حينما ارتدى دينزل واشنطن ملابس الإحرام، مناسك الحج في السينما العالمية
"يا رايحين للنبي الغالي هنيالكم وعقبالي".. هي الأغنية الأشهر عن الحج في السينما المصرية والتي أصرت ليلى مراد على إضافتها في فيلم «بنت الأكابر» بعدما شكك البعض في صحة إسلامها الذي أشهرته عام 1947 وكانت آنذاك متزوجة من النجم أنور وجدي.
وغنت الفنانة الراحلة ليلى مراد ضمن أحداث الفيلم حين سافر جدها زكي رستم إلى رحلة الحج ثم دارت باقي أحداث الفيلم في مناح شتى بعيدا عن مناسك الحج.
ولم تتجاوز الأعمال التي تناولت فريضة الحج أصابع اليد الواحدة، وبعضها استعرض الحج قديمًا في بدايات الإسلام مثل «فجر الإسلام» و«الشيماء» وغيرهما، ولكنها لم تركز عليه بشكل رئيسي، ومعظمها جاء لخدمة الخط الدرامي، وقدر إسهام السينما العالمية في هذا الجانب أكبر بكثير من نظيرتها العربية وكان أبرزها فيلم الرسالة والذي أنتج عام 1976 بنسختيه العربية والإنجليزية للراحل مصطفى العقاد.
وفي السطور التالية أبرز الأفلام التي تناولت فريضة الحج في السينما العالمية.
رحلة إلى مكة
فيلم أنتج عام 2009 يوثق رحلة الرحالة المغربي ابن بطوطة إلى مكة، قام بإخراجه الأمريكي «تاران ديفس» وهو شاب نشأ في عائلة كاثوليكية، ودرس السينما في جامعة هارفارد العريقة، لكنه كرّس حياته لإنتاج أفلام عن الإسلام، هدفها تقريب مفهوم الدين من الغرب.
وأنتج هذا المخرج 4 أفلام وثائقية، كان أولها عام 1994 في أوزبكستان وطاجكستان The Land Beyond The River ثم فيلم آخر صوّره في كابول حمل اسم Afghan Stories ثم فيلم عن الأقلية الشيشانية المسلمة في روسيا Mountain Men and Holy War ثم رحلة ابن بطوطة إلى مكة.
أما فيلمه الشهير عن رحلة ابن بطوطة إلى مكة فقد قال المخرج عن تجربته “كل الطرق قادتني إلى مكة.. إذا كنا نريد فهم العالم الإسلامي فعلينا أولا أن نفهم الحج”.
الفيلم بحسب تقرير نشر عنه في New York Times مزج بين الماضي والحاضر، حيث يحاكي رحلة الحج التي قام بها الرحالة المغربي ابن بطوطة من طنجة التي تركها عام 1325 متوجهًا إلى مكة مازجًا إياها بموسم حج عام 2007 الذي صوّره المخرج في مكة، بصورة تجذب المشاهد لمعرفة شعائر الفريضة وتغير السفر إليها بين الأمس واليوم.
Malcolm X
فيلم Malcom X للمخرج الأمريكي المبدع سبايك لي والممثل الأسمر دينزل واشنطن الذي عرض عام 1992 ولاقى نجاحًا كبيرًا.
يتناول الفيلم حياة المفكر الإسلامي الأمريكي ذي الأصول الأفريقية مالكوم إكس، ورحلته من عالم الجريمة في حي “هارلم” الخطير في نيويورك، ودخوله السجن في شبابه بعد تورطه في عالم الجريمة، ثم اعتناقه الدين الإسلامي الذي غيّر حياته وجعله قائدًا في مجتمع السود الذي يعاني من التمييز والاضطهاد ويتوق لقيم تنصفه، وهو ما وجده إكس في الإسلام، خصوصًا بعدما ذهب في رحلة الحج إلى مكة.
وأبدع المخرج سبايك لي في إظهار مشقة الحج والسفر، وروى بصورة بصرية عبر رسالة بعث بها إكس لزوجته ما دار في خلد الرجل وهو يصف شعوره هناك مرتديًا إزار الإحرام، قائلًا وهو يمارس الشعائر من طواف وسعي حول الكعبة: “رأيت عظمة الله في مكة.. لم أحس أبدًا بمشاعر الأخوة الحقيقية بين البشر كما شعرت بها هنا في البيت الذي بناه إبراهيم ومحمد.. عظمة الله تتجلى في مكة”.
الجدير ذكره أن مشاهد مكة في العمل تم تصويرها في المدينة، وليس من خلال بناء مجسم مطابق للكعبة المشرفة كما في أعمال أخرى، عن طريق فريق عمل في السعودية التي تحظر دخول مكة على غير المسلمين.
