رشحت نفسها لجائزة الدولة للتفوق، 9 سنوات على رحيل فتحية العسال
الكاتبة فتحية العسال.. من أشهر الكاتبات المصريات، من أوائل المشاركات فى اعتصام المثقفين بوزارة الثقافة احتجاجا على وجود الإخوان فى الحكم والذى انتهى بقيام ثورة 30 يونيو، كانت حياتها هي سر نجاحها الكبير في عالم الكتابة والأدب، حيث تأثرت بالكثير من الأحداث في نشأتها ورحلت فى مثل هذا اليوم عام 2014.
وأنتجت مؤخرا الإدارة العامة للثقافة النسائية فيلما تسجيليا عن الكاتبة والمناضلة فتحية العسال مدته نصف ساعة بتكلفة 26 ألف جنيه إخراج كريم سمير عزب يتناول دور العسال في اعتصام المثقفين بوزارة الثقافة والذى كان مقدمة لثورة 30 يونيو وتضمن الفيلم شهادات مختلفة من الفنانين والمبدعين على تاريخ نضال الراحلة.
بنت حى السيدة زينب
ولدت الكاتبة المبدعة فتحية العسال عام 1933 بحى السيدة زينب حيث القاهرة القديمة وحرمها ابوها الذى كان ضد تعليم البنات من التعليم لكنها كانت تملك اصرارا على التعليم فعلمت نفسها بنفسها، وعندما تنبه والدها الى اصرارها على تعلم القراءة والكتابة بدأ فى مساندتها وتشجيعها، وبدأت تفك الخط وانتهت إلى التأليف المسرحي والدرامي.
حكاية فى حضن العمر
وبدأت الكتابة الأدبية في عام 1957 واهتمت بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة بشكل خاص، تقول فتحية العسال فى كتابها حكاية فى حضن العمر ":كتبت أول قصة ضمن رسالة غرامية لزوجي الأديب الراحل عبد الله الطوخي، وأول كتاب قرأته كان "عقلي وعقلك" لسلامة موسى، وهذ الكتاب هو الذي وجهني لما أنا فيه ـ الكتابة الأدبية ـ ثم جاءت كتابات جبران خليل جبران قرأتها مع عبد الله الطوخي وبدأت الحكاية.
وكتبت فتحية العسال المسلسلات التى بدأتها ب هى والمستحيل الذي يحمل أكثر من رسالة منها محاربة الامية والزواج المبكر لتصل أعمالها التليفزيونية الى 57 مسلسلًا منهم: رمانة الميزان، وسيناريو مسلسل شمس منتصف الليل، وحبال من حرير، وبدر البدور، وحتى لا يختنق الحب، وحبنا الكبير، ولحظة اختيار، ولحظة صدق الحاصل على جائزة أفضل مسلسل مصري باستفتاء النقاد لعام 1975.
أما قصتها "سجن النساء " فهى مسرحية تتناول فيها ظروف السجينات قدم من خلال عمل درامى حقق نجاحا كبيرا،وتحكى فيها قصة اعتقالها شخصيا عام 1981 بسبب مواقفها السياسية حيث تكرر اعتقالها ثلاث مرات منها بسبب موقفها الرافض لاتفاقية السلام مع إسرائيل – كامب ديفيد – وحول تلك الواقعة قالت: عندما تشكلت لجنة الدفاع عن الثقافة القومية لمواجهة التطبيع في المجال الثقافي وأنا كنت جزءا منها وكانت معي لطيفة الزيات وعواطف عبد الرحمن وأمينة رشيد ورضوى عاشور وعبد العظيم أنيس ومحمود أمين العالم ونبيل الهلالي وجمال الغيطاني ويوسف القعيد.
وفي معرض الكتاب عام 1979 تم تخصيص جناح لإسرائيل فخرجنا جميعا وحرقنا العلم الإسرائيلي وتظاهرنا، وأثناء الليل قبضوا علي ووجدوا في بيتي المطبوعات والمنشورات التي تخص اللجنة، وأودعت سجن القناطر وهذه الفترة مهمة جدا في حياتي حيث كتبت أثنائها قصة "سجن النساء".. تحولت بعد رحيلها إلى مسلسل تليفزيوني.
