيا لا تدخل ضمن أكبر 20 دولة مستوردة للسلع المصرية.
وأكد أن مستقبل العلاقات بين مصر وتركيا تحدده رؤية قادة البلدين، عبر تحديد مجموعة من الأهداف الاقتصادية المرتكزة على عودة العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البلدين، مشيرا إلى أنه تم تحديد هدف من قبل الدولة التركية بزيادة التبادل التجاري بين البلدين من 7,1 مليار دولار إلى 20 مليار دولار في عام 2025، عبر زيادة عدد الشركات التركية التي تعمل في النشاط الاقتصادي في مصر من 200 شركة باستثمارات 2 مليار دولار، إلى 500 شركة استثمارات 5 مليارات دولار في شتى القطاعات، مثل القطاع المنسوجات والملابس الجاهزة والأدوات المنزلية.
وتابع: وهذا عبر استهداف الشركات التركية للاسواق الاوروبية مستنده على الشراكة المصرية الاوروبية، والاسواق الافريقيه مستنده على اتفاقية الكوميسا، مشيرا إلى أن الاستثمارات التركية بلغت في عام 2022 حوالي 180 مليون دولار مقارنة بـ 137 مليون دولار في العام الذي سبق بزيادة 32%، لكن الاهم هو ان المجال مفتوح لتعميق الشراكة بين شركات البلدين، خاصة فيما يتعلق بإنتاج حديد التسليح الذي يمثل انطلاقه مهمة الاقتصاد المصري بعد انهاء خدمات مصنع الحديد والصلب الذي ظل منتجا للحديد في مصر لمدة 67 عاما، وبالتالي فإن السوق المصري في حاجة ماسة إلى إنتاج حديد التسليح لتخفيف الأسعار التي انعكست على الكثير من المنتجات والخدمات الأخرى.
وأضاف، أن تحقيق الشراكة بين كبرى شركات الحديد في مصر وتركيا سوف يمثل انطلاقه مهمة لتخفيف الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي فإن تناول ملفات أهمها قضية غاز شرق المتوسط، لما تمثله من أهمية كبيرة بالنسبة لتركيا التي تستورد ما لا يقل عن 90% من احتياجاتها من الطاقة، فان ذلك سوف يمثل نقلة كبيرة لتركيا في إمكانية أن تصبح العضو رقم 8 في منتدى غاز المتوسط، وهو أمر يتزامن مع الملف الليبي والتواجد التركي.
إعادة بناء العلاقات بين مصر وتركيا
وعن إعادة البناء، قال الخبير الاقتصادي، إن الدخول في مرحلة إعادة البناء من جانب مصر وتركيا سوف يمثل استفاده قصوى لحكومة البلدين، والتي تنعكس انعكاسا كبيرا على تحقيق إظهار اقتصادي، وبالتالي فان تمتين العلاقات بين مصر وتركيا تثبت في العرض التركي على مصر استخدام العملات المحليه في تسوية المعاملات المالية والتجارية، وهي خطوه مهمه بعد ان اقدمت عليها البلدين مع العديد من البلاد الأخرى والتجمعات الدولية، مثل تجمع البريكس لتخفيف من حده مشكله النقد الأجنبي وتعزيز موقف العملات المحلية سواء كان الجنيه المصري او الليره التركية، بعد تراجع كلا منهما في الفتره الاخيره نتيجه لعدم وضوح الرؤيه في التعاملات السياسه النقديه العالمية، خاصة من قبل الفيدرالي الامريكي.
وأكد أن تعزيز البنوك المركزية في البلدين يمثل انطلاقة كبيرة نحو امتلاك العديد من الآليات للتعامل بالعملات المحلية بين البلدين لتحقيق تسوية في المعاملات سواء كانت تجارية أو مالية تنعكس على علاج مشكلة النقد الأجنبي.
مصر ستصبح أهم شريك لتركيا
وفي سياق آخر، قال رئيس مجلس الأعمال التركي المصري، مصطفى دنيزر، إن مصر ستصبح أهم شريك لتركيا في التصدير والتجارة، لافتا إلى أن حجم التجارة الثنائية بينهما قد يصل إلى 20 مليار دولار.
