خبيرة اقتصاد تكشف مخاطر استمرار الاقتراض
رسم تنمية الموارد ، قالت الدكتورة هدى أبو رميلة أستاذ الاقتصاد بجامعة الأهرام الكندية إن موافقة البرلمان المصري على تعديلات تشريعية لقانوني "ضريبة الدمغة" و"رسوم تنمية الموارد المالية للدولة"، اللذين أقرتهما بشكل مبدئي الأسبوع الماضي لجنة الخطة والموازنة في المجلس. بهدف تحقيق مستهدف ٥ مليار جنيه لتمويل الخزانة العامة، ومن أجل نظم إصلاح ضريبية تسعي إلى تعزيز الإيرادات العامة للدولة لمواجهة متطلبات رفع مخصصات الإنفاق الاجتماعي، وتخفيض الاحتياج للجوء الي مزيد من الاستدانة المحلية والأجنبية وتعزيز سعر الصرف.
منهج ضريبي إصلاحي يضمن عدم المساس بالشرائح الاجتماعية المتوسطة والدنيا
رسم تنمية الموارد، وأكدت فى تصريح لفيتو: يجب أن تراعي اتباع أكثر من منهج ضريبي إصلاحي يضمن عدم المساس بالشرائح الاجتماعية المتوسطة والدنيا، كالآتي:
أولا: مكافحة التهرب الضريبي وإعادة النظر في نظم الحوكمة الحالية والنظم الرقابية ومحاربة منظومة الفساد والمحسوبية وتعزيز نظم الشفافية المطبقة دوليا، ثم تنسيق تحصيل مستحقات الضرائب الحالية بشكل فعال، وهذا المنهج في في حد ذاته من شأنه تعزيز الإيرادات العامة بشكل فعال وبحمل في طياته اقتصاد شمولي أكثر عدالة اجتماعية.
ثانيا: تعزيز التعاون الدولي من أجل مزيد من الشفافية والمعلومات لمكافحة التهرب الضريبي للخارج وسيمثل ذلك أحد المصادر الهامة لتغذية عجز الإيرادات، ومخصصات الإنفاق الاجتماعي والعدالة الاجتماعية
ثالثا: في ظل ظروف اقتصادية استثنائية تمر بها البلاد، لابد من استحداث بعض الضرائب علي السلع والخدمات الرفاهية المستوردة كإجراء سيكون له أثر مضاعف حيث يؤدي إلي تحجيم معدلات التضخم من خلال سياسات انكماشية موجهة لاستهلاك الخدمات والسلع الغير ضرورية، ثانيا دعم الإيرادات العامة للدولة بشرط أن تكون في صالح رفع مخصصات الإنفاق الاجتماعي وثالثا سيمكن الدولة من توفير السيولة اللازمة لتعديل الحد الأدنى للأجور والمعاشات الحالي وهو متطلب ضروري علي الحكومة الحالية مواجهته وإصلاحه لما له من مخاطر تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
خطورة الاستدانة لا تتمثل فقط في القدرة علي السداد فقط
وأضافت أبو رميلة أن خطورة الاستدانة لا تتمثل فقط في القدرة علي السداد بل الأهم هو كفاءة استخدام وإدارة الدين العام وعلاقتها ومردودها ليس فقط علي معدلات النمو الاقتصادي بل علي محورين أساسيين وهما: أولا sustainability of the publicdebt يعني مدى مساهمة وانعكاس عوائد النمو الاقتصادي علي تعزيز قدرة المالية العامة المستقبلية لمواجهة الأعباء المستقبلية لخدمة الدين العام، بالشكل الذي يضمن الخفض المستقبلي التدريجي لنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.
اقتراض ثلاث سيناريوهات اقتصادية
وواصلت حديثها قائلة: لتحقيق ذلك، وجدت الدراسات أن الادخار الكامل للزيادة الناجمة عن ارتفاع معدلات نمو الإنتاج المحلي الإجمالي ومع ثبات السقف الضريبي، فإن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تنخفض نتيجة زيادة المقام بالنسبة للبسط وثبت أنه علي مدى ١٥ عام ينخفض نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي الإجمالي وينخفض عجز الموازنة ثلاث أضعاف، بينما في حالة توجيه زيادة ثمار النمو لتغذية العجز في الموازنة فإنه في خلال ١٥ عام سينخفض الدين إلى إجمالي الناتج المحلي لكن بمعدل الثلث بالنسبة للافتراض السابق.
