رئيس التحرير
عصام كامل

«عمر أفندي تعود لأحضان القطاع العام».. حكم قضائي ببطلان بيعها لمستثمر سعودي.. 82 فرعا تديرها الحكومة مجددا.. بيعت بخسارة 600 مليون جنيه.. جنيدي: حكم عودة الشركة «نهائي»


خلال عام 2006 تم تقييم فروع شركة "عمر أفندى" بواسطة استشاري خارجي وتمت مراجعة هذا التقييم واعتماده بواسطة اللجنة الوحيدة المنصوص عليها في قانون قطاع الأعمال العام ويرأسها أحد نواب رئيس مجلس الدولة بالإضافة إلى ممثل أعلى لجهة رقابية مالية وهي الجهاز المركزي للمحاسبات.


وقدرت هذه اللجنة قيمة الشركة بالأفرع بـ589.5 مليون جنيه، وهو ثمن بخس أقل من ثمنها الحقيقي في ذلك الوقت بكثير. وكانت لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب التي كان يرأسها أحمد عز الذي حُبس بعد ثورة 25 يناير، بسبب قضايا فساد مالي، قد أوصت بتحرير الصفقة للسعودي جميل القنبيط بأقل من قيمتها بكثير بحجة أن الدولة ستحصل بالإضافة إلى ثمن البيع المباشر إلى عائد سنوي 122 مليون جنيه تتمثل في الضرائب على الدخل والمبيعات بخلاف المكاسب العمالية التي تتمثل في تحسن أوضاع العاملين وتدريبهم مع إمكانية خلق فرص جديدة.

وبالفعل بيعت متاجر عمر أفندي في عام 2006 ومنذ ذلك العام بدأت الشركة في التدهور الملحوظ وهجرها المستهلك المصري الذي كان يثق بالشركة ومنتجاتها على أساس أنها شركة حكومية وبعد بيعها فقد المواطن الثقة بمنتجات الشركة الرديئة واختفت البضائع المصرية جيدة الصنع وامتلأت الفروع بالبضائع الصيني رغم رداءتها وتأثرت المصانع والشركات الحكومية بهذه الصفقة الفاسدة.

وكانت هذه الشركات والمصانع تقوم بتوريد منتجات وبضائع لفروع شركة عمر أفندي، فكانت الأفرع بمثابة منافذ بيع لمثل هذه الشركات المصرية وبعد أن تم البيع توقف التوريد لصالح البضائع الصيني وساءت أحوال العاملين في كل فروع شركة عمر أفندي، وطلب الكثير منهم الخروج على المعاش المبكر وبذلك لم تتحقق نبوءة أحمد عز بأن الشركة تزدهر وتستفيد الدولة من الضرائب التي تُؤخذ منها وبعد ذلك زادت حدة التوترات واعتصم العاملون بالشركة لعدم حصولهم على أجورهم ومستحقاتهم إلى أن صدر حكم قضائي بعودة الشركة مرة أخرى إلى القطاع العام.

يشار إلى أن شركة عمر أفندي عند بيعها تملك 82 فرعًا متعددة الأدوار تقع في قلب القاهرة وجميع أنحاء الجمهورية، وسبعة مخازن رئيسية مساحتها نحو 61.3 ألف متر مربع، و65 مخزنا فرعيا مساحتها 13.3 ألف متر مربع و35 شقة واستراحة، و12 فيلا ببلطيم، و10 وحدات سكنية بمرسى مطروح، و146 سيارة نقل، و55 سيارة ركوب، و11 مقطورة، وكان عدد العاملين في الشركة 8520 عاملًا، قبل البيع كان وتم فرض تقويم محدد للشركة بالمخالفة للتقويم الحقيقي وانتهت اللجنة إلى أن سعر تقويم عمر أفندي هو 1139 مليون جنيه، وطلب وزير الاستثمار السابق من اللجنة أن تخفض سعر التقويم إلى 438 مليون جنيه ليكون أقل من السعر الذي عرضه المشتري السعودي وهو 450 مليون جنيه لجعل وزارة الاستثمار تقبل بالسعر المعروض من المشتري السعودي، وكأنه أكبر من السعر الذي قُيمت به شركة عمر أفندي مثلما حدث من قبل في الكثير من عمليات الخصخصة.

وبعد أن اتخذ العديد من الخبراء الغيورين على القطاع العام والمال العام المصري موقفًا قويا ضد صفقة البيع الفاسدة لشركة عمر أفندي العريقة، اضطر المشتري إلى رفع السعر الذي عرضه للشراء فتم بيع 90 % من الشركة لذلك المشتري السعودي جميل القنبيط بمبلغ 589.5 مليون جنيه بسعر38.53 جنيها للسهم، مع احتفاظ الشركة القابضة للتشييد والتعمير بنسبة 10 % من أسهم شركة عمر أفندي وبعد البيع خالف المشتري الكثير من بنود العقد، وباع حصة 5 % للبنك الدولي دون الرجوع للحكومة المصرية ويمكن للبنك الدولي بيعها لمن يشاء.

كما أن الحكومة تركت ذلك المشتري يتعامل بصورة متعسفة ومتجاوزة مع العاملين بالشركة، دون أي ردع، فضلًا عن عدم وفائه بالالتزامات المالية المترتبة عليه، وفي النهاية فإنه باع ما تبقى من حصته في الشركة (58 % من أسهمها) لمشتر آخر.

وبالأمس فقط، كانت الحلقة الأخيرة  في قضية شغلت الرأي العام لعدة سنوات، حيث أودعت المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار عبد الفتاح أبو الليل، نائب رئيس مجلس الدولة، حيثيات حكمها برفض الطعون على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ببطلان بيع شركة "عمر أفندي'' لرجل الأعمال السعودي.

واستندت المحكمة الإدارية العليا، في حيثيات حكمها، إلى أن قرار بيع 90 % من أسهم شركة ''عمر أفندي'' جاء بموجب تفويض المنصوص عليه في قرار وزير الاستثمار رقم 342 لسنة 2005، وأن النسبة التي بيعت من الأسهم خضعت فيما يسمى لقواعد وضوابط الخصخصة، وأن سياسة الخصخصة تتطلب المجموعة الوزارية للسياسيات الاقتصادية المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء لاعتماد البيع ثم تحرير العقد.

وأودعت المحكمة في حيثياتها: ''بذلك يكون عقد بيع 90 % من أسهم شركة عمر أفندي عاكسا لما اعتمدته اللجنة ومجلس الوزراء وبذلك يكون العقد باطلا، وقد اكتملت الصفة القانونية لرافع الدعوى على اعتبار أنه أقام الدعوى دفاعا عن الملكية العامة، وهي ملك الشعب المصري، وأن تقرير اللجنة المشكلة بقرار وزير قطاع الأعمال رقم 15 لسنة 2003 هو أن الأسهم بيعت بسعر بخس، وهذا تم تأكيده بالتقييم الذي أعدته لجنة إعداد التقييم المالي المشكلة بقرار رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للتجارة''.

وفيما يتعلق بالطعن المقام من مؤسسة التمويل الدولية على الحكم الصادر ببطلان بيع عمر أفندي فذلك يثبت أن هذه المؤسسة كانت خصمًا في هذه الدعوى مما يجعل طعنها خارجا عن الخصومة.

وبمقتضى الحكم برفض الطعون، فإن تنفيذ الحكم المطعون فيه الصادر في الدعوى أمر مؤكد وذلك بأن محو وشطب القيود وموضوع القرارين السلبيين المقتضي بوقف تنفيذهما وما يترتب عليه من آثار، وتعود بذلك الشركة العريقة لأحضان الوطن مرة أخرى.

ومن جانبه، أكد محمد جنيدي نقيب المستثمرين الصناعيين، أن حكم المحكمة الإدارية العليا، ببطلان بيع 90 % من أسهم شركة عمر أفندي، وبطلان خصخصتها وإعادتها للدولة خطوة جيدة تؤكد أن حقوق المصريين لن تضيع، موضحا أنه على الدولة اتخاذ ما يلزم من قرارات وإجراءات لإدارة مجموعة فروع "عمر أفندي" المنتشرة بأنحاء الجمهورية.

وقال لـ"فيتو" إن الدولة يمكنها تخصيص عدد من تلك الفروع لوزارة التموين ويمكن تأجيرها وتخصيص العائد لصالح توفير المواد التموينية للمواطنين، بالإضافة إلى تشغيل بعض الفروع بأسعار مخفضة لصالح محدودي الدخل.

وأضاف جنيدي أن ما حدث هو حكم للإدارية العليا وهو نهائي وواجب النفاذ مما يعني أنه لا تراجع عنه كما أنه لابد أن يعلم المستثمرون أن مصر دولة قانون لا تضيع فيها الحقوق، مستبعدا أن يكون لهذا الحكم تأثير سلبي على الاستثمار الأجنبي في مصر.

وشدد محمد المصري نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية أن أحكام المحكمة الإدارية لا يمكن التعليق عليها أبدًا، وحكمها بعودة "عمر أفندي" للدولة غير قابل للنقاش.
الجريدة الرسمية