محمد فاضل: عبد الناصر كافأني عن "أبو ذر الغفاري".. و"القاهرة والناس"سبب شهرتي.. وقضيت 10 سنوات بلا عمل ( حوار )
>> نور الدمرداش سبب دخولي التليفزيون ولم يكن لدىَّ أي دوافع من الأساس لدراسة الفن
>> أطالب وزارة الثقافة بتحديد موقفها من مسرحيتي «ديوان البقر»
>> أول أعمالي التليفزيونية كان مسلسل «نصف ساعة باسم»
>> رأيت فى مسلسل «والله عال» مراهقة فنية وطلبت عدم إذاعته
>> مشكلتنا مع الرقابة لم تكن في المسئولين بل مع موظفين كل همهم تأمين وظيفتهم
>> الرقابة كتبت 30 ملاحظة عن مسلسل «ليلة القبض على فاطمة» وتم رفضه
>> النقاد هاجموا «وما زال النيل يجرى» وشتمونى وقالوا مسلسل دراما تعليمية
>> لست ضد الاقتباس.. ولنا فى مسلسل "جراند أوتيل" عبرة
>> المنصات الإلكترونية ألغت الدور الاجتماعى للتليفزيون وقضت على المشاهدة الجماعية
>> المناخ صنع نجاح جيلى فى الفن.. والنشاط الموسيقى والثقافة خلق نهضة فنية بعد ثورة 1952
نحتفل هذه الأيام بعيد ميلاد المخرج الكبير محمد فاضل الذى أمضى مشوارا طويلا من الإخراج الدرامى امتد لأكثر من خمسين عاما، مسيرة طويلة وعشق للقراءة والصحافة والفن بدأت من مجلة الحائط فى المدرسة وانتهت بالإخراج الدرامى وإمتاع المشاهدين،
ووفقا لموسوعة ويكيبيديا العربية، فقد تخرج محمد فاضل في كلية (الزراعة) وهي الكلية التي أشتهرت بدراسة العديد من الفنانين بها مثل عادل إمام، صلاح السعدني، محمود عبدالعزيز، محسنة توفيق.
في المرحلة الثانوية كون فاضل فرقة مسرحية مع مجموعة من زملائه وكانوا يعرضون أعمالهم في الملاجئ.
كان أول أعماله الدرامية المسلسل الشهير (القاهرة والناس) 1972 والذي لاقي نجاحًا كبيرًا عند عرضه. كون ثنائيًا فنيًا مع المؤلف أسامة أنور عكاشة فقدما معًا عدة مسلسلات منها: (أبنائي الأعزاء شكرًا) 1979، (وقال البحر) 1982، (أبو العلا البشري) بجزئيه 1985- 1996، (عصفور النار) 1987، (الراية البيضا) 1988، (أنا وأنت وبابا في المشمش) 1989، (النوة) 1991.
لم يقتصر عمل محمد فاضل على التليفزيون فحسب بل إمتد إلى السينما أيضًا فقدم عدة أفلام منها: (شقة في وسط البلد) 1975، (حب في الزنزانة) 1983، (ناصر 56) 1996، (كوكب الشرق) 1999
عن بعض كواليس الرحلة وأسرارها، تحدث المخرج الكبير إلى «فيتو»، وإلى نص الحوار:
*البداية كانت دراسة الصحافة وعشق الفن، هل تروى لنا بعضًا من ملامح المرحلة؟
لم يكن لدىَّ أي دوافع من الأساس لدراسة الفن، وأرسلنى مكتب التنسيق إلى كلية الزراعة بعد أن كتبت رغبتى فى الالتحاق بكلية الآداب وأصبحت مهندسا زراعيا، ولم يستمر ذلك إلا سبعة أشهر، حيث أصبح هدفى فى النهاية هو العمل فى مجال الفن.
لكنى منذ بدايتى كنت أعشق النقد، ولم يكن هناك تليفزيون فكنت أعتمد فى مصادرى على الإذاعة بشكل أساسى، فكنت أسمع مثلا طه حسين أو فكرى أباظة وفى يدى ورقة لتدوين ملحوظاتى على الحديث لأبدأ فورا فى الكتابة والتحليل،حتى عندما سمعت أغنية «ثورة الشك» لأم كلثوم حيث كنت أكتب تحليلا لشعر كل كوبليه، بعدها جذبنى الشعر لدرجة أننى كتبت قصيدة عن القنال ونشرتها كاملة فى الصفحة الأولى بجريدة الإسكندرية المحلية أثناء حرب 1956، وكانت سعادتى الأولى عندما شاهدت توقيعا على القصيدة بقلم محمد فاضل.
