رئيس التحرير
عصام كامل

مخطط جر اليابان لحرب عالمية مع روسيا والصين

اليابان، فيتو
اليابان، فيتو

خطوة جديدة من شأنها جر اليابان إلى حرب عالمية مع روسيا والصين، اللواتي طالما اتسمت علاقاتهما بالتوتر علي خلفية نزاع يعود إلى قرون سابقة حول مجموعة من الجزر التي يطالب كل جانب بالسيادة عليها، فمؤخرا  عملت طوكيو على  رفع ميزانيتها الدفاعية إلى 800 مليار دولار معلنة عن نيتها نشر صواريخ باليستية بالقرب من الحدود الروسية  أملًا في تحجيم تمدد نفوذ جارتيها وأن ينتهي بها المطاف كما حدث مع أوكرانيا، لذا قررت اليابان التي تعد حليف قوي للولايات المتحدة الأمريكية والتي تجمعهما شراكة في إطار يحفظ العلاقات مع روسيا الصين، أن تخطو تلك الخطوة  بدعم أمريكا وترفع ميزانية الدفاع لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية  والتي التزمت منذ هزيمتها بها بقدرات عسكرية محدودة وفق دستور أمريكي نتيجة استسلامها.

 

ليس ذلك فحسب بل أنه منذ  العام  1956  وقع الاتحاد السوفيتي واليابان إعلانًا مشتركًا لوقف حالة الحرب واستأنف البلدان العلاقات الدبلوماسية وغيرها، لكن لم يتم التوقيع على معاهدة سلام حتى الآن، ومنذ ذلك الوقت تتفاوض روسيا واليابان على معاهدة سلام، لكن العقبة الرئيسية في هذا الأمر هي مسألة ملكية جزر الكوريل الجنوبية، فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية  تم دمج جميع جزر الكوريل في الاتحاد السوفيتي، لكن اليابان طعنت في ملكية جزر «إيتوروب وكوناشير وشيكوتان »وعدد من الجزر غير المأهولة في سلسلة جبال كوريل الصغرى التي تسمى جزر هابوماي في اليابان.

فتلك الخطوة اليابانية برعاية أمريكية أثارت غضب الصين وروسيا ورأت أنهما المقصودتان من هذا الإجراء  وأن اليابان أخلت بوعودها من خلال تحديث إمكاناتها العسكرية ورفع وتيرة الأنشطة الخطرة قرب الحدود الروسية وإجراء مناورات مع الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، وذلك لتقويض  قوتهما خاصة أنهما تربطهما حدود مباشرة مع اليابان، وأيضًا لأن طوكيو  بعد الحرب الروسية علي أوكرانيا انضمت الي العقوبات الغربية ضد روسيا،  الأمر الذي دفع موسكو حينها للخوف والعمل سريعًا علي زيادة وجودها العسكري قرب أراضيها  والدفع بقاذفات روسية وصينية قرب الأرخبيل الياباني لتحذير اليابان من أي خطوة تضر بهما، كما أن وزير الخارجية  الروسي أيضًا حذر من الرد القاسي المتوقع أن تلقاه اليابان حال أقدمت  علي نشر صواريخ تفوق سرعة الصوت علي الجزر الحدودية التي تربطهما.

وما زاد الطين بله هو ما صرح به رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، بأن حلف الناتو  الذي تقوده واشنطن يخطط لفتح مكتب اتصال في طوكيو لتسهيل إجراء المشاورات في المنطقة، رغم عدم وجود أي مخطط في الوقت الحالي من بلاده للانضمام  لعضوية الحلف كدولة عضو أو شبه عضو،  تلك القرار الذي أثار غضب الصين وروسيا ودفع بهما للرد  فقالت وزارة الخارجية الصينية أن بكين تعارض تلك الخطة وترفض فتح مكتب للحلف في اليابان، بينما  عارضت فرنسا هي الأخرى نفس الفكرة  مؤكدة أنها غير متحمسة لتلك الاقتراح وأنه سيكون بمثابة خطأً  فادحًا  فهي تري أن النظام الاساسي للمنظمة  يقصر نطاق العمل بوضوح علي منطقة شمال الأطلسي وأن  المادتين الـ 5 و6 في نظام الناتو  تحصران نطاق عمل الحلف بوضوح  في شمال المحيط الأطلسي، وإذا كان الحلف بحاجة إلي معرفة أكثر بالأوضاع في المنطقة فعليه استخدام السفارات المعنية كنقاط اتصال.

