رئيس التحرير
عصام كامل

رابعة والتحرير وتقرير المصير!


أصبح فض اعتصام رابعة العدوية حديث الطرقات والبيوت والمقاهي وأماكن العمل وبرامج التوك شو.. الكل يدلو بدلوه وفق ثقافته أو رغباته في ذلك، حتى إنني لا أستبعد أن تخرج علينا إحدى وسائل الإعلام بمسابقة في الكشف عن أفضل طرق فض الاعتصام أو التوقيت الذي ستقوم فيه أجهزة الداخلية، كما يمكن أن تصل أفكار الخطط المقترحة بفض الاعتصام إلى القادة الإجراميين المُحرضين على منصة رابعة العدوية.


أما السياسيون وخبراء الأمن والاسترتيجيون، فكل منهم فيما يرتئيه حسب أفكاره أو مصالحه، لدرجة أن من كنا نراهم يتحدثون عن مبادئ حرية الإنسان وحذر فض المظاهرات أو الاعتصامات بالقوة، رفعوا أقنعتهم الحقوقية معلنين ضرورة التعامل بقوة وحزم ضد هؤلاء القابعين هناك، وكأننا خلصنا من جلاء هذا الاحتلال الإخواني عن مصر لكي نقع فيمن يبدلون الأقنعة بسرعة كذا حدث في الساعة، ناهيك عن بعض الصامتين عن الحدث في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع!

ولعل الاهتمام الأكثر باعتصام رابعة عن اعتصام ميدان النهضة بالجيزة، لفردية الموقع هناك وتوغله في محيط عريض من العقارات العامرة بالآلاف من المصريين المقهورين تحت إمرة هؤلاء المعتصمين، ما يُزيد الخطورة في عدد الأرواح خصوصاً عما يُشاع من وجود أسلحة ومفرقعات وأسطوانات الغاز في بعض الأماكن الحيوية داخل عمائر المنطقة أو حولها، لكن الوضع في النهضة أكثر تيسيراً لخلو المكان من السكان وبساطة جغرافيته، في حين لم يتحدث أي من السياسيين عن فض اعتصام ميدان التحرير، الذي وإن كنتُ أحد الذين استوطنوا الميدان يوماً وزارتهم في ليالي الشتاء الساخنة أحلام الوطن الآتي، وكان فاتحة ثورة في مهدها وموجاتها، إلا أن المنطق الحيادي يقتضي أن يكون التفكير في إنهاء الاعتصامات كلها معاً!

إن التعامل مع الوضع الأمني في رابعة العدوية والنهضة والتحرير والاتحادية هو عنصر جوهري في مصير خارطة الطريق الانتقالي، ورغم كل ما يُشار إلى أن التنفيذ سيكون اليوم فإنني أستبعد ذلك، لأن البطء الذي سارت عليه المؤسسات المصرية خاصة بعد التفويض الذي منحه الشعب يوم السادس والعشرين من يوليو، يجعلني لا أتصور أن يتم ذلك وقت مليونية لمؤيدي الرئيس السابق اليوم، وأياً كان التوقيت فيجب على أجهزة وزارة الداخلية أن تتفادى حال تعاملها مع الاعتصامات ما اقترفته قبل ذلك من أخطاء قد تودي بحياة البعض أو إصابته، مستخدمة المعايير الدولية الثابتة لفض الاعتصامات أو التظاهرات.
Poetgomaa@gmail.com
الجريدة الرسمية