رئيس التحرير
عصام كامل

عقود من القطيعة وعدم الثقة.. موسم إحياء العلاقات المصرية الإيرانية.. أسامة الهتيمي: القاهرة تلتزم بمبدأ التضامن العربي.. وتوطيد علاقاتها مع طهران يتوقف على التزام النظام الإيراني

العلاقات بين مصر
العلاقات بين مصر وإيران، فيتو

محاولات لا تنفض لإنعاش العلاقات المصرية الإيرانية، مساع مكثفة لرفع التمثيل الدبلوماسى بين البلدين، وتقريب وجهات النظر فى الملفات الإقليمية وإزالة رواسب الماضى عبر الحد من التوتر فى المناطق والبلدان التى تمارس فيها إيران نفوذا كبيرا، مثل اليمن ولبنان وسوريا، أو التى تدعم فيها الحكومات الحليفة لها، أو جماعات مسلحة دينية مقربة منها.

ويفتح النشاط المكثف والمحادثات بين البلدين، باب التساؤلات حول كل ما تعنيه عودة العلاقات المصرية الإيرانية ومستقبلها وتأثيرها على المنطقة.

يقول قال الباحث فى الشأن الإيرانى أسامة الهتيمى، إنه لا شك أن التطور الذى شهدته مؤخرا العلاقات السعودية الإيرانية بعد الاتفاق الذى وقع بين البلدين فى العاصمة الصينية "بكين"، والذى بموجبه سيتم استئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات بعد انقطاعها منذ عام 2016 إثر إعدام رجل الدين الشيعى السعودى نمر باقر النمر سيكون له انعكاسه على مجمل العلاقات الإيرانية – العربية بما فيها مصر.

أضاف: مصر فى السابق وانطلاقا من مبدأ التضامن العربى رهنت توطيد علاقتها بإيران بموقف الدول الخليجية من إيران، إذ اعتبرت القاهرة دائمًا أمن الخليج خط أحمر، وأى تقارب لن يتحقق مع إيران طالما استمرت تمثل تهديدا لدول الخليج، ومن ثم فإنه من الطبيعى أن تحدث حلحلة فى العلاقات المصرية الإيرانية.

وتابع الباحث: الحقيقة أنه لا يمكن الجزم سلبا أو إيجابا بمستوى هذه العلاقات خلال المدى القريب فالعلاقات العربية الإيرانية بشكل عام والمصرية الإيرانية بشكل خاص علاقات معقدة إلى درجة كبيرة، حيث يتداخل فيها السياسى بالاقتصادى بالأمنى بالفكرى ولا تقوم على المصالح والمكاسب الاقتصادية فقط كما هو الحال فى العلاقات الدولية.

وأوضح الباحث أنه من المبكر الفصل بأن العلاقات المصرية – الإيرانية ستشهد مستقبلا مشرقا خاصة أن الطرف الإيرانى لم يقدم بعد ما يمكن أن نستند إليه لإطلاق هذا القول.

تأثير علاقة مصر وإيران على المنطقة

وعن مدى التعاون بين البلدين وتداعيات ذلك على المنطقة العربية برمتها، قال الهتيمى: من المؤكد أن كلا من مصر وإيران دولتان كبيرتان تشكلان ثقلا سياسيا فى المنطقة التى تشهد العديد من دولها حالة من الفوضى وعدم الاستقرار وصراعا يزيد من جذوة اشتعاله التباين فى وجهات النظر بين القوى الإقليمية.

ومن ثم فإن تقريب وجهات النظر والعمل المشترك سيعمل على الدفع بالمنطقة إلى المزيد من التهدئة، لاسيما أن كلا من مصر وإيران يمتلكان مقدرات اقتصادية لا بأس بها، وكليهما فى حاجة ماسة بالفعل لتوثيق التعاون الاقتصادى بينهما.