*برأيك، ما أبرز أسباب نجاح جيلك فى الفن؟
المناخ نفسه يصنع النجاح، والتعليم ليس مجرد مواد تعليمية، بل كان هناك نشاط رياضى وموسيقى وثقافة أساسى، وهو ما خلق نهضة فنية بعد ثورة يوليو 1952، حيث بدأ تكوين جيل ينتمى إلى الثورة ومبادئ الثورة الجديدة، كانت هناك مجانية فى التعليم مثلا، ونشاط ثقافى فى المدرسة، ومسرح بعد ذلك فى الجامعة لكل كلية.
كان هناك ملحق ثقافة فى كل جريدة نقرأ فيه لويس عوض ومندور والراعى والقط ودرينى خشبة، وتحليل للأعمال الفنية، وكنا نجلس مع أدباء وصحفيين مثل مصطفى أمين وثروت أباظة والشرقاوى، وكان هناك نوع من الود، وعندما نشأ التليفزيون احتوى الجميع؛ ممثلين ومخرجين ومؤلفين وديكور، وهكذا.
*كيف كانت البداية مع التليفزيون؟
أثناء دراستى الجامعية كان يأتى لنا مخرجون كبار يقومون بإخراج أعمال منتخب الجامعة، منهم نور الدمرداش الذى عملت معه مساعد مخرج فى مسرحية (لو كنت حليوة) التى كان يخرجها لمنتخب جامعة الإسكندرية، وبعدها عملت معه فى مسرحية (الجريمة والعقاب) التى عملت بها مدير مسرح ومساعد مخرج، وعندما فتح التليفزيون كنت موظفا فى كلية الزراعة، فكنت أعمل، وأرسل لى الدمرداش تليغرافا لخوض اختبارات التليفزيون، والتحقت بمسرح التليفزيون.
*أين محمد فاضل من المسرح والسينما والتليفزيون خاصة أنك أبدعت فيهم جميعا؟
هناك أيضا مسلسلان فى الإذاعة، كل مجال من هؤلاء له طعمه، ولاأستطيع أن أقول "دا أحسن من دا".
لكن اهتمامي بالتليفزيون أكثر لأنه يصل لأكبر عدد من الناس، ففى وقت واحد يشاهد العمل أكثر من عشرين مليونا، وأنا مخرج بصفة عامة وظروف الإنتاج هى التى تتحكم، وعندما وجدت نص مسرحية "عجايب" قدمته فى قطاع الفنون الاستعراضية، وقبل ذلك قدمت "البحر بيضحك ليه" للفنانين المتحدين، إذن المسألة فى المنتصف.
أول الأعمال التليفزيونية كان مسلسل «نصف ساعة باسم» ومسلسل «والله عال»، ورأيت فيه مراهقة فنية، فلم يذع إلا مرة واحدة، بعدها طلبت عدم إذاعته، وكان بطولة شفيق نور الدين، وعملت مسلسل أبو ذر الغفارى، وكان محمد فايق فى ذلك الوقت وزيرا للإعلام بعد عرض الحلقة الأولى منه أرسل لى خطابا يقول فيه إن الرئيس جمال عبد الناصر أمر بمنحى مكافأة 100 جنيه، وبعثة إلى ألمانيا، لأن المسلسل أعجبه، وبالفعل سافرت إلى ألمانيا فى بعثة وكان عمرى وقتها 28 عاما، وعندما عدت استدعانى سعد لبيب مسئول الدراما، وطلب منى عمل مسلسل منفصل متصل، ولم يفرض علىَّ موضوع العمل، وبدأت العمل فى "القاهرة والناس" عام 1967، وكان سببا فى شهرتى، اخترت فيه ممثلين جددا، فقدمت نور الشريف فى أول أدواره وكان اسمه على التتر «جابر»، وكذلك فاطمة مظهر، وأشرف عبد الغفور وكان اسمه «محمد عبد الغفور».
*لماذا لم يستمر مسلسل «القاهرة والناس»؟
بدأنا المسلسل ونجح، ولم تكن تعرض الأعمال على الرقابة، بل كان المخرج يقرأ النص ويبدأ اختيار الممثلين ثم البروفات وتسجيل العمل، ثم تذاع الحلقة، وبعد ذلك تقوم مراقبة التمثيليات، - وكان مديرها إبراهيم الصحن - بالتوقيع على الميزانية دون تدخل من أحد، والمسئول الوحيد هو المخرج.