ورجح دنيزر، أن ينعكس قرار تركيا ومصر رفع علاقاتهما الدبلوماسية إلى مستوى السفراء بشكل إيجابي على العلاقات التجارية بين البلدين في الفترة المقبلة، مضيفا أن كلا الجانبين يشجع الاستثمارات المتبادلة، كما ترغّب وتشجع السلطات التركية المستثمرين على الاستثمار في مصر مجددًا.
وأشار إلى وجود ما بين 15 و20 مشروعا استثماريا تركيا مهمًا في مصر، خاصة في المنسوجات والملابس، موضحا أنه إضافة إلى ذلك، من المنتظر القيام باستثمارات جديدة في الفترة المقبلة في قطاعات بيع التجزئة والطاقة والأجهزة المنزلية والنقل".
وأوضح: حجم تجارتنا المتبادلة نحو 10 مليار دولار، ولأول مرة بدأت مصر في تحقيق فائض في الحساب الجاري عبر الطاقة، ويمكننا زيادة الميزان التجاري إذا نجحنا في إدخال المنتجات التركية إلى مصر، مشيرا إلى أنه يمكن أن يصل حجم التجارة الثنائية التي تتكون بشكل رئيسي من المنتجات الصناعية إلى 15-20 مليار دولار.
وأفاد بأن لدى مصر اتفاقيات تجارة معفاة من الرسوم الجمركية مع الدول الأفريقية والولايات المتحدة الأمريكية ودول أمريكا الجنوبية، مبينًا أن هذا الوضع يشجع المستثمرين الأتراك أيضًا على التوجه نحو مصر.
وأكد، أن مصر ستصبح في الفترة المقبلة أهم شريك لتركيا في التصدير والتجارة، قائلًا: "نحن في مجلس الأعمال التركي– المصري في مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية، نواصل أنشطتنا بهدف زيادة العلاقات التجارية وتكثيف الروابط الاقتصادية بين البلدين".
أهم مؤشرات العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وتركيا
وكشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن زيادة حجم التبادل التجاري بين تركيا ومصر خلال عام 2022، لتصل إلى 7.7 مليار دولار، مقابل 6.7 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 14%.
قيمة الصادرات المصرية إلى تركيا
وارتفعت قيمة الصادرات المصرية إلى تركيا إلى 4 مليارات دولار خلال عام 2022، في الوقت الذي بلغت فيه قيمة الصادرات التركية للسوق المصري 3.72 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 3.74 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة انخفاض 0.7%.
أهم 10 مجموعات سلعية صدرتها مصر إلى تركيا عام 2022
1- الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها جاءت في المرتبة الأولى بقيمة 1.7 مليار دولار
2- لدائن ومصنوعاتها بقيمة 390.5 مليون دولار
3- منتجات كيميائية غير عضوية بقيمة 259 مليون دولار
4- شعيرات تركيبية أو اصطناعية بقيمة 194.4 مليون دولار
5- أسمدة بقيمة 194.4 مليون دولار،
6- آلات وأجهزة ومعدات كهربائية بقيمة 169.9 مليون دولار
7- ملابس بقيمة 121.5 مليون دولار
8- ألياف تركيبية أو اصطناعية بقيمة 96.4 مليون دولار
9- قطن بقيمة 91.5 مليون دولار
10- زجاج ومصنوعاته بقيمة 90.2 مليون دولار
أهم 10 مجموعات سلعية استوردتها مصر من تركيا عام 2022
1- حديد وصلب بقيمة 535.5 مليون دولار
2- مراجل وآلات وأجهزة آلية بقيمة 400.1 مليون دولار
3- وقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة 312.7 مليون دولار
4- مصنوعات من حديد أو صلب بقيمة 256.9 مليون دولا
5- منتجات كيميائية غير عضوية بقيمة 219.6 مليون دولار
6- لدائن ومصنوعاتها بقيمة 184.7 مليون دولار
7- سيارات وجرارات ودراجات بقيمة 177.8 مليون دولار
8- آلات وأجهزة ومعدات كهربائية بقيمة 129.2 مليون دولار
9- ورق بقيمة 110.4 مليون دولار
10- ألبان ومنتجات صناعة الألبان بقيمة 95.4 مليون دولار.
قيمة الاستثمارات التركية في مصر
وسجلت قيمة الاستثمارات التركية في مصر 179.9 مليون دولار خلال العام المالي 2021/ 2022، مقابل 138.1 مليون دولار خلال العام المالي 2020 / 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 30.3%.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.