هل طلب صندوق النقد الدولي من مصر خفض قيمة الجنيه؟
تعاني مصر من أزمة حادة في تدبير العملات الصعبة خاصة الدولار حيث تحتاج الدولة إلى حزمة من الدولارات تقدر بـ90 مليار دولار خلال الـ4 سنوات المقبلة لسداد فواتير والتزامات دولية، ومع ذلك، لا تزال هناك إرادة قوية من الرئيس عبد الفتاح السيسي لدفع نشاط القطاع الخاص وتهيئة مناخ الاستثمار وتسوية الساحة بين القطاعين العام والخاص.
اقرأ أيضًا: أزمة التعويم والفجوة الدولارية وسداد الديون، ماذا تفعل الحكومة لانقاذ الاقتصاد المصري من كبوته
إصلاحات اقتصادية وهيكلية لسد الفجوة الدولارية
وفي سبيل سد الفجوة الدولارية بدأت الحكومة المصرية بعض الإصلاحات الاقتصادية بدأت بإصدار وثيقة ملكية الدولة مرورا ببرنامج طروحات يتضمن تخارج الحكومة من 32 شركة وطرحا لمستثمرين استراتيجيين أو في البورصة، وفقا لتصريحات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، فضلا عن إصدار مجموعة قرارات ثورية من المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس السيسي، أشاد بها مستثمرون وبدأت تؤتي ثمارها، ورغم أن هناك تباطؤ في تنفيذ الطروحات إلا أن خبراء ومسئولين في الحكومة أكدوا أن الدولة لن تفرط في أصولها بثمن بخس، حيث أن العروض المقدمة للشراء لا ترقى للمنتظر من هذه الطروحات.
وفي سبيل خوض برنامج إصلاح اقتصادي جديد، ففي ديسمبر 2022، وبعد شهور من المفاوضات، حصلت الحكومة على تسهيل تمويل بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي كجزء من حزمة إصلاح اقتصادي هيكلي، وفقا لعدد من البنود كان من أهمها المحافظة على مرونة نظام الصرف الأجنبي فضلا عن تأخير العمل في بعض مشروعات الدولة.
وصرفت مصر الشريحة الأول من القرض والتي كانت قيمتها 347 مليون دولار، وكان من المقرر إجراء المراجعة الأولى من صندوق النقد الدولي في مارس الماضي ولكنها تأجلت عدة مرات آخرها في يونيو الجاري وفقا لتصريحات محمد معيط وزير المالية وأنطوانيت ساييه نائبة المديرة العامة لـصندوق النقد الدولي، حيث أنها من المقرر بعد انتهاء المراجعة صرف الشريحة الثانية للقرض بقيمة 387 مليون دولار.
اقرأ أيضًا: سيتي جروب يغير توقعاته بشأن التعويم الجديد للجنيه
وخلال حضوره للمؤتمر الوطني للشباب أمس الأربعاء 14 يونيو 2023، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، أن تحرير سعر الصرف "مسألة أمن قومي" لأنها تمس وبشكل مباشر السلع الغذائية للمصريين مؤكدا أن ذلك لن يحدث حتى لو خالف ذلك الإجراءات مع صندوق النقد الدولي.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل طلب صندوق النقد الدولي من مصر صراحة تحرير سعر الصرف أو تعويم الجنيه للمرة الرابعة؟
تكافح الحكومة لتأمين الدولارات والأموال الإضافية التي تحتاجها للوفاء بالتزامات الديون وفواتير الاستيراد فضلًا عن تنفيذ بعض المشروعات القومية والتي من المنتظر أن تدر عوائد دولارية قوية خلال سنوات قليلة، ورغم الانتقادات الواسعة للحكومة بشكل عام وللمجموعة الاقتصادية بشكل خاص، لا يضيع وزراء مدبولي فرصة قريبة أو بعيدة ليؤكدون خلالها ويرسلون إشارات قوية عن التزامهم بالإصلاح الهيكلي الشامل وتهيئة مناخ الاستثمار.
ما الأسباب الجذرية للأزمة الدولارية التي تمر بها مصر؟
شهدت مصر اختلالات مالية لعدة سنوات، ونمت ديون الحكومة من 90٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 إلى 127٪ من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، وفقا لأبحاث أكسفورد إيكونوميكس، وأدى العجز التجاري الطويل الأمد إلى تفاقم أزمة الديون وزيادة الضغط على العملة.
وأدى الإنفاق الحكومي المرتفع في السنوات الأخيرة إلى خلق الظروف الملائمة للأزمة الحالية، وانتقد العديد من خبراء الاقتصاد سوء إدارة الحكومة لموارد الدولة والنفقات الباهظة على مشروعات يمكن مد أجلها لسنوات، حيث طالب الدكتور محمد يونس أستاذ الأقتصاد، بخطة تقشف، وتطوير الريف المصري، وإحلال المنتجات المحلية محل المستوردة فضلا عن العمل على زيادة معدلات الصادرات.
ومنذ بداية انتشار جائحة كورونا في أواخر عام 2019 وبداية 2020 مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على جميع اقتصاديات العالم وتسببت في أزمة كبيرة بسلاسل الإمداد والتوريد، وارتفاع معدلات التضخم حتى وصلت في مصر إلى 41% وبعد 3 أعوام من الصعوبات الاقتصادية، أصبحت نقاط الضعف المالية الهيكلية طويلة الأمد تؤثر بشكل كامل على الاقتصاد.