لكن جاءت نكسة 67 فغيرنا المفهوم، وبدأنا نحلل أسباب الهزيمة من البيروقراطية إلى «الرجل غير المناسب فى المكان غير المناسب»، وبعد وفاة عبد الناصر توقفنا عامين عملت خلالهما فيلما تليفزيونيا 2/1/صفر، وأخذ جوائز من وزارة الثقافة عام 1972، ثم جاء عبد القادر حاتم وزيرا، فطلب نرجع «القاهرة والناس» كمسلسل اجتماعى، وفوجئت بضرورة عرض الحلقات على الرقابة، فرفضت، وأصروا، فأوقفت المسلسل.
*هل لك مواقف أخرى مع الرقابة؟
مشكلتنا مع الرقابة ليست فى المسئولين قدر أنها مع موظفى الرقابة الذين كان همهم تأمين وظيفتهم، فكان يحذف وأنا أرفض، وأصل بالشكوى إلى الوزير أو رئيس التليفزيون، فمثلا فى مسلسل «ليلة القبض على فاطمة»، رفضته الرقابة عندنا، وسأل وزير الإعلام عن سبب المنع وكانت سامية صادق رئيسة التليفزيون، فقالت إن هناك 30 ملاحظة للرقابة وفاضل يرفض التنفيذ، فطلب الوزير تشكيل لجنة للمراجعة
وكان الموسيقار محمد عبد الوهاب عضوا فى مجلس الأمناء باتحاد الإذاعة والتليفزيون، فاقترحت «صادق» الاحتكام إلى عبد الوهاب الذى وافق عليه، وبعده مسلسل «وما زال النيل يجرى» فهاجمنى النقاد وشتمونى وقالوا مسلسل دراما تعليمية، وتلقيت اتصالا من الدكتور على الراعى يقول لى: «ولا يهمك هؤلاء جهلاء احنا بالفعل محتاجين دراما تعليمية لوجود نسبة أمية عالية عندنا»، وخذى من هذا كثيرا.
*هل يوجد مسلسل حاليا يناقش الدراما القاهرية مثل «القاهرة والناس»؟
لا إطلاقا، فالزمن مختلف والدراما شكلها اختلف، فالآن شرط أساسى فى أي عمل أن يكون هناك أكشن ومشاهد قلب السيارة وخلافه، أما الدراما الاجتماعية فلا تتعدى الـ5% وكل الأعمال تنطوى على مسدسات كما لو كان كل بيت مصرى به سلاح نارى.
*كيف ترى المنصات الإلكترونية التى تعرض أعمالا خاصة، وقد حذرت منها سابقًا؟
هذه المنصات معمولة لكى تلغى الدور الاجتماعى للتليفزيون، فعن طريق التليفزيون الفرد يحصل على أخبار البلد والسياسة والمعلومة والأحوال العامة، والدراما تؤسس أجيالا، لكن المنصات لغت كل ذلك، ومن اخترعوا المنصات قصدوا تجاوز الناس الفرجة الجماعية، فاليوم كل طفل معاه لاب أو موبايل وآى باد وأصبح كل شخص يضع سماعة فى أذنه ويقعد أمام شاشة خاصة به منفصلا عن العالم حوله، عموما أنا ضد هذه المنصات بأنواعها والميزة الوحيدة لها أنها تنقذنا من الإعلانات.
*طالبت بتدخل الدولة بتشكيل لجنة لوضع أولويات للدراما، ألا يقيد هذا الواقع؟
بالطبع لا، لأنه ليس له علاقة بالإبداع، زمان كان لا يوجد من يقول لنا تعملوا إيه وما تعملوش إيه، لأنه كان هناك مناخ سياسى وثقافى معروف، فكما تضع الدولة مناهج للتعليم والتعليم العالى لأنه من حقنا كدولة أن نمنع العنف من الأساس، أيضًا نريد أن يكون للتعليم الفنى تأثير، لكن اللجنة لن تقول تؤلفوا إيه وبلاش إيه، المهم أننا نجيب أبطال من الواقع ليسوا من سكان القصور والكومباوندات ونبرز حياتهم.
وأضرب لك مثلا، الدولة تريد زراعة مليون ونص المليون فدان، محدش راح ليه؟ لأنه المجهول دايما مخيف، ومجبتش دراما تمشى فى هذه السكة وتقول عن المشروع وعن الرعاة والتسويق بعد ذلك، نسينا أغانى زمان "ع الدوار" وأغانى صلاح جاهين «صورة.. واللى هايطلع من الميدان عمره ما هيبان فى الصورة»، كان الفن يقوم بدور سياسى واجتماعى، واليوم تركنا كل شيء لأن القطاع الخاص لا يفكر فى مصلحة الدولة، ولما عملنا مسلسل "تحت الوصاية" كان وراءه مغزى وهدف فنجح.