 وتعليقًا علي اخر التطورات  والمخاوف من جر اليابان لحرب عالمية مع روسيا  والصين قال الدكتور أشرف كمال، مدير المركز المصري للدراسات، أنه منذ تأسيس حلف شمال الأطلسي تمكنت واشنطن من تطويع القيادة العسكرية للحلف والسيطرة على القرار السياسي، الامر الذي دفع  "فرنسا ديجول" للانسحاب من القيادة العسكرية للحلف عام 1966، ولكن الرئيس الفرنسي السابق "نيكولاي ساركوزي" كان له رأي آخر حتى عمل على عودة باريس الى القيادة العسكرية للحلف عام 2009، فالعقيدة العسكرية للحلف لا تختلف كثيرا عن العقيدة العسكرية للبنتاجون، وأصبح "الناتو" رأس الحربة في أي تحرك عسكري أمريكي، في البلقان 1999، وفي العراق 2003، وفي ليبيا 2011، ومن قبل في أفغانستان، فيما تدفع واشنطن الدول الأعضاء في الحلف إلى مواصلة تعزيز استراتيجية التوسع في اتجاهات مختلفة تتجاوز الحدود الجغرافية للدول الأعضاء.

وتُعد اليابان عنصرا مهما في الاستراتيجية الأمريكية، لمواجهة كل من روسيا والصين، سواء من خلال القاعدة العسكرية الأمريكية المتواجدة هناك، او من خلال اتفاق الشراكة مع حلف شمال الأطلسي، فالتطور الحاصل في موقف اليابان يتمثل في الإعلان عن البدء في تقديم دعم عسكري إلى حكومة كييف، الأمر الذي دفع الخارجية الروسية إلى استدعاء السفير الياباني والاحتجاج رسميا، والتأكيد بأن طوكيو ستتحمل المسؤولية عن مقتل المدنيين في المناطق الحدودية الروسية نتيجة للأعمال الإرهابية التي تمارسها كييف من خلال استمرار الدعم العسكري الخارجي.

كما أن دعوة رئيس الوزراء الياباني "فوميو كيشيدا" الى قمة الحلف المقررة في ليتوانيا يوليو المقبل، يعكس تطور التعاون العسكري بين الجانبين، حيث من المقرر توقيع اتفاق شراكة جديدة في عدد من المجالات المختلفة، والتي من بينها مكتب اتصال للحلف في طوكيو عام 2024، اتفاق الشراكة يهدف إلى الحفاظ على موقف مشترك من الصين وروسيا، ورؤية موحدة تجاه كل من موسكو وبكين، باعتبار أنهما يمثلان تهديدا وتحديا للنظام الدولي.  

وتابع: لم تمنح واشنطن اليابان فرصة توقيع اتفاق سلام مع روسيا والتوافق مع الصين، وتواصل الضغط حتى أعلنت طوكيو التخلي عن مبدأ نبذ الحروب، والحق في توجيه ضربات عسكرية مضادة في ضوء الاعتقاد بوجود تهديد غير مسبوق للأمن القومي. وتتواصل واشنطن تحديث وتطوير قدرات القاعدة العسكرية في كوريا الجنوبية. وفي المقابل فإن قوات كوريا الشمالية، بما تملكه من ترسانة الصواريخ المتطورة، في حالة استنفار وتضامن واضح وصريح مع الصين وروسيا.

وبينما أعلن الرئيس الفرنسي الاعتراض عن فتح مكتب اتصال للناتو في طوكيو، شاركت فرنسا في المناورات البحرية مع اليابان والولايات المتحدة والتي تجري في جزر "ريوكيو" القريبة من حدود الصين، فيما تفعيل العمل في تحالف "كوادQUAD " الذي يضم الولايات المتحدة، استراليا، اليابان والهند، مشيرا الي أن بنود استراتيجية الأمن القومي الأمريكي المعلنة في 12 أكتوبر 2022، تتحدث عما قالت عنه تحقيق السيادة العالمية للولايات المتحدة، ودعم مشروع الإمبراطورية خصمًا من مصالح الشعوب الأخرى، وتتجاوز الاستراتيجية الحدود وتتشابك مع مصالح القوى الأخرى وعلى مدار العقود السابقة ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في اشتعال أكثر من 100 صراع عسكري في مناطق مختلفة حول العالم، وتداعيات هذه الصراعات تلقي بظلالها على السلم والأمن الدوليين، وصولا إلى المشهد الراهن، فالاستراتيجية ترى في بكين وموسكو خطر يعرقل التحركات الأمريكية، وبالتالي فهي تسعى إلى زعزعة الاستقرار والأمن في المناطق التي تمثل عمقا استراتيجيا لمصالح البلدين، عن طريق الناتو، الاتحاد الأوروبي، بريطانيا، استراليا، اليابان، أوكرانيا، تايون، ودول أخرى تخضع لضغوط وابتزاز سياسي واقتصادي وأمني من جانب واشنطن.

 ومن جانبه قال المحلل السياسي الروسي ألكسندرهوفمان،  فيما يتعلق بقرار طوكيو ببدء عمليات التسليم المباشر للمعدات العسكرية إلى الإدارة في كييف، تم استدعاء السفير الياباني في موسكو تويوهيسا كوزوكي إلى وزارة الخارجية الروسية، بزعم أن الجانب الياباني يتقاسم الآن المسؤولية عن وفاة المواطنين الروس في مناطق الحرب بأوكرانيا، مشيرا إلى أن وزارة الخارجية الروسية  أشارت ‏‏أن تصرفات الجانب الياباني لن تبقى دون عواقب وخيمة على طوكيو، حتى يتناسب قرار الجانب الياباني مع الجهود الشاملة للمجتمع الأطلسي  بقيادة الولايات المتحدة  لإشراك الأقمار الصناعية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في احتواء الصين وتعزيز التهديدات العسكرية لروسيا. 

