الذكرى 160 لإلغاء العبودية، لماذا يعتذر ملك هولندا عن تورط بلاده التاريخي؟
مرارا وتكرارا قدم ملك هولندا فيليم ألكسندر اعتذارات عدة عن تورط بلاده في العبودية ، وما ترتب عليها من آثار حتي اليوم، كما سبق واعترف رئيس الوزراء الهولندي مارك روتة أيضًا، بدور بلاده التاريخي في العبودية، مقدمًا اعتذارًا رسميا بشأن هذا الماضي.
ملك هولندا يقدم اعتذارًا جديدًا في الذكرى 160 لإلغاء العبودية
وقدم ملك هولندا اعتذارا جديدا اليوم في أمستردام في الذكرى 160 للإلغاء القانوني للعبودية في هولندا، بما يشمل المستعمرات السابقة في منطقة البحر الكاريبي.
وفي ديسمبر الماضي استغل ملك هولندا خطاب عيد الميلاد لتسليط الضوء على قضية دور هولندا في العبودية لمدة تخطت الـ 250 عاما.
وبحسب موقع “دويتش فيله” الألماني، رحب ملك هولندا ويليم ألكسندر في خطابه بمناسبة عيد الميلاد، باعتذار الحكومة، ممثلا عنها رئيس الوزراء الهولندي مارك روته عن العبودية.
وقال: إنها بداية رحلة طويلة، وجاء ذلك خلال خطابه يوم عيد الميلاد، مضيفا أنه لا يمكن تحميل أي شخص يعيش في هولندا اليوم المسئولية عن الأعمال الوحشية التي ارتكبت ضد الرجال والنساء والأطفال في المستعمرات الهولندية السابقة.
وتابع الملك من قصر "هويس تن بوش" في لاهاي: "لكن بالنظر إلى تاريخنا المشترك بطريقة صادقة ومن خلال الاعتراف بالجريمة ضد الإنسانية التي كانت العبودية، فإننا نرسي الأسس لمستقبل مشترك".
وأختتم قائلا إن "الاعتذار الذي قدمته الحكومة هو بداية رحلة طويلة".
اقرأ أيضا.. أحفاد العبيد يجبرون هولندا على الاعتذار لأجدادهم.. أمستردام تعترف بجرائمها ضد الأفارقة في القرن الـ17
وفي 19 ديسمبر الماضي، اعترف رئيس الوزراء الهولندي مارك روته أيضا، بدور بلاده التاريخي في العبودية، مقدما اعتذارا رسميا بشأن هذا الماضي.
لماذا تعتذر هولندا الآن؟
دشن أحفاد الذين تم استعبادهم ومن أقاموا في المستعمرات في ذلك الوقت حملة للمطالبة باعتذار هولند، وقد رفضت حكومة مارك روته لأعوام تقديم اعتذار، إلا أنه في يوليو 2021 طالبت لجنة استشارية معينة من قبل الحكومة في هولندا بالاعتراف بأن تجارة الرقيق في القرنين الـ17 والـ19 ترقى لجرائم ضد الإنسانية، وأوصت العائلة المالكة بالاعتذار عن الدور الهولندي، والعمل بقوة للتغلب على التداعيات مثل العنصرية.
وفي أكتوبر 2021، أيدت أغلبية برلمانية تقديم اعتذار رسمي، ومنذ بداية 2021 وحتي يومنا هذا، اعتذر رؤساء بلديات أمستردام وروتردام وأوتريخت ولاهاي، وكذلك إدارة بنك "دي نيديرلاندشي"، عن دور مؤسساتهم في جرائم العبودية وكسبهم لثروات من ورائها.
وقال البرلماني الهولندي دون سيدر، إن "الاعتذار مهم لهولندا كمجتمع في محاولاتنا لمكافحة الانقسام والاستقطاب في مجتمع متعدد الثقافات"، مضيفا: يصعب تصديق ذلك بالنسبة للبعض، لكن زيارتي الأخيرة أظهرت لي أن تجارة الرقيق والاقتصاد الذي تم بناؤه في المستعمرات السابقة لا يزال يؤثر على هذه البلدان حتى يومنا هذا.
المجتمع الأفريقي الكاريبي يتكون من أحفاد العبيد
وأوضح أنه "بما أن الأبحاث تظهر أن 70 % من المجتمع الأفريقي الكاريبي في هولندا، والذي يتكون في الغالب من أحفاد العبيد، يعتبرون الاعتذار أمرًا مهمًا"، لافتا إلي أن الغياب المستمر للاعتذار من قبل الحكومة الهولندية كان له عواقب مدمرة للمصالحة أكثر مما يدركه الناس على ما يبدو.
ملك هولندا ويليام يأمر بالتحقيق فى العبودية
وفي بداية ديسمبر 2022، أمر ملك هولندا ويليام ألكسندر بالتحقيق حول دور العائلة المالكة في الماضي الاستعماري لبلاده عقب توصية من لجنة استشارية.
وقال الملك ألكسندر: "المعرفة الواسعة بالماضي ضرورة لفهم الحقائق والتطورات التاريخية والتعامل مع تأثيرها على الأشخاص والمجتمعات بأكبر قدر ممكن من الوضوح والصدق.. أعتقد أنه ينبغي أن تتوافر هذه المعرفة بشأن دور بيت أورانج ناسو في التاريخ الاستعماري”.