وتابعت: لفهم آلية ذلك نفترض ثلاث سيناريوهات اقتصادية طبقت علي دراسة حالة الاقتصاد الايطالي ، حيث يمثل فيها نسبة الدين/إجمالي الناتج المحلي ١٦٠٪ وعجز الموازنة /الناتج المحلي الإجمالي ٢,٤٪ ونمو اقتصادي اسمي ١,٥٪.افترض السيناريو الأول ثبات معدلات النمو الاقتصادي وكانت النتيجة ثبات معدل الدين / إجمالي الناتج المحلي علي مدار ال ١٥ عاما القادمة
في حالة ارتفاع معدلات النمو من ١,٥ إلى ٢,٥٪ ماذا سيحدث الي نسبة الدين/ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت: السيناريو الثاني في حالة الادخار الكامل لثمار النمو الاقتصادي والايرادات المتحققة منه بالحفاظ علي نفس مستوي الانفاق والسقف الضريبي ( ٤٢٪)، فإنه يحدث خفض تدريجي ملموس خلال ال١٥ عاما القادمة لنسبة الدين / الناتج المحلي الإجمالي الي من ١٦٠٪ إلى ٢٣٪ خلال ١٥ عام مع انخفاض في عجز الموازنة من ٢,٤٪ إلى فائض ٤,٧٪.
وتابعت: السيناريو الثالث يفترض التوجيه الكامل لثمار النمو لتمويل الإنفاق الكلي، سيؤدي ذلك إلى انخفاض الدين / إجمالي الناتج لكن بنسبة أقل ثلاث مرات بالنسبة للسيناريو الثاني حيث ينخفض من ١٦٠٪ الي،٩٢٪ علي مدى ال ١٥ عاما المقبلة.
يصعب علي الدولة أن تدخر جميع الإيرادات المتحصلة من زيادة النمو
وقالت: لاشك أن يصعب علي الدولة أن تدخر جميع الإيرادات المتحصلة من زيادة النمو، لكن في حالة الرغبة في الإسراع بتقليل نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي بسرعة عالية وفي وقت أقل فإنه يجب أن يؤخذ في الاعتبار حل وسط يسمح بدعم المالية العامة للدولة في المدي المتوسط والطويل، وادخار أكبر نسبة ممكنة من الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي، ثانيا نمط ذلك النمو وانعكاسه علي مؤشرات التوازن الاقتصادي الاجتماعي التي من شأنها خلق حلقة مستدامة من التنمية الشمولية أو حلقة مفرغة من اللاتنمية وتتمثل المؤشرات الثلاث في:
1. رأس المال البشري
2. معدلات العدالة الاجتماعية والفوارق الطبقية
3. عمق الفقر
اولا: رأس المال البشري: يرتبط نمط النمو الاقتصادي ارتباط مباشر بمؤشرات التنمية البشرية من خلال انعكاسه علي:
1. معدلات إنتاجية أفراد المجتمع والتي تعتمد بشكل مباشر علي الإنفاق العام علي التعليم والتدريب والتأهيل والتوعية والصحة وجميع الخدمات العامة المرتبطة بها
2. توازن نمو القطاعات التجارية (السلع الممكن تداولها عبر الدول المتمثلة في قطاعي الصناعة والزراعة ) مقابل القطاعات غير التجارية ( الاستثمارات العقارية البنية التحتية والقطاعات الخدمية، السلع ذات تكاليف النقل المرتفعة جدا قطاع الخدمات بما فيها الماء والكهرباء والسلع المخصصة لاحتياجات أفراد المجتمع المحلي )
3. عدالة التوزيع الجغرافي للإنفاق الاستثماري الكلي المحقق لذلك النمو.
و تنعكس تلك المؤشرات مباشرة علي معدلات الفقر والعدالة الاجتماعية لما لها من تأثير علي معدلات الأجور، والبطالة والتضخم الفئوي المتمركز في الفئات الداخلية الدنيا والمتوسطة
الزحزحة الطبقية للأسفل
وأشارت إلى أن زيادة نسبة الدين العام الإجمالي إلى إجمالي الناتج المحلي وما يتبعه من ارتفاع فاتورة خدمات ذالك الدين بالعملات المحلية والأجنبية ينعكس علي الموارد المتاحة المخصصة لتمويل الاستثمار طويل الأجل في الإنفاق العام. مما ينعكس علي ما يطلق عليه " الزحزحة الطبقية للأسفل " وهو وقوع الطبقات الداخلية إلى المستويات الأدنى منها وارتفاع نسبة الشرائح المجتمعية الدخلية الدنيا بالنسبة لإجمالي شرائح المجتمع ووقوع الطبقات الأدنى في " مصيدة الفقر " وسقوط الطبقة المتوسطة وتحت المتوسطة تجاه الطبقة الداخلية الأدنى.
