الاستياء العالمي جعل تجمع بريكس طوق النجاة، هل تستطيع أفريقيا كبح هيمنة الدولار؟
حالة من الاستياء الشديد، يعيشها العديد من دول العالم خلال الفترة الأخيرة، بسبب الأزمات الاقتصادية المستمرة التي يعانون منها بسبب ضغوطات الدولار عليها، مما جعل هناك تصاعد للدعوات لإنهاء هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، نتيجة الارتفاعات المستمرة التي شهدتها العملة الخضراء أمام العملات الأخرى على مدار الشهور الأخيرة.
هيمنة الدولار والتأثير الاقتصادي السلبي
وجاء تزايد دعوات الدول، بعد استيائها من التأثير الاقتصادي السلبي الذي تسبب فيه الدولار الأمريكي، حيث لم يتم استخدامه في المجال الاقتصادي والتجاري فقط، ولكنه أصبح سلاح سياسي يتم من خلاله الضغط على الدول.
وكان بداية الحرب التجارية التي يخوضها كل من الصين وأمريكا، في بداية عام 2018، وهذا بجانب الإعلان عن عدة خطوات يتم من خلالها منع روسيا من استخدام الدولار، بعد الحرب الروسية الأوكرانية، مما جعل هناك أهمية كبيرة لدى الدول لكبح هيمنة الدولار، والتي جاءت الدول الإفريقية أكبر الخاسرين فيها.
دول تكتل بريكس طوق النجاة لكبح هيمنة الدولار
وأصبح تكتل دول " بريكس"، بارقة أمل أمام الدول للتخلص من الدولار وكبح هيمنته في التعاملات التجارية بين الدول، التي استمرت لعدة عقود، وهذا لأن حوالي 85% من المعاملات المصرفية العالمية تعتمد على الدولار، بالإضافة إلى أن هناك 60% من احتياطيات العملات الأجنبية في البنوك المركزية تتمثل في الدولار، وهذا بالإضافة إلى أن 100% من إجمالي عمليات تجارة النفط تتم بالعملة الخضراء، فضلا عن ثلاثة أرباع عمليات التجارة الدولية.
ضعف العملات الإفريقية مقابل الدولار الأمريكي
وكان صندوق النقد الدولي، أصدر تقريرا يفيد بأن عملات أغلب الدول الإفريقية تراجعت أمام الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، وسط زيادة الضغوط التضخمية في جميع أنحاء القارة الأفريقية، مضيفة أن هذا الأمر اضطر دول مثل جنوب أفريقيا إلى استخدام رفع أسعار الفائدة وغيرها من الوسائل للحد من التضخم المرتفع.
وقال عدد من الخبراء، إن هيمنة الدولار تسببت في الإضرار البالغ بالإقتصاد الإفريقي، مما يجعل هناك أهمية لعدم اعتماد الدول الإفريقية على الدولار الأمريكي، مضيفين أن بعض تجار التجزئة في جنوب أفريقيا، أصدروا تقارير مالية تظهر أنه بسبب عوامل مثل التضخم وانقطاع التيار الكهربائي، انخفض صافي أرباح تجارة التجزئة بشكل كبير.
معاناة جنوب إفريقيا من ضغط الدولار وأسعار الفائدة
وكان محافظ البنك المركزي في جنوب أفريقيا ليستيا كجانياجو، قال إنه بالرغم من الأزمات المستمرة التي تعاني منها البلاد، إلا أننا لا نزال في حاجة لمزيد من رفع أسعار الفائدة لمحاولة كبح التضخم.
من جانبه، قال فرنس كاودينجي، سياسي ناميبي: "نواجه هذه المشكلة دائما، عندما تكون العملة مهمة، ويعتمد العالم كله عليها، عندما تأتي المشكلة فإنها تؤثر على العالم بأسره، بينما يواجه الشعب في دول مثل جنوب أفريقيا تضخما مرتفعا، وناميبيا تواجه نفس المشكلة أيضا".
وعن دور تجمع بريكس في كبح هيمنة الدولار، قال الدكتور علاء رزق استاذ الاقتصاد ومدير المركز الاستراتيجى للتنمية، إن تجمع بريكس الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا يمثل 40% من مساحه العالم، ويهدف هذا التجمع الى منافسة دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى التي تستحوذ على 60% من صادرات العالم، وهو ما تم على ارض الواقع.
تجمع بريكس وتحقيق النمو الشامل
وأضاف رزق في تصريحات خاصة لـ"فيتو"، أن هذه مجموعة بريكس نجحت في زيادة مساهمتها في الاقتصاد العالمي لتصل إلى 31.5%، بينما تراجعت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى الى 30.7 %، لذلك فان هذا التجمع يهدف الى تحقيق نمو شامل من اجل احتواء مشكله الفقر والبطاله وتعزيز اندماج الاقتصادي والاجتماعي، والعمل على توحيد الجهود لضمان تحسين نوعيه النمو، من خلال التشجيع على التنمية الاقتصادية القائمة على توفير التكنولوجيا الذكية العالية وتنمية المهارات.
