جنازة الثانوية، كيف ومتى تحولت الامتحانات إلى كابوس مرعب للطلبة وأولياء الأمور
صباح اليوم الإثنين، وبينما كان الآلاف من طلاب الثانوية العامة يتوافدون على لجان الامتحانات، رصدت عدسة الزميل حسام عيد مشاهد حزينة لأولياء أمور الطلاب تكشف حجم المعاناة والقلق التي يعيشونها أملا في الاطمئنان على مستقبل أبنائهم.
بسبحة ومصحف وأيادٍ مرفوعة إلى السماء تبتهل إلى الله وتطلب منه التوفيق، وقفت عشرات الأمهات يعتريهن الخوف وترتسم على وجوههن علامات الحزن، انتظارا لخروج أبنائهن من اللجان، في أول أيام امتحانات الثانوية العامة.
مواد لا تضاف على مجموع الثانوية العامة
ورغم أن المواد التى يمتحنها طلاب الثانوية العامة اليوم، لا تضاف إلى المجموع الكلي ويكفى فقط الحصول على درجة النجاح، إلا أن المشهد المرسوم على وجوه الأمهات خارج مقار اللجان يؤكد بأن الثانوية العامة تحولت إلى كابوس مرعب للبيوت المصرية، للدرجة التى تدفع بعض الطلاب إلى التخلص من حياتهم فى حال الحصول على مجموع أقل من توقعات وتطلعات أسرته.
في معظم دول العالم التي خطت خطوات مهمة نحو المستقبل، تحول التعليم فى المدارس إلى متعة، وأصبحت ساحات العلم فى المدارس مكانا محببا للطلاب، يستقيظون في كل صباح يحدوهم الأمل، ويتسابقون في سبيل المعرفة، عكس ما يحدث فى مدارسنا حيث تحول التعليم إلى سلعة، وأصبحت المدارس طاردة للطلاب، في ظل نظام تعليمي يعتمد على الحفظ والتلقين، والمجموع الكبير فى الثانوية العامة هو الهدف حتى وإن كان الطالب ينسى ما درسه طوال العام فى اللحظة التي يخرج فيه من لجنة الامتحان.
نظرة سريعة على أحوال التعليم فى أي بلد، تقول لك أين يقف هذا البلد وإلى أين ممكن أن يصل فى المستقبل، لذلك تولي الدول المتقدمة اهتماما خاصا بالتعليم وترصد ميزانيات بمليارات الدولارات للبحث العلمي، وتوفر مناخا جاذبا داخل المدارس، تجني ثماره فيما بعد في أبحاث ودراسات واكتشافات تغير حياة البشر.
لمشاهدة فيديو عن كيف تحولت الثانوية العامة الى بعبع من هنا
ويبقى السؤال المهم.. كيف ومتى تحولت امتحانات الثانوية العامة الى كابوس مرعب؟
للإجابة على هذا السؤال المهم والخطير في آن واحد، لابد من القاء نظرة سريعة على تاريخ الثانوية العامة ، ويمكن القول إن التعليم الثانوي ظهر لأول مرة في مصر عام 1825 ميلاديا بهدف إعداد الطلاب لدخول المدارس العليا التى تحولت إلى مسمى الجامعات فيما بعد، وكان التعليم في هذه المراحل يتم بشكل منفصل في كل مديرية التربية حتى عام 1887م عندما عقد أول امتحان موحد لعدد من المدارس، ليطلق على هذا الامتحان بعد ذلك "الشهادة العمومية" لعمومية الامتحانات بها، وكانت مدة التعليم بها 4 سنوات.
تاريخ الثانوية العامة فى مصر
ظل هذا الوضع قائما ومعمولا به لمدة أربع سنوات لكن فى عام 1891 تم زيادة مدة الدراسة في التعليم "الثانوي" لـ 5 سنوات بدلا من 4 سنوات، وفي عام 1897 خفضت مدة الدراسة لكن هذه المرة اصبحت 3 سنوات فقط، لأن الحكومة وقتها كانت بحاجة لخريجي الثانوية في الوظائف العامة.
وفى وقت ظن فيه الجميع أن الوضع استتب وأن ملامح الدراسة فى المرحلة الثانوية استقرت عاد نظام الدراسة فى التعليم الثانوي إلى 4 سنوات مرة أخرى فى عام 1905، وكانت الدراسة مقسمة لمرحلتين، الأولى عامين وتسمى "الكفاءة"، وهي شهادة مستقلة، يأتي بعدها التخصص في أحد القسمين "العلمي والأدبي"، لمدة عامين أيضًا يحصل بعدها الطالب على شهادة "البكالوريا"، لكن بعدها بعامين فقط وفى عام 1907 تم إلغاء شهادة الكفاءة، وسميت "القسم الأول من الشهادة الثانوية".