وحذر الباحث فى الوقت نفسه من أن يؤدى التقارب المصرى الإيرانى وتوثيق التعاون بينهما إلى غض القاهرة الطرف عن السلوك الإيرانى فى المنطقة، إذ قد يكون هذا التقارب قوة دفع بشكل غير مباشر لاستمرار إيران فى سياسة مد النفوذ ودعم وكلائها فى المنطقة، لافتا إلى أهمية تمسك مصر باشتراطاتها لهذا التقارب ومراعاة العديد من الاعتبارات والتى لا تتعلق فقط بعلاقات إيران ببعض دول الخليج وفى مقدمتها المملكة العربية السعودية ولكنها تتعلق باعتبارت خاصة للغاية.

وأوضح أن انفتاح العلاقات البينية بالشكل الذى تسعى إليه إيران سيسمح للإيرانيين الدخول بحرية إلى مصر والتنقل فيها، وهو أمر يمثل مخاطر أمنية كبيرة، على حد قوله.

وأشار الباحث إلى أن مصر تتعامل مع ملف علاقتها مع إيران باعتباره جسرا من الشوك يفترض أن تعبره، لكن بالكثير من الحذر، الذى لا يجب أن تتخلى عنه أبدا، خاصة أن القاهرة تدرك جيدا أن النظام الإيرانى الحالى “أيديولوجي” لا ترتهن تحركاته بالمكاسب والخسائر فحسب، بل بتنفيذ مشروع قومى فى المنطقة يصعب جدا على طهران أن تتنازل عنه الأمر الذى يعنى بقاء حضور دوافع التوتر باستمرار.

ولكن الباحث أوضح أن التخوفات السابقة، لن تمنع مصر من التجاوب مع الدعوات والإشارات والمحاولات الإيرانية التى لا تتوقف منذ فترة للتقارب مع مصر وعبر وساطات عربية برز منها العراق وعمان، الأمر الذى يرجح أن تشهد العلاقات بين البلدين بالفعل تقدما ملموسا يصاحبه رفع درجة العلاقات الدبلوماسية وتعيين سفير إيرانى فى مصر.

وحول المقابل الذى يجب أن يدفع مقابل هذه المصالحة، أوضح الهتيمى أن هذا السؤال ربما يعد أكبر إشكالية تتعلق بالعلاقات العربية الإيرانية، فالعقبة الكبرى أمام تطور هذه العلاقات هو السلوك الإيرانى فى المنطقة وتدخلات طهران فى شئون العديد من البلدان ولن يتغير قيد أنملة حسب ظنى.

اقرأ أيضا: إيران تكشف عن الوضع الميداني علي الحدود مع أفغانستان بعد الاشتباكات الأخيرة

رغبة عربية إيرانية للتوافق

وأوضح أن النظام الإيرانى يربط بين قوته وقدرته على الصمود وبقائه كقوة إقليمية بهذا السلوك وهذه التحركات والدور الذى تلعبه طهران بالعديد من البلدان، ومن ثَم فإن غاية ما يمكن أن تقدمه طهران خلال الفترة الحالية لإقناع بعض الأطراف العربية بالتقارب هو التخفيف من وطأة هذه التدخلات والحد من تأزيم المواقف التى ربما سببت إرهاقا لبعض الأطراف العربية.

وتابع: رغبة بعض الأطراف العربية لحدوث هذا التقارب توافقت مع رغبة إيرانية مؤقتة تشكلت نتيجة أسباب داخلية بعد تصاعد الاحتجاجات بشكل غير مسبوق إثر مقتل الفتاة الكردية مهسا أمينى بجانب تدهور الأوضاع الاقتصادية وتدنى سعر العملة المحلية، وهى ظروف لا يستبعد معها أن يكون توجه إيران لهذه التقارب تكتيكا يراد به تخفيف ما يعانيه النظام خاصة أن الحكومة الإيرانية الحالية محسوبة على المحافظين القريبين من المرشد الذى يتبنى مواقف متشددة رافضة للانتقادات الموجهة للتحركات الإيرانية الإقليمية والدولية.

