كثير من الحقيقة قليل من الكذب، حكاية الأفلام التسجيلية والوثائقية في مصر
تلعب السينما التسجيلية دورًا هامًا في العصر الحديث من خلال توثيق الأحداث التاريخية والثقافية والاجتماعية والعلمية والبيئية، وتوفير وسيلة للتواصل والتوعية للجمهور بشكل واضح وحقيقي.
فالسينما التسجيلية تعد جزءًا من الفن السينمائي وتساهم في تطويره وتحسينه وتوسيع نطاقه، وتساعد في تقديم أفكار جديدة ومبتكرة في المجال السينمائي.
وخلط الكثيرون بين الفيلم الوثائقي ونظيره التسجيلي تميزا بينهما عن الأفلام الروائية
فالفيلم الوثائقي هو فيلم يحاول «توثيق» الواقع، حتى ولو اختيرت مشاهده ورُتِّبَّت على نحو معين خلال مرحلة المونتاج، لكنها ليست مشاهد مفتعلة، ولا مكتوبة مسبقًا، في سيناريو، ولا يقوم بتجسيدها ممثلون.
أما الفيلم التسجيلي هو ما يتدخل فيه المخرج ليغير بعض الحقائق البسيطة، أو ليتحكم في كيفية تقديمها، مثل اختيار مواقع التصوير ومواعيده وما تقوم به الشخصية أثناء الحديث، وهو ما قد لا تفعله الشخصية في حياتها اليومية الواقعية، أما الوثائقي، حسب هذا الرأي، فهو ما يقدم الحقيقة صافيةً خاليةً من أي تدخل، لا بالتركيب ولا الافتعال ولا غيرهما، إلا أن الغطاء المثالي لكلا النوعين هو أنه فيلم غير روائي وخيط رفيع يفرق بين التسجيلى والوثائقى فالأول تؤهل خلاله الكاميرا لأن تصوّر وتسجّل وضعًا معينًا، وليس بالضرورة توثيق حقيقة معينة.
وقد ساعد التقدم الكبير لتكنولوجيا آلات التصوير السينمائي والتطور السريع في تحسين المواد الأولية للأفلام، على تمكين مخرجي اتجاه «سينما الحقيقة» من عمل مجموعة أفلام تسجيلية على درجة كبيرة من الصدق والمباشرة.
بدايات السينما المصرية جاءت كسينما تسجيلية وكان ذلك مع فيلم "زيارة الباب العالى لجامع المرسى أبو العباس" للأخوين لوميير سنة 1907، كذلك فيلم فى بلاد توت عنخ أمون 1922، وذلك لتسجيل وقائع حقيقية من أجل الأرشفة للعودة لها كمرجع فيما بعد عن مكان أو قضية ما.
وحول الأفلام التسجيلية الأولى، يظهر أول اسم مصري في السينما، وهو الرائد محمد بيومي الذي عاد في عام 1923 من النمسا، بعد أن درس التصوير السينمائي، وأحضر معه بعض الآلات والمعدات الخاصة بالتصوير، وافتتح استديو للإنتاج السينمائي في حي شبرا الشهير بالقاهرة. بدأ بيومي عام 1923 إنتاج وتصوير جريدة سينمائية باسم (آمون) ظهر منها ثلاثة أعداد ضمت مشاهد عودة سعد باشا زغلول من منفاه، والاستقبال الشعبي له، وافتتاح أول دورة للبرلمان المصري، والاحتفال بعيد جلوس الملك فؤاد بسراي رأس التين، ومشاهد إعمار مسجد (أبي العباس المرسي) بالإسكندرية، ورجال البوليس يلعبون التدريبات الرياضية، وغيرها. وظل بيومي يعمل إلى أن اشترى بنك مصر الاستديو الخاص به.
ووفقا لما جاء في كتاب تاريخ السينما التسجيلية في مصر للكاتب ضياء مرعي اهتمت ثورة يوليو بالسينما التسجيلية، كان موضوع الفصل السادس من الكتاب. بدأ هذا الاهتمام بتكوين وحدة إنتاج سينمائي بالقوات المسلحة عام 1953، أنتجت أفلام توضح دور القوات المسلحة في حياة الأمة، تصدى لها مجموعة من كبار المخرجين منهم عزالدين ذوالفقار ومحمد كريم وكمال الشيخ وسعد نديم والسيد زيادة وعاطف سالم.كما شهدت هذه المرحلة إنشاء أول إدارة حكومية لإنتاج الأفلام التسجيلية والقصيرة في عام 1954، تابعة لمصلحة الاستعلامات، تم إنتاج أفلام مهمة مثل (توقيع اتفاقية الجلاء) إخراج جمال مدكور، (النهضة الصناعية)، إخراج أحمد كامل مرسي، و(معاهدة الجلاء) إخراج كمال الشيخ، وذلك في عام 1954، أما في عام 1955، فقد تم إنتاج (البترول في مصر)، إخراج صلاح أبو سيف و(قضية العرب)، إخراج جمال مدكور.