بعد اعتقال فتحية العسال صدر قرار بمنع جميع أعمالها من التليفزيون والمسرح والسينما فكتبت إبداعاتها فى هذه الفترة بتوقيع نجيبة العسال وهو اسم شقيقتها الكبرى ونشرت اعمالها.وتحكى ابنتها صفاء الطوخى عن تلك الذكريات فتقول: تم اعتقال أمي وقت السادات وبكل بشياكة والدي قال لها اجمدي وشدي حيلك، وأنا كنت بتفرج على المشهد وأنا مش متفاجئة، وهي كانت مشعة بالقوة الإنسانية والبساطة وهي عارفة إنها صاحبة موقف ودا ثمن طبيعي ممكن تدفعه، واحنا كأسرة كلنا كنا بنسند بعض ولكن هي كانت بتبعت لنا جوابات تهريب من المعتقل وفي الزيارات تقول لنا إنها قوية وبتعيش التجربة وخرجت منها بمسرحية سجن النسا.
بدأت فتحية العسال مشوارها بالمسرح فى مسرحية "المرجيحة" عام 1969 وتبعتها مسرحية الباسبور، وفى الثمانينيات قدمت مسرحيات "نساء بلا أقنعة" بعد أن حذفت الرقابة كلمة نساء وأبقت الاسم "بلا أقنعة "، ومسرحية البين بين، ليلة الحنة، من غير كلام وغيرها.
وكانت فتحية العسال عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب ورئيس جمعية الكاتبات المصريات وأمين عام اتحاد النساء التقدمى، وصفها المخرج خالد جلال بأنها ام لكل الناس، ووصفتها الفنانة سميحة أيوب بأنها عالم متفرد في حب الناس مشوارها النضالى أكسبها حب الناس.
انفصال رغم الحب الكبير
بعد سنوات قليلة انفصلت فتحية العسال عن زوجها الأديب عبدالله الطوخى وقالت فى مذكراتها: أنا طلبت الطلاق رغم الحب الكبير بسبب كلمة واحدة اسمها الحرية، كنت عاوزة أعرف أنا مين، عروسة بدوبارة واللاعب بيلعبها وبيلعب بيها.. اللاعب ده كان القديم اللى عايش جوايا منذ سنين، كنت عاوزة أعرف أنا حرة بصحيح أم بدعى الحرية تمردت على زوجى وطلبت الطلاق.
اعتراف بالحب والايمان بالحرية
وفى المقابل كتب عبد الله الطوخى يقول فى سيرته "دراما الحب والثورة": الآن أعترف من الأعماق أن القضية بينى وبين فتحية هى قضية الحرية، بالتحديد حريتها فى مواجهة حريتى، فقد تعاملت معها طوال حياتنا على أننى أنا الراعى المسئول عنها وكان هذا هو اللغم الأكبر الذي وقعت فيه.
ولم تستطع فتحية العسال ولا عبد الله الطوخى الاستغناء عن الشريك وبعد سنوات قليلة من الفراق عاد الزوجان واستمر زواجهما 25 عاما حتى رحل الكاتب عبد الله الطوخى وبعده بسنوات رحلت الكاتبة فتحية العسال.
جائزة الدولة للتفوق
وعندما فازت فتحية العسال بجائزة الدولة للتفوق عن مشوارها أهدت الجائزة الى روح زوجها الراحل عبد الله الطوخى الذى تنبأ لها بنيل الجائزة قبل وفاته، والغريبة ان فتحية العسال لم ترشحها اى جهة للجائزة بل هي التي قامت بترشيح نفسها للجائزة لثقتها في نفسها فكانت اول سيدة ترشح نفسها للجائزة وقدرها 50 ألف جنيه.