واختتم: خلاصة القول إن انعقاد الآمال على حدوث تطور إيجابى وتقدم ملموس فى العلاقات العربية الإيرانية تتعلق بأحبال واهية قائمة على أسس غير متينة، حتى تبقى هذه العلاقات فى مهب الريح لا يمكن أن يعول عليها بشكل استراتيجى.

من جانبه، قال الباحث فى الشأن الإيرانى وجدان عبد الرحمن، والقيادى فى حزب التضامن الديمقراطى الأهوازى إن إيران عازمة على تطوير العلاقات مع جيرانها والدول العربية وتحديدا مصر، موضحا أن هذا التغيير السريع لدى النظام الإيرانى خاصة فى ظل حكومة أيديولوجية أصولية لا يعد إيمانا من هذا النظام بأهمية التقارب مع دول المنطقة، وإنما خلفها أسباب عدة فى مقدمتها التدهور الاقتصادى والعقوبات الدولية المفروضة عليه.

واستكمل: من المعروف أنه لا يمكن لأى دولة فى العالم أن تطور اقتصادها، ما لم تحسن علاقاتها مع الدول المجاورة لذلك النظام الإيرانى يحاول تطوير نظامه مع الدول العربية لتحسين الاقتصاد المتدهور.

ولفت الباحث إلى أن إسرائيل بدأت تنجح فى خلق طوق على إيران من الشمال، إذ تملك قواعد عسكرية فى أذربيجان الشمالية، ومن الغرب فى كردستان العراق، ومن الشرق والجنوب الأسطول الخامس، بجانب التطبيع مع عدد من البلدان العربية، مما يعنى حصار إيران من كل الاتجاهات.

واستكمل: العلاقات الإيرانية المصرية فى كثير من الأحيان لم تكن ودية، بدءًا من الحروب التى خاضتها الدول العربية مع إسرائيل واصطفاف حكامها إلى جانب إسرائيل، بما فيهم محمد رضا شاه بهلوى، أول من وقف بجانب إسرائيل واعترف بها، لذلك فالخلافات الإيرانية المصرية لا تتوقف على المرحلة الحالية، وإنما تمتد إلى زمن مؤسس الدولة الحديثة فى إيران منذ عام 1924 وحتى عام 1953.

وأضاف الباحث: زواج رضا شاه من الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق حاكم مصر الأسبق، لم يجعل العلاقات المصرية الإيرانية فى أحسن أحوالها إلا فى فترات قليلة جدا، وكان التقارب أيضًا لأسباب اقتصادية وأمنية وسياسية.

مستقبل العلاقات بين مصر وإيران

وعن مستقبل العلاقات بين مصر وإيران، قال وجدان عبد الرحمن، إن العلاقات التجارية والاقتصادية هى من ترسم محور السياسية بين الطرفين، ومع ذلك لا يمكن لمصر أن تستفيد من إيران تجاريا أو اقتصاديا، أما أمنيا فمصر أبعد ما يكون عن التدخل فى الشأن الإيرانى، بعكس إيران التى حاولت التدخل فى الشئون المصرية خلال فترة حكم محمد مرسى، لكن جهاز المخابرات نجح حينها فى إفشال مخطط التدخل الإيرانى.

وعن تأثير العلاقات المصرية الإيرانية على المنطقة العربية، أكد الباحث أنه سيكون تأثرا إيجابيًّا يمكنه التخفيف من حدة التوترات فى المنطقة العربية، كما سيكون لها تأثير على دول المنطقة التى يمكنها إبرام اتفاقات تبادل تجارى واستثمار متبادل على حد قوله.

 

نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبارالرياضة ، أخبارمصر، أخباراقتصاد ، أخبارالمحافظات ، أخبارالسياسة، أخبارالحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجيةوالداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية