لعنة العقوبات الأمريكية.. سر استهداف الولايات المتحدة للجيش السودانى ومساواته بالميليشيات المتمردة.. خبراء: تقييد المؤسسات الرسمية بالعقوبات يضعف المؤسسة العسكرية ويعزز قوة الدعم السريع
لم يجذب فشل الأطراف السودانية فى تمديد اتفاق وقف إطلاق النار، وانسحاب الجيش السودانى من المفاوضات الأخيرة فى مدينة جدة السعودية بين ممثلى الجيش وقوات الدعم السريع بوساطة سعودية أمريكية الأنظار، كما هو الحال لتوقيع الولايات المتحدة عقوبات ثنائية على الجيش والدعم السريع فى آن واحد، ما أشعل غضب كبير بين قادة المؤسسة العسكرية السودانية كما أثار مخاوف الخبراء من تحول السودان إلى ساحة صراع دولى إذا ما استمرت الولايات المتحدة على هذه السياسة فى التعامل مع الأزمة.
انسحاب الجيش السودانى من مفاوضات جدة
قصة انسحاب الجيش السودانى من المفاوضات الجارية فى السعودية، بدأت باتهام قوات الدعم السريع بانتهاك الهدنة، الأمر الذي فتح المجال أمام الولايات المتحدة الأمريكية لفرض عقوبات على السودان مما قد يتسبب فى تراجعها إلى أعوام عديدة للوراء، وهو ما قد يدخل البلاد فى سيناريو مظلم للغاية.
استند الجيش السودانى إلى أن العقوبات الأمريكية لم تفرق بين مؤسسات الدولة والشركات التابعة لمليشيات الدعم السريع، وفرضت واشنطن عقوبات على شركات تابعة للجيش السودانى كما منعت إصدار تأشيرات لمسئولين فى الجانبين.
ولم يكد السودان يلتقط أنفاسه بعد إزالته من القائمة السوداء بعد سنوات من المفاوضات المضنية مع أمريكا، حتى عاد هذا الشبح يلوح من جديد، إذ قد تتسبب العقوبات التى تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على مؤسسات الدولة السودانية فى إسقاط شرعية تلك المؤسسات مما قد يذهب بالبلد العربى إلى نفق الفوضى المظلم.
وتعد آلية العقوبات التى لجأت إليها أمريكا فى الأزمة السودانية وسيلة غير فعالة فى كثير من الأزمات، نظرا لأنها تضر بالبلد ككل وليس فصيلا بعينه، وربما لهذا تدخل الاتحاد الأفريقى فى الأزمة معلنا عن خارطة طريق تهدف إلى حل الأزمة السودانية، اشتملت على مجموعة من الإجراءات التى يجب اتخاذها لحل النزاع، منها الوقف الفورى والدائم لإطلاق النار.
تقول الدكتورة أمانى الطويل، الخبيرة فى الشئون السودانية ومدير البرنامج الأفريقى فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن العقوبات الأمريكية على الخرطوم متوقعة وليست الأولى، مشيرة إلى أن واشنطن تسعى لفرض حلولها والسيناريو الذى تريده على أطراف الأزمة بما يضمن تحقيق مصالحها.
تأثير العقوبات الأمريكية على السودان
وأوضحت أمانى الطويل أن مشكلة العقوبات التى فرضتها أمريكا على الجيش السودانى فى امتداد تأثيرها على الدولة السودانية، موضحة أن شركات الجيش مملوكة بالأساس للحكومة، مضيفة أن التأثير الأكبر سيكون على الدعم السريع.
وذكرت الطويل أن العقوبات المفروضة على السودان مرتبطة بالقرار الصادر عن الكونجرس الأمريكى لدعم الديمقراطية حول العالم، مما يتيح لواشنطن فرض عقوبات على مؤسسات حكومية بحجة الحفاظ على النظام الديمقراطى، وتوقعت الطويل أن تزداد رقعة الصراع فى السودان خلال الفترة المقبلة.