اقرأ أيضا:
حصاد أول أيام امتحانات الثانوية، البكاء وقراءة القرآن يتصدران المشهد وحالة غش وحيدة (صور)
كم مرة تم تغيير نظام الثانوية العامة فى مصر
لكن من جديد تم تغيير نظام الدراسة فى المرحلة الثانوية عام 1928 وعاد نظام الـ 5 سنوات، لكن على مرحلتين مرحلة عامة لكل الطلاب الذين اجتازوا الشهادة الابتدائية وكانت مدة الدراسة في هذه المرحلة 3 سنوات، ومرحلة أخرى كانت فيها الثانوية إلى قسمين "العلمي والأدبي"، وكانت مدة الدراسة بها سنتين، وظل هذا النظام ساريًا حتى عام 1935، حين تم تعديل نظام الثانوية العامة لتصبح 5 سنوات دراسية للبنين و6 سنوات للبنات، وأضيفت مواد تخص الفتيات.
وكان هذا النظام يقسم الثانوية العامة إلى قسمين "عام وتوجيهي"، ومدة الدراسة خلال العام 4 سنوات للبنين، و5 للفتيات والتوجيهي مدة الدراسة فيه عام واحد للجنسين، وهو عام التخصص يختار الطالب فيه إحدى الشعب الثلاثة إما الآداب أو العلوم أو الرياضيات وكانت الشهادة في ذلك الوقت تسمى بـ"التوجيهية".
تعديل نظام الدراسة في الثانوية العامة
استقرت الأمور فترة طويلة على هذا النظام فى الثانوية العامة حتى جاء عام1977 ووقتها تم تعديل نظام الدراسة وعادت الثانوية العامة مرة أخرى لتصبح 3 سنوات وكانت الثانوية في تلك الفترة تتفرع إلى قسمين، قسم العام مدته عام واحد هو الصف الأول الثانوي، وقسم ثاني باسم "قسم الشهادة"و كان عبارة عن عامين دراسيين، يختار فيهما الطالب التخصص في أحد القسمين العلمي أو الأدبي، ويؤدي امتحانًا عامًا في نهاية العامين، من أجل الحصول على الشهادة في تلك المرحلة أيضًا، وبدأ بعد ذلك نظام التشعب للتأهيل لدخول الكليات، فتشعبت شعبة العلوم إلى شعبتي العلوم، تؤهل لكليات الطب والصيدلة والعلوم والرياضيات وتؤهل لكليات الهندسة والعلوم الرياضية.
وفي عام 1981 أدخلت وزارة التربية والتعليم نظامًا جديدًا على الثانوية العامة، وتم تقسيم القسم الأدبي إلى شعبتين أيضًا، وكان التخصص يبدأ منذ الصف الأول الثانوي، لكن هذا النظام لم يستمر طويلًا وتم إلغاؤه فى عام1988وعادت الثانوية إلى نظام السنة الواحدة، فكان الصف الأول والثاني الثانوي دراسة عامة، والتخصص يقع في الصف الثالث فقط الذي كان بمثابة سنة الشهادة.
استحداث المستوى الرفيع فى امتحانات الثانوية العامة
مرة أخرى تم تعديل نظام الثانوية العامة فى عام 1991، وتم إدخال المواد الاختيارية لدراسة ميول وقدرات الطلاب، وكان هذا أول عام يتم فيه دراسة المستوى الرفيع للطلاب، بما يساعد على زيادة مجموع الطلاب ووفقًا لهذا النظام كان يحق للطالب دخول الامتحان لخمس مرات بغرض تحسين مجموعه، لكن بعدها ب 3 سنوات عادت الثانوية العامة الى نظام المرحلتين وتحولت الدراسة الثانوية إلى النظام الممتد بين العامين الثاني والثالث الثانوي بموجب مواد إجبارية ومواد اختيارية يختارها الطالب عند التخصص في الصف الثانى الثانوي وتحسب درجة الطالب بمتوسط ما حصل عليه من درجات في العامين الثاني والثالث.
بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير دخل البرلمان على خط أزمة الثانوية العامة واقر في نهاية 2012 تعديلًا في نظام الدراسة لتقتصر الشهادة على عام واحد بدلًا من عامين، وبعدها بست سنوات وفي عام 2018 تم إلغاء نظام الثانوية القديم وإعلان نظام جديد كليا وهو السائد الأن نظام التابلت الذي يعتمد على الفهم وليس الحفظ لكن النظام قوبل بعاصفة من الانتقادات من الطلاب ومن أولياء الأمور.
المجموع أهم ما ينتظره المصريون من الثانوية العامة
بسبب التعديلات الكثيرة والمختلفة على نظام الدراسة فى المرحلة الثانوية تم اختزال هذه المرحلة المهمة فى حياة الطلاب في المجموع الذي سيحصلون عليه فى نهاية امتحانات الثانوية، وأصبحت أمور مثل الفهم والقدرة على الاستنباط والبحث العلمي أشياء هامشية لا يلتفت إليها أحد لأن الأهم هو المجموع الذي سيحدد الكلية التي سيلتحق بها الطالب، وبسبب تلك النظرة الضيقة تتحول السنة الأخيرة فى الثانوية العامة الى كابوس يطارد الأسر المصرية وتنفق عليه مليارات الجنيهات سنويا على الدروس الخاصة وغيرها من المصاريف.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصدا مستمرا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.