وأشار إلى أن هذا التجمع يسعى إلى التعاون مع الدول غير الاعضاء، وهو ما يحدث على أرض الواقع، عبر وجود اكثر من 25 دولة تطلب الانضمام إلى هذا التجمع، كذلك فإن هدف هذا التجمع هو العمل على اصلاح المؤسسات المالية الدوليه لضمان تحسين بيئة الاستثمار العالمي، مع السعي نحو تحقيق الاهداف الانمائية للامم المتحدة، وترشيد استخدام الطاقه لمكافحه التغيرات المناخيه، مع عدم اغفال التعاون بين اطراف هذا التجمع في مجال العلوم والتعليم.
هيمنة الدولار في التبادلات التجارية الدولية
وأوضح أن دول تجمع البريكس، تسعى إلى القضاء على هيمنة الدولار في التبادلات التجارية الدولية، حيث يمثل الدولار 61.4% من جملة الاحتياطي العالمي العملات الاجنبية، بينما يمثل اليورو 20.3% واليورو 5.8% والجنيه الاسترليني 4% اما اليوان فليمثل 2% فقط.
وتابع: ولكن المشكلة أن باقي العملات العالمية لا تزيد عن 4.5%، وهو يمثل علامة استفهام كبيرة يجب السعي نحو إقامة نظام عالمي جديد، يبنى على العدالة وتحقيق التوازن، خاصة وأن 90% من التجاره البينيه العالميه تتم بالدولار الامريكي وبالرغم ان البنك المركزي الروسي قد وافق منذ عام 2023 على اعتماد الجنيه المصري ضمن العملات المقبوله في التبادل التجاري، وهو يمثل نجاح حقيقي للسياسة النقدية المصرية التي تسعى الى تحقيق التوازن مع التكتلات العالمية القائمة لضمان عدم الاعتماد على عمله الدولار كعملة وحيده ترتبط بدرجه عاليه من المخاطرة.
نظام الدفع والتسوية وخطة البنك الإفريقي للتعامل بالعملات المحلية
وعن قارة افريقيا، قال الدكتور علاء رزق، إن البنك الإفريقي للإستيراد والتصدير أعلن عن اطلاق نظام الدفع والتسوية لعموم القارة الافريقية، من اجل تسهيل المدفوعات عبر الحدود بالعملات المحلية، مشيرا إلى أن هذا أمر يؤدي الى توفير ما لا يقل عن ثلث مليار دولار تكلفة العبور سنويا بين الدول القارة الافريقية، مع امكانيه نقل البضائع بسهولة في مصر من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال بتكلفه منخفضه وبسهوله عالية.
وأوضح، أنه الآن 9 دول فقط انضم الى هذا النظام، مع توقع زياده هذه الدول الى 20 دولة في نهايه هذا العام ستنضم الى نظام الدفع والتسوية الافريقي، موضحا أن الدعوة مرتبطة بضرورة التنسيق المشترك بين البنوك المركزية الافريقية لتطوير آلية سعر الصرف، والسماح لـ 42 عملة افريقية أن تكون قابلة للتحويل فيما بينها داخل القارة الافريقية، مضيفا أن هذا أمر يرتبط نجاحه بضرورة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الافريقية، من اجل تقليل الحواجز والوسطاء على رأسهم الدولار الامريكي.
وطالب بضرورة اعتماد عملة إفريقية موحدة، تكون قادرة على تقليل الحواجز والوسطاء، وتفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، مع الدعوة إلى ارتباط دول القارة بتجمعات دولية لتكون هي الجدار السميل الذي يحميها من مخاطر الإعتماد على الدولار من أجل توديع هيمنته، مشيرا إلى أن معهد ماكينزي أكد أن الافارقة يتاجرون خارج القارة بنسبه 83% بينما يتاجرون فيما بينهم داخل القارة بنسبه 17% فقط.
البدائل المناسبة للتخلي عن الدولار
وعن البدائل المناسبة للتخلي عن الدولار، أكد أن البدائل تتكون من السعي نحو وجود مؤسسات متنافية وعملات مختلفة مع ضرورة انضمام الدول الغربية لتجمع البريكس، في ظل الاوضاع الجيوسياسية المضطربة عالميا، ودعم العملة المحلية أيا كانت عملة التداولات الدولية، مع زيادة التصدير وخفض الاستيراد تدريجيا في مجالات الصناعة والزراعة تحديدا، حيث ستحل العمة المنافسة للدولار محله، بينما العملة المحلية لا تتغير فيها كذلك، مما يستدعي زيادة الضغط على الدولار، وتغيير النظام العالمي من الغرب إلى الشرق، بما يمثله من الدعوة الى خلق عالم متعدد الاقطاب باستنادا على وجود أكثر من 25 دولة عالميه تطلب الانضمام الى دول تجمع بريكس.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.