وتابع:  المجتمع الأطلسي يعتبر اليابان موقعا متقدما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والتي تتبعها واحدة من أكثر الحكومات اليابانية الموالية لأمريكا، وكانت نقطة التحول في تفاقم الأوضاع في المنطقة هي الاتفاقات المبرمة بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والفلبين بشأن تعزيز التعاون العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

ومن جانب الكرملين، قد تواجه طوكيو مخاطر تقليص شراكة النفط والغاز، الأمر الذي سيتسبب في ضرر ملموس لمصالح اليابان الاقتصادية،  بالإضافة إلى ذلك  من المحتمل أن تزداد الوحدة العسكرية الروسية ومعداتها في سخالين وجزر الكوريل، وسيزداد نشاط مناورات أسطول المحيط الهادئ في المياه المتاخمة لليابان والصين، بالإضافة إلى زيادة النشاط العسكري التوضيحي في المياه الإقليمية، والذي ينشط بالفعل بشكل متزايد بسبب التوتر حول جزيرة تايوان، ستتغاضى عن استمرار عرض ديناميكي لنمو الإمكانات والقدرات العسكرية لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، يركز على التفكير ليس فقط في كوريا الجنوبية ولكن أيضا اليابان، وقد تصبح الجهود الروسية الصينية المشتركة ردا على عسكرة اليابان مختلفة بشكل كبير مقارنة على سبيل المثال  بمرور السفن الحربية عبر مضيق سانجار في 2021-2022.

وتابع:" لا يمكن استبعاد أن تستمر موسكو وبكين في استخدام النزاعات القانونية الدولية المستخدمة منذ الحرب العالمية الثانية كردود غير على دفع واشنطن لطوكيو لمزيد من التصعيد في المنطقة في مواجهة اختلال التوازن العسكري ليس لصالح اليابان.

ومن مظاهر رفض المسار الياباني لتفاقم الأوضاع في شرق آسيا   ولا سيما احتمال نشر طوكيو للأسلحة التي تشكل تهديدا عسكريا مباشرا لروسيا والصين في المنطقة النائية، قد يكون إجراء تجارب أو تدريبات روسية صينية مشتركة في المنطقة باستخدام حاملات الأسلحة النووية، وهذه الخطوة سترمز إلى الرغبة في تعزيز الشراكة العسكرية الاستراتيجية الروسية الصينية على أعلى مستوى ممكن.

أما بالنسبة للجوانب العسكرية والسياسية، فإن الخطوات التي اتخذها المجتمع الأطلسي مثل احتمال فتح مكتب لحلف الناتو في اليابان، بطبيعة الحال كما في حالة مجموعات المصالح البريطانية، قوبلت بالرفض من قبل جزء من دوائر أوروبا الغربية، معبرا عنها في موقف فرنسا، فتنطوي المناورة السياسية الدولية على مخاطر مماثلة للحالة اليابانية للتطرف في العلاقات بين أوروبا الغربية والصين، فجزء من مجموعات المصالح في أوروبا الغربية مصمم على زيادة التعاون الاقتصادي مع الصين، وباريس في هذه الحالة تعمل كمتحدث باسمها، وعلى الرغم من السياسة الموالية للولايات المتحدة في الغالب  فإن القيادة السياسية الحالية لفرنسا مجبرة على الاهتمام بكل من مجموعات المصالح الوطنية، وبشكل أوسع لمجموعات المصالح الأوروبية الغربية التي تسعى إلى الاستفادة من فرص الشراكة الاقتصادية مع الصين وتدرك مخاطر وتهديدات تدهور العلاقات مع بكين.

وأشار إلى أن القيادة الحالية للكرسي الرسولي مهتمة للغاية بتوسيع نفوذها في الصين وإقامة علاقات أقوى مع بكين، إن تأثير ومصالح الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في الفلبين وكوريا الجنوبية كبيرة، وهي دول يمكن أن تشارك بشكل مباشر في تصعيد الوضع في شرق آسيا، والتي بدورها ليست في مصلحة الفاتيكان،  ومن المرجح أن يحاول الكرسي الرسولي استخدام موارده السياسية في المنطقة وقدرات الكيان التابع بحكم الأمر الواقع الشبيه بالدولة"منظمة فرسان مالطة" لوضع جدول أعماله الخاص للحد من التوترات في شرق آسيا، وفي هذه الحالة قد تتعارض مواقف الفاتيكان مع المواقف الأمريكية ولا تتطابق مع المواقف البريطانية، بل تجد دعما في جزء من دوائر أوروبا الغربية واتفاقا في بكين وموسكو.‏


 ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية