من الشقق المفروشة لـ"التليجرام".. التاريخ السري لفضائح تسريب الامتحانات في مصر
تسريب الامتحانات له تاريخ مليء بالأسرار فى مصر، وعلى قدر التحلى بالدهاء والغموض ومحاولات التمويه التى لا يمكن كشفها، بقدر الضربات التى وجهتها الدولة ووقع فيها أبناء رءوس كبيرة، لهذا لم يكن غريبا على امتحانات الشهادة الإعدادية للعام الدراسى الحالى، وبعد أن شهدت محاولات غش إلكترونى وتسريب فى بعض المحافظات عبر تطبيق تليجرام، اتخاذ عدد من الإجراءات من قبل وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى قبل انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة 2023 فى 12 يونيو الجارى، لتفادى حدوث مثل تلك الانتهاكات خلال امتحانات الثانوية العامة.
قضية تسريب الامتحانات
قبل ستينيات القرن الماضى لم يعرف التعليم المصرى مصطلح التسريب، وكانت البداية فى أعقاب نكسة ٦٧ عندما أذاع راديو إسرائيل أسئلة امتحانات الثانوية العامة المصرية كنوع من الحرب النفسية وتم إلغاء الامتحانات فى تلك السنة وإعادتها مرة أخرى بعد تأمينها بالكامل.
ومنذ ذلك التاريخ لم تشهد الامتحانات أي واقعة تسريب حتى نهاية عام ٢٠٠٤، لكن فى عام ٢٠٠٥ شهدت امتحانات الثانوية العامة فضيحة مدوية عُرفت بفضيحة امتحانات الشقق المفروشة، وكان بطل تلك الفضيحة رئيس إحدى لجان سير الامتحانات ويعاونه مندوب اللجنة ذاتها لدى الكنترول.
فى تلك السنة استغل رئيس اللجنة المشار إليه إحدى المواد القانونية الواردة فى قرار تنظيم أعمال الامتحانات فى تلك الأثناء، وهى المادة التى كانت موضوعة للتخفيف على الطلاب وأولياء أمورهم، وعرفت (بتعليمات ٢ أ)، حيث كانت تمنح الطالب الحق فى أي يؤدى امتحان الثانوية العامة بأى لجنة من لجان سير الامتحان حال تأخره عن الحضور إلى لجنته الأصلية لأى سبب من الأسباب.
وكان الغرض من النص القانونى آنذاك التيسير على الطلاب وأولياء أمورهم، فإذا حان وقت الامتحان والطالب شعر أنه لن يتمكن من اللحاق بموعد الامتحانات فى اللجنة المقيد بها، كان يحق له دخول أي لجنة سير امتحان فى طريقه، بحيث يؤدى فيها الامتحان بشكل طبيعى، ويحرر محضرا بذلك ويرفع إلى الكنترول التابع له اللجنة التى أدى فيها الطالب المتأخر امتحانه.
وكان القرار الوزارى المنظم لأعمال الامتحانات يسمح بوجود لجان سير امتحان للثانوية العامة فى المدارس الخاصة، لكن رئيس إحدى لجان سير الامتحان بمدرسة خاصة استغل تلك المادة ليصنع منها ثغرة قانونية يتربح من خلالها، بعد أن اتفق مع مندوب اللجنة التى كان مقرها فى إدارة العمرانية بالجيزة على أن يؤدى طلاب بعينهم الامتحانات داخل إحدى الشقق المفروشة فى العمرانية وإعداد محاضر تأخير عن لجانهم الأصلية، وأنهم أدوا الامتحانات داخل اللجنة المذكورة.
وكان يتم إخراج عدد أوراق الأسئلة وعدد كراسات الإجابة بما يتناسب مع أعداد الطلاب المتفق معهم على أداء الامتحانات داخل الشقق المفروشة بالعمرانية، ويحضر معهم مدرس المادة التى يؤدون الامتحان فيها، ويقوم المعلم بالإجابة عن الأسئلة وينقلها الطلاب فى كراسات إجاباتهم، وكان الطالب من هؤلاء يدفع مبلغ ٣ آلاف جنيه عن كل مادة يؤدى فيها الامتحان بتلك الطريقة، ووصل الأمر إلى أن بعض المواد كان يؤدى فيها من ٢٠ إلى ٣٠ طالبا الامتحان بتلك الطريقة.
وبعد انتهاء فترة الامتحان يقوم مندوب اللجنة بتسليم كراسات الإجابات لهؤلاء الطلاب إلى الكنترول مرفقًا بها محاضر معدة سلفًا بأن هؤلاء الطلاب تأخروا عن لجانهم وأدوا الامتحانات بتلك اللجنة.