وعرض الفيلم عام 1992، وهو التعاون الثالث بين الممثل الأمريكي دينزل واشنطن مع المخرج سبايك لي، وكان أداء واشنطن الرائع بمثابة التحول الحاسم في حياته المهنية.
ورغم خسارته أوسكار لأفضل ممثل أمام آل باتشينو ذلك العام، ولكنه لم يكن أفضل أداء عام 1992 فحسب، بل يظل الأفضل في حياة واشنطن الرائعة، وما زال مثيرا للجدل كأحد أهم الأفلام التي جسدت الثورية في الإسلام.
الرحلة الكبرى
"الرحلة الكبرى" (Le Grande Voyage)، فيلم مغربي للمخرج إسماعيل فروخي، من بطولة المغربي محمد مجد والفرنسي ذي الأصل الجزائري نيكولا كازالي.
ويحكي قصة أب مغربي فرنسي قرر أن يصطحب ابنه الذي نشأ في فرنسا لأداء فريضة الحج، ويقرر أن تكون رحلتهما بالسيارة وسط رفض من الابن، لكنه أصر لتتوطد العلاقة بينهما، ويحاول الأب تعريف الدين الإسلامي للابن المتشبع بالثقافة الغربية البعيدة عن تقاليد أجداده.
بلغت ميزانية هذا العمل نحو مليون يورو، وحاول إلقاء الضوء على اختلاف أجيال المهاجرين المغاربة إلى أوروبا والفروق بين الأجيال المتعاقبة.
يحكي الفيلم قصة فتى يدعى رضا، يعيش في جنوب فرنسا التي ولد فيها لعائلة من أصول عربية مغاربية، يفرض عليه والده أن يرافقه في رحلة شاقة إلى الحج بحرًا ثم برًا لعدم قدرة الوالد على توفير المال الكافي للسفر بالطائرة.
حاول رضا التملص دون جدوى متخذًا من الدراسة ذريعة، لكن الواقع أنه مرتبط عاطفيًا بفتاة لا يرغب في الابتعاد عنها، ثم يرضخ لطلب والده.
في الرحلة يتعرض الأب والابن لعدة مواقف تظهر الفجوة بين الأجيال، والاختلاف من حيث المبدأ بين ما هو مسموح ومرفوض دينيًا ومجتمعيًا بينهما، وتنتهي الرحلة بوصولها إلى مكة الهدف المنشود وقد اقتربا من بعضهما أكثر وأصبحا أكثر تفهمًا وقبولًا لعلاقتهما.
ورغم ذلك لم يستطيعا الاستمتاع بطبيعة العلاقة الجديدة، إذ يموت الوالد في الحج، تاركًا الابن مع ذكريات رحلة العمر الأخيرة.
داخل مكة المكرمة
من أجمل الأفلام الوثائقية التي أنتجتها قناة National Geographic عام 2003، حيث وثق العمل رحلة 3 حجاج إلى مكة لأداء فريضة الحج.
ورافق الوثائقي حاجًا من ماليزيا وحاجًا من جنوب إفريقيا وحاجة من الولايات المتحدة الأميركية اعتنقت الإسلام، وصحبهم الفيلم في رحلتهم إلى المدينة المقدسة.
ويعتبر العمل دليلًا بصريًا لكل من يريد أن يعرف أكثر عن الحج أو أن يفهم معنى الشعيرة وقيمتها لكل مسلم مهما كانت جنسيته ولونه ولسانه.
اقرأ المزيد
• عبد الله غيث يروي ذكرياته في فيلم الرسالة
• بالفيديو.. 12 أغنية تفوح بروحانيات الحج
• أحمد مظهر يضع نهاية فيلم الشيماء
السينما المصرية
ولعل أقدم الأفلام الوثائقية يوثق رحلة الحج هو فيلم قديم يعود إلى عام 1937، وأنتجته شركة مصر للتمثيل، مدة الفيلم 9 دقائق فقط، وأنتج بدعوة من الملك عبد العزيز آل سعود، وتخللت بداية الفيلم النادر كلمة مسجلة للملك عبد العزيز خصّ بها مصر.
وتناول الفيلم رحلة الحجاج المصريين لمكة، مستعرضا أهم شوارعها "شارع التجار"، مرورا برحلة الطواف وحتى باب السلام وانتهاء الرحلة عند القبة الخضراء.
ويرى البعض أنه الفيلم الثاني وليس الأول حيث سبقه أول فيلم تسجيلي ناطق عن الحج وكان مصريًا أيضًا، وتم تصويره سرًا دون الحصول على موافقة السلطات السعودية التي كانت تمنع تصوير الأماكن المقدسة في ذلك الوقت، وهو من إخراج نور صادق وهبي ويتضمن 17 مشهدًا، وتكلف 17 ألف جنيه، وتم عرض الفيلم في مصر عام 1936.