رصد الواقع
ليست كل الأفلام الوثائقية متشابهة ولعل أبرز أنواعها الأفلام الوثائقية الرصدية والذي تتبناه حركة السينما الواقعية وتحاول الأفلام الوثائقية القائمة على المشاهدة والرصد اكتشاف الحقيقة المطلقة عن الموضوع الرئيسي في الفيلم.
جوائز الأوسكار
أفردت جوائز الأكاديمية (أوسكار) لها مسابقة خاصة، حيث بدأت فى تقديم جوائز فئة أفضل فيلم وثائقي منذ عام 1941 وعن أبرز فيلمين حصلا على جائزة الأوسكار خلال السنوات الماضية هما:
فيلم إيكاروس (Icarus)
إيكاروس هو الفيلم الوثائقي الحائز على الأوسكار عام 2017، ويناقش قضايا التلاعب في ملف المنشطات التي يتناولها أبطال رياضيون، وهو فيلم شكلت فيه شهادة الرئيس السابق لمختبر موسكو لمكافحة المنشطات “غريغوري رودتشينكوف”، أساسًا للفيلم.
مدة الفيلم 121 دقيقة، وهو من إخراج “براين فوغيل”، وقد حصل من النقاد على تقييم 93% على موقع الطماطم الفاسدة، وتقييم 7.9 على موقع (IMDb).
فيلم المواطن الرابع (Citizen Four)
المواطن الرابع هو فيلم وثائقي من إخراج “لورا بويتراس”، كان إنتاجه عام 2014، وهو يسلط الضوء على العميل ” إدوارد سنودن”، وعلى عملية كشف التنصت العالمي.
عُرض الفيلم في الولايات المتحدة الأمريكية في 10 أكتوبر 2014، فيما بدأ عرضه في المملكة المتحدة في 17 أكتوبر 2014، وحصل الفيلم على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي لعام 2014.
وحصل الفيلم على تقييم 8.1 على موقع (IMDb)، وتقييم 97% من النقاد على موقع الطماطم الفاسدة (Rotten tomatoes).
مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة
اهتمت الدولة ممثلة في وزارة الثقافة بالسينما التسجيلية ورعت مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة والذي أصبح محفلا عالميا لطرح ومناقشة الكثير من القضايا الإنسانية والافكار البناءة، والقاء الضوء على ثوابت القيم السامية والمبادئ النبيلة، من خلال برنامج مميز يزخر بأهم وأحدث الأفلام العربية والدولية التي تعرض للمرة الأولي في مصر والمنطقة العربية، إلى جانب عدد كبير من الأفلام بالمسابقات الرسمية والبرامج الموازية التي تعرض خارج المسابقة ومجموعة من الفعاليات المتنوعة الأخرى.
ويعد مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأول المهرجانات العربية للأفلام الوثائقية والقصيرة، حيث بدأت أولى دوراته في عام 1991.
عطيات الأبنودي
أحد أهم مخرجي السينما التسجيلية في مصر والتي بدأت طريقها في السينما التسجيلية في فترة السبعينيات والتي رحلت عن عالمنا يوم 5 أكتوبر 2018.
اهتمت عطيات في أفلامها بتوثيق حقبة مهمة من تاريخ مصر، فقد كان شاغلها دومًا هموم المهمشين والمسلوبة حقوقهم، من أول أفلامها "حصان الطين"-التي حصدت عنه 31 جائزة- وحتى آخر أفلامها، وكانت أكبر عائق في مشوار عطيات السينمائي أن أفلامها لم تكن تعرض بالتليفزيون المصري، باستثناء فيلم واحد "القاهرة 1000 القاهرة 2000" لأنه من إنتاج التليفزيون المصري بالأساس.
وقام أحد المتأثرين بسينما عطيات الأبنودي وهو المخرج أحمد نبيل، بعمل مدونة صوتية "بودكاست" عن السينما التسجيلية، وفضّل أن تكون أولى حلقاتها عن دور عطيات الأبنودي في السينما التسجيلية.
القناة الوثائقية المصرية 2023
انطلقت القناة الوثائقية الجديدة 2023 يوم الأحد 19 فبراير 2023 على القمر الصناعي النايل سات كأول قناة من نوعها في مصر.
وكان من أبرز ما قدمته الحوار الذي تم تصويره مع أمير داعش، والذي يتكون من 3 أجزاء، ويرصد نقاط التحول والمحطات التي مر بها.