عموما لا يوجد خوف من وجود اللجنة لأنها ستضع استراتيجية، لكن لن تفرض قصصا بعينها ولا تتدخل فى الإخراج، وأمريكا نفسها لديها استراتيجية، البلد فيها خبراء ومتخصصون ومهتمين بالدراما، لكن كل واحد لا يسمع إلا نفسه.
*من وجهة نظرك أين تكمن الأزمة؟
للأسف المسارعة وراء الأكشن والعلاقات الشاذة، فمثلًا تظهر السيدات فى بعض الأعمال تُضرب، أو شريرة، ولا أدعى أن جميع الشخصيات طيبة، لكن ما أريد قوله ألا يكون هذا هو السائد لدينا، ولدينا فقر تخطيط ولا توجد استراتيجية
فأنا كدولة أضع أولويات للموضوعات التى يجب التطرق إليها، فمثلًا أقول هذا العام لدينا أزمة اقتصادية، أو عالمية، فلا أزيد الناس كآبة، فيجب التغلب على الأزمات من خلال القصص المشوقة، أو الأعمال الكوميدية، فمثلًا مسلسل «أحلام الفتى الطائر» تحدث عن الثراء غير المشروع، إذن فتلك هى المشكلة، نحتاج فقط لوضع خطة.
*هل أنت مع تمصير الأعمال الأجنبية؟
بالطبع لا، ولكن هناك أعمال من الممكن تحويلها، فقصتها تمثل القضايا الإنسانية بشكل عام، فعلى سبيل المثال معظم أعمال شكسبير مأخوذة من الدراما اليونانية، وأى مشاهد يشعر أنها إنجليزية بسبب بلد المنشئ لها، لكن أنا لست ضد الاقتباس بصفة عامة وفى مسلسل جراند أوتيل عبرة، فالعمل المصرى أفضل من الإسبانى لكن فى النهاية أنا لست مع هذه الفكرة، فلدينا حياة اجتماعية من الممكن الكتابة عنها بشكل حقيقى، فالحواديت المصرية كثيرة.
*كيف استقبلت رد الفعل على مسلسلك «الضاحك الباكى»؟
المسلسل لم يكن المقصود منه تقديم سيرة فنان بقدر ما هو تأكيد لدور الفنان الحقيقى الاجتماعى والسياسى، لأن الفن رسالة والدراما هى أكثر أنواع الفن انتشارا، وأنا قضيت 10 سنوات بدون عمل، وعدت بالضاحك الباكى وفوجئت بالهجوم، وكان هناك ترصد بالمؤلف والمخرج.
*ونحن نحتفل هذه الأيام بثورة 30 يونيو، كيف تصفها؟
أنا غير مقتنع بثورة 25 يناير بالرغم أننى شاركت فيها، لكن اتضح أنها كانت مدبرة، أما ثورة 30 يونيو فهى ثورة شعبية حقيقية بدأها المثقفون باعتصام وزارة الثقافة احتجاجا على تعيين وزير ثقافة إخوانى وفصل إيناس عبد الدايم من رئاسة الأوبرا، حدث اعتصام لمدة شهر كامل، وخرجنا منه إلى ميدان التحرير، المثقفون كان لهم دور كبير، ولكن الآن لغى دور المثقفين.
*هل هناك أعمال درامية قدمتها ولم ترَ النور؟
عندى مسلسلان تقدمت بهما إلى التليفزيون هما «رفاعة الطهطاوى» كتبه الراحل محمد أبو العلا السلامونى، وهو يتحدث عن دور رفاعة فى نهضة مصر، ومسلسل «الشمندورة» الذى كتبه خليل هاشم وما زال الاثنان حبيسي أدراج التليفزيون.
*كلمة أخيرة؟
عندى مسرحية باسم «ديوان البقر» كتبها الراحل أبو العلا السلامونى، ووافقت الرقابة عليها، ومر الآن أربع سنوات ولاأستطيع أن أخرجها، وهى تتحدث عن إعمال العقل، وبدونه سنتحول كلنا إلى بقر، وإعمال العقل وتشغيله ليس معناه أن تترك نفسك للأفكار المتطرفة والهدامة، هو يتكلم فى النهاية عن قيمة العقل للإنسان، وأتمنى رد وزارة الثقافة حتى لو لم ننفذها.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبارالرياضة ، أخبارمصر، أخباراقتصاد ، أخبارالمحافظات ، أخبارالسياسة، أخبارالحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجيةوالداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.