خبراء في حقوق الإنسان ومؤرخون يجرون مباحثات حول فترة العبودية في هولندا
ووفقا لهيئة المعلومات التابعة لحكومة أمستردام، من المقرر أن يقضي خبير في مجال حقوق الإنسان وثلاثة مؤرخين هولنديين السنوات الثلاث المقبلة في إجراء أبحاث حول الفترة من أواخر القرن السادس عشر حتى وقت ما بعد الاستعمار.
ووفقا للوثائق التاريخية، كان أسلاف الملك يمتلكون عبيدا وشاركوا أيضا في تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي من خلال شركة الهند الغربية الهولندية.
إنشاء متحف العبودية في هولندا بتكلفة 23 مليون جنيه إسترليني
ومن المتوقع تخصيص 172 مليون جنيه إسترليني تقريبًا لصندوق لتعزيز الوعي بالدور الذي لعبته القوة الاستعمارية في العبودية، حيث ستشارك جامعة ليدن في التحقيق مع لجنة مستقلة.
ومن المقرر أن تنفق الحكومة الهولندية 23 مليون جنيه إسترليني على متحف العبودية.
تاريخ هولندا مع العبودية
يشار إلى أنّ هولندا كانت في السابق ثالث أكبر قوة استعمارية في العالم، وقد قامت باستعباد نحو 500 ألف شخص على مدار أكثر من 200 عام، وجرى اختطاف معظمهم من غرب أفريقيا، وتم بيعهم وإجبارهم على العمل في المزارع.
وكانت هولندا واحدة من آخر الدول التي ألغت العبودية في عام 1863، بعد 30 عامًا من إقدام بريطانيا على هذه الخطوة، وحتى ذلك الحين، كان على العبيد في سورينام، على الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا الجنوبية، الانتظار 10 سنوات ليكونوا أحرارًا تمامًا.
وكان يتم إعطاء العبيد المحررين أسماء مصطنعة، غالبًا ما تكون مرتبطة بمالك العبيد، أو المزرعة أو عبارة عن نطق عشوائي لأسماء المدن الهولندية أو الكلمات التي تبدو هولندية، وقد فُرض عليهم حظر استخدام الألقاب الهولندية العادية، ومن هذا المنطلق تم استخدام أسماء ترجمتها من قبيل "رخيص" و"خانع" و"تم ترويضه" و"مُتخلف".
كما أنه كان يتم شحن العبيد أيضًا إلى البرازيل، وكذلك هايتي وكوراساو وأماكن أخرى في منطقة البحر الكاريبي.
جدل في هولندا بسبب العنصرية
وعلى الرغم من اشتهار هولندا بالبعد عن التعصب، لا تزال العنصرية مشكلة كبيرة، حيث واجهت البلد الواقعة في غرب أوروبا تقارير عن العنصرية المنهجية في قوتها الشرطية، كذلك اعترف نائب وزير المالية، مارنيكس فان ريج، بوجود انتهاكات عنصرية مؤسسية في مكتب الضرائب الهولندي، كما كشفت تقارير مكتب الإحصاء الهولندي أن الأشخاص من أصول مهاجرة لديهم منازل أصغر، ومستويات تعليمية ودخل أقل، وصحة أسوأ.
وذكرت صحيفة «ذا جارديان» البريطانية، أن الاعتذار عن العبودية يثير جدلا في البلاد، حيث أن ما يقرب من نصف الهولنديين لا يؤيدون الاعتذار، بينما تؤيد نسبة 38 %، وفقًا لـ"استطلاعات رأي".
بدوره، قال الباحث آشر فان دير شيلدي في مركز "آي أند أو" الهولندي: "معظم الناس من أصول مهاجرة أيدوا بالفعل الاعتذار.. يقول الأشخاص المؤيدون للاعتذار إنه يجب علينا الاعتراف بالحقيقة التاريخية.. ويقول البعض إنها يمكن أن تكون مفيدة لأحفاد العبيد".
وأضاف فان دير شيلدي: "الأشخاص المعارضون يقولون إنه مضى وقت طويل، لا يهم، إنه يتعلق بجيل آخر.. أعتقد أن الخوف هو أنه إذا قدمت اعتذارًا، فعليك فجأة دفع تعويض ".
لكن يعتقد البعض الآخر أن الاعتذار هو عبارة عن سياسة "الالتفات الرخيص"، حيث قال المؤرخ مارتن فان روسيم: "من المألوف للغاية في الوقت الحاضر تقديم الاعتذار عن أشياء مروعة حدثت في الماضي.. أعتقد أنه من غير المنطقي تقديم اعتذار عن أشياء لست مذنبًا بفعلها.. إذا كان علينا أن نعتذر عن العبودية، إذن يجب على جميع الحكومات الغربية المشاركة.. هل يجب أن تعتذر فرنسا عن احتلال هولندا في نهاية القرن الثامن عشر؟ هل يجب على الأمريكيين الاعتذار عن كل شيء تقريبًا؟".
وأضاف: "إنها عملية لا طائل من ورائها. أنفق المال على فعل شيء حيال المواقف المروعة اليوم، مثل العمل القسري أو التمييز، بدلًا من الاعتذار عن أحداث وقعت قبل 11 جيلًا ".
يشار إلي أن الأطفال في مدارس هولندا لا يتعلموا سوى القليل عن الدور الذي لعبته بلادهم في تجارة الرقيق، بالرغم من افتخار الكثير من الهولنديين بتاريخ البلاد البحري وبنفوذها كدولة تجارية.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.