الشاويش عبد الجبار وسليم أبو زيد، كيف عاش معهما صلاح عيسى فى سجن القلعة؟

فيلم الأفوكاتو، فى واقعة قد تبدو خيالا دراميا للوهلة الأولى استطاع المخرج رأفت الميهي تجسيد الواقع المؤلم بشكل ساخر داخل جدران أحد السجون، والذي يضم مجموعة من المساجين المختلف شاكلتهم، في فيلم "الأفوكاتو" إنتاج 1983، من بطولة عادل إمام ويسرا وصلاح نظمي. 

من هو سليم أبو زيد فى فيلم الأفوكاتو؟

جسد الفنان صلاح نظمي شخصية المسجون سليم أبو زيد في فيلم الأفوكاتو كرمز من رموز أحد مراكز القوى في الدولة الذين تم القبض عليهم في الستينيات. 

وكشف الكاتب الصحفي الراحل صلاح عيسى خلال كتابه "شخصيات لها العجب" عن الشخصية الحقيقية لسليم أبو زيد في فيلم الأفوكاتو، حيث كان صلاح عيسى شاهدا على اعتقاله لأنه كان مسجون آنذاك فى الزنزانة التى تحمل رقم (3) بسجن القلعة. 

ويروي صلاح عيسى قائلا: بعد أسابيع من مغادرتي سجن القلعة وقعت هزيمة 67 وسقطت مجموعة المشير عبد الحكيم عامر، وأعلن عبد الناصر في خطاب له سقوط دولة المخابرات، وأن سيادة القانون لابد وأن تعلو فوق إرادات الأفراد ونفوذ مراكز القوى … وبعد عدة شهور وجدت نفسي مرة أخرى أدخل سجن القلعة فى هذه المرة، ووجدت معتقلين من طراز آخر غير الذين زاملتهم أول مرة، هم مجموعة "مراكز القوى" المنسوبة للمشير عبد الحكيم عامر عضو مجلس قيادة الثورة، بتهمة الضلوع في مؤامرة للاستيلاء على قيادة القوات المسلحة، وإعادة المشير إلى منصبه السابق كمتصرف وحيد فى شئونها. 

وكانت مراكز القوى تضم خليطا غريبا من البشر يجمع بين الوزراء والندماء وأعضاء مجلس الأمة وأعضاء مجالس الأنس ومديري المكاتب ومديرى الجوزة في سهرات المزاج، وكان من بينهم -المعتقلين- شمس بدران وزير الحربية فى عامى 1966 و1967. 

شمس بدران معتقل بدرجة "خمس نجوم"

ويحكي الكاتب صلاح عيسى قائلا: كان شمس بدران يعامل فى سجن القلعة معاملة خاصة -خمس نجوم- كما يليق بأحد أركان النظام، وحصل على مزايا خاصة لم يحصل عليها أحد حتى من المتهمين معه في نفس القضية، فقد عين له مخبرا خاصا لخدمته. 

وأضاف صلاح عيسى، وكان شمس بدران المعتقل الوحيد الذي سمح له بأن يضع في زنزانته جهاز تليفزيون … وكنت في طريقي إلى الحمام أختلس نظرة إلى زنزانته، فيدهشني أن جدرانها مغطاة بورق مزخرف وبها أرفف كثيرة تحمل أطعمة وصناديق ورقية تحتوى على ما لذ وطاب، وكان يتكرم علينا فى بعض الأحيان بتشغيل الراديو على محطة راديو لندن لكى نستمع معه إلى الأخبار، فإذا كان قائد المعتقل متشددا في تنفيذ التعليمات رجاه أن يخفض صوت الراديو. 

سجن القلعة يعلن "حالة الطوارئ" لخلوة شمس بدران

ويكمل الكاتب الصحفي صلاح عيسى واصفا ما عايشه في سجن القلعة، قائلا: بالمخالفة لكل قوانين السجون وتقاليدها، كان مسموحا لشمس بدران أن يلتقي زوجته وأن ينفرد بها في حجرة المفتش المسئول عن المعتقل، وهو العقيد حسن أبو باشا الذي أصبح وزيرا للداخلية… وكانت الزوجة تصطحب معها ابنتها وهى طفلة صغيرة جميلة، وبعد قليل تخرج الطفلة إلى باحة المعتقل ليغلق باب غرفة المفتش على الزوجين. 

ويصبح واجب الضابط صاحب النوبة أن يسامر الطفلة ويلهيها في غياب أمها، وكانت الزنازين تغلق علينا في قيظ الصيف ونحرم من الذهاب إلى دورة المياه، حتى تنتهي حالة الطوارئ. 

عم سيد خضير.. الشاويش عبد الجبار فى "الأفوكاتو" 

وبإسقاط سياسي ساخر اختار المخرج رأفت الميهي الفنان علي الشريف لتجسيد شخصية الشاويش عبد الجبار في فيلم الأفوكاتو، وهى شخصية حقيقية تعايش معها الكاتب صلاح عيسى داخل سجن القلعة وكان اسمه "عم سيد خضير". 

ويحكى صلاح عيسى أن عم سيد خضير كان هو المخبر الخاص الذي عين في خدمة شمس بدران، فكان مخبرا مخضرما ورثته أجهزة الأمن السياسي لثورة يوليو عن جهاز الأمن السياسى في العهد الملكي، وفي العهدين كان ينفذ الأوامر التى يصدرها إليه رؤساؤه ولا يخالفها أبدا.. يبتسم حسب التعليمات ويقطب وفقا لموقف إدارة المعتقل. 

عم سيد خضير الجلاد القاسي الرحيم 

ويصف صلاح عيسى فى كتابه "شخصيات لها العجب" شخصية عم سيد خضير  - الشاويش عبد الجبار - التى كانت تجمع صفات متناقضة بين القسوة والرحمة والخنوع. 

فيذكر صلاح عيسى جلسته كالجرو بالقرب من شمس بدران الذي كان يجلس على مقعد للبلاج في باحة المعتقل المكشوفة أثناء الليل، ليصنع له بين الحين والآخر كوبا من الشاي أو اليمونادة المثلجة، فكانت إدارة السجن تشتري يوميا لوحين من الثلج تخصصهما لاستخدام شمس بدران. 

ويشير صلاح عيسى أن عم سيد خضير قد تجده قاسيا بحكم المهنة ورحيما في أوقات أخرى، قائلا: كنت أسمع بأذني عم سيد خضير يلقى عن نفسه عبء تعذيب المعتقلين لأحد غيره بعد جلسة تعذيب طويلة، فيقول "اضرب أنت يا زغلول أنا على ذنوب كفاية". 

ومن ناحية أخرى تجده يعتني عناية خاصة بسرب العصافير الذي يحوم حول باحة المعتقل فيجمع له الخبز ويعجنه بالماء ويضعه في أطباق على جانبي الباحة كما كان يعتني بالقطط أيضا، وكان يوصي زملاءه أن يفعلوا ذلك في أيام راحته عن العمل. 

ويختتم الكاتب الصحفي الراحل صلاح عيسى تلك الذكرى بـ “وكم تمنيت أيامها أن أكون عصفورا أو قطا”.

نقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.