تشاؤم في روسيا بشأن مستقبل الصراع مع أوكرانيا: تعبنا من الحرب
مشاعر من التشاؤم، وحالة من الكآبة والإحباط تسيطر على الروس، وخاصة النخبة بشأن مستقبل الحرب ضد أوكرانيا، حتى بات أشدهم تفاؤلا يرى أن "تجميد" الصراع هو أفضل النتائج المتاحة بالنسبة للرئيس فلاديمير بوتين.
كما يشعر الكثيرون من أفراد النخبة السياسية والاقتصادية الروس بالتعب من الحرب، ويريدون وضع نهاية لها رغم شكهم في إمكانية إقدام الرئيس على وقف القتال، بحسب 7 مصادر مطلعة على الموقف تحدثوا لوكالة بلومبرج للأنباء، طالبين عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الموقف.
الإيمان ببوتين يهتز
وذكر 4 أشخاص روس في التحقيق الذي نشرته بلومبرج إنه في حين لا يرغب أحد في معارضة بوتين بشأن الحرب، فإن الإيمان المطلق بقيادته للبلاد يهتز بسبب هذه الحرب.
وقال شخصان روسيان إن أفضل احتمال هو الدخول في مفاوضات مع الأوكرانيين في وقت لاحق من العام الحالي، لتقود إلى "تجميد" الصراع، والسماح لبوتين بادعاء تحقيق انتصار للروس من خلال استمرار السيطرة على بعض المناطق الأوكرانية التي احتلتها روسيا في بداية الحرب.
ويقول المستشار السابق للحكومة الروسية والذي غادر روسيا بعد بدء غزو أوكرانيا، ويرأس حاليا مركز أبحاث "ري روسيا" في العاصمة النمساوية فيينا كيريل روغوف: "النخبة الروسية في مأزق... فهي لا تريد أن تصبح ضحية لحرب لا معنى لها... الانتشار الواسع لفكرة أن بوتين لن ينتصر في هذه الحرب بين أفراد النخبة الروسية يمثل مفاجأة حقيقية".
ومن المحتمل أن يؤدي اليأس المتزايد إلى تصاعد لعبة تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن تعثر الغزو، وهو ما ظهر بالفعل في الخلافات العلنية بين القوميين المتشددين ووزارة الدفاع الروسية. وفي ظل الهجوم المضاد الذي تشنه أوكرانيا المدعومة بمساعدات عسكرية أوروبية وأمريكية بمليارات الدولارات، تتراجع توقعات المسؤولين الروس بشأن القدرة على تحقيق تقدم ملموس في أرض المعركة بعد انتهاء فصل الشتاء الذي حققت فيه قواتهم تقدما طفيفا وتكبدت خسائر هائلة.
وجاء التفجير الكارثي لسد كاخوفكا العملاق في أوكرانيا، الثلاثاء، والذي اتهمت كييف موسكو بتدميره، لكي يزيد الصراع تعقيدا بعد أن غمرت المياه مساحات واسعة من مناطق القتال. وتنفي روسيا مسؤوليتها عما حدث للسد.
هجوم مضاد
في الوقت نفسه جاءت الهجمات المسلحة داخل الأراضي الروسية سواء التي تتم عبر مجموعات مسلحة أو باستخدام طائرات مسيرة لكي تزيد الشعور بعدم الأمان بين الروس. وقد وصل القتال إلى منطقة بيلجورود الروسية المحاذية للحدود الأوكرانية، مما يهدد صورة بوتين كحامي لأمن روسيا.
وبحسب "بلومبرج" حتى بعض الذين يدعمون الغزو، ويريدون تكثيف القتال ضد أوكرانيا، أصبحوا أقل تفاؤلًا بشأن آفاق الحرب التي كان يفترض أن تنتهي خلال أيام، لكنها دخلت الآن شهرها السادس عشر. ويهاجم القوميون بقيادة يفيجني بريجوجين مؤسسة مجموعة فاجنر المسلحة، وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو وقائد الجيش فاليري جيراسيموف بسبب الفشل العسكري، في حين يضغطون من أجل الدعوة إلى التعبئة العامة، وفرض الأحكام العسكرية لتجنب هزيمة كارثية محتملة.
ويقول الاستشاري السياسي صاحب العلاقات الوثيقة مع الكرملين سيرجي ماركوف: "هناك الكثير من الأخطاء الكبيرة.. كانت هناك توقعات قبل وقت طويل بأن روسيا ستسيطر على أغلبية أراضي أوكرانيا، لكن هذه التوقعات لم تتحقق".