وقال: عزوف الطبقات الداخلية الدنيا وما تحت الواسطي عن التعليم والتدريب واللجوء إلي أنشطة غير قانونية أو أنشطة خارج القطاع الرسمي أو اللجوء إلى قنوات غير رسمية مالية للاقتراض، ذلك نتيجة الاحتياج الشديد لتوليد دخول سريعة لسد الاحتياجات اليومية. وعلي المدي المتوسط والطويل يتم تعزيز وانخفاض معدلات الاجتماعية ومزيد من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية، ومزيد من العجز في الموازنة الناتج عن ارتفاع نسبة الاقتصاد الغير رسمي الغائب من تمويل الحصيلة ضريبية، ومزيد من التضخم وعدم الاستقرار المصرفي واستقرار سعر الصرف.
ارتفاع معدلات الدين العام المصاحبة لانخفاض سعر الصرف
وأشارت إلى أن ارتفاع معدلات الدين العام المصاحبة لانخفاض سعر الصرف ينتج عنها مزيد من التشوهات في عدالة توزيع الدخول حيث يزيد الطلب علي السلع التصديرية ما ينعكس علي معدلات الأجور للعاملين بها مقابل القطاعات السلع الغير تجارية.. بالإضافة الي انخفاض سعر الصرف يؤدي إلي ارتفاع أسعار الواردات للسلع الأساسية ذات المكون الأساسي لسلة غذاء الطبقات المتوسطة والدنيا وبالتالي مزيد من التضخم الفئوي لتلك الطبقات ومزيد من خطورة الوقوع في مصيدة الفقر للطبقات الدنيا.
وأشارت إلى أن انتعاش قطاع السلع التصديرية يؤدي إلي ارتفاع معدلات النمو ودعم سعر الصرف إلا أن هذا من الممكن أن يؤدي إلي خلل هيكلي في جانب التشغيل والبطالة في حالة عدم توافر مناخ تنافسي عادل لإدماج وتمكين مزيد من الشركات المتوسطة والصغرى، حيث يتوقف الأثر النهائي علي نسبة العاملين بالقطاعات التصديرية الي نسبة العاملين بالقطاعات الأخرى.
الآثار الاقتصادية المشوهة لتضخم الدين العام مع انخفاض سعر الصرف
وقالت ان الآثار الاقتصادية المشوهة لتصخم الدين العام مع انخفاض سعر الصرف لا تنحصر فقط علي معدلات العدالة الاجتماعية بل بالتأثير علي معدلات الفقر وما يطلق عليه " عمق الفقر " والذي يعني ثبات معدلات الفقر مع انخفاض في معدلات العدالة الاجتماعية. وهي ظاهرة تعكس ارتفاع معدلات السقوط في " مصيدة الفقر " المتزامن مع خروج غير آمن لنفس النسبة من " مصيدة الفقر " لالتحاقها بقطاعات عمل غير قانونية بعد بقائهم فترة طويلة حبيس تلك المصيدة بدون تأهيل وتدريب يمكنها من الخروج الآمن.و كلما ارتفعت نسبة وقوع طبقات داخلية جديدة في " مصيدة الفقر " كلما ارتفع " عمق الفقر" رغم بقاء معدلات الفقر ثابتة أو متناقضة .
أولويات المرحلة الحالية
وقالت: من هنا يصبح من أولويات المرحلة الحالية. خلق إطار منهجي لإعادة هيكلة توزيع أعباء الديون بشكل عادل يضمن كفاءة إدارة التعامل مع تشابك التداعيات علي معدلات العدالة الاجتماعية والفقر وعمق الفقر.
من خلال التأثير علي كل من جانبي الإيرادات العامة والمصروفات :
1. إصلاح ضريبي تصاعدي يراعي التضخم الفئوي ونسب الفوارق الدخلية
2. مزيد من الدعم والرقابة نحو تطبيق برامج الشمول الماليلدعم الجهاز المصرفي واستقرار سعر الصرف
3. توزيع عادل للاستثمار الرأسمالي بين القطاعات الغير تجارية والتجارية بالشكل الذي يضمن ارتفاع المخرج الكلي المحلي
4. دعم الاستثمار في العنصر البشري من خلال دعم الانفاق العام الرشيد لقطاعات التعليم والتدريب والصحة، كأحد أولويات المرحلة للخروج الآمن
5. الإصلاح المؤسسي الإداري لخلق منظومة مؤسسية عامة تحافظ علي الأنشطة الاقتصادية القائمة وتدعم وتحفز الاستثمار المحلي والاجنبي بشكل متوازن عبر القطاعات وبشكل عادل جغرافيا نحو المناطق الجغرافية الأقل حظا تنمويا.