وتم اكتشاف الأمر، بعد أن تشكك رئيس الكنترول التابع له تلك اللجنة فى أمرها، بعد أن رصد ورود عدد كبير من محاضر إثبات حضور طلاب من غير المقيدين بنفس اللجنة مع كل امتحان، وأبلغ الجهات المعنية عن شكوكه، وبالبحث والتحرى انكشف أمر تلك الشقق المفروشة، وألقى القبض على رئيس اللجنة ومندوبها وأحيل فى تلك الواقعة ١٩٩ شخصًا إلى المحكمة التأديبية، وكان بين الطلاب المضبوطين نجل قيادة تعليمية كبرى فى تلك الفترة.
وبسبب الواقعة تم تعديل القرار المنظم لأعمال الامتحانات، وألغيت المادة الخاصة بامتحان الطالب فى أي لجنة غير لجنته، وكذلك تم استبعاد المدارس الخاصة من لجان سير امتحان الثانوية العامة.
اقرأ أيضا: معهد التغذية ينصح بتناول البيض لطلاب الثانوية: يحافظ علي الذاكرة
فضيحة المنيا
لم تمض على فضيحة الشقق المفروشة سوى ثلاث سنوات، حتى شهدت امتحانات الثانوية العامة فضيحة كبرى أخرى وقعت داخل محافظة المنيا فى حدود عام ٢٠٠٨، حيث قرر رئيس إحدى لجان سير الامتحان فى المنيا التربح من الامتحانات.
كان رئيس اللجنة المشار إليه يتسلم مظروف الأسئلة فى الرابعة فجرًا، ويسحب ورقة من أوراق الأسئلة ويقوم ببيعها لتجار الامتحانات، الذين عرضوها على الأرصفة قبل بدء سير الامتحان بساعة، ومع تحرى الجهات الأمنية اكتشفت وجود لجان خاصة معدة لأعمال الغش، ومن وقتها تم إلغاء جميع اللجان الخاصة لطلاب الثانوية العامة ما عدا لجنة مستشفى ٥٧٣٥٧.
وفى تلك القضية تمت إحالة ١٥٢ شخصًا للمحكمة التأديبية، وكان من بين المتورطين فى تلك الواقعة نجل عضو برلمانى شهير بالمنيا، وألغت وزارة التربية والتعليم فى ذلك العام امتحانات ٥٣ طالبا من الذين ثبتت استفادتهم من تلك التسريبات، وأحيلت القضية كاملة للنيابة العامة للتحقيق فيها.
تسريبات ٢٠١٦
بعد ثمانى سنوات من فضيحة المنيا، شهدت امتحانات الثانوية العامة تسريبا جديدًا عام ٢٠١٦، وكان بطل الواقعة موظفًا بالمطبعة السرية المسئولة عن أعمال طباعة امتحانات الثانوية العامة، حيث كان يعمل مدخلًا للبيانات ومسئولا عن صيانة أجهزة الكمبيوتر داخل المطبعة السرية.
وكان يتسلم أسئلة الامتحان مكتوبة بخط يد رئيس اللجنة الفنية لواضعى الأسئلة، ويقوم هو بكتابتها على جهاز الكمبيوتر قبل طباعة الامتحان، وبدأ بتسريب الامتحانات لشقيق زوجته الثانية بغرض معاونته على النجاح فى الثانوية العامة.
بعد ذلك قرر اتخاذها وشقيق زوجته تجارة، وبدأ يبيع نسخة الامتحان بمبلغ ٧ آلاف جنيه، واكتشفت عملية التسريب بعد نشر بعض امتحانات الثانوية العامة ٢٠١٦ قبل بدء الامتحانات على جروبات الغش بتطبيق تليجرام وفيس بوك.
وبعد اكتشاف عملية التسريب اتخذ وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى فى تلك الفترة الدكتور الهلالى الشربينى قرارا جريئا بوقف الامتحانات وإحالة القضية إلى النائب العام للتحقيق فيها، وتقدم وقتها الدكتور محمد سعد نائب رئيس امتحانات الثانوية العامة وقتها ببلاغ أيضًا إلى النيابة العامة حول الواقعة.
وكشفت التحقيقات الجانى الرئيسى ومعاونيه، وهم زوجته الثانية وشقيقتها وابن شقيقتها، وحكم على المتهم الرئيسى فى القضية بالسجن مدة ٢٥ عامًا، وعلى باقى المتهمين بالسجن لمدة ٨ سنوات.
وكشفت التحقيقات أن المتهم كان يحتفظ بنسخ الامتحانات على جهاز لاب توب شخصى، ووقت ضبطه كان يملك دفتر توفير باسم نجله به مبلغ ٧٠٠ ألف جنيه.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدا مستمرا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبارمصر، أخباراقتصاد ، أخبارالمحافظات ، أخبارالسياسة، أخبارالحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجيةوالداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.