وأدى خروج 22 مليار دولار من الأموال الساخنة في بدايات عام 2022 إلى هزة كبيرة للجنيه أمام الدولار حيث أنه مع خروج هذه الأموال من البلاد، تعرض الجنيه المصري لضغوط متزايدة وللتخفيف من اختلال التوازن أصدرت الحكومة والبنك المركزي المصري إجراءات وقرارات جديدة لإبطاء الواردات وتسبب هذا الإجراءات في اختناق عمليات الاستيراد، مما خلق ضغوط شديدة على عمليات الشركات لعدم توافر الدولار.
كيف عملت الحكومة على تغيير مسارها والسعي لسد الفجوة الدولارية؟
في مواجهة الضغوط المالية، لجأت الحكومة في مارس 2022 إلى صندوق النقد الدولي للمرة الرابعة خلال ست سنوات وأدت المفاوضات في نهاية المطاف في ديسمبر 2022 إلى اتفاقية بشأن تسهيل الصندوق الموسع (EFF) بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي يتم صرفه على مراحل على مدى 46 شهرًا، حيث أوضح مجلس إدارة صندوق النقد الدولي أن الأموال يتم توفيرها ضمن إطار "شامل" للإصلاح الاقتصادي يركز على "استقرار الاقتصاد الكلي، وتمهيد الطريق لنمو شامل يقوده القطاع الخاص، بما في ذلك من خلال إدخال إصلاحات هيكلية واسعة النطاق للحد من وجود الدولة، فضلا عن إتباع سعر صرف مرن.
وتماشيًا مع هذه الأهداف، أعلنت الحكومة تأخير تنفيذ بعض المشروعات التي تنفق فيها الملايين من العملات الأجنبية كما سمح البنك المركزي للجنيه بالانخفاض أكثر في يناير الماضي، حيث أصبح الدولار الأمريكي يبلغ الآن حوالي 31 جنيهًا مصريًا، وفي نهاية ديسمبر 2022، ألغى البنك المركزي المصري متطلبات خطابات الاعتماد للواردات وخلال ديسمبر 2022 ويناير 2023، عملت الحكومة على الإفراج عن السلع المتراكمة في الموانئ والتي كانت تكلفتها في هذا التوقيت 14 مليار دولار.
اقرأ أيضًا: قرض الـ3 مليارات دولار، سر تأخر صندوق النقد الدولي في صرف الشريحة الثانية لمصر
وكإجراء عملي من الحكومة والتزامها بالخصخصة، وافق الرئيس السيسي في ديسمبر 2022 على وثيقة سياسة ملكية الدولة لطرح 32 شركة مملوكة للدولة لمستثمرين ضمن برنامج زمن ينتهي بنهاية مارس 2024، وهذه ليست المرة الأولى التي تلتزم فيها الحكومة بإصلاحات هيكلية للاقتصاد ومع ذلك، فإن الضغوط المالية في الوقت الحالي أكبر مما كانت عليه في أي وقت آخر في السنوات الأخيرة.
وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال المدفوعات المقترحة من صندوق النقد الدولي بعيدة كل البعد عن المبلغ الإجمالي الذي تحتاجه الحكومة في التمويل الخارجي - ما يقدر بنحو 17 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الأربع المقبلة وفقًا لصندوق النقد الدولي.
وتكافح الحكومة السلطات لإرسال إشارة قوية للمجتمع الدولي على أنها ماضية في سعيها لتحقيق التوازن بين الأولويات الاقتصادية وتهيئة مناخ الاستثمار لعكس مسار أزمة العملة الحالية بشكل سريع ودائم فضلا عن طمأنة المستثمرين والتأكيد على أن الشركات الأجنبية في مصر ليست معرضة لأي مخاطر استثمارية.
هل يتبع البنك المركزي المصري سعر صرف مرن؟
خلال المؤتمر الاقتصادي مصر 2022 في شهر أكتوبر الماضي، أكد حسن عبدالله محافظ البنك المركزي المصري أن المركزي بصدد إطلاق مؤشر الجنيه مقوم بمجموعة من العملات والذهب، مشيرا إلى أن الجنيه المصري زادت قيمته أمام عملات أخرى مثل الجنيه الإسترليني واليورو والليرة التركية.
وانتقد محافظ البنك المركزي سياسة ارتباط سعر صرف الجنيه بالدولار، قائلا: "مصر مش دولة مصدرة للبترول علشان نربط سعر الصرف بالدولار"، مشيرا إلى أن مؤشر الجنيه المصري يستهدف لقياس قيمة الجنيه مقابل سلة من العملات وعناصر أخرى كالذهب وغيره.
وأكد عبدالله في أكثر أن البنك المركزي المصري يتبع نظام سعر الصرف المرن، والذي يعكس قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة العرض والطلب.
وفي تصريحاتها أكدت جولي كوزاك مديرة الاتصالات الاستراتيجية في صندوق النقد الدولي أكدت أن المراجعة الأولى لقرض الـ3 مليارات لمصر مرتبطة بالتحرك المستدام نحو سعر صرف مرن للتخفيف من نقص النقد الأجنبي فضلا عن تنفيذ استراتيجية تخارج الحكومة من الاستثمارات ما يضمن الحياد التنافسي لجميع الشركات لتعزيز تكافؤ الفرص بالإضافة إلى إبطاء المشروعات الاستثمارية الوطنية الكبيرة لتقليل الضغوط على الأسعار وسعر الصرف، ويتضح من ذلك أن صندوق النقد الدولي لم يطلب صراحة بالمزيد من خفض قيمة الجنيه أمام الدولار، مع العلم أن الخطوة المنتظرة من البنك المركزي هي إطلاق مؤشر الجنيه الذي أشار إليه محافظ البنك المركزي المصري والذي سيعمل على خفض تأثر سعر صرف الجنيه المصري بتطورات الدولارويعكس القيمة الحقيقية للجنيه المصري.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.