ومن جانبه قال الدكتور عادل الفكي، مدير عام مركز المعلومات بوزارة المالية السودانية السابق، إن الجيش السودانى علق مشاركته فى مفاوضات جدة بسبب عدم التزام مليشيا الدعم السريع المتمردة ببنود اتفاقية الهدنة الإنسانية، وأهمها الانسحاب من المستشفيات ومن مساكن المواطنين.
وفيما يتعلق بالعقوبات التى فرضتها أمريكا، قال الفكى إنه من عادة واشنطن استخدام أسلوب العصا والجزرة، مشيرا إلى أن العقوبات التى فرضتها الإدارة الأمريكية اقتصادية وتتضمن تجميد الأموال وعدم تعامل حاملى الجنسية الأمريكية مع شركة الجنيد التابعة لمليشيا الدعم السريع والشركات الأخرى التابعة لها.
وتابع: "ومن ناحية ثانية فرضت نفس العقوبات على منظومة الصناعات الدفاعية المملوكة لحكومة السودان والجيش السوداني".
وأضاف الفكى أنه من الغريب أن تساوى الإدارة الأمريكية ما بين مؤسسات دولة، وشركات مملوكة لأشخاص يقودون مجموعة متمردة، مردفا: دار جدل طويل فى أوقات سابقة حول أسلوب الحصار الاقتصادى للدول، وثبت أن التأثير السلبى يكون عاليًا جدا على المواطنين العاديين بفقدان فرص التنمية والتجارة، فى حين أن التأثير يكون أقل على الأشخاص المستهدفين بالعقوبات.
ونوه مدير عام مركز المعلومات بوزارة المالية السودانية السابق، إلى أنه من المستبعد أن يكون للعقوبات الاقتصادية أي أثر على الحرب الدائرة فى السودان، لأن الجيش السودانى له اكتفاء ذاتى من الأسلحة والذخائر التى تنتج محليا، وفى نفس الوقت فإن الجيش السودانى يفرض سيطرته الكاملة على كل المنافذ والموانئ البرية والبحرية والجوية، ولا أمل لمليشيا الدعم السريع المتمردة فى الحصول على أسلحة وذخائر ووقود من الخارج.
انهيار قوات الدعم السريع
وأوضح الفكى أنه تمت إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب فى 2021 بعد عشرين عاما من ضمه لهذه القائمة بعد دفع تعويضات والقيام بمعالجات قضائية أمريكية.
واستبعد الفكى إعادة السودان إلى القائمة السوداء، مشيرا إلى عدم وجود سبب حاليًا لإعادة الخرطوم للقائمة، موضحا أن الحرب الدائرة شأن داخلى باعتراف المنظمات الإقليمية والدولية وباعتراف الولايات المتحدة نفسها.
وحول السيناريو المتوقع للأزمة قال الفكى إن تلاشى واستسلام قوة الدعم السريع المتمردة بسبب انقطاع سلاسل إمدادها بالأسلحة والذخائر والمواد البترولية هو السيناريو الأقرب، بعد نجاح الجيش السودانى فى تدمير وإخراج أكثر من عشرين معسكر رئيسى تابع للدعم السريع من الخدمة.
وتوقع الفكى أن تنشط الأحزاب السياسية الداعمة للجيش فى تكوين حكومة انتقالية تمهد لانتخابات عامة خلال سنتين إلى ثلاثة سنوات.
وفى السياق ذاته، قال الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، إن ما يحدث فى السودان ليس أكثر من إدارة للأزمة، محذرا من أن تتحول السودان إلى مسرح للصراع بين القوى العالمية خاصة فى ظل ما يحدث فى العالم من تغيرات سياسية واستراتيجية كبيرة.
وأوضح الزنط أن سياسة العقوبات التى تستخدمها أمريكا تضعف مؤسسات الدولة السودانية وتقوى المليشيات فى المقابل، مما يزيد أمد الأزمة وينذر بانهيار الخرطوم وتفككها مما يحقق المصالح الأمريكية.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدا مستمرا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبارمصر، أخباراقتصاد ، أخبارالمحافظات ، أخبارالسياسة، أخبارالحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجيةوالداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.