ويصر بوتين وكبار مسؤوليه على أن روسيا ستنتصر، رغم أنه لم يتضح حتى الآن كيف سيكون الانتصار بعد فشل جيشه في الاستيلاء على كييف في بداية الحرب. ورغم ذلك لا توجد إشارة لأي تحد لقيادة بوتين داخل دائرته المغلقة. وأغلب أفراد النخبة الروسية يطأطؤن الرأس أمامه ويؤدون عملهم، مقتنعين بعدم قدرتهم على التأثير في الأحداث، بحسب أربع شخصيات قريبة من هذه الدائرة. ويقول خمسة اشخاص روس إن بوتين لم يبد أي إشارة إلى رغبته في أنهاء الحرب.
في الوقت نفسه يروج الإعلام الرسمي الروسي لفكرة أن روسيا تواجه في أوكرانيا حربًا بالوكالة ضد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "ناتو" رغم أن بوتين هو الذي أشعل هذه الحرب من جانب واحد في أواخر فبراير (شباط)2022.
وحتى الآن تشير استطلاعات الرأي إلى استمرار تأييد أغلب الروس العاديين لبوتين، الذي يقدم مزيجًا مما يعرف لدى علماء النفس بـ"النستولوجيا" أو الحنين للحقبة السوفيتية مع الماضي الإمبراطوري لروسيا، لكي يؤكد أنه يدافع عن مصالح بلاده ويسعى لاستعادة أراضيها التاريخية من خلال الاستيلاء على مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا، تدعي روسيا أنها كانت أراض روسية.
قلق روسي
ورغم ذلك يتزايد القلق بين الشعب الروسي مجددًا، كما حدث في الخريف الماضي عندما أعلن بوتين استدعاء 300 ألف جندي من أفراد الاحتياط للخدمة العسكرية. وفي الاستطلاع الذي أجرته شركة "إف.أو.إم" في الفترة من 19 إلى 21 مايو الماضي وشمل 1500 روسي، قال 53% منهم إن أفراد عائلاتهم وأصدقائهم يشعرون بالقلق، بزيادة قدرها 11 نقطة مئوية عن النسبة المسجلة في استطلاع أبريل الماضي.
وذكرت صحيفة فيدوموستي الروسية قبل أيام أن حزب روسيا المتحدة الحاكم بدأ تحقيقًا بعد أن قال عضو مجلس الدوما (النواب) قنسطنطين زاتولين أمام أحد المنتديات إن الغزو لم يحقق أيا من أهدافه المعلنة و"علينا الخروج منه بشكل ما".
أما قنسطنطين مالوفيف القومي الروسي المتطرف وأحد مؤيدي بوتين فيريد مواصلة القتال لأنه يجب إزالة أوكرانيا من الوجود. وهو يرفض أي محادثات لوقف إطلاق النار، رغم قوله إن الكثيرين من أفراد النخبة الحاكمة وبينهم "عدد كبير" من رجال الأعمال سيؤيدون مبادرة السلم الصينية الأخيرة التي تتضمن إعلان هدنة.
سنكون مستعدين لمواصلة الهجوم
ويضيف مالوفيف الملياردير الذي يرعى قوة متطوعين تقاتل في أوكرانيا: "إنهم يقولون إنهم يؤيدون العملية العسكرية الخاصة (الحرب الروسية ضد أوكرانيا) لكنهم في الحقيقة ضدها.. خلال 6 أشهر سيكون لدينا تفوق واضح في إنتاج الذخيرة والقذائف وسنكون مستعدين لمواصلة الهجوم".
أخيرًا وفي ظل عدم وجود ما يشير إلى نهاية قريبة للحرب، يدرك المسؤولون والمليارديرات الروس أنهم يواجهون سنوات من العزلة الدولية، ويزداد اعتمادهم على الكرملين، في الوقت الذي يضغط فيه بوتين على الشركات لدعم المجهود الحربي ويحظر على المحيطين به الانسحاب من مناصبهم.
وبحسب الصحفية الروسية والمستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي ألكسندرا بروكوبينكو أن "المسؤولين تكيفوا مع الموقف لكنهم لا يرون أي ضوء في نهاية النفق. إنهم يشعرون بالتشاؤم بشأن المستقبل. وأقصى ما يأملونه حاليا هو أن تكون خسارة روسيا للحرب غير مهينة".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.