"فريد وسر.. بكائية المرح"، نص للكاتبة منال رضوان
قالت منال رضوان الكاتبة والناقدة، عضو اتحاد كتاب مصر، عضو نادي القصة:
اعتدت الاستماع إلى فريد الأطرش في أوقات محددة، فلا أستمع إليه وأنا أعمل، ولا أستمع إليه وأنا أشعر بالإحباط أو القلق، بل لابد أن أذهب إليه وقت أن أقرر.
استوقفني غناء فريد للوحة طبيعية كلما مر العمر بي أتذوقها بذائقة مختلفة، كما استوقفني كيف أنها لم تتحول إلى أغنية مناسبات تفقد رونقها بفعل التكرار، وبدأ وعيي يتشكل ب (حس) هذا الفنان، عندما وجدت في مكتبة أمي أحد الكتب الصادرة عن دار نشر لبنانية نشرت مذكرات فريد الأطرش مع تقديم لها.
مرت عشرات الأعوام على هذا الحدث، لكن ما علق بذاكرتي قصة احتضانه للعود، والذي ارتبط عنده بالفرار من الحزن؛ فبعد أن تعرضت أسرته لمحنتها كان لبكاء والدته السيدة علياء المنذر من ضيق الحال أشد الأثر عليه، فيدخل الصبي حجرته، ويحتضن عودها ويعزف؛ لتمتزج نغماته بالدموع.
صرت أتخيل هذه الصورة كلما استمعت إلى فريد؛ فعلمت مبكرا لمَ كانت أغنياته الحزينة تبدأ بمقدمة من عزف منفرد على آلته الأثيرة، ولذا أحببت هذا الصوت وذهبت في شطحي ذات مرة، أن لقبه هذا ربما لم يحصل عليه من فراغ؛ فلا يصح بحال أن تستمع إليه بأذنيك، فريد هو حالة غنائية فنية عجيبة يكمن بدء تأويلها في اسمه؛ فهو الصوت الفريد الذي يجب عليك أن تنصت إلى صداه بداخلك وتفسر بعد ذلك تلك الذبذبات وتحولها إلى نغمات تلتقطها بأذنيك.. فيكتمل طقس الاستماع إليه.
وإلا فكيف نلتقط هدير الموج العنيف في "لا وعينيك" وهذا الغضب والندم والحزن من خيانة أو سوء ظن، إن لم تستمع إليها بروحك ؟
وكيف نستمع إلى أغنياته الراقصة، دون أن نبحث عن سر الشفرة لـ.. (بكائية المرح) وهذه المعادلة التي لم يصنعها غير هذا الصوت الشجي الملآن بالأسى والألحان المرحة في الوقت ذاته، ولا أقصد هنا الألحان الخفيفة التي غناها في أفلامه مع سامية جمال، على العكس، إنما هي ألحانه التي غناها عقب افتراقهما، ففريد من المبدعين الذين يقلم الحب أظافرهم ويدجن لديهم جنون الإبداع ويهذبه؛ فلا يكونون في أفضل حالاتهم من التجلي.
بل يجب أن يعيد الألم سبك حواسهم وصياغتهم من جديد؛ لذا فألحان فريد عقب أزمات فقد أو فراق أو مرض، ارتقت إلى مقام التراتيل الروحية، التي تتحرر من ثقل الجسد والتغزل في جمال العيون ومواعدة الحبيب، إلى جذب الروح والسير في وديان العشق، فيجعلك إن استمعت إليه تصف الحال بعد الأغنية وهي لن تكون ذاتها الحال التي دخلت بها إلى عالمه.
وبالأمس شاركت أحد الأصدقاء الأعزاء أغنية أستمع إليها في استراحتي من العمل وكانت "إياك من حبي" وبعد الأغنية وجدتني أقول له:
هذا اللحن يشبه سقوط أحد الأشياء الصغيرة الناعمة على رأسك بفعل الجاذبية؛ وفور أن تلتفت تجدها (وردة بلدي يشاغلك بيها الحبيب لما يحب يعاكسك!!) وبالطبع ضحكنا معًا على هذا التشبيه ابن لحظته، قبل أن نعود إلى ما كنا نتحدث فيه من رؤى حول أعمالنا الفنية والأدبية، لذا فأنا أحب وأحترم صوت فريد الأطرش؛ لأنه الصوت الذي تذهب إليه بأذنيك، فتنصت إليه بروحك.
كان لـ منال العديد من الأعمال منها: قربان لا تأكله النار - شعر فصحى، طقس اللذة - مجموعة قصصية، بلكونة نحاس رواية.( طبعة أولى وثانية)
- سنوات الجراد - مجموعة قصصية، أضغاث صحوتي - نصوص (سيرة ذاتية)، أنا عشتار - شعر فصحى، رباعيات حب وبعاد شعر عامية.
فضلًا عن عدد من الإصدارات قيد التدقيق، ومنها: ١٠٥ فاصل أغاني، نصوص، بنت بحر، شعر عامية مصرية، أضغاث صحوتي ج ٢
أعدت العديد من الملفات شخصيات أدبية منها الأديب العالمي نجيب محفوظ، الروائي السوري حيدر حيدر، الأديب يوسف السباعي، الروائي محمد عبد الحليم عبد الله، الروائي بهاء طاهر، الأديب يحيى الطاهر عبد الله، الدكتور يوسف إدريس.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.