رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات الريحاني قبل التمثيل، فصل من عمله بسبب امرأة وعاش حياة التشرد وجورج أبيض أنقذه من الضياع

نجيب الريحاني، فيتو
نجيب الريحاني، فيتو

نجيب الريحاني، "مات نجيب، مات الرجل الذي اشتكى منه طوب الأرض وطوب السماء، إذا كان للسماء طوب.. مات نجيب الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب مات الرجل الذي لا يعرف إلا الصراحة فى زمن النفاق ولم يعرف إلا البحبوحة في زمن البخل والشح  مات الريحاني في 60 ألف سلامة"، بهذه الكلمات المؤثرة رثا الفنان الكبير نجيب الريحاني نفسه قبل 15 يوما من رحيله، والذي يوافق اليوم 8 يونيو من عام 1949، وذلك جراء مضاعفات مرض التيفود الذى أثر على صحة رئتيه وقلبه.

 

الملك فاروق يتحدث عن نجيب الريحاني

الضاحك الباكي الذي تحدث عنه الملك فاروق بعبارات لا تزال راسخة في وجدان الفن المصري، حين نعاه قائلا: "أرسل الريحانى نفسه على سجيَّتها، فملأ مصر فرحًا ومرحًا وتسليةً وتعزية، ولو تفرغ الريحانى لِنفسه لكان آيةً من آيات التمثيل فى الشَّرق والعالم كُلِّه، فقد كان الريحانى مُمثلًا عبقريًّا، ولكنَّهُ مُنع الرَّاحة، وحُرِّمت عليه الأناة، وحيل بينهُ وبين التمهُّل، رأى النَّاس محزونين يلتمسون عندهُ للعزاء والرِّضا والتخفُّف من أعباء الحياة، حين يتقدَّمُ النهار وحين يُقبلُ الليل، فمنحهم ما كانوا يلتمسون فيه فى غير بُخلٍ، ولا تردُّدٍ، ولا تفكيرٍ فى العاقبة".

بدايات نجيب الريحاني

ولد نجيب الريحاني في 21 يناير 1889 بحي باب الشعرية بالقاهرة لأب عراقي من مدينة الموصل يدعى "إلياس ريحانة"، كان يعمل بِتجارة الخيل، فاستقر به الحال في القاهرة ليتزوج امرأة مصرية قبطية أنجب منها ثلاثة أبناء منهم نجيب.

 

تلقى الريحاني تعليمه في مدرسة الفرير الفرنسية بالقاهرة، وفيها تجلت موهبته التمثيلية المبكرة، فانضمَّ إلى فريق التمثيل المدرسي، واشتهر بين معلميه بقدرته على إلقاء الشعر العربي، حيثُ كان من أشد المُعجبين بالمتنبي وأبي العلاء المعرِي، كما أحب الأعمال الأدبية والمسرحية الفرنسية.

 

الريحاني قبل التمثيل

بدأ نجيب الريحاني حياته المهنية موظفا في البنك الزراعي، وهناك تعرف على المخرج عزيز عيد، والذي لم يكن عمله في البنك يمنعه عن التمثيل، فلم تلبث أن جمعت بين الريحاني وعيد صداقةٌ قوية. 

البنك الزراعي

ومن هنا بدأ حب الريحاني للمسرح يلوح في الأفق، حيث ظل الصديقان يتردَّدان معا لعدة أشهر على الفرق المسرحيَّة بالقاهرة، وتمكنا من الحُصول على وظيفتي كومبارس بدار الأوبرا، حيثُ كانت الفرق الأجنبيَّة تعمل في موسم الشتاء، وكانت أوَّل رواية اشترك الريحاني في تمثيلها هي رواية "الملك يلهو" وكان قد ترجمها أديب اسمه أحمد كمال رياض بك.

 

شركة السكر 

وبعد فترة من تواجده في البنك الزراعي، التحق الريحاني عام 1910 بشركة السكر بنجع حمادي في صعيد مصر، وسارت أحواله على ما يُرام خلال سبعة أشهر، إلى أن أعجب بزوجة مدير الحسابات التي كانت تصغر زوجها بسنوات، فحاول أن يلقاها ذات يوم، لا سيما وأن مسكنه كان مُواجها لمسكن الزوجين، وأثناء محاولة التسلل إلى غرفة نوم تلك المرأة، فوجئ بالخادمة التي استيقظت في تلك اللحظة وعلا صراخها حتى استيقظ الجيران ووفد الخفراء وألقوا القبض على الريحاني.

 

الفصل من وظيفته

وذاعت أنباء الفضيحة  ففصل الريحاني من عمله وعاد إلى القاهرة، وإلى الجلوس في المقهى.

التشرد في شوارع القاهرة

وازدادت أحوال الريحاني سوءا عندما طردته والدته من المنزل بعد فصله من عمله، فعاش لفترة متشردا في شوارع القاهرة، يمضي نهاره جالسا في المقهى حتى تغلق أبوابها في الساعة الثانية صباحا، ثم يذهب ليفترش كوبري قصر النيل حتى طلوع الشمس، ثم يعاود الذهاب إلى المقهى.

 

اقرأ أيضا:: نجيب الريحاني، مناضل ساورته الشكوك، تزوج راقصتين الأولى باعته والثانية طلقها بفرمان من هتلر

 

العمل مترجم بفرقة الشيخ أحمد الشامي

وبعد فترة على هذه الحالة، تمكن الريحاني من العثور على عمل كمترجم ومعرِب بفرقة الشيخ أحمد الشامي، وهي فرقة مسرحية جوالة مشهورة، ترجم لها مسرحيتين فرنسيتين، إحداهما “عُشرون يومًا في الظل” والتي حولها فيما بعد إلى مسرحية طويلة من إعداده.

 

العمل مقابل الطعام

وكانت ظروف العمل بالفرقة شاقة، إذ كانت العروض تقام على ألواح خشبية مرصوصة فوق براميل ، وكانت الفرقة تتنقل من مدينة إلى أخرى في طول مصر وعرضها، وكان الريحاني ينام على الأرض ويتقاضى أجره لبنا وبيضا، لكنهُ كان يتقبل الأمر. 

 

وذات يوم فوجئ الريحاني بِزيارة أمه له ، أتته تحمل خطابا من شركة السكر يتيح له العودة إلى عمله السابق، وفي نفس الوقت حاولت إقناعه مجددا بترك التمثيل وبيئته الوضيعة، وبالفعل قبل الريحاني العرض وعاد من جديد للعمل بشركة السكر. 

مسرح جورج أبيض يظهر 

لكن وعلى غير المتوقع، وتحديدا في عام 1912 تلقى الريحاني رسالة من صديقه القديم عزيز عيد  يخبره فيها بإنشاء فرقة درامية جديدة تولى إدارتها الفنان جورج أبيض، الذي كان قد عاد من باريس، حيث درس الفن المسرحي تحت إشراف الممثل الكبير سيلڤان.

 

وكانت هذه الخطوة بِمثابة إحياء للآمال في إنعاش الحياة المسرحية بالقاهرة، وقرأ الريحاني الرسالة بهدوء مصطنع، ومع أنه لم يكن مستعدا للمخاطرة باستقراره مرة أخرى، إلا أنه لم يعد يستطيع مقاومة إغراء المسرح.

جورج أبيض، فيتو

وحصل الريحاني على إجازة وسافر إلى القاهرة، وهناك شاهد جميع مسرحيات جورج أبيض، ثم عاد بعد شهرين إلى عمله لنفاد نقوده، وإن كان شغفه بالتمثيل قد صار أقوى من ذي قبل.

 

ومضت سنتان  لم يطرأ فيهما تغيير يذكر على حياة الريحاني، سوى أن عرافة فرنسية تنبأت له بأحداث في المستقبل قدِر لها أن تتحقق بعد سنوات كما أورد في مُذكراته. 

اقرأ أيضا:: أنجب بنتا نسبت لضابط ألماني وتبنى أخرى أعطاها اسمه رسميًا.. مآسي في حياة الضاحك الباكي نجيب الريحاني | فيديوجراف

 

فصل من العمل وبداية التمثيل

وفي سنة 1914 فصل الريحاني مرة أخرى من شركة السكر، فعاد إلى القاهرة مجددا ليلتحق هذه المرة بِفرقة جورج أبيض، الذي كان قد ضم فرقته إلى فرقة سلامة حجازي. 

 

مولد نجم 

وكانت أول مسرحية يظهر فيها الريحاني هي “صلاح الدين الأيُّوبي” وهي ميلودراما تاريخية، وكان جورج أبيض يجسد فيها دور الملك ريتشارد قلب الأسد بينما اختير للريحاني دور صغير هو ملك النمسا وكان كل ما عليه أن يفعله هو أن يقف من جورج أبيض موقف المبارز ويتكلم بضع كلمات فقط كانت بداية لمولد رمز فني مصري يظل خالدا في ذاكرة التراث. 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية