ترميم مسجد الظاهر بيبرس، قصة إحياء أبرز مظاهر العمارة المملوكية في مصر والعالم العربي والإسلامي
مسجد الظاهر بيبرس على موعد اليوم مع إعادة إحياء لسيرته التاريخية، إذ تفتتح وزارة الأوقاف ثالث أكبر مساجد مصر بحضور الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، والدكتور مولين أشيمباييف، رئيس مجلس الشيوخ الكازاخي، وأحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، والشيخ نوريزباي حاج تاغانولي، المفتي العام ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان وعدد كبير من قيادات المؤسسات الدينية الرسمية في مصر والبلدان الإسلامية.
أهمية مسجد الظاهر بيبرس في التاريخ الإسلامي
مسجد الظاهر بيبرس أحد أهم مساجد القاهرة التاريخية ويجسد عظمة العمارة المملوكية في مصر بشكل عام، وورد ذكره في تاريخ المقريزي، باعتباره أكبر جوامع القاهرة.
أنشأه الملك الظاهر بيبرس البندقداري عام 665 هجرية على مساحة تقترب من 3 أفدنة، وصمم على صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة ظلات، ومساحات مغطاة معدة للصلاة، أكبرها ظلة القبلة، واختار له الظاهر بيبرس أحب ميادين هذا الزمان في مصر إلى قلبه، لدرجة أنه جعله مغلقا على المسجد دون غيره.
متى بدأ ترميم مسجد الظاهر بيبرس في السنوات الأخيرة ؟
ويعود بداية مشروع ترميم مسجد الظاهر بيبرس إلى حدود عام 2007، في هذا التوقيت بدأت وزارة الثقافة مشروعًا لإعادة إعماره، لكنه توقف عام 2011 لظروف اندلاع ثورة 25 يناير واشتعال الأحداث في مصر، لكن الدولة قررت استكمال المشروع مرة آخرى بعد استقرار الأوضاع عام 2018.
إعادة الترميم شملت كل التفاصيل، مرافق البنية الأساسية، وتدعيم الأساسات والعزل والأعمال الإنشائية، وإنشاء شبكة لتثبيت منسوب المياه الجوفية، وتركيب منظومة إطفاء الحريق، إضافة إلى تطوير شبكة الكهرباء الداخلية والخارجية وتركيب وحدات الإنارة الداخلية.
واهتم مشروع الترميم أيضا بتنظيف الواجهات الحجرية الداخلية والخارجية للمسجد، مع الحفاظ على العناصر الحجرية ذات الزخارف الكتابية والنباتية، وتقويتها وتدعيمها، وترميم واستكمال الشبابيك الجصية الموجودة أعلى الحوائط الداخلية والخارجية للمسجد، وترميم ومعالجة الأشرطة الجصية الداخلية التي تحتوي على آيات قرآنية بإيوان القبلة.
عبقرية المكان، قصة تحويل مسجد الظاهر بيبرس إلى قلعة حربية
قصة آخرى استكملت في تاريخ المسجد بعد عقود من الزمن، وتحديدا عندما جاء الفرنسيون إلى مصر، إذ حاز موقع المسجد على إعجابهم بشدة، وركبوا فيه المدافع واتخذوه قلعة حربية.
يعود سر اختيار الفرنسيين موقع مسجد الظاهر بيبيرس وتحويله إلى قلعة بسبب تفرده المعماري، إذ يبلغ طوله 108م وعرضه 105م، وُجهاته الأربع مبنية من الحجر، كما يمتاز المسجد بوجود ثلاث مداخل محورية بارزة في الواجهات الثلاث وجرى البناء من مداميك الحجر الأبيض والأحمر.
جعل الفرنسيون من مئذنة مسجد الظاهر بيبرس برجًا دفاعيا، ونصبوا المدافع على أسواره، وسكنته طائفة من الجنود الفرنسيين وكان ذلك أحد أسباب تخريبه وتهدم مئذنته.
مسجد الظاهر بيبرس خلال حكم محمد على
لم يشهد مسجد الظاهر بيبرس أي اهتمام يذكر خلال حكم محمد علي باشا، إذ تسبب التحول الذي جرى له خلال الحملة الفرنسية في تجريده من قيمته الروحية وشطبه من ذاكرة المساجد لدى مسئولي الملف أنذاك، لدرجة أنه تحول إلى مصنع للصابون، كما نقلت منه بعض أعمدته وأحجاره واستخدمت لبناء رواق الشراقوة في الجامع الأزهر.
وتحول المسجد أيضا في عصر محمد علي إلى معسكر لطائفة التكارنة السنغالية، وأخيرا تحول إلى مذبح في عهد الاحتلال الإنجليزي، وفي سنة 1893 اهتمت لجنة حفظ الآثار العربية بإصلاح المسجد ومحاولة إرجاعه إلى مهمته الأصلية.
العمارة المملوكية، هكذا ساهمت في ازدهار الفن الإسلامي
أضافت العمارة المملوكية ازدهارًا كبير للفن الإسلامي طوال عهد السلطنة المملوكية (1250-1517) وكانت أكثر بروزًا في القاهرة خلال العصور الوسطى.
ويعود ذلك بشكل أساسي للحماسة ومظاهر التدين الشديد التي عرف بها سلاطين المماليك، لهذا كانوا رعاة للعمارة والفن.
وكانت القاهرة تحت حكم المملاليك عاصمة للسلطنة، ومن أغنى مدن الشرق الأدنى، ومركزًا للنشاط الفني والفكري، لهذا وصفها ابن خلدون بكلمات خالدة حتى الآن: «القاهرة حضرة الدنيا وبستان العالم»، إذ تميزت أنذاك بالقباب الفخمة والساحات والمآذن الشاهقة المنتشرة في جميع أنحاء المدينة.
بفضل المماليك انتقلت الفنون الزخرفية المملوكية - وخاصة الزجاج المذهب المطلي بالمينا والأشغال المعدنية المطعمة والأعمال الخشبية والمنسوجات من القاهرة إلى جميع مدن البحر المتوسط، كما انتشرت في بعض بلدان أوروبا، مما كان له أثر بالغ على الإنتاج المحلي، ويعتبر تأثير الأواني الزجاجية المملوكية على صناعة الزجاج البندقي أحد الأمثلة على ذلك.
القضاء على آخر سلطان مملوكي الأشرف قنصوه الغوري، وانتقال حكم مصر عام 1517 إلى الدولة العثمانية لم ينه الثقافة المملوكية في العمارة، بل استمرت الهندسة المعمارية والطراز المملوكي حتى القرن الثامن عشر رغم صعود الطراز العثماني لاسيما أن الأخير كان يستعير الكثير من تفاصيل الزخرفة من العمارة المملوكية، ولاسيما المساجد ذات القباب والأعمدة
الظاهر بيبرس، معلومات لا تعرفها عن المؤسس الحقيقي لـ المماليك البحرية
السلطان المملوكي الظاهر بيبرس بن عبد الله البندقداري، هو المؤسس الحقيقي لدولة المماليك البحرية، وينسب إليه إلى الآن أحد أحياء القاهرة ـ حي الظاهر ـ ويوجد به مسجده ـ مسجد الظاهر بيبرس.
كان بيبربس مملوكا للسلطان الصالح نجم الدين أيوب وجلب من الأراضي الواقعة بالقرب من جبال الأورال ـ كازاخستان حاليًا ـ وترقى إلى أعلى المناصب بسبب مهاراته العسكرية الفريده وذكاءه السياسي.
تولى الحكم في 1260 وحتى 1277م وهزم المغول عام 1272م، ودخل في حروب مع الصليبين في فلسطين، ومع النوبيين في بلاد النوبة، وامتد ملكه إلى ما وراء حدود مصر وسوريا وبلاد العرب.
شهد عهد الظاهر بيبرس نهضة معمارية وتعليمية كبيرة، إذ أنشأ العديد من المدارس في مصر ودمشق والأخيرة من أعلامها حتى الآن المدرسة الظاهرية التي بنيت عام 676 هجرية وأنشئت فيها المكتبة الظاهرية أواخر القرن التاسع عشر.
بخلاف مسجد الظاهر بيبرس في القاهرة أنشأ مسجدًا آخر باسمه في مدينة قليوب لابزال موجودًا حتى الآن ويسمى الميدان الموجود فيه «ميدان بيبرس» بمدينة قليوب البلد، كما عمل بيبرس على إنشاء الجسور والقناطر والأسوار، وحفر الترع والخلجان، وأنشأ مقياسا للنيل وقام بأعمال أخرى كثيرة مثل تنظيم البريد فخصص له الخيل، وبنى كثيرا من العمائر.
إصلاح الأماكن المقدسة في عهد الظاهر بيبرس
اهتم الظاهر بيبرس بتجديد الأماكن المقدسة والمساجد والمنشآت الدينية، وبدأ من الجامع الأزهر فأعاد له رونقه بعد أن أمر بإجراء الترميم والتجميل اللازم له، حتى عادت له مكانته مرة أخرى، كما أمر بأعادة خطبة الجمعة والدراسة إلى الأزهر بعد أن هجر عقود طويلة من الزمن، ونصب أربعة قضاة شرعيين، واحدا من كل مذهب من مذاهب السنة الأربعة بعد أن كان القضاء مقتصرا على قاضي قضاة شافعي.
خارج مصر، قاد الظاهر بيبرس عدد من الإصلاحات في الحرم النبوي بالمدينة المنورة، وجدد مسجد إبراهيم في الخليل، وزار بيت المقدس يوم الجمعة 17 جمادى الآخرة 661 هـ / 1262 م، وجدد أيضا ما تهدم من قبة الصخرة، وقبة السلسلة التي أمر بإعادة زخرفتها وخصص للمسجد سنويا خمسة آلاف درهم، كما أمر الظاهر بيبرس بتوسعة مسجد الصحابي خالد ابن الوليد في مدينة حمص.
توفي الظاهر بيبرس يوم الخميس 28/ 1/ 676 هـ الموافق 1/ 7/ 1277، ودفن في المكتبة الظاهرية في دمشق بعد حكم دام 17 سنة، تولى من بعده أكبر أولاده ناصر الدين الحكم، إلا أن أولاد بيبرس لم يدم لهم الحكم طويلًا وانتهت حقبتهم بتولى الحكم المنصور قلاوون.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.