الحج الأصغر إلى حميثرة في صعيد مصر
مع استعداد ضيوف الرحمن من كل عام لأداء فريضة الحج وأداء مناسكه بزيارة المسجد الحرام ومسجد الرسول صلي الله عليه وسلم، يتوجه العديد من فقراء المسلمين وعامتهم في صعيد مصر وبعض البلدان المجاورة، بل وبعض المتصوفة إلى صحراء حميثرة بمدينة مرسى علم بالبحر الأحمر، لأداء فريضة الحج الأصغر حسبما يرى البعض، مصطحبين معهم "القرابين" كما يقول البعض و"الفدو" كما يقول البعض الآخر، وهناك يتلاقي المسلمون علي محبة الشيخ أبو الحسن الشاذلي، ذلك القطب الصوفي الذي ذاع صيته وانتشر بعد أن تنبأ بوفاته ودفنه في هذا المكان.
اقرأ أيضا:
أسعار تذاكر شركتي مصر للطيران والخطوط السعودية لموسم الحج 2023 (انفوجراف)
صحراء حميثراء
حميثراء هذه منطقة صحراوية ربما تتشابه مع تضاريس مكة والمدينة، حيث تتكون من مجموعة من الجبال التي ربما تتشابه إلى حد قريب لتكون مجرة أو متاهاة كونية كما نقول بلغة عصرنا، حيث يصعب علي الداخل إليها معرفة تفاصيلها وربما يتوه بداخلها، حيث كان لا يوجد بها مياه سوى عين ماء مالحة يقال إن الشيخ الشاذلي شرب وتوضأ منها فصارت ماء عذبا زلالا، وكانت أرضا للضباع والوحوش إلا أنه بقدوم الشيخ أبو الحسن إليها ودفنه بها قبل 8 قرون جعل منها مقصدا سياحيا مهما للزوار، من بلاد المغرب العربي واليمن وسوريا والشام وسائر الأقطار التي تنتشر فيها الطريقة الشاذلية، كما أنشئت قرية سميت باسمه، يتواجد بها مجموعة من الحوانيت والمتاجر يبتاع منها كل ما يحتاجه مريدو القطب أبو الحسن الشاذلي ويسكن بها بعض مريدي الشيخ ومحبوه،
الشيخ أبو الحسن الشاذلي لم يكن فقيها أو عالما متبحرا في أصول الشريعة بالمعني المتعارف عليه، إلا أن منهجه يكاد يكون أقرب إلى السنة، حيث عرف واشتهر عن الرجل حبه لأداء الفرائض والسنن وابتعاده عما حرم الله ونهى عنه، وكان الرجل آية في زمانه لما عرف عنه من حبه لله والتقرب إليه بالسنن والنوافل، كما اشتهر الرجال بالعديد من الخصال اتباعا للقرآن والسنة.
اتخذ الشيخ أبو الحسن الشاذلي من مجاهدة النفس طريقا للتقويم والتهذيب وتربية المريد، وكانت طريقته في الدعوة هي محبة الله لا الخوف منه، وبرغم أنه أيضا لم يكن صاحب طريقة في زمانه، ولم يكن له إلا بعض الأتباع والتلاميذ الذين اشتهر منهم البعض كالمرسي أبو العباس وابن عطاء الله السكندري إلا أنه بعد وفاته انتشرت طريقته.
مولده وشيوخه
ولد الشيخ أبو الحسن الشاذلي عام 571هـ بقبيلة الأخماس الغمارية، وتفقه وتصوف في تونس، أما نسبه فقيل إنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي المغربي، ويتصل نسبه بالحسن بن علي رضي الله عنه حسبما يقول البعض وإليه تنتسب الطريقة الشاذلية.
تتلمذ الشيخ أبو الحسن الشاذلي علي يد الإمام عبد السلام بن كمشيش من علماء ومتصوفة المغرب العالمين المجاهدين، ثم ارتحل إلى تونس حيث صعد جبالها وعرف طريق التصوف والمجاهدة تم انتقل إلى الإسكندرية، حيث أقام بها، وتزوج وأنجب أولاده شهاب الدين أحمد وأبو الحسن علي، وأبو عبد الله محمد وابنته زينب، وهناك أصبح له أتباع ومريدون، وانتشرت طريقته في مصر بعد ذلك، وانتشر صيته على أنه من الصوفية في العالم أجمع.
سبب تسميته بالشاذلي
يقول ابن عطاء الله السكندري- تلميذ الشاذلي- في كتابه لطائف المنن: إن منشئ شيخه بالمغرب الأقصى، ومبدأ ظهوره بشاذلة، بلدة بالقرب من تونس، وإليها ينسب وبهذا قال السيوطي في حسن المحاضرة، والزركلي في الأعلام.
ويقول الشيخ الإمام الدكتورعبد الحليم محمود في كتابه "كتاب المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي" نذكر ما حكاه ـ رضي الله عنه ـ فيما يتعلق بنسبه إلى شاذلة، قال: قلت: يا رب؛ لم سميتني بالشاذلي، ولست بشاذلي؟ فقيل لي: يا علي؛ ما سميتك بالشاذلي وإنما أنت الشَّاذُّ لِي ـ بتشديد الذال المعجمة ـ يعني: المفرد لخدمتي ومحبتي.
وفاته
يقول ابن بطوطة: «أخبرني الشيخ ياقوت عن شيخه أبي العباس المرسي أن أبا الحسن كان يحج في كل سنة، ويجعل طريقه على صعيد مصر، ويجاور بمكة شهر رجب وما بعده إلى انقضاء الحج، ويزور القبر الشريف، ويعود على الدرب الكبير إلى بلده فلما كان في بعض السنين، وهي آخر سنة خرج فيها قال لخديمه: استصحب فأسًا وقفة وحنوطًا، وما يجهز به الميت فقال له الخديم: ولم ذا يا سيدي؟ فقال له: في حميثرة سوف ترى، وحميثرة في صعيد مصر في صحراء عيذاب، وبها عين ماء زعاق وهي كثيرة الضباع فلما بلغا حميثرة اغتسل الشيخ أبو الحسن، وصلى ركعتين، وقبضه الله عز وجل في آخر سجدة من صلاته، ودفن بصحراء عيذاب متوجهًا إلى مكة في أوائل ذي القعدة 656هـ.
اقرأ أيضا:
مصر للطيران تبدأ اليوم أولى رحلاتها الجوية لنقل حجاج بيت الله الحرام
طقوس الحج في حميثرة
مع بدء العشر الأوائل من ذي الحجة تبدأ وفود المتصوفة في زيارة قبر الشيخ أبو الحسن الشاذلي، حيث يصحب كل منهم كما أسلفنا قربانه أو هديه، وقديما كانت تأخذ هذه الزيارة عدة أيام للوصول إلى مرقد الشيخ، إلا أنه حاليا غالبا ما يجتمع "الأحباب" في عربات نقل، أو نصف نقل، أو ربع نقل، ويتم تغطيتها بالأقمشة تفاديا لضربات الشمس في الصحراء، مصطحبين معهم شيخهم أو العكس، حيث يصطحب شيخ الطريقة بعض أتباعه ومريديه في زيارة لهذا القطب الصوفي.
وتبدأ الزيارة بحط الرحال في القرية التي سميت باسم الشيخ أبو الحسن الشاذلي والجلوس في إحدي الخيام المعدة لاستقبال ضيوف الولي، أو في إحدي الساحات التابعة للطرق الصوفية، أو في الاستراحات والمنازل المعدة لاستقبال الزائرين، وتشهد القرية بل المنطقة بأكملها أثناء هذه الفترة رواجا تجاريا واقتصاديا وسياحيا، ولا تنتهي الزيارة إلا بالوقوف بعرفة حيث يقال إن حميثراء المصرية هي إحدى الجهات المواجهة للكعبة المشرفة ومن يقف علي صعيدها فكأنما وقف علي صعيد عرفة حسبما يرى البعض.
كما يتوافد علي المنطفة الوفود من كل مكان في الليلة الختامية للمولد، وتقوم الفرق الدينية المختلفة بتقديم فقراتها الإنشادية حبا في الشيخ ومدحا في أخلاقه وتقام العديد من حلقات الذكر يقوم بها أتباع الطرق المختلفة.
وفي الليلة الختامية يتم تغيير كسوة مقام الشيخ كما هي عادة الطرق الصوفية في جميع أنحاء العالم وإلباسها باللباس الأخضر المبارك.
وتنتهي الزيارة بذبح الذبائح والنذورعلي أعتاب سيدي أبي الحسن الشاذلي الذي رحل عن دنيانا قبل أكثر من 8 قرون، وما زالت زيارته واجبة كما يروج البعض وجائزة عند البعض الآخر.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.