رئيس التحرير
عصام كامل

صفقة بين الحكومة والإخوان لإنهاء اعتصامات رابعة والنهضة.. "BBC": التهديدات بفض الاعتصام جزء من التفاوض.. مؤيدو المعزول فقدوا الأمل فى عودة مرسى.. تحديد موعد الانتخابات أهم محاور الصفقة


قابلت على مسلم، وهو متطوع يبلغ من العمر 29 عاما، في مسجد رابعة العدوية بالقاهرة، معقل جماعة الإخوان "الإرهابية" ومؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي. قال: "أنا مستعد للتضحية بحياتي في أي وقت."


وكانت الحكومة أعلنت الأربعاء الماضي أن معسكري الاعتصام في رابعة وميدان النهضة القريب يشكلان تهديدا للأمن الوطني، وخولت وزارة الداخلية إزالتهما.

يقول تقرير لـ"بي بي سي": الأمر يبدو خطيرا جدا، خاصة أن أكثر من سبعين شخصا قتلوا في رابعة الأسبوع الماضي في صدامات بين قوات الأمن والمعتصمين.

ولكن الكثير من المصريين يعتقدون الآن أن طرفي النزاع - الحكومة وأنصار مرسي - يحاولان التوصل إلى صفقة تنزع فتيل الأزمة التي اندلعت إثر إزاحة مرسي الشهر الماضي، وأن التهديدات الأخيرة ولاسيما تهديد الحكومة بإخلاء موقعي الاعتصام بالقوة إنما هى جزء من العملية التفاوضية.

يقول اللواء سامح سيف اليزل، مدير مركز الجمهورية للأبحاث المتخصص في الشئون الأمنية والسياسية: إن قوات الأمن عليها أن تتفهم ضرورة إنهاء المواجهة بطريقة تدريجية وبإراقة أقل ما يمكن من الدم، ويرحب بمشاركة جماعة الإخوان في الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في أكتوبر أو نوفمبر.

ويتحدث سيف اليزل وزملاؤه السابقون في القوات المسلحة الذين يمسكون الآن بزمام السلطة في وزارتي الدفاع والداخلية عن محاولة إنهاء المواجهة بطريقة تدريجية ومرحلية، وبينما اقترح البعض إجبار المعتصمين على ترك الساحات عن طريق قطع التيار الكهربائي ومياه الشرب عنهم، ويقول اليزل: إن هذا المقترح رفض لأنه غير إنساني خصوصا خلال شهر رمضان.

عوضا عن ذلك، ثمة توقعات بأن قوات الأمن ستشرع في الضغط على محيطي الاعتصامات بغية تضييقهما، كما أن هناك مقترحات بأن تبدأ هذه القوات بتقييد الدخول إلى الساحتين بينما تسمح للخارجين بالمرور.

مما لاشك فيه، وما يمكن لأي مراقب أن يلحظه، هو أن عدد المشاركين في الاعتصامين آخذ بالنقصان مقارنة بالأعداد التي كانت تشارك فيهما قبل أسبوعين، هذا ما أكده الصحفيون الذين واكبوا الأحداث طيلة هذه الفترة.

قد يكون الهدف من وراء الأحداث المخيفة التي وقعت الأسبوع الماضي والتي راح ضحيتها العشرات إخافة الناس، وربما يكون الأمر الذي أصدرته الحكومة بفض الاعتصامين جزءا آخر من حرب نفسية. على صعيد آخر، ربما خفتت حماسة بعض المحتجين.

ولكن زعماء جماعة الإخوان يصرون من جانبهم على أنهم مصممون على مواصلة الاعتصام حتى يعود الرئيس المعزول - والبرلمان المنتخب - إلى منصبه السابق، كما يصر هؤلاء على إعادة العمل بدستور 2012، وهو الدستور الذي تعمل الحكومة المؤقتة الآن على تعديله.

ويضيف تقرير "BBC": أن هذه المطالب لا تبدو واقعية بالمرة، ولكن عندما كنا نصور في رابعة، اقترب مني أحد أنصار الجماعة وأقر بأن المعتصمين فقدوا الأمل بعودة مرسي إلى سدة الرئاسة، وأنهم لا يطالبون الآن إلا بعودة الديمقراطية.

وأوضح التقرير أن التوصل إلى سبيل يفضي إلى إجراء انتخابات جديدة هو جانب مهم من الصفقة الكبرى التي يجرى التفاوض حولها في الوقت الراهن، وهناك العديد من الأوراق التي يمكن استخدامها في هذا المجال، منها مصير مرسي وغيره من زعماء الجماعة.

من جانب آخر ألمح عصام العريان القيادي بجماعة الإخوان، إلى احتمال مقاطعة الجماعة للانتخابات المقبلة، ولكن عندما سألته إن كان ذلك موقفها النهائي رفض تأكيد أو رفض فكرة المقاطعة.

وفي الحقيقة فإن استعداد العريان حتى لبحث الموضوع يشير إلى اعتراف ضمني باستحالة إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل الإطاحة بمرسي كشرط لبحث المستقبل.

فالعريان وغيره من كبار زعماء الجماعة يعلمون علم اليقين أن الجيش والحكومة المؤقتة يرغبون بمواجهة منتقديهم بالإعلان بأن الجماعة وافقت على العودة إلى اللعبة الانتخابية.

ولكن إذا قررت الجماعة مقاطعة العملية السياسية، قد تطيل من أمد التوتر بين الحكومة المؤقتة من جهة ومنتقديها في الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي من جهة أخرى.

وهكذا يستمر الطرفان في تصيد أخطاء الطرف الآخر من أجل الحصول على منافع تعزز موقفيهما، وقد يكون من المستحيل مصالحة أولئك الذين أطيح بهم مع الذين يريدون تعديل بوصلة الديمقراطية المصرية قبل موعد الانتخابات البرلمانية. فقد ينفلت العنف بين الطرفين عن عقاله ويخلق ديناميكيته الخاصة به.

ولكن كل الأدلة المتوفرة في القاهرة الآن تشير إلى أن فترة من المفاوضات المكثفة قد انطلقت فعلا.
